أهمية الفرد والمجتمع في العملية الأمنية

 محمد الخضري

 في البداية لابد لنا أن نعرج ونذكر بأمر هام جداً مفاده أن الحرب الأعلامية هي الحرب الرئيسية والكبرى التي تشن على العراق وشعبه وأن الحرب الأرهابية هي فرع صغير من هذه الحرب وهذا الأمر يكاد يكون معلوماً لدى أغلب العراقيين لكن المصيبة الكبرى أن أغلب النخب السياسية والبرلمانية والحكومية والأعلامية لاتدرك هذا الأمر وثمن هذا الجهل مكلف ويدفعه الشعب العراقي من دماء أبناءه.

الأعمال  الأرهابية  أعمال  قذرة  لا  تربطها  أي  معايير أو أي مواثيق ولا تعترف بأي  ضوابط  أنسانية  أو أخلاقية أو أجتماعية أو دينية ولا يمكن أن تعمل بضوابط الحرب ولهذا نجد أن  الأرهاب يمكن أن يطال  أي دولة مهما كانت أمكانيات هذه الدولة من الناحية العسكرية والأستخباراتية والفنية والشاهد على هذا هو أحداث سبتمبر التي أطالت الولايات المتحدة التي تعد الأقوى على الصعيد العالمي من حيث القدرات العسكرية والأستخباراتية ومن حيث الأمكانات الفنية والأمر نفسه ينطبق على بريطانيا وأسبانيا وغيرها من الدول ذات الأمكانيات العسكرية العالية.

 وهذا يجعلنا أن نفكرأيضاً لماذا لم تستفحل الأعمال الأرهابية في هذه الدول على الرغم أنها المستهدف رقم واحد من قبل المنظمات الأرهابية التي تعلن هذا والجواب هنا يكمن في أن هذه الدول محصنة أجتماعياً أو بمعنى آخر أن المواطن في هذه المجتمعات يحمل وعياً وطنياً عالياً يجعله يحمل حساً  ووعياً أمنياً للحد الذي يرفع عن كاهل الدولة الكثير من الجهود التي تسخر لأمور اخرى.

في بداية سقوط النظام البائد كان واضحاً للعيان تماماً غياب دور الفرد والمجتمع عن كل مفاصل الحياة وما يدور من فوضى عارمة فيها وكان هذا ليس بغريب علينا لأننا يجب أن لاننسى السنين الطويلة من الظلم والعدوان والدكتاتورية والتي بطشت بالأنسان العراقي وأبعدته عن دائرة القرار وأجبرت الأنسان العراقي أن يكون الصامت الذي يتلقى الأوامر ولا يتدخل بأي شأن آخر وكان الأمل بأن لايستمر هذا الحال طويلاً وفعلاً كانت الأنتخابات الأولىهي بمثابة الصدمة الكهربائية الأولى التي أعادت النبض لقلب العراق وتسارع هذا النبض لتعود الروح الوطنية    .

أن الخطة الأمنية الحالية تختلف عن سابقاتها بثلاث أمور أساسية ومهمة أولها هو أن هذه الخطة لاتستثني أحداً وهذا يعطينا الأمل بالقضاء على من يجلس تحت قبة البرلمان نهاراً ويعمل ليلاً مع قتلة العراق وأهله والأمر الثاني الذي يميز هذه الخطة هو وجود مسار سياسي وآخر أقتصادي سيكون موازي للعمل الأمني العسكري.

 أما العامل الثالث والذي يعتبر الأهم هو أن من وضع الخطة ومن ينفذها أقروا بأن السلاح الأهم والركيزة الأساسية التي تقوم عليها هذه الخطة هو الفرد والمجتمع البغدادي وهذا هو عين الصواب والحقيقة فبدون الأنسان العراقي سوف لايكون هناك أمن ولا  أمان وهناك موجة من التفاؤل تجتاح الشارع البغدادي وكذلك الحال في باقي ربوع العراق.

  وهذا التفاؤل حالة أو نوع من المشاركة النفسية وسيكون لها دور كبير في تحقيق النجاح في هذه العملية الأمنية ولنا أن نعرف مدى المشاركة الفعلية من خلال أرشاد القوات الى مخابيء الأسلحة وحفر الجبناء قتلة العراق ووصل الحد أن يمتد الحس الأمني والشعور بالمسؤولية الى الطفل العراقي الذي أستدلت من خلاله القوات العراقية للكثير من المواقع والأماكن المشبوهة.

 وبقدر مايفرحنا هذا الأمر لكننا لانستطيع أخفاء حزننا على الواقع العراقي فكم كنا نتمنى أن يرشدنا أطفالنا الى الحدائق وتجمعات الزهور وملاهي اللعب والتسلية بدل أن نستدل بهم الى الأسلحة لكن هذا هو الواقع الذي أوصلنا له الطغاة والمتخلفين من كارهي الحياة والحرية والسلام    .

 وهنا ونحن بصدد دور الأنسان العراقي في العملية الأمنية لابد لنا أن نشير الى دور عراقيي الخارج الذين كنا نتوقع منهم الكثير بما يخدم أهلهم وبلدهم لكن المؤسف جداً أن دورنا نحن عراقي الخارج لا زال دون مستوى الطموح وبعيد جداً عن الدور الواجب لعبه في الجانب الأمني لاسيما أن أغلب المتخلفين الذين يساهموا في قتل الحياة في العراق هم من المجندين من خارج العراق وسنعطي مثلاً واحداً ليستدل به العراقيين خارج العراق دورهم المهم في العملية الأمنية.

مدينة هلسنبوري مدينة تعتبر من مدن الصف الثالث من حيث الحجم والكثافة السكانية وفي هذه المدينة أستطاع بعض العرب المسلمين من تجنيد أثنين من طالبي اللجوء ومن حملة الجنسية الليبية وأقنعوهم بالمال والجنة وتناول الطعام مع الأنبياء والصديقين وبالفعل فقد فجر هؤلاء أجسادهم النتنة في الأسواق العراقية وقد تم كشف هذا الأمر بالصدفة وعن طريق أخ مخلص ومحب للشعب العراقي من الأخوة التونسيين هذا ناهيك عن التبرعات المالية لتمويل الأرهاب والقتل في العراق.   

ومثال ثاني على الدور السلبي جداً لعراقي الخارج للعملية الأمنية ومن خلال أتصالي بالقنصل العراقي في السفارة العراقية في السويد علمت أن السفارة العراقية هي أكثر السفارات التي أصدرت جوازات بدل ضائع لدرجة أن الخارجية السويدية أبلغت السفارة بهذا والسبب أن هناك من يبيع بلده ويساهم بقتل أهله وشعبه نظير مبلغ من المال وهذه هي العمالة والخسة والأرهاب بعينه وهؤلاء هم أخس بكثير من الزرقاويين والصداميين وغيرهم من المتخلفين وحسبنا الله ونعم الوكيل بهؤلاء.

وفي النهاية نقول أن العراق وشعبه يستصرخ ويستغيث بأصحاب الضمير والشرف ونقول هي سحابة ظلم وضيم وستزول وسيشرق العراق رغم أنوف الحاقدين والجهلة والمرتزقة وأن غداً لناظره لقريب.

*خبير في شؤون الأمن والدفاع

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 16 آذار/2007 -26/صفر/1428