الأنظمة القمعية تحارب المدوّنات التي تمارس حرية الفكر

 شبكة النبأ: تتخذ العديد من الحكومات ممارسات خفية لتهميش المكاسب الديمقراطية وخصوصا تلك الحكومات التي تحاول مد خطابها وهيمنتها من خلال تحديد عيون المراقبة على اعمالها، وعلى هذا السياق قالت مسؤولة في منظمة مراسلين بلا حدود إن الصين هي أسوأ مكان للمعبرين عن آرائهم عبر الانترنت.

كما أوضح صحفيون وناشطون في مناصرة حرية التعبير وتداول المعلومات أن الإنترنت عنصر أساسي في حرية الصحافة في القرن الحادي والعشرين، ولكن الصحفيين ومدوني المفكرات الذين يكتبون على الإنترنت يتعرضون لمهاجمة الأنظمة القمعية التي تحاول وقف تداول المعلومات الحر والتعبير الحر عن الرأي.

وأشارت بريجيت جونسون، وهي كاتبة عمود في صحيفة لوس آنجيلس دايلي نيوز وصاحبة مدونة إلكترونية (بلوغر) إلى أن "حرية الفكر، خاصة لدى التعبير عن الأفكار على الإنترنت، أصبحت تشكل خطراً متفاقماً على المعبرين عنها، وما فتئت لجنة حماية الصحفيين تتابع أخبار اعتقال كتاب الإنترنت منذ العام 1997 وعدد المعتقلين منهم في العام 2006 يفوق أي عدد سجلته المنظمة في السابق،" فقد ذكرت اللجنة أن عدد الصحفيين السجناء بلغ 134 صحفياً في العام 2006؛ 49 منهم ممن يكتبون على الإنترنت. حسب نشرة واشنطن.

وأوضح تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في دول العالم المختلفة أن جهود الولايات المتحدة لتعزيز تداول المعلومات بحرية تتراوح ما بين رصد حرية الوصول إلى الإنترنت واستخدامها في مختلف دول العالم وإيراد ما تتوصل إليه من نتائج في تقريرها، وتمويل مشاريع الإنترنت في الدول النامية، وقد منحت الولايات المتحدة منذ العام 2004، مبلغ 250 مليون دولار لمشاريع بينها المساعدة في تصميم مواقع على الإنترنت وتوفير أجهزة الكمبيوتر وتدريب الفنيين لضمان استمرار عمل الأنظمة.

وقد ناقشت جونسون وعدد من أصحاب المدونات الإلكترونية (البلوغرز) ومناصري حرية الإنترنت التحديات المتعاظمة التي تواجهها حرية التعبير على الإنترنت خلال ندوة أُقيمت في 3 أيار/مايو بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وحملت عنوان "المواطن الصحفي: الإنترنت كأداة لحرية الكلام."

وقد استضافت بعثةُ الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة الندوة التي شارك فيها كتاب مدونات

إلكترونية من بلدان تفرض قيوداً على الصحافة وممثلون عن منظمات غير حكومية.

وقال جفري كريلا، نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، إن الصحافة تشجع على الحوار وتوفر منبرا للتعبير عن وجهات النظر المختلفة وتبقي أنظمة الحكم خاضعة للمساءلة والمحاسبة على القرارات التي تتخذها، وأضاف: "إن التحديات المتزايدة التي تواجهها الصحافة حول العالم تحديات للديمقراطية والحرية."

وأشار كريلا إلى أن الإنترنت هي إحدى الفرص العظيمة المتوفرة لتوسعة نطاق حرية التعبير. وقال حول ذلك: "إن الإنترنت تنطوي على بشائر عظيمة خاصة للعالم النامي وعلى الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمواطنين في شتى أنحاء العالم التصدي للجهود الرامية إلى التقليل من قدرة الإنترنت على إحداث التغييرات الجذرية."

وقالت تالا دولت شاهي، وهي مديرة مكتب نيويورك لمنظمة "مراسلون بلا حدود" التي تتخذ من باريس مقراً لها، إن النقاش الدائر حالياً بين بعض ممثلي وسائل الإعلام والمشرعين حول ما إذا كان أصحاب المدونات الإلكترونية (البلوغرز) صحفيين أم لا "مضيعة للوقت."

وأضافت: "لقد آن الأوان لأن نطرح جانباً هذا الجدل العقيم المقارن بين الصحفيين والبلوغرز (مظهراً التباين بينهم) وأن نقر بأنهم موجودون هناك يكافحون في الكثير من الدول جنباً إلى جنب دفاعاً عن حرية التعبير."

