صهيل التعب

حسين ابو سعود

 في هذا الشتات الموحش، وجهي  تحول الى دفتر اصفر يتنفس بلا أوراق

يطير  على جناح بعوضة ضعيفة، يوصد الليل  دونه الأبواب والنوافذ

يدعوه العشب المريض الى الغرق الفوري سوية في البحيرة القريبة

مدينتي تتعرى بلا رغبة  في غير الموسم المعهود أمام الجنود الغلاظ

يطأ الجنود حلماتها المكتنزة فيسيل منها العسل انهارا

صار اسمها على كل لسان وصورتها في كل قلب وصوتها في كل أذن

تتألم مدينتي لوحدها وتنام في حضن الأسى عارية بلا أماني

تنهش الثواني مفاتنها وتسطح نتوءاتها بسيف صقيل له عدة مقابض

لم يبق احد في الحانات المرطوبة، وغادر العسس الشوارع  الخلفية

الليل بظلمته ووحشته وهدأته وغموضه يلوح بالرحيل

تنزاح الستارة الكثة عن وطن باك وطفل يحتضر وقطة لها عيون شيطان

في اللا وطن، عبثا ابحث عن شموع  ومناديل  ونخيل وقمر وجيران

وصخب الأعراس لا يكون إلا في مضارب القبيلة، حيث تلتهب الشهوات

 والقبيلة بعد ان شبعت نامت على بطنها وغطتها كثبان الرمال

حبيبتي، من  ظفيرتها علقت على شجرة توت

 وسط الرصيف الفاصل بين الشارع الطالع الى المحطة والنازل منها

منع الحراس العصافير من الاقتراب، تناثر لحمها سريعا كي يتمرغ في التراب

لقد اختارت ان تظل وحدها مع الرعب / الحقيقة وتموت وحيدة مع عذوبة النهر

من يصنع لها جنازة رمزية  توضع على جانب الجسر  يبكيها الغرباء

من يجعلها معلما للسابلة يرتاح في ظلها المسافرون المتعبون

ويوفون بنذورهم لها ان هم عرفوا وجهتهم الحقيقية قبل الطوفان

ألف وجه وألف يد وألف عقل للغول في وطني، يقف متحفزا في ثقوب المنافذ

يجر أقدام العائدين ويرسلهم مرة أخرى وراء الحدود بلا قلوب

مات من مات وأنا بانتظار صبح مدينتي تمتد بي الأعمار

لم يسكت الحب الذي في داخلي للأطفال الذين يبحثون عن المستحيل في المقاهي

من اجل ان يظل الضياء في وجهك يامدينتي، غرست في كل منعطف وردة

تناولت الأسى مع الرغيف  وتحملت أهوال النزيف والحالة المصاحبة للإحباط

ولكي يظل وجهك أجمل الوجوه قررت ان أغلف صورتك بماء الورد

أهاجر به الى كهف ازرق مرصع بالفيروز تحيط به ألوان قوس قزح

ينام فيه كاهن جميل يمتهن الغزل منذ عصور تخدمه سمكات برية تسبح في الهواء

اسأله ان يحولني الى تمثال من اللؤلؤ البراق لا ينظر إلا إلـيــك...

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30 نيسان/2007 -11/ربيع الثاني/1428