خطة بوش الجديدة غير مجدية بشأن إعادة إعمار العراق ومكافحة الفساد

 تثار تساؤلات عدة بشأن جدوى وتأثير نحو ملياري دولار طلب الرئيس الأمريكي جورج بوش تخصيصها كمساعدات إضافية لإعادة إعمار العراق عقب ضخ واشنطن 22 مليار دولار خلال الفترة ما بين 2003-2005 فيما قدر الخبراء الحاجة إلى 55 مليار دولار لمساعدته في التعافي من آثار الحرب وعمليات السلب والنهب فضلاً عن التدهور الاقتصادي.

ويشكك البعض في نجاح إستراتيجية العراق الجديدة المتعلقة بإعادة الأعمار واقتراح بوش توسيع عمل فرق المساعدات الأمريكية في جميع أنحاء العراق، نظراً لضآلة المساعدات المقدمة وشح المتطوعين.

ويرى شق آخر كما تنقل الأسوشيتد برس أن الرئيس بوش قد يلجأ لإصدار أوامر بإرسال موظفي الحكومة الأمريكية إلى منطقة الحرب، تماماً كما حدث في فيتنام عام 1975.

وفي هذا السياق قال الجنرال المتقاعد وأخصائي مهام إعادة الاعمار بعد الحروب في مجلس العلاقات الخارجية، ويليام ناش، "في حقيقة الأمر أن الخارجية تجد مشقة بالغة في ملء فراغات مثل هذه الفرق."

وأعلنت وزارة الخارجية في وقت سابق نشر عدة مئات من المستشاريين المدنيين ورفع أعداد الفرق المسماة "فرق إعادة الأعمار المبدئية" من عشرة إلى 18 فريقاً على الأقل.

وواجهت الخارجية عوائق عند بدء مهامها خلال الفترة 2005-2006 نظراً لندرة المتطوعين للعمل في أماكن خطرة كالأنبار، واضطرت للاستعانة  بعناصر الجيش لسد الحاجة.

وكشف تقرير للتدقيق والمحاسبة أعدته الحكومة الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول أنه، ونظراً للأوضاع الأمنية المتردية، تمكن أربعة فقط من 13 فريقاً من أداء مهامهم "بصورة عامة."

وكان حجم ميزانية المساعدات الأمريكية لإعادة اعمار العراق للعام 2007 قد تضاءل إلى 750 مليون دولار، إلا أن بوش اقترح تخصيص  1.2 مليار دولار إضافية.

ويشار أن واشنطن تنفق قرابة 100 مليار دولار سنوياً على الحرب وحدها.

وحول المخصصات الأمريكية لإعادة إعادة أعمار للعام الحالي، قال أخصائي الموازنة في "مركز ووردو ويسلون" بواشنطن "في أفضل الأحوال أنها رمزية.. ولن يكون لها تأثير واضح في العراق."

ودعت "مجموعة دراسة العراق" خلال توصياتها في ديسمبر/كانون الأول الفائت الإدارة الأمريكية تعزيز مخصصات إعادة بناء العراق إلى 5 مليار دولار في العام.

وتقدر وزارة الكهرباء العراقية إن العراق بحاجة إلى 27 مليار دولار لإعادة بناء محطات توليد ا لكهرباء لملاقاة الطلب المتزايد على الطاقة.

وأوضح تقرير جديد أعده "مكتب المحاسبية الحكومي" الأمريكي أن حاجة العراق للكهرباء خلال العام الفائت بلغت 8,210 ميغاوات في المتوسط فيما قدر حجم الطاقة المنتجة 4،317 ميغاوات..

وزودت العاصمة بغداد بالطاقة لمدة ست ساعات يومياً في المتوسط خلال الصيف الفائت.

ويكشف التقرير أن العراق يمول مشاريع إعادة البناء من تصدير النفط الذي تراجع إنتاجه إلى 900 ألف برميل يومياً بتراجع عن الهدف الأمريكي لإنتاج 3 مليون برميل يومياً.

وبلغ إنتاج العراق من النفط 3.7 مليون برميل في اليوم خلال فترة السبعينات.

ويتعرض قطاع النفط لاستنزاف واسع عن طريق الهجمات وعمليات التخريب وافتقاد الصيانة وظاهرة الفساد المتفشي.

ويقول تقرير "مكتب المحاسبية الحكومي" أن 30 في المائة من منتجات الوقود العراقية تهرب إلى خارج العراق أو تشق طريقها إلى السوق السوداء محلياً.

ولم تنفق وزارة النفط العراقية موازنة العام 2006 البالغة 3.5 مليار دولار نظراً لهشاشة أنظمة الإدارة المالية، وفق التقرير الأمريكي.

من جهته إتفق مستشار اقتصادي مع عضو في لجنة الاستثمار والاعمار في مجلس النواب على أن أموال المنحة الامريكية لاتزال غير واضحة.

وