اجتثاث البعث بين تفسيرين

عدنان آل ردام العبيدي*

كثيراً هي البرامج واللوائح التي تتحدث عن موضوعة اجتثاث البعث لكن هنالك على ما يبدو لوبي بعثي بالاساس هدفه تحريف المشروع اكثر منه طرحاً لملاحظات عليه.

قانون الاجتثاث منذ البدء كان واضحاً لجهة الحزب نفسه حيث ان ما رافق موضوعة الاجتثاث هو حل المنظومة الفكرية والايدلوجية للبعث نفسه، وهذا القرار ما جاء اعتباطاً انما جاء بناءً على حقائق ووقائع بدأت مع ستينيات القرن الماضي وانتهت في العام 2003 فلقد جلب هذا الحزب كل ما هو مدمِّر وقاتل للشعب العراقي على الصعيد الميداني وعلى الصعيد الفكري، فلم يرَ العراق ومنذ تسلم الحزب للسلطة في العام 63 ومن بعدها في العام 68 أي بارقة امل ترفعه الى مقامات الدول المتطورة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وفكرياً.

 فبدل ان يشهد العراق في ظل ثورات المعلومات والتكنولوجيا والاتصالات طفرة في هذا المجال بل نراه قد تراجع تراجعاً مريعاً قدّره المتخصصون بالتراجع الذي يعود بالبلاد الى القرون الوسطى ويكفي كشاهد على ذلك ان العراقي بالداخل ما كان يجيد استخدام الفضائيات او التلفون النقال حتى ما بعد التاسع من نيسان عام 2003.

نستنتج من ذلك ان البعث اعتمد خيار المواجهة مع أي حركة تخص العلوم والتطور والاكتشافات واستبدل ذلك بلغة المدافع والدبابات والبنادق واعواد المشانق وقبر الاحياء.

اما على صعيد الاشخاص فهنا الامر ليس فيه اختلاف كبير انما بالتأكيد يوجد من البعثيين من هم وطنيين عراقيين وجدوا انفسهم في يوم ما مفروض عليهم الانتماء الى هذا الحزب حتى وان وصلوا الى درجات حزبية متقدمة، فالدرجات الحزبية كان يغدق بها النظام على عناصر البعث كنعته لضحاياه بالخائن الذي يصبح فيما بعد شهيد الغضب.

 وهناك امر اخر مشابه لذلك وهو انه جعل من جلِّ ضباط مؤسساتنا العسكرية (اصدقاء) للرئيس فأغدق عليهم بالاوسمة والانواط والنياشين وبطبيعة الحال فاننا وغيرنا يعرف ان هذه سياسات ارتجالية غير خاضعة لصيغ دستورية.

ما نريد قوله وفي احصائية دقيقة ان عدد اعضاء الفرق والشُعب المسجلين لدى هيئة اجتثاث البعث يبلغ(32.000) اثنين وثلاثين الف عضو استطاعت الهيئة الى الان من اعادة اربعة عشر الفاً منهم الى وظائفهم بعد ان شملهم الاستثناء من الاجتثاث فيما احالت ما يقرب من الثلاثة الاف الى التقاعد، وبذلك يكون عدد المعادين والمتقاعدين ما يقرب السبعة عشر الفاً من اصل (32) ألفاً، وهذا الرقم كم يبدو كبيراً فيما اخضعناه الى مقارنة بسيطة مع العناصر النازية التي لم تستطع المانيا تأهيلهم واعادتهم الى الحياة الطبيعية.

 لذلك نعتقد ان هنالك هجمة مفبركة على الهيئة وعلى العهد العراقي الجديد عنوانها البعث الذي لم يجلب الا الدمار والخراب ليس للعراق فقط وانما للامة العربية باجمعها ومع ذلك فان مشروع قانون في طور الاعداد الان يعكف على دراسته وصياغته نخبة من العقول السياسية والقانونية التي ستنهي هذه الظاهرة دون ان تجعل من عوائل البعثيين واسرهم وابنائهم واطفالهم ضحايا لإجرامهم الذي لم يسلم منه العراقيون جميعاً.

*رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 4 نيسان/2007 -13/ربيع الاول/1428