خطة إخراج العرب من كركوك: قنبلة موقوتة تتحضر للانفجار

 شبكة النبأ: يعرب الكثير من العرب الذين أجبرهم صدام على النزوح الى كركوك خلال سبعينات القرن الماضي عن مخاوفهم ازاء خطة الحكومة العراقية الرامية الى تشجيعهم على مغادرة المدينة الغنيّة بالنفط في شمال العراق والعودة الى ديارهم الاصلية.

وتاتي الخطة ضمن مادة دستورية تقضي باجراءات اعادة ممتلكات الاكراد المصادرة في عهد النظام البائد وتشجيع العرب الراغبين في العودة الى مناطقهم الاصلية ومن ثم اجراء استفتاء على مصير المدينة ذات المليون نسمة التي تحوي اكثر من 10% من نفط العراق.

ومن المتوقع أن يسوّي العراق الوضع النهائي للمدينة التي يسكنها خليط من الاعراق من خلال استفتاء محلي قبل نهاية العام الجاري.

وحذر بعض المسؤولين والمحللين من ان هذه الخطوة قد تسبب اندلاع العنف الطائفي واراقة الدماء في المدينة.

ويريد الاكراد دمج كركوك في منطقة كردستان التي يتمتعون فيها الى حد كبير بنوع من الحكم الذاتي. وتقع كردستان الى الشمال مباشرة من كركوك.

وقال أبو جابر وهو عربي يبلغ من العمر 70 عاما إنه ارتحل الى كركوك عام 1975 من مدينة الناصرية الواقعة في جنوب العراق مع زوجته وطفليه. وأصبح عدد أفراد أسرته الان 18 فرد.

وأضاف أبو جابر "بعض أبنائي تزوجوا وأنجبوا وابتاعوا منازل هنا ولا يعلمون أي شيء عن مدينتهم الاصلية. لم يذهبوا الى هناك البتة."

ووافقت الحكومة الاسبوع الماضي على منح الاسر العربية 20 مليون دينار (15000 دولار) لكل منها، وقطعة من الارض اذا ما عادت طواعية الى بلداتها الاصلية. وأبلغت مصادر من الحكومة رويترز بالقرار.

وخلال عهد صدام طبّقت السلطات سياسة "للتعريب" طرد بموجبها كثير من الاكراد من ديارهم وحل محلهم عرب غالبيتهم شيعة من الجنوب.

ويقول الدستور العراقي الحالي إنه في مرحلة التجهيز للاستفتاء الذي سيجرى على مستوى المدينة ينبغي على الحكومة أن تعكس سياسة صدام. ومن شأن تدفق عدد كبير من الاكراد على كردستان أن يزيد بشدة من احتمال انتهاء التصويت بتحويل المدينة الى جزء من كردستان.

وأثارت خطة التعويض الخاصة بكركوك غضب بعض السنة والشيعة من نواب البرلمان في بغداد.

وقال نصار الربيعي زعيم الكتلة البرلمانية لتيار الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر إنه سيتم اطلاق حملة لجمع توقيعات لتأجيل الاستفتاء.

وأبلغ مؤتمرا صحفيا أن كركوك مدينة عراقية وأنه لابد من تأجيل هذا الموضوع حتى تحل المشكلة.

وقال شريف نجم وهو مزارع من كركوك يبلغ من العمر 35 عاما إن اعادة توطين العرب في بلداتهم الاصلية سيشيع الاستقرار في المدينة.

ومضى قائلا "انهم سبب المشكلات لانهم أخذوا أموال الاكراد والتركمان وأراضيهم".

ومن الممكن أن تصبح كركوك التي تقبع فوق واحد من أغنى حقول النفط في العالم مركزا لصراع أوسع نطاقا.

فقد ألمحت تركيا الى أنها قد تتخذ اجراء عسكريا لحماية مصالحها الوطنية.

وتخشى أنقرة أن يكون أكراد العراق يخططون للسيطرة على كركوك كمقدمة لاعلان الاستقلال الكامل عن بغداد.

وهي خطوة متوقعة وقد تذكي من جديد حملة انفصالية مسلحة من جانب الاكراد في جنوب شرق تركيا. وقال مسؤولون أكراد مراراً إنهم لا يعتزمون الانفصال عن العراق. الا انهم يلوّحون بذلك كلما اشتد خلاف سياسي مع السلطة المركزية.

وذكر المحامي العربي حارث حسين (45 عاما) أنه نزح الى كركوك من مدينة الحلة الشيعية جنوبي بغداد عام 1983.

وقال "على الحكومة أولا أن تجلب الامن وتوقف العنف الذي يحصد أرواح المئات كل يوم قبل الموافقة على مثل هذه القرارات التي ستشعل مزيدا من العنف."

وأشار الموظف الحكومي محمد خلف (29 عاما) الى أن عائلته انتقلت للعيش في كركوك عام 1981 من بلدة الحويجة. وأضاف أنه مستعد للعودة اذا كانت العملية تطوعية.

وقال "اذا أعطونا 20 مليون دينار وأرضا واذا كان باستطاعتي نقل وظيفتي الى مدينتي الاصلية فسوف أعود."

وحذرت الامم المتحدة من "أزمة تلوح في الافق" في كركوك حيث قالت إن القوات الكردية تقوم بترويع التركمان والعرب.

ومنذ الغزو الامريكي للعراق عام 2003 عاد الكثير من الاكراد الى كركوك.

وتضم كركوك أحد اغنى حقول النفط في العالم وتقع خارج حدود اقليم كردستان مباشرة. وقد تصبح بؤرة توتر. ويريد الاكراد ضمها الى الاقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي الى حد كبير.

وفي ظل حكم صدام خضعت كركوك لسياسة "تعريب" أدت الى طرد الكثير من الاكراد من ديارهم وجلب عرب غالبيتهم من الشيعة من الجنوب بدلا منهم.

وقال مسؤول حكومي انه سيتم "تشجيع" الأسر على مغادرة كركوك. وأضاف "لن يرغم أحد على المغادرة.. انه (أمر) طوعي".

ومن المتوقع أن يحسم العراق الوضع النهائي لكركوك في استفتاء بحلول نهاية العام بالرغم من أن مسؤولين يقولون ان مثل هذه الخطوة قد تزيد العنف.

وعاد كثير من الاكراد منذ الغزو الامريكي في عام 2003 ويشكو التركمان والعرب في المدينة الان من عملية "تطهير عرقي".

نواب عراقيون يرفضون تطبيق مادة دستورية خاصة بكركوك

وقال نواب عراقيون من مختلف الكتل البرلمانية انهم يرفضون قرار مجلس الوزراء حول تطبيق مادة دستورية تنص على تطبيع الاوضاع في مدينة كركوك المتعددة القوميات.حسب تصريحات نقلتها وكالة فرانس برس.

واكد بيان قرأه النائب اسامة النجيفي من قائمة "العراقية" بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي "نعلن رفضنا لهذه القرارات الجائرة وعدم التزامنا بكل ما سيترتب عليها من نتائج".

واعلن مجلس الوزراء تاييده تطبيق المادة 140 من الدستور.

واضاف البيان "نطلب من رئيس الوزراء (نوري المالكي) انصاف اهل كركوك وتحقيق العدالة في تطبيق مواد الدستور وعدم اخضاع مصير المدينة للاتفاقات السياسية والمصالح الحزبية".

وتنص المادة 140 من الدستور على "تطبيع الاوضاع واجراء احصاء سكاني واستفتاء في كركوك واراض اخرى متنازع عليها لتحديد ما يريده سكانها وذلك قبل 31 كانون الاول/ديسمبر 2007".

وحضر نواب عن "العراقية" (25 مقعدا) و"جبهة التوافق" (44 مقعدا) بزعامة عدنان الدليمي و"الائتلاف الموحد" الشيعي الحاكم (115 مقعدا) بزعامة رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم المؤتمر خلال قراءة البيان.

يذكر ان عدد سكان كركوك يبلغ حوالى مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدواشورية.

واعتبر النواب ان تطبيق المادة الدستورية يشكل "معالجة خاطئة لمشكلة كركوك وستكون كارثة على العراق بكل طوائفه وقومياته".

