هل نخشى سلوك البعث أم فكره!!؟

عبد الامير علي الهماشي

 مازالت قضية اجتثاث حزب البعث تأخذ حيزا إعلاميا واسعا في الجدل الذي يُراد له أن يكون عائقا للعراق الجديد فالكثير من البعثيين قد عادوا الى الواجهة السياسية بطريقة واُخرى وفي جميع الكتل السياسية،بعد أربع سنوات من التغيير وسقوط البعث كحزب قمعي حكم العراق لمدة خمس وثلاثين سنة.

ولم يسع للمواطن العراقي أن يقرأ فقرات قانون اجتثاث البعث الذي أراده الحاكم الامريكي ((بريمر))) أن يكون شاهدا على إنتهاء العصر البعثي في العراق وسقوط ايدلوجيته مقابل الايدلوجية الامريكية وليبراليته وحريته!!.

ولذلك تم الاسراع في اصدار القانون ولا أدري هل كان القائمون عليه جاديين في ملاحقة البعثيين ؟أم إن الاستثناءات كانت أكثر من التطبيقات لهذا القانون!!.

مع أن في بعض فقراته ما يسمح للكثير من العودة إلا ان الاعلام لم يسلط الضوء سوى على الاسم الذي يُوحي بما يُوحي إليه.

وإن كان البعث فكرا فهذا ما لايمكن اجتثاثه اذا ما وجد في عقول وتفكير الناس حيزا كبيرا له،فهاهي النازية تظهر لنا بعد أكثر من نصف قرن من الزمان كفكر يمارسه الالمان والنمساوييون وغيرهم .

وهذا ما لانخشاه من البعث إطلاقا حتى لو شغل حيزا مهما في عقول وتفكير الناس ولابد من التذكير أن ((صداما ))قد حول هذا الحزب الى مؤسسة أمنية تؤدي دورها في حمايته كما هي بقية الاجهزة الامنية في نظامه البائد والامين العام لهذا الحزب لم يكن أمينا على مبادئه المعلنة كما نوه الى ذلك الشيد الشهيد محمد باقر الصدر عندما أشار الى أن ((صداما)) لم يكن أمينا على مبادئ حزبه،فيكيف يكون أمينا على الشعب.

فهل نحن بحاجة الى قانون لاجتثاث هذا السرطان؟ سيكون الجواب من بعض التيارات ومن شرائح متعددة من الجماهير التي عانت ماعانت من هذا الحزب نعم وألف نعم!!.

وآخرون سيقولون أن حزب البعث انتهى منذ أن تولى (صدام)) مقاليد الامور في هذا الحزب فحول خطابه وسلوكه الى مايخدم فقط ،وكان لضابط المخابرات سلطة تفوق سلطة أعضاء القيادة القطرية والقومية على حد سواء.

وكانت المؤتمرات القطرية منذ تصفية القيادات البعثية في سنة 1979 من القرن الماضي بتهمة الانقلاب والتآمر على القيادة الجديدة قد اتبعت نزوات أمينه العام في نزواته كتابع ذليل ولاحول لها ولاقوة،وان شهدت بعض المؤتمرات نوعا من الهمس فإن التصفية الجسدية مصير كل من تسول له نفسه ذلك.

نحن لسنا بحاجة الى  اجتثاث البعث على شكل قانون وإنما بحاجة الى إعادة تربية وتأهيل وتطهير للمجتمع من سلوك حزب البعث وطريقة تعاطيه مع الامور.

لقد تلخصت سيرة البعثي بالوصولية والانتهازية ومن ثم التآمر حينما تحين الفرصة لذلك،ولذلك تجد الكثير من البعثيين ممن غادروا العراق وتركوا العملية السياسة لايستطيعون قبول فكرة المصالحة أو اي فكرة تدعوهم الى العودة الى الحياة السياسية لانهم فاقدي الثقة بالاخرين بعدما فقدوا الثقة بأنفسهم وسوء الظن ولغة المؤامرات والانقلابات هي التي تدعوهم الى هذا الانكماش والانغلاق ومن ثم اللجوء الى الارهاب.

إننا بحاجة الى قراءة سلوك وإعادة صياغة جديدة للمجتمع من مرض مستأصل ولا القوانيين لا تؤدي ماهو مطلوب ولذلك شاهدنا البعثيين قد وصولوا الى عضوية البرلمان والى مناصب وزارية والى درجات وظيفية عالية وسفراء يمثلون العراق!! وبعضهم قد أطال لحاه ليكون سلفيا جهاديا وبعضهم لبس العمامة حسب الحاجة وحسب موقعه الجغرافي!!.

واليوم يُعرض على العراقيين قانونا آخرا وهو قانون المساءلة وبعضهم أسماه المساءلة والعدالة وأيا كانت التسمية فالهدف المجيء بقانون جديد يعيد  البعث كحزب للواجهة السياسية ولا يعني بما أصاب البعثيين وعوائلهم من أضرار كما يدعي من يدعي ذلك.

فقانون الاجتثاث قد صاغه ((بريمر)) وقانون المساءلة صاغه ((زلماي زاد)) لعودة البعث ليكون في صف الولايات المتحدة ضد الخطر الاكبر وعدوها الاول القاعدة.

دون النظر الى رؤية العراقيين ورأيهم في هذه القضية،والملاحظ أن البعثيين مازالوا ينتظرون المزيد من التنازلات وكلما تقدمت المفاوضات زاد سقف المطالب لعودة كل أجهزة الامن السابقة وضباط الجيش بمواقعهم واعطاء التقاعد لمن تعدى سن الخدمة ،ولا أدري هل سيكون الطلب القادم السماح لهم بانقلاب على الحكومة وعودتهم ام سينتظرون العملية الديمقراطية بعد السماح لهم بممارسة العمل السياسي العلني ومن ثم الفوز بالانتخابات وتقلد الامور ونرى  تكريتيا آخر يحكم العراق مرة اُخرى أو تكون ((رغد صدام)) حاكمة للعراق الجديد ليتوافق ذلك مع رئاسة الولايات المتحدة النسائية عن طريق(( هيلاري كلنتون )) التي رشحت نفسها للانتخابات الرئاسية للولايات الامريكية المتحدة.

ويبدو أن الايام القادمة ستكون مفترق للطرق في عودة البعث إن لم تكن هناك وقفات جادة في هذا المجال وعلى الولايات المتحدة ان تفهم ان الخطر الارهابي ناتج من تحالف ((البعث مع القاعدة)) وان الارهاب واحد ولا يمكن تفسير الهجمات على العراقيين بالمقاومة أو التمرد المسلح والهجمات على القوات الامريكية بالارهاب.

إن أي اجراء من هذا القبيل قد يعيد الامور الى ماكانت عليه قبل التاسع من نيسان عام 2003 وان جهود الولايات المتحدة وخسائرها طوال السنوات الاربع قد تذهب هباءا منثورا وستزداد خسائرها وتتحول الى كوارث ان تبنت هذه الفكرة بصورة جدية .

وان الجماهير العراقية مازالت مستعدة لسلوك طرق اُخرى إذا ما شعرت بأن السفينة تأخذ مسارا آخر غير الذي تريد.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 25 نيسان/2007 -8/ربيع الثاني/1428