آمال العراقيين بددها هوس الساسة

شوقي العيسى

  تتوالى وبشدّة الإنفجارات لتشكّل بذلك بركاناً هائلاً يتشظى نحو الجميع ممن لاذوا بسفوحه، وكلما أبتعدت قمة الهرم كلما كان الإنفجار أكثر وأوسع شدّة،هكذا هو الحال في العملية السياسية العراقية فهي ما برحت كالبركان كلما طالت مدته كلما كانت شدتها تعقيداتها أكثر فأكثر.

فمنذ أن إنهارت أعظم دكتاتورية في الشرق الأوسط بزعامة أكبر "حزب فاشي" حتى بدأت رحلة شدّة الإنفجارات السياسية والواقعية كذلك، وما الشعب العراقي الذي سلك جانب السفوح الذي يتلقى بصدوره شضايا تلك الإنفجارات التي تطاله سياسياً وفعلياً، وقد تكن تلك الإنفجارات قد ولّت وإندثر سياقها لولا بعض الهوس السياسي لبعض القادة الذين تمسكوا بمبادىء حملوها آبان حكم الدكتاتورية الفاشية، "نقطتان مهمتان": لبناء مصير الشعب العراقي أختلف عليها وأحداهما تتداخل مع الأخرى ألا وهي " حل الجيش العراقي و قانون إجتثاث البعث" هاتان القضيتان هما مأساة الشعب العراقي في حكم وسيطرة الدكتاتورية وفي إنهيارها فقد اصبحتا قضية برمتها يلتزمها أقطاب في الحكومة العراقية ويتبنى رؤيتها والدفاع عنها على أن ما يجري في العراق يرجع الى هاتين النقطتين.

في اللغة الإنكليزية هناك زمن يسمى " زمن المضارع التام" هذا الزمن يتحدث عن حدث أو قضية حدثت في الماضي ولازالت آثاره في المستقبل،هكذا حال " الجيش العراقي وحزب البعث" فرغم إندثارهما لكنّ آثارهما باقية لاتزال على أرض الواقع الملموس والسياسي والذي يؤخر ويعرقل العملية السياسية ويعطي إنطباعاً للآخرين بأن مشكلة العراق القائمة هي تلك القضيتين والتي سببت القتل والدمار في صفوف الشعب العراقي. 

 يذكر أن قراري حل "الجيش العراقي وقانون إجتثاث البعث" أصدرهما الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر، وحقيقةً كانا قرارين يستحقان في وقتهما، ذلك أن الجيش العراقي عليه وصمة عار شاء أو أبى وهي محاربة شعبه في شمال العراق وجنوب العراق وهذا لايستطيع أحد نكرانه ويقول كما يحلو له كنا في واجب عسكري أو أداء وطني وما الى ذلك من السخافات الغير مقنعة، هناك وقائع وثوابت يجب أن لا ينساق بها الجيش وهي تكوينه ونشأته بشكل عام جاءت لحماية الشعب أي شعب من إعتداء خارجي وليس لمحاربته، ولذلك هناك الكثير من الشرفاء ممن كانوا في صفوف الجيش العراقي رفضوا ذلك وألقوا سلاحهم وكانت نقطة تحول في حياتهم وكتبها التأريخ لهم ممن تركوا صفوف الجيش ورفضوا محاربة أهلهم.

أتذكّر عندما كسر الجيش العراقي في معركة " ام المهازل" في الكويت وفــّّر من فــر على وجهه في البيداء تلاحقهم الطائرات الأمريكية وتقتل كل من يرتدي بدلة عسكرية، كان إستقبال العوائل المدنية العراقية لهم أن أدخلوهم في بيوتهم وأعطوهم ملابس مدنية ومبالغ مالية ليصلون إلى أهلهم وكانت العوائل تجمع قوتها من الخبز والتمر وما تيسـّر وجوده  أيام الحصار الإقتصادي وتعطيه لجيشها وتحميهم، وما إن عادوا الى وحداتهم العسكرية جاؤوا بدباباتهم الى تلك العوائل التي آوتهم ليعتقلون ابنائها لأنهم شاركوا في إنتفاضة آذار،،،،

هكذا كان عطاء الشعب العراقي لجيشه وهكذا كان رد الجيش العراقي على شعبه أن يعدمهم أمام عوائلهم ويهدم البيوت التي غذّتهم وألبستهم وآوتهم من طائرات أمريكا،هذا بغض النظر عما أحدثه الجيش العراقي في عمليات الأنفال وحلبجه في شمال العراق وكيف كان يقصف العوائل الكردية بالغازات السامة والسلاح الكيمياوي تلك كانت بطولات الجيش العراقي تحت ولاية "الدكتاتورية الصدامية" ولم يأتِ جيش من القمر ليقصف ويقتل المدنيين والعوائل العراقية والكردية غير جيش صدام، فماذا يستحق هكذا جيش ؟.

أما القضية وهي التي أشغلت كافة القادة السياسيين العراقيين والغربيين والعرب هي "حزب البعث الفاشي" هذا الحزب الذي إنهار بإنهيار دكتاتوريته يدافع عنهم بعض القادة ويعتبرون قانون إجتثاث البعث قانوناً جائراً بحق من أكتسبوا الصفة البعثية في العراق،ولكن القانون الذي شُـــرّع من قبل بريمر يمنع عضو الفرقة فما فوق من التعيين في الوظائف الحكومية ولا يمنعه من الوظائف الأهلية،فيستطيع البعثي الذي يشمله الإجتثاث أن يقتات خارج دائرة الوظائف الحكومية كما كان الشعب العراقي يقتات آبان البعث الفاشي في كل شيء وليس هناك من ضرورة إلا أن يكون كل البعثيين يعملون في وظائف حكومية كما كانوا،ثم ما ذنب بقية أبناء الشعب العراقي ممن لم يحصلوا على وظائف عمل حكومية وسط موجه من البطالة، كان الأجدر بالمعترضين والمدافعين عن البعثيين في العراق أن يدافعوا أولاً عن الشعب المكتوي بنار البعث هذا بأقل تقدير، ولتجميل صورة القادة الذين كانوا في صفوف البعث ودخلوا في العملية السياسية حتى يقبلهم الشعب العراقي بعد كل هذا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 18 آيار/2007 -29/ربيع الثاني/1428