فوضى وسوء ادارة وهدر للاموال في خطط إعادة اعمار العراق

 شبكة النبأ: تعاني الجهود المبذولة لاعادة اعمار العراق من تخبط واضح كان نتيجة حتمية لضعف التنسيق بين الجهات المعنية بالتخطيط للاعمار وابرام العقود ومراقبة سير المقاولات التي يتم الاتفاق عليها ما أدى الى ضياع مليارات الدولارات حسب التقارير الرسمية الامريكية. ويتضح ذلك في سوء ترتيب الجهود بين وزارة الدفاع الامريكية ووزارة الخارجية ومكتب المساعدات الامريكيUSAID كما يشير تقرير المفتش العام لاعادة الاعمار.

واعترف تقرير رسمي بأن الحكومة الامريكية لم تكن مستعدة لعملية اعادة البناء واسعة النطاق التي كانت مطلوبة بعد غزوها العراق وأنه عند كل منعطف كان يمكنها تعديل جهودها غير ان الحكومة الامريكية اخفقت في تفهم المشاكل التي تواجهها.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية ان المفتش العام المعني باعادة اعمار العراق ستوارت براون قال في تقييم واسع النطاق للجهود الامريكية لاعادة الاعمار في العراق انه لم يكن لدى وزارة الدفاع بعد ايام من الغزو اي استراتيجية لاصلاح المؤسسات الحكومية أو البنية التحتية وفي السنوات التالية انضمت وكالات اخرى لتلك الجهود ولكن في غياب خطة شاملة وبدون توافر بنية لتنظيم وتنفيذ مهمة بمثل هذا الحجم الكبير.

وقال براون في تقرير له إن حدود المسؤولية مازالت غير واضحة في جهود اعادة البناء.

فمع المطالبة بالتعجيل ونقص في كوادر الحكومة، عهد بالكثير من عمليات الاشراف الى المقاولين لتولي هذا العمل في الوقت الذي لم يتوافر فيه تنسيق يذكر بين الوكالات المختلفة ومن ثم كانت النتيجة سلسلة من الفرص المفقودة للتعامل مع هذا الوضع الفضفاض.

وأضاف المسؤول الأمريكي في تقريره أن «وجود طبقات ادارية كثيرة.. جعل من الصعب تحديد من الذي لديه السلطة الاخيرة بشأن الاموال والاشخاص والمشروعات».

ويعتزم براون تقديم تقريره في وقت لاحق الى لجنة الامن الداخلي والشؤون الحكومية في مجلس الشيوخ الامريكي.

وذكرت الصحيفة ان التقرير يقدم تسع توصيات بينها واحدة تطالب بسن تشريع لتنظيم عمل الادارات والوكالات المعنية في عمليات ما بعد الحرب في اطار قانون تنظيم وزارة الدفاع لعام 1986 والذي دمج افرع الاجهزة وعزز من عمل الوحدات ووضع حدا للتداخل العملياتي.

ويقول تقرير نقلته (CNN)، ان مهندسي خطط إعادة إعمار العراق لم يكونوا يتوقعون انحدار الظروف في هذا البلد إلى الدرك الذي وصلت إليه، عند بداية الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة في ربيع 2003.

هذا الانطباع أورده تقرير أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون"، ويتعلق بتحقيق لمفتشيها حول جهود الحكومة الأمريكية في طرح خطط إعادة إعمار العراق.

التقرير الذي جاء تحت عنوان: "إعادة إعمار العراق: إدارة البرامج والمشاريع،" طرح تسع توصيات لتحسين خطط بناء البلد من قبل الولايات المتحدة.

ومن بين التوصيات المقترحة، مطالبة الكونغرس بطرح خطة لتحسين التنسيق بين وزارة الدفاع والخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية "USAID"، وهي الجهات الرئيسية المخوّلة العمل مع وكالات دولية وحكومية أخرى.

وقال ستيوارت بوين وهو المفتش العام الذي أشرف على التقرير للصحفيين، قبل نشر النتائج رسمياً ان هناك اجماعا واسعا على ان الخطط التي سبقت الحرب والمتعلقة بالإغاثة وإعادة الاعمار، كان يجب ان تكون أفضل بكثير.

وأضاف ان "احد التحديات التي نشاهدها خلال مراجعة هذا الواقع هو مشكلة تداخل عمل الوكالات."

وقال ان جهود وزارتي الدفاع والداخلية ووكالة "USAID" تشابكت مع بعضها لدرجة انها "اصطدمت ببعضها البعض" ما ادى الى معظم هذه المشاكل" وفق وصف المسؤول الرفيع.

