انتهاكات حرية الصحافة في كردستان العراق عودة لطغيان السلطة

شبكة النبأ: يتمتع اقليم كردستان باستقلالية ادارية وسلطوية منذ اكثر من سبعة عشر عاما تقريبا كذلك يتسم وضعه بالاستقرار بشكل عام سواء من جانبه السياسي او الاقتصادي حيث تتسارع فيه التنمية والبناء ومباشرة الشركات الاجنبية بالاستثمار وهو الامر الذي حرمت منه مناطق واسعة من العراق رغم وجود مناطق آمنة فيه.

وكردستان وفق هذا الانطباع المتشكل لدى الاعلاميين فانه كما يبدو انطباع اجمالي بعيدا عن التفصيلات سيما وان هناك حزبان يبدو من الاحداث الاخيرة ان تفاعلهما على الساحة الميدانية تقوم بليّ تلك الانطباعات لصالح المسار السياسي وهي حالة خطيرة ليست في صالح الديمقراطية وحرية الراي والاعلام.

فقد قالت الامم المتحدة في تقرير حول كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي إن الصحفيين هناك يواجهون الاعتقال والتحرش بسبب كتابة أخبار عن فساد الحكومة وتدني الخدمات العامة. حسب تقرير لرويترز.

كما انتقدت الامم المتحدة مسؤولين أكرادا لعدم معالجتهم قضايا "جرائم الشرف" المتكررة مع النساء وقالت إن المئات في سجون كردية محتجزون بدون اتهامات.

ويروج الاكراد لكردستان العراق باعتبارها الجزء العراقي الذي يتمتع باستقرار نسبي بما يتناقض مع باقي أجزاء البلاد الغارقة في عنف طائفي. وللاستفادة من هذه الصورة تعتزم كردستان بناء "قرية اعلامية" بتكلفة 400 مليون دولار للمنظمات الدولية.

وفي حين أن أغلب الصحفيين الذين ماتوا في العراق كانوا في بغداد فإن تقرير حقوق الانسان حول العراق قال إن أغلب اعتقالات الصحفيين التي سجلها بين يناير كانون الثاني ومارس اذار قامت بها قوات الامن الكردية.

وقالت بعثة الامم المتحدة للمساعدة في العراق إن السلطات الكردية "واصلت تعريض الصحفيين للتحرش والاعتقال والاجراءات القانونية لتغطيتهم فساد الحكومة أو تدني مستوى الخدمات العامة أو غيرها من قضايا المصلحة العامة."

وأشاد التقرير بمراجعة أجراها البرلمان الكردي مؤخرا لتشريع عن حرية التعبير وبدء التحقيق في عدة قضايا متعلقة بفرض قيود على حرية الاعلام.

وأبدت الامم المتحدة أيضا قلقها ازاء الاحتجاز التعسفي الذي تمارسه السلطات الكردية. وقال التقرير إن مئات ظلوا محتجزين لفترات طويلة دون توجيه اتهامات أو دون احالتهم لقاضي تحقيق.

وفي بعض الحالات كان المحتجزون يعتقلون بدون أوامر قضائية وحرموا جميعا من فرصة الطعن في مدى شرعية احتجازهم.

وقال التقرير إن البعثة تلقت مزاعم عن التعذيب أو سوء المعاملة للمحتجزين في مراكز الاحتجاز الحكومية.

ونقل تقرير لوكالة (اصوات العراق) عن قيام قوات الأمن في مدينة السليمانية باعتقال رئيس تحرير مجلة( لفين) أحمد ميرة، في أعقاب نشر المجلة لمقال حول تداعيات الوعكة الصحية التي تعرض لها رئيس الجمهورية جلال الطالباني مؤخراً.

وذكر نائب رئيس تحرير المجلة هيمن باقر أنه "بعد نشر المجلة لموضوع بعنوان (ميراث الرجل المريض) حول تداعيات الوعكة الصحية التي تعرض لها الطالباني مؤخراً ،إتصلت مديرية الأمن برئيس تحرير المجلة هاتفياً... وطلبت عدداً من المعلومات عن المجلة وعن شخص رئيس التحرير."

وأضاف باقر " ثم إتصل بي رئيس التحرير أحمد ميرة صباحا، وقال إن قوات الأمن موجودة في مكتبه... وبعدها إختفى تماماً، ولم نتمكن من الإتصال به... إذ أن جميع تليفوناته كانت مقفلة."

وتابع "إتضح لنا فيما بعد بأنه معتقل في مديرية أمن السليمانية."

يذكر أن مقال (ميراث الرجل المريض) نشر في عدد الشهر السابق لمجلة ( لفين) التي تصدر في السليمانية، وهي مجلة ثقافية سياسية عامة، وشبّه كاتب المقال مرض الرئيس جلال الطالباني بـ "الإمبراطورية العثمانية في مرحلة الإنهيار، عندما كانت تسمى بالرجل المريض... وكانت القوى الكبرى في العالم آنذاك تفكر في كيفية توزيع مستعمرات الرجل المريض فيما بينها."

وحسب قول صاحب المقال، فإن"هناك صراعا حول من يرث الطالباني داخل الإتحاد الوطني

وقد استنكرت نقابة صحفيي كردستان إعتقال رئيس تحرير المجلة الإسبوعية (لفين) التي تصدر في مدينة السليمانية، واعتبرته أمراً "مخالف للقانون العام وقانون نقابة الصحفيين" في كردستان.

وقالت النقابة في بيان أصدرته" نستنكر ما يتعرض له الصحفيون من إعتقالات بدون الرجوع إلى قانون نقابة صحفيي كردستان، الصادر من المجلس الوطني لكردستان."

وأضاف البيان: نطالب السلطات باتباع سياسة معقولة وقانونية فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بحرية الصحافة والصحفيين في الإقليم، ونطالب السلطات بالإفراج عن أحمد ميرة.

من جانبه، قال فرهاد عوني نقيب صحفيي كردستان: نستنكر هذه الاعتقالات التعسفية التي يتعرض لها الصحفيون في الإقليم ،وبدون الرجوع إلى قانون نقابة صحفيي كردستان الصادر عن برلمان كردستان في عام 1998.

وأردف عوني: بحسب هذا القانون... لايجوز التحقيق مع الصحفيين واعتقالهم دون علم النقابة، وما جرى مؤخرا حول بعض الإعتقالات العشوائية... فنحن نستنكرها ،وآخرها ما حدث مع الزميل أحمد ميرة."

كما اعتبرت منظمة (حماية وتنمية حرية الصحافة)، وهي منظمة غير حكومية في إقليم كردستان، ان إعتقال رئيس تحرير المجلة الكردية غير قانوني.

وأشارت المنظمة، في بيان لها تعليقا على الإعتقال ،إلى عدم تكرار هذه الحالات في الإقليم

ووصفتها بأنها، إجراءات خارجة على القانون، ولا تساهم في نشر الديمقراطية ومبادىء حرية التعبير التي تنادي بها الحكومة في إقليم كردستان... لأنها هي التي تخرق القوانين في محاسبة الفرد.

وأضاف بيان المنظمة قائلا: في الوقت الذي يستعد فيه صحفيو كردستان للإحتفال بالذكرى

السنوية لصدور أول صحيفة كردية، يتعرض الصحفيون للإعتقال والإهانات من قبل السلطات.

ودعى البيان المنظمات الدولية المعنية لوقف هذه الإنتهاكات لحقوق الصحفيين،دون مسوغ قانوني.

وأبلغت مصادر مطلعة أن أحمد محمد رشيد ميره، الشهير بأحمد ميره، رئيس تحرير مجلة «لفين» الشهرية، التي تصدر من مدينة السليمانية بكردستان العراق والذي كان قد اعتقل في منزله بوسط السليمانية، قد تم اطلاق سراحه.

وقال نائب رئيس التحرير هيمن باقر: أن ميره اختطف من قبل عناصر من جهاز «أسايش» (الأمن)، وأخذ إلى مكان مجهول. وأوضح باقر أنه يستخدم كلمة «اختطاف» لأن رئيس التحرير أخذ من منزله من دون إذن قانوني او استدعاء رسمي. ولدى استيضاح باقر عن السبب المحتمل لاعتقال ميره، أجاب أن العدد الأخير (الرقم 51) من المجلة، حمل مقالة باسم «ميراث الرجل المريض» تناول فيه الشخصية التي يتوقع ان تخلف الرئيس جلال طالباني، أمين عام حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، في حال وفاته. وتابع باقر أنه يعتقد أن التيار الذي نفذ عملية الخطف، هو التيار المؤيد لطالباني مباشرة، وبخاصة أن عبارة «الرجل المريض» اعتبرها مناصرو الرئيس العراقي على ما يبدو، إهانة له وتشهيراً به.

ويبدو ان الانتهاكات لم تكن متوقفة على حدود رئيس تحرير مجلة لفين وانما طال ذلك (فضائية الفيحاء) ايضا وهذا منأى قد يطال الى تعرض الصحفيين والمؤسسات الاعلامية من قبل المؤسسات الحكومية وخاصة الامنية منها.

فقد قامت قوة مسلحة مدعومة بالعجلات الامنية في مدينة السليمانية باقتحام مبنى قناة الفيحاء الفضائية، وانهالت بالضرب المبرح على نحو عشرة من منتسبيها، ثم عمدوا الى اعتقالهم لمدة اربعة وعشرين ساعة دونما مسوغ قانوني يذكر.

محمد الطائي مدير عام قناة (الفيحاء) الفضائية  قال لمرصد الحريات الصحفية انه وزملائه تفاجؤا من اسلوب وممارسات القوة المداهمة، حيث انهالت بالضرب المبرح على منتسبي القناة وعبثت بالاثاث والمحتويات، مؤكداً ان عملية المداهمة حدثت دون امر قضائي بل وحتى دون امر امني او عسكري من الجهاة الامنية المختصة، واضاف الطائي ان ادارة القناة اتصلت بالجهات المعنية في الاقليم لابلاغهم بالقضية الا ان القيادات الامنية نفت علمها بعملية الدهم، على الرغم من قيام بعض عناصرها بالعملية مستخدمين عجلات القوات الامنية الرسمية.

وعلى الرغم من ان القيادات الامنية في الاقليم نفت نفياً قاطعاً علمها بعملية المداهمة، الا ان

ادارة قناة الفيحاء تخشى ان تكون هذه العملية مدبرة ورسالة تحذير او تهديد  لها.

ويعد نفي السلطات الامنية في اقليم كوردستان الثاني من نوعه، حيث سبق لها ان نفت علمها بعملية اعتقال وتعذيب الصحفي المستقل  نبز كوران  من قبل جماعة ترتدي الزي العسكري الرسمي، بعد ان اعتقلته من مدينة اربيل في الرابع من الشهر الحالي لعدة ساعات، ولم يتبين حتى الان من كان يقف وراء عملية اعتقال وتعذيب الزميل كوران.

وكان الزميل كوران  قد قال حينها إن خمسة مسلحين يرتدون الزي العسكري، اعترضوا طريقه أثناء عودته إلى المنزل وسط المدينة، وأركبوه عنوة في سيارتهم من نوع (بيك آب) وأخرجوه من المدينة، ثم أوسعوه ضربا بأخمص بنادقهم وعذبوه بسبب عمله الصحفي.

وطالب مرصد الحريات الصحفية رئيس اقليم كوردستان السيد مسعود البرزاني بفتح تحقيق عاجل بحادثة المداهمة لمعرفة من يقف وراءها، والتي على ما يبدو انها محاولة تهديد وترهيب يتعرض لها الصحفيون و مؤسساتهم الاعلامية من قبل جماعات خارجة عن سلطة القانون ودون علم حكومة الاقليم ، كما وطالب المرصد في الوقت ذاته ان لايكون هذا التحقيق شكلي، دون ان يكون تطبيقا فعليا ومعلن النتائج في حال الانتهاء منه. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 27 نيسان/2007 -8/ربيع الثاني/1428