في ظل الاستدراج الارهابي: صمت الصدريين هل سيستمر؟

 شبكة النبأ: تعزو القوات الامريكية والحكومة العراقية الصمت اللافت الذي يلف جيش المهدي منذ اكثر من شهر في بغداد إلى فاعلية خطة أمن بغداد الجديدة، وهي جزء من [عملية] زيادة القوات التي ستؤدي في النهاية إلى قدوم 21500 جندي امريكي جديد.

لكن العراقيين يعلمون ان اتفاقا ابرم بين الحكومة والتيار الصدري على ان يفسح الاخير المجال امام السلطات الامنية الرسمية لبسط القانون والعمل الجدّي بمساعدة القوات الامريكية لشل الارهاب وطرق امداداته وطرده من العاصمة تمهيدا للقضاء عليه في الاطراف.

بيد ان صبر الصدريين عن الانتقام ليس بلا حدود ان حدثت اعتداءات ارهابية ضخمة وموجعة تستهدف الابرياء المدنيين الشيعة وهو ما دأب تنظيم القاعدة والبعثيين والتكفيريين على اتباعه لخلق ردات فعل انتقامية ما يؤدي الى تقويض عمل الحكومة المدعومة سياسيا وبرلمانيا من نواب التيار الصدري، ولعل العملية الارهابية التي حدثت قبل عدة ايام في تفجير انتحاري هائل الضخامة هدم مسجدا شيعيا في الحصوة جنوب بغداد راح ضحيته عشرات المدنيين الشيعة وما تبعه من اعمال انتقامية في ضرب ثلاث مساجد سنّية بنفس المنطقة، اظهرعدم القبول الكلي لسياسة ضبط النفس المتبعة من الصدريين حاليا، وان الوضع مرشح لعودة الاعمال الانتقامية على نطاق واسع كما كان ولكن هذه المرة خارج بغداد.

ولاجل التغطية الفعلية الدائمة للاحياء الكبرى في بغداد أعلنت القوات الامريكية عن اقامة قاعدة مشتركة داخل مدينة الصدر الشيعية في وقت متأخر من الاسبوع الماضي فقط. وما زالت معظم التعزيزات الأمريكية في طريقها إلى العراق.

لكن وبالرغم من تصاعد التفجيرات الانتحارية من قبل المتطرفين السنة، والتي يستهدف معظمها المدنيين الشيعة، فإن عدد قتلى الانتقام قد هبط بشكل درامي منذ انطلاق الخطة الأمنية في 14 فبراير.

وقال وزير حقوق الإنسان وجدان سالم الاسبوع الفائت ان "القتل الطائفي قد هبط الى ربع ما كان عليه [قبل ذلك بأسبوعين]، وهو انخفاض كبير". ويعيد المسؤول العراقي الكبير الفضل في ذلك الى الضغط على الصدر من قبل رعاته السابقين في إيران، إضافة إلى آية الله السيستاني والمرجعية الشيعية في النجف.

ويقول ان ايران تحجب المشورة العسكرية والعون عن الصدريين وغيرهم من العناصر المارقة، وتضغط عليهم لوقف عمليات القتل. ويضيف المسؤول ان "الصدر على قناعة بأنه لا طائل حقيقي من هذا الكفاح، وان [عمليات انتقام فرق الموت] قد عادت بنتائج عكسية".

وتتخذ واشنطن موقفا أقل تفاؤلا فيما يتعلق بدور إيران في العراق. فقد أعلنت السلطات العسكرية الأمريكية عن سلسلة من عمليات العثور على الأسلحة مؤخرا، وكان من بينها مواد لتصنيع "القذائف المتفجرة" المميتة، وهي قنابل يزعم انها من اصل إيراني يمكنها أن تخترق العربات المدرعة. لكن المسؤولين الإيرانيين أعربوا علنا عن دعمهم لخطة بغداد الأمنية، ووافقوا على الانضمام الى مؤتمر اقليمي حول مستقبل العراق مع الولايات المتحدة ودول أخرى من مجلس الامن والجوار العراقي.

ويقول مسؤول استخباراتي ايراني بارز، رفض الكشف عن هويته بسبب طبيعة عمله، ان "استراتيجية ايران تتمثل في تعزيز الحكومة المركزية في العراق [التي يهيمن عليها الشيعة] ودعمها بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب".

ويقول تقرير نشرته مجلة نيوز ويك الامريكية، من المؤكد ان التهديد الامريكي بالقيام بعمل ما، كان له أيضا بعض الأثر على صمت الصدر. وحتى قبل 14 فبراير، كانت القوات الأمريكية والعراقية قد بدأت باستهداف مسؤولين كبار ومتوسطي المستوى في منظمة الصدر، فاعتقلت عددا من الشخصيات المهمة من بينهم، وقتلت اثنين على الأقل حاولا المقاومة.

وربما اكتسب تدخل حكماء الشيعة الكبار اهمية اكبر من ذلك. وقد عقد الصدر اجتماعا في الساعة 11:00 مساء مع السيستاني قبل نحو شهر، مدفوعا بالشعور الذي انتابه بسبب الإجراءات الأمريكية الصارمة، وفقا لأحد اعوان آية الله العظمى، الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته تماشيا مع ممارسات مكتب رجل الدين: "سأل السيد عما ينبغي أن يفعله بشأن الهجمات ضده، فقال له السيستاني ان أمامه خيارين: تحمل العواقب، على نفسك وعلى الشيعة عموما، أو الانسحاب إلى زاوية ما".

وكانت الزاوية التي اختارها الصدر في مكان ما من ايران على الأرجح. ويقول مسؤولون امريكيون وعراقيون انه توجه الى ايران.

ويقول سامي العسكري، أحد مستشاري رئيس الوزراء نوري المالكي: "حسب معرفتي ما زال هناك. إنه رجل يحيط نفسه بالسرية".

وتنفي كل من طهران والناطقين باسم الصدر بشدة أنه يختبئ في إيران، لكن اللافت هو أنه غاب عن خطب أيام الجمعة التي اعتاد عليها في مسجد الكوفة منذ ثلاثة أسابيع الى الآن، ولم يظهر في اي مكان آخر علنا.

ويقول ابو حازم، احد قادة جيش المهدي السابقين في بغداد، ان "الصدر يتبع استراتيجية تدعى «الانحناء في وجه الريح» لأنه خسر شيئا من السيطرة على جيش المهدي. لم يعد الوضع كما كان عام 2004"، حين هددت انتفاضة دعا اليها رجل الدين الشاب بالامتداد الى كافة أنحاء البلاد.

ويخشى بعض المحللين كما يقول تقرير مجلة نيوزويك من ان الصدر والمتطرفين الشيعة ينتظرون الفرصة الملائمة. لكنه انتظار قد يثبت عدم نجاعته مع وصول القوات الامريكية خلال الشهرين التاليين.  وقد انفصلت مجموعة من الصدريين اخيرا في محافظة كربلاء، بعد ان القى احدهم باللوم على صدريين آخرين بشأن قتل مدنيين، بمن فيهم شيخ بارز قريب من السيستاني.

وقامت شرطة كربلاء بإلقاء القبض على 50 من أتباع الصدر. ويقول المسؤول العراقي البارز: "إنهم سيفقدون الاتصال مع جمهورهم حتى ولو لجأوا الى الهدوء. ان جيشا منظما سيفقد قيادته وسيطرته".

وتقول المسؤولة السياسية في السفارة الامريكية مارغريت سكوبي ان الصدريين "قد يجدون فرصهم في استئناف العمل محدودة" بعد انتهاء زيادة القوات الأمريكية.

وفي غضون ذلك، بإمكان السلطات الامنية تنفس الصعداء قليلا وتكثيف الجهود وعدم تشتتها لمواجهة صف واحد فقط من الطرفين في المعركة وهو تنظيم القاعدة والمتحالفين معه من البعثيين والتكفيريين.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 28 آذار/2007 -8/ربيع الاول/1428