واوضح التنسيق عابه نقص شديد في فهم الأدوار والمسؤوليات، بالاضافة الى نقص في المشاركة "وما أعنيه بذلك هو وحدة القرار، إذ ان ذلك يحتاج للتطوير قبل الذهاب إلى الحرب."

ووفقاً للتقرير فان الخطة المبدئية كانت تقضي بأن يدير مكتب خاص مكرّس لإعادة الاعمار والمساعدات الإنسانية، جهود اعادة الاعمار في العراق.

وكانت خطة هذا المكتب، التي تسلمتها سلطات التحالف المؤقتة في أبريل/نيسان 2003، تهدف الى "استعادة العراق سيادته الكاملة، بما في ذلك تحمل مسؤوليات الإغاثة وجهود إعادة الاعمار" خلال 12 إلى 18 شهرا على بدء الحرب.

وأشار التقرير إلى أنه بعد خروج الامور عن السيطرة وعما كان متوقعا لها في صيف 2003، بما في ذلك الإطاحة الكاملة بالنظام السابق وصعود الحركات المسلحة، قررت سلطات التحالف المؤقتة انه يجب اخضاع جهود اعادة الاعمار "إلى توسيع كبير."

وفي يونيو/حزيران 2004، إثر تسلّم الحكومة العراقية المؤقتة الحكم، ُمنحت وزارة الخارجية الأمريكية التي تقود هذه المهمة نشاطات اعادة اعمار العراق.

وقال التقرير إن نقل هذه الجهود من سلطات التحالف المؤقتة الى الخارجية الامريكية أدى إلى تحول جديد في هذه الجهود، حيث منحت المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية للعاصمة اهمية اقل، فيما ذهبت الاعتمادات والتمويل إلى "الاوضاع الامنية المتدهورة."

وقال بوين ان هناك توافقا عالميا بأن "حكومة الولايات لم تكن مهيأة لتنفيذ هذا النوع من عمليات الإغاثة واعادة الاعمار التي قدمت في العرق بعد الغزو بـ2003."

وأضاف المفتش العام الخاص بإعادة اعمار العراق ان نقص التخطيط، وعدم وجود الموظفين المناسبين في مكتب إعادة الاعمار، والاجراءات والنظام، كلها أسباب ساهمت في عدم توجيه هذه الجهود كما يجب.

وقال المسؤول الرفيع ان أحد اسباب المشكلة ايضا هو قلة المعرفة بثقافة البلد وسكانها.

وطالب المسؤول الادارة الامريكية بتوسيع نطاق الموظفين ليشمل أشخاصاً على اطلاع بالبلد المعني.

وقال ان واشنطن لم تعتمد سياسات قانونية وإجراءات واضحة لادارة مخصصات مالية غير امريكية.

وطالب التقرير الادارة الامريكية بتطوير السياسات والاجراءات المتعلقة بادارة التمويل.

ورغم عدم اتهام بوين أي طرف من الاطراف ، إلا أنه لا شك في تقريره قد أضاء على الارتباك الحاصل بين الدفاع والخارجية و"USAID" في جهود إعادة اعمار العراق.

وحمل التقرير الكونغرس مسؤولية تطوير وسائل كفيلة بإعادة اعمار العراق مستقبلا.

وقال بوين "على الكونغرس مراجعة القضية وما إذا كان يجب تشكيل لجنة، وصياغة تشريعات، لست أصف الدواء.. وهذا ليس من شؤوني. دوري هو تحديد التحديات."

وقد قدم بوين تقريره إلى لجنة الأمن الداخلي بمجلس الشيوخ الأمريكي، والتي قال رئيسها جوزيف ليبرمان أن مليارات الدولات قد أهدرت، وأن المهمة برمتها فشلت.

وقال ليبرمان والسيناتور سوزان كولينز، وهي جمهورية، إنهما يفكران في اصدار قانون يقضي بتشكيل لجنة تكون مهمتها معالجة المشاكل التي اكتشفها التقرير.

وقال ليبرمان: "يكمن الفشل في اخفاق الحكومة الامريكية في التخطيط بشكل سليم للمشاريع في العراق ومن ثم اخفاقها في مراقبة المقاولين. النتيجة كانت ضياع مليارات الدولارات، وهو ثمن يتجاوز قيمته المادية ليشمل تقويض المهمات التي تضطلع الولايات المتحدة بها في هذه الدول التي مزقتها الحروب."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 26 آذار/2007 -6/ربيع الاول/1428