بعض أنماط الجرائم الأخلاقية عبر الإنترنت في المجتمع العربي

بقلم/ محمد محمد الألفي*

 تتعدد صور واشكال وانماط الجرائم الأخلاقية التي ترتكب عبر الإنترنت كالاتي:

المواقع والقوائم البريدية الإباحية:

لقد وفرت شبكة الإنترنت  أكثر الوسائل فعالية وجاذبية لصناعة ونشر المواد الإباحية الجنسية، فيندرج تحت هذا البند جرائم ارتياد المواقع الإباحية والشراء منها، والاشتراك فيها أو انشائها. وقد أصبح الانتشار الواسع للصور والأفلام الإباحية علي شبكة الإنترنت  يشكل قضية ذات اهتمام عالمي في الوقت الراهن بسبب الزيادة الهائلة في أعداد مستخدمي الإنترنت  حول العالم.

وتختلف المواقع الإباحية عن القوائم البريدية، ففي الأخيرة يتم تبادل الصور والأفلام الجنسية بالارسال او الاستقبال اما المواقع الإباحية فغالباً ما يكون الهدف منها الربح المادي حيث يستوجب علي متصفح هذا الموقع دفع مبلغ محدد مقابل مشاهدة ما يطلب أو دفع اشتراك شهري أو سنوى مقابل الاستفادة من خدمات هذا الموقع.

 وإن كانت بعض هذه المواقع تحاول استدراج مرتاديها بتقديم خدمة إرسال صور جنسية مجانية يومية علي عناوينهم البريدية، كما أن تصفح الموقع يتطلب في الغالب الاتصال المباشر بشبكة الإنترنت، مما يعني أنه في بعض الدول قد يتم حجب هذه المواقع من خلال فلترتها من قبل الحكومة واستخدام المرشحات اللازمة.

أما القوائم البريدية فهي أسهل أنشاءاً وغالباً مجانية فيقوم اعضائها من المشتركين بتبادل الصور والافلام علي عناوينهم البريدية، وربما تكون القوائم البريدية أبعد عن امكانية المتابعة  الأمنية حيث يركز نشاطها علي الرسائل البريدية والتي تكون من الصعوبة مكان منعها عن أعضاء أي مجموعة واستفادت هذه المواقع والقوائم من الانتشار الواسع للشبكة والمزايا الأخري التي تقدمها حيث تتيح شبكة الإنترنت  أفضل الوسائل لتوزيع الصور الفاضحة والأفلام الخليعة الخارجة بشكل علني فاضح يقتحم علي الجميع بيوتهم ومكاتبهم، فهناك علي الشبكة طوفان هائل من هذه الصور والمقالات والأفلام الفاضحة بشكل يوحي الي خطورته علي المجتمعات والتي تحتاج الي وقفة للتصدي لذلك.

فكل مستخدم للإنترنت  معرض للتأثر بما يتم عرضه علي الإنترنت  الذي لا يعترف بأي حدود دولية أو جغرافية، فهو يشكل خطراَ حقيقياً علي الأطفال فضلاً عن الكبار.

وقد جري حصر القوائم العربية الإباحية فقط دون القوائم الأجنبية في بعض المواقع علي شبكة الإنترنت، ومنها موقع "YAHOO " فوجد أنها تصل الي 171 قائمة، بلغ اقل عدد اعضاء في تلك القوائم 3 اعضاء في حين وصل عدد أكثرها أعضاءاً الي 8683 عضوا.

 أما موقع جلوب لست  "GLOBELIST" فقد احتوي علي 6 قوائم عربية إباحية، في حين وجد عدد 5 قوائم عربية   وذلك أن شبكة الإنترنت  تتضمن  حوالي مليون صورة ورواية أو وصف لها علاقة مباشرة وواضحة بالجنس، كما اوضحت بعض التقارير الصادرة من الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك مشاهد جنسية يتم عرضها علي شبكة الإنترنت،  وأن أكثر من تسعمائة ألف صورة متعلقة بالجنس تبث سنوياً علي هذه الشبكة.

 بالاضافة الي ما توفره الشبكة من معلومات عن بيوت الدعارة في العديد من دول العالم، وكذلك فإن بعض المؤسسات توفر عبر هذه الشبكة أحاديث هاتفية حية تؤديها فتيات مدربات، وذلك في الحصول علي نسبة من عائد المكالمات التليفونية.

ومن امثلة هذه الجرائم القضية رقم.....لسنة......جنح.... حيث قدمت النيابة العامة المتهم لما نسب في حقه:

1- أعلن عن طريق الإنترنت بدعوة تتضمن إغراء بالدعارة ولفت الأنظار إلى ذلك

 2- حرض أنثى على ارتكاب الدعارة

3- حرض أنثى على مغادرة البلاد للاشتغال بالدعارة وطلبت معاقبته بالمواد 1/أ فقرة أولى، 3/فقرة أولى، 14، 15 من القانون 10 لسنة 1961 على سند ما ثبت من قيام المتهم حال كونه صاحب وكالة أزياء، مستخدما إياها في استدراج الفتيات للإيقاع بهن في العمل في الدعارة عن طريق الدعاية لذلك بالإعلان عبر الإنترنت، حيث يقوم بالإعلان بطلب فتاة لشغل وظيفة مساعدة لمدير محطة تليفزيونية او عارضة أزياء بإحدى الوكالات الأجنبية، وان الوظيفة تتطلب ارتدائهم لملابس مظهره لكل أجسادهم تحت إغراء المال والشهرة، وانه تم ارفاق بعض المستندات التى تحوى رسائل البريد الإلكتروني  الخاص بالمتهم وبها صور جنسية فاضحة لنساء بغرض الدعارة، ورسائل متبادلة مع بعض الفتيات حول ذات الموضوع.