ومضت إلى القول إنه "ليس من حق محترف العمل في إحدى وسائل الإعلام، من الناحية القانونية، الحصول على حماية أفضل من البلوغر. فحرية التعبير، نظرياً على الأقل، هي أمر يحق للجميع بغض النظر عن وضعهم. وتؤكد المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا المبدأ الأساسي."

أشارت دولت شاهي إلى كون الإنترنت قد سببت تغييرات رئيسية في دول لا تسمح بحرية التعبير عن الرأي، وإلى أنه يمكن لكتاب البلوغرز أن يشكلوا عنصراً حيوياً في البيئات القمعية التي تعيش فيها وسائل الإعلام في ظل خوف دائم من القيادة السياسية، وأشارت إلى أن الكشف عن قيام مراكز الاعتقال المصرية بممارسة التعذيب جاء على يد أحد أصحاب المدونات الإلكترونية (البلوغرز) المصريين.

وقالت المسؤولة في منظمة مراسلين بلا حدود إن الصين هي أسوأ مكان للمعارضين المعربين عن آرائهم عبر الشبكة العنكبوتية، إلا أن هناك دولاً أخرى لا تختلف عنها كثيراً من هذه الناحية بينها فيتنام وسوريا وتونس وليبيا وإيران.

وقد تحدث كل من واطسون منغ، مؤسس موقع أخبار بكسون (Buxon News)، وفرانك جي، وهو أستاذ التسويق في جامعة دركسيل وكاتب (بلوغر) في بكسون نيوز، عن المشاكل التي يواجهها كتاب المدونات الإلكترونية في الصين.

وقال منغ إن الصحفيين المواطنين في القطاع الخاص مهمون في الصين، لأنه لا يمكن التعويل على الإعلام الرسمي، ولذا يبحث الناس عن مواقع جيدة تحتوي على معلومات موثوقة على الشبكة العنكبوتية، وقد احتل موقع أخبار بكسون، منذ إنشائه في العام 2000، المرتبة الأولى بين جميع مواقع الأنباء الصينية على الإنترنت.

وقراء موقع بكسون نيوز، الذي يحتوي على الأخبار وعلى ألف و400 مدونة إلكترونية، هم حكومات (بما في ذلك الحكومة الصينية) ومنظمات غير حكومية وصحفيون ومواطنون عاديون. ولكن منغ قال إن مشكلته الكبيرة هي "سور النار العظيم" (أي الحاجز الأمني الذي يعزل الشبكات عن بعضها بعضا) الذي تستخدمه الحكومة الصينية للحيلولة دون إمكانية الوصول إلى موقعه.

وأضاف جي أن الصين تستخدم أفضل التكنولوجيا في جدارها العازل وأنها تصدره مجاناً إلى كوبا وكوريا الشمالية والسودان.

وأشار إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في الصين يبلغ 137 مليون نسمة (أي 10,5 بالمئة من مجمل عدد السكان)، وإلى أن إحدى المشاكل هي كلفة التمكن من الحصول على خط للوصول إلى الإنترنت، وتكهن بأنه في حال تقلص الكلفة فإن عدد مستخدمي الإنترنت في الصين سيفوق عددهم الحالي البالغ 210 ملايين شخص في الولايات المتحدة.

وقالت نورا يونس، وهي كاتبة بلوغر مصرية ومناصرة لحرية التعبير وتداول المعلومات، إن كتاب البلوغرز (في مصر) "يحتاجون في هذه اللحظة، في اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى دعم دولي، إننا نحتاج إلى دعم دولي من الصحفيين الآخرين ومن العلماء والبحاثة والمفكرين والمجتمع المدني."

وقد أصبحت ممارسة نقل الوقائع والمعلومات والأحداث على شكل يوميات وتقارير على مواقع مستقلة على الإنترنت ليطلع عليها الآخرون ويعلقوا عليها وسيلة متعاظمة الأهمية للتعبير عن الرأي  في مصر التي يشكل الشبان غالبية سكانها، والتي يقدر عدد مستخدمي الإنترنت فيها بحوالى 8 ملايين شخص.

ولكن يونس أشارت إلى أن كتّاب البلوغرز الشبان أصبحوا مضطرين إلى ممارسة الرقابة الذاتية، وهو أمر لم يمارسوه في السابق إطلاقا، أو التوقف عن الكتابة تماماً بسبب القيود الجديدة التي فرضتها الحكومة.

وقالت يونس، معربة عن نفس الشعور الذي أعرب عنها المشاركون الآخرون في المناظرة، "نحن كشبان لا نبغي الذهاب إلى السجن،  إننا نريد الكتابة ونريد الانخراط (في تبادل الأفكار)."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 13 آيار/2007 -24/ربيع الثاني/1428