واكد البيان ان "غياب الحكومة المركزية وانعدام دورها الامني والسياسي والرقابي في كركوك والسيطرة الكاملة لحكومة اقليم كردستان عليها افقدها القدرة على مراقبة ما يجري وعدم اتخاذ الخطوات الصحيحة لتنفيذ المادة 140".

يشار الى ان الاكراد يطالبون بالحاق كركوك المدينة الغنية بالنفط باقليم كردستان في حين يعارض التركمان والعرب ذلك.

من جهتها اعلنت كتلة التحالف الكردستاني (53 مقعدا) تاييدها "المطلق" لتطبيق هذه المادة.

وتلا النائب خالد شواني بيانا يؤكد ان "اتخاذ مثل هذا القرار خطوة صحيحة باتجاه حل المسائل الدستورية بواسطة الطرق القانونية والديمقراطية ووفقا لمبادىء حقوق الانسان" مشيرا الى ان قرار مجلس الوزراء "يخدم جميع القوميات المتآخية في كركوك".

كما طالب "الحكومة بالمضي قدما نحو تطبيق الدستور وعدم الاهتمام بما تفعله بعض المجموعات المعادية للعملية الدستورية".

وكانت اللجنة العليا المعنية بتطبيق المادة 140 من الدستور قررت اواخر كانون الثاني/ يناير الماضي ضرورة "اعادة العرب الوافدين الى كركوك الى مناطقهم الاصلية في وسط وجنوب العراق مع منحهم تعويضات مالية مناسبة".

واعلن احد مسؤولي اللجنة قبل ايام ان عدد العائلات العربية الراغبة في مغادرة المدينة الى مناطقها الاصلية يبلغ اكثر من 12 الف عائلة اي 80 الف شخص.

لكنه لم يحدد عددها الكلي

يذكر ان ما يسمى مجلس قيادة الثورة اهم سلطة في النظام السابق اتخذ القرار رقم 42 للعام 1986 ويقضي بنقل عشائر من العرب الشيعة في الفرات الاوسط والجنوب الى كركوك ضمن سياسات التعريب التي كان ينتهجها النظام البائد.

تهجير سكان قلعة كاور في كركوك بذريعة ترميمها

وحسب وكالة فرانس برس، يقول سكان "قلعة كاور" احد ابرز المعالم الاثرية التي تتوسط كركوك ان المنطقة التي تضم العديد من شواهد التاريخ بين جنباتها باتت مغلقة اليوم ومئات المنازل مهدمة او آيله للسقوط بعد ان امر النظام السابق باخلائها بذريعة ترميمها.

ويوضح احدهم وهو الكلداني صباح هندي (75 عاما) "بعد وصول (الرئيس السابق) صدام (حسين) الى الحكم قام بترحيل سكان القلعة كونها موقعا اثريا وغالبيتهم العظمى من المسيحيين. دفع تعويضات لكثيرين كما جرت اعمال ترميم لكن ببطئ".

ويؤكد هندي وهو صيدلاني وأحد العارفين بتاريخ كركوك (255 كلم شمال شرق بغداد) "بقاء اكثر من الف عائلة في القلعة حتى 2003 عندما بدأ القليل جدا منهم المغادرة بسبب الاوضاع رغم انهم اقل الناس هجرة وذلك لانعدام صلاتهم مع الخارج".

ويقول "اكثر من الفي عائلة كانت تسكن القلعة حيث توجد كنيسة ومسجد ومزار للاولياء وقبر النبي دانيال وسوق يعود الى زمن العباسيين يضم اكثر من 36 محلا تحت الارض" مشيرا الى "حملة لاعادة احياء القلعة عبر مرحلتين لأقامة منطقة سياحية".

ويتابع هندي ان السكان يملكون اراضي في التون كوبري وطوزخورماتو والحويجة وبيجي وليلان وهي مناطق محيطة بكركوك كما ان "ابناءهم يعملون حاليا في الزراعة والهندسة والنفط والتربيه والصحة والتجارة".

من جهته يقول نديم بطرس "تم تهجيرنا من قلعتنا وصودرت اراضينا ابان العقود الماضية ولم نهاجر وقد تعرضنا للاضطهاد في كل العهود لكن اقمنا خلال حكم البعثيين علاقات معهم لتسهيل امورنا ومصالحنا ووجودنا نظرا لاستمرارهم مطولا في الحكم".

ويتابع "مع ذلك تغيرت الامور مع عمليات ترحيل للعائلات الساكنة بذريعة انها مواقع اثرية خاضعه للصيانة ويجب اعادة احيائها".

ويضيف بطرس الاستاذ في الكلية التقنية ان "معظم عائلات القلعة كاور هم من اصحاب الشهادات العليا ونحن متمسكون بالعراق وكلما تشتد الظروف نجد انفسنا اكثر ارتباطا بكركوك فهي وطننا ومستقبلنا. نتمسك بالقلعة التي تعكس روحية وجودنا".

وفي هذا الصدد يوضح هندي ان "لغتنا منذ اجدادنا هي التركية التي نعتبرها اللغة الام بل اكثر من ذلك فنحن لا نعلم شيئا عن الكلدانية .وبحسب ما نقل الينا عبر الموروث انه لا يسكن احد القلعة وكركوك دون ان يجيد التركية ابان حكم العثمانيين فتقاليدنا تركية من طبخ ولياقة وثقافة وملبس".

ويقول "هناك معنيان لقلعة كاور اولهما +قلعة الكفار+ فكلمة كاور لدى الترك معناها الكافر. فعندما سكنها التركمان وكنا هناك اطلقوا علينا هذه التسمية لاننا مسيحييون نسكن في مدينة مسلمة".

ويتابع هندي "اما المعنى الاخر فمن المحتمل ان يكون استنجاد سكان القلعة باهل الخير لانقاذهم من قصاب شقي وشرس فينادون يا اهل القلعة كه ور اي تعالوا قاتلوا او اضربوا (...) ويعود وجودنا في القلعة الى العام 1500 ميلادي".

وبعد وصول العثمانيين سكن التركمان القلعة التي يعتبرونها جزءا من وجودهم "التاريخي". كما سكنها الكلدان المسيحيين المتمسكين بديانتهم ولا يتحدثون الكلدانية بل التركية. كما يوجد في القلعة مقبرة لهم.

وكان الولاة العثمانيون وقادة الجيوش يمرون بقلعة كركوك المواجهة للقشلة (ثكنة عسكرية) التي كانت مركزا للانكشارية في شمال العراق.

وتضم منطقة "قلعة كاور" معالم تاريخية ودينية من مختلف الحضارات التي توالت على بلاد ما بين النهرين منذ الحقبات آلاشورية والكلدانية مرورا بالعصر العباسي وانتهاء بالامبراطورية العثمانية.

ومن ابرز الشواهد الاثرية في القلعة الرابضة فوق مرتفع على شكل دائري قبر احد احبار الديانة اليهودية النبي دانيال (النبي يونس لدى المسلمين).

وبالنسبة للتوتر الحاصل حول "هوية" كركوك يقول ساعور شامل احد قساوسة كاتدرائية الكلدان "نحن اليوم في العراق وكركوك خصوصا على الحياد (...) لسنا على تماس مع الاكراد لكننا نحترمهم ليس بمقدورنا تاييد امانيهم وطموحاتهم فهناك اصدقاء لنا بين العرب والتركمان".

ويتابع "لا نعلم شيئا عن مستقبل كركوك وقلعتها وكل الاحتمالات واردة فنحن نخشى الفوضى والدمار لان الكل متمسك بها ولا يدرك العواقب ولا يفكر بالمستقبل. كانت قبل 2003 عربية وقبلها تركمانية".

ويضيف "كركوك تطفو على بحر من النفط وتلقب بمدينة الذهب الاسود لكنها لا سمح الله ستطفو على انهار من الدماء اذا لم تحكم صناع القرار العقلانية".

من جهته يقول عماد متى وهو رجل اعمال آشوري "الافضل هو ترك كركوك لساكنيها بعيدا عن تدخل دول الجوار والقوى السياسية لاننا لا نستطيع العمل دون الكردي والتركماني والعربي".

ويؤكد ان "ظلما كبيرا لحق بالاكراد والتركمان والمسيحيين على مر التاريخ يجب تصحيحه بالحكمة والتفاهم لا بلغة القوه والتهديد. ونحن كمسيحيين لاخيار لنا سوى الحياد".

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 4 نيسان/2007 -13/ربيع الاول/1428