ومع تزايد انتشار مستخدمي الإنترنت دون رقابة ولا وعي كثرت بالتبعية  ارتباط الشباب بغرف الدردشة والخطورة تكمن في ان الإنترنت يفتح أبواب الإباحية بكل صورها  أمام الشباب نتيجة غياب الضوابط الأخلاقية، والذي يجعل  الشبكة الدولية وسيلة هدم وتدمير للقيم والأخلاقيات والأسر والمجتمعات، فقد حولت هذه الشبكة الى ساحر جديد يستهلك الوقت، ويضع أمام الشباب مجالات واسعة للمغامرة غير المأمونة العواقب، مما بات يشكل تهديدا قويا للقيم الأخلاقية، ويجعلهم عرضه للغزو الإباحى الذي يستهدف تدميرا أخلاقهم.

 فاصبح بوسع الشباب مراسلة بعضهم بعضا عبر البريد الإلكتروني، أو تبادل أطراف الحديث عبر غرف الدردشة" chat room"، وهناك دراسات اثبتت ان قطاعا كبيرا من الشباب يستخدمون الإنترنت في تبادل المواعيد الغرامية وإقامة علاقات إباحية عبر فضاء الإنترنت مع فتيات من دول مختلفة، ومن يدخل إلى غرف الدردشة يدرك هذا الأمر جيدا، وهنا يفتح الباب تدريجيا أمام المواقع الإباحية بكل صورها، واصبح حجم ترويج الإباحية وتصديرها عبر الإنترنت فاق كل الحدود والتصورات، فصفحات النسيج العالمي المتعلقة بالدعارة تمثل بلا منافس اشد الصفحات إقبالا في كل العالم، والتقارير تؤكد ان ما لا يقل عن ثلاثين موقعا جديدا- في المتوسط – من المواقع الإباحية يظهر يوميا على  الشبكة.

 فتصفح المواقع الجنسية عبر الإنترنت يكون من خلال اندفاع وراء غريزة المستخدم، ولشذوذ في الغريزة الجنسية عبر الإنترنت انواع،  امام صورة انقلابية او صورة فاسدة. فالصورة الانقلابية هي الجاذبية بين فردين من جنس واحد مؤنث او مذكر، اما الصورة الفاسدة للشذوذ في الغريزة الجنسية عبر الإنترنت فتتخذ طرقا عدة، مثل حب العرض، الساديزم/ الماسو كيزم، الفيتيسزم.

وانطلاقا من ذلك اصبح إدمان الإنترنت ظاهرة منتشرة في الخارج بشكل واضح حتى ان هناك مصحات متخصصة لعلاج هذا النوع من الإدمان منتشرة في العديد من الدول الأوروبية وأمريكا منذ عام 1999، ويعد مرتادو المواقع الإباحية التي يصل عددها إلى 550 ألف موقع على شبكة الإنترنت ويصل عدد روادها  الى 10 ملايين شخص، ويعد هؤلاء من أغلب مرتادي مصحات علاج الإدمان.

وقد أوضحت الدراسات التي أجريت في الخارج على هؤلاء المدمنين ان هناك عدة أمراض يشعر بها مدمن الإنترنت وهي: الشعور بالقلق والتوتر عند فصل الإنترنت  عن  الكمبيوتر، قضاء اغلب ساعات الليل كاملة أمام الإنترنت وعدم النوم إلا لساعة او ساعتين فقط، الشعور بالألم في الظهر وإرهاق بالعينين، عدم الاهتمام بالدراسة أو العمل. قضاء أوقات طويلة في الثرثرة في حجرات الحوارات الحية "chat"، لإكثار من العاب الإنترنت، الشعور بالشبع والانبهار الدائم أمام الإنترنت ، الشعور بان الإنترنت هو السبيل الوحيد للخروج من الملل  والتغلب على الوحدة والاكتئاب، الابتعاد عن الأسرة والمحيطين أثناء الجلوس أمام الإنترنت.

فهناك العديد من المواقع الجنسية التي يستغلها البعض لتدمير قيم مجتمعنا وقد يكون الغرض منها النصب والتي لا يستطيع الطرف الآخر الإبلاغ وذلك لسببين الأول: وهو إلى من سيتقدم بالبلاغ وان المواقع الجنسية ثبت من دول اخرى، والثاني: لأننا مجتمع عربي له قيمه وأخلاقه فيصعب أن يتقدم بالإبلاغ إلى أي جهة داخلية مقررا انه تم النصب عليه  حال تردده على ثمة مواقع جنسية، حيث يتم إغراء من يدخلون على تلك المواقع بعرض مناظر مخلة مجانا في البداية ثم يطلب منهم بعد ذلك مشاهدة مشاهد اكثر سخونة وان يدفعوا مبلغا ضئيلا عن طريق بطاقة الائتمان وهنا تكمن الخطورة حيث يتم معرفة الأرقام السرية واستخدامها في سحب الرصيد. 

*نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لمكافحة جرائم  الانترنت

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 8 نيسان/2007 -17/ربيع الاول/1428