وقل ربي زدني علما

رفعت الواسطي

 في القرآن الكريم نقرأ ( وقل ربي زدني علما). أمر الهي للانسان من خلال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ان نتوجه بالدعاء الى الباري عز وجل بزيادة العلم. حتى عده النبي الاكرم في حديث مروي عنه فريضة على كل مسلم ومسلمة.

 وفي رحاب الهادي البشير ونحن نعيش ذكرى ولادته الشريفة مهم جدا ان نقف عند فهمنا للآية القرآنية المباركة وأهميتها في حياة الانسان باعتبار ان العلم يخرج الانسان المكلف من الظلمات الى النور كماهي بعثة النبي المصطفى والذي قدم لنا اشارات كثيرة لاهمية موقعه في حياة الامة ومن يأتي من بعده ( انا مدينة العلم وعلي بابها).

 لايمكن ان نجزء أي نظرية في الاسلام عن تطبيقاتها الحياتية ولاعتبارات شخصية كذلك لايمكن ان نعيش الاجواء الاسلامية النقية بمعزل عن أي واجبات كلفنا باتيانها وبمعزل عن العقيدة الصحيحة.  أي لايمكن مثلا ان أؤمن بالتوحيد وان الله واحد أحد ان لم أقر بما أمرني الواحد الاحد سواء في اصول الادين أم فروعه.

والنبوة هي من الاصول المهمة التي تأتي بعد التوحيد. فنقرأ في القرآن ( ماآتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا) ( وأطيعوا الله ورسوله) كثير من الآيات المباركة تشير الى هذا المعنى فنحيل الامر الى السؤال عن مصداقيتنا كمسلمين من موضوع مدى فهمنا وتصديقنا لرسالة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم؟.

ولماذا اخترت اللآية المباركة ( وقل ربي زدني علما).

اليوم من خلال قراءتنا لواقع الامة وفي أهم بقعة منها وهو العراق نجد أن هناك عدوا حقيقيا ينتشر في جسدها أخطر من القاعدة وحزب البعث هو الجهل لدى عامة الناس وعدم العمل بالعلم لدى من يحسبون انهم علماء الامة من كلا الطائفتين الشيعية والسنية أما العلمانيين من قادة العراق فامرهم واضح.

الانسان لايمكنه العيش بدون معلومات تفتح مداركه على كثير من القضايا المخفية عنه وفي مجالات شتى لذلك ارتبطت حركة الانبياء والمرسلين بتنوير وتعليم الانسان وتزويده بالمخطوطات التي يعود اليها وربطوا العلم بالعمل اي لتكون حركة الانسان ذات مصداقية في المجتمع لابد للداعية من ترجمة واقعية على أرض الواقع يبدأها من نفسه.

 من هنا نجد الانبياء والمرسلين هم في المقدمة يقودون الناس الى الامام وفي الظروف القاهرة يقدمون أعز مالديهم من الابناء والاخوة والنفس. فحركة عاشوراء الحسين عليه السلام كانت مدوية بمعنى الكلمة في التأريخ من تلك المنطلقات. الامة جهلت الحقائق بفعل سياسات التجهيل والتزوير واليوم نحن في عصر الظلمة الثانية بعد عصر ماكان يعرف قبل البعثة بالعصر الجاهلي.

 بل عصرنا هذا أخطر من ذاك لان الناس في تلك الحقبة لم يكونوا يعرفون أما نحن اليوم فنعرف معنى العلم وأهميته، نعرف معنى الحلال والحرام، معنى القتل بلاذنب والاختلاس وآثار الجريمة والذنوب في الحياتين الدنيا والآخرة فلماذا يعيش أهلنا بهذا الشكل المزري ونحن معهم أيضا؟ أين هي حركة التبليغ الاسلامي ولماذا لم نلمس الآثار الايجابية لحركة العلماء؟. ( ياأيها الذين آمنوا لم تقولون مالاتفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالاتفعلون)

أمر خطير يعيشه الانسان العراقي من خلال سياسة مايعرفون بقادة العراق الجديد تخبط حقيقي نلمسه من خلال وسائل اعلامهم فالفضائية العراقية لاتزيد المشاهد الا ضلال بدءا من الكادر الاداري الى الفني بالمذيعين والمذيعات والبرامج المعدة بطريقة تدعوا الى السخرية فابسط سياقات اللقاء التلفزيوني ان يعرف المشاهد بالضيف بين كل ثلاث أسئلة هذه ابسط ملاحظة.

أما من يرشح الى مكتب الفضائية في واشنطن مثلا فحين نتحدث عن ضحالة مستوى مراسلهم مع بعض مايعرفون او يقدمون انفسهم كاعلاميين فيكون الجواب ( هو خوش ولد أو حباب أو لانه يعرف انكليزية).

 ومن المضحك ان مراسل الفضائية العراقية في واشنطن قبل ثلاث سنوات كنت قد بعثت له شريط فيديو من برامج كنت قد قدمتها في قناة أورينت الفضائية ومن ضمنها ( سفينة النجاة) حول عاشوراء الحسين عليه السلام كان تعليق المراسل ( انت تعرف بعض العراقيين عندهم معاوية ويزيد أئمة صعب الاشارة الى أفعالهم والوضع لايحتمل).

وصعودا الى قادة العراق الجديد فنأخذ نموذجا منهم أحد وزراء كتلة سياسية مهمة جاء نتيجة المحاصصة طبعا وتقلد ثلاث مناصب وزارية لثلاث حكومات متعاقبة كل وزارة لاعلاقة لها بتخصصه. سئل الوزير الضيف في برنامج انت والمسؤول عن بعض الملفات المهمة التي تتعلق بنشاط بعض قادة الكتل السياسية من حيث العمليات الارهابية الجارية في العراق فكان تعليق الوزير المضل( نحن لدينا ادلة تدين ابن احد قادة الكتل السياسية ولكن الوضع الان لايحتمل فتحها ونعرف انه يقف وراء بعض العمليات التي جرت).

 ترى أليست هذه هي المحنة الحقيقية لاهلنا في العراق؟ فلا من أوتي علما أستفاد من علمه خوفا من الله تبارك وتعالى باعتباره اسلامي التنظيم ومعارضا ضد نظام صدام البائد.  ولا من يقود المجتمع لديه الشجاعة على ان يكون له موقف أمام الله والتأريخ والمجتمع. هل كانت حركتنا بحثية عن حقائق الامور بمايعرف بخطة فرض القانون؟  ام معادلات حزبية أو طائفية أو شخصية؟.

نحن بأمس الحاجة الى زيادة العلم والاستفادة منه في واقعنا اليومي لنتجنب الوقوع في مصائب كالتي ابتلي بها غيرنا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 2 نيسان/2007 -11/ربيع الاول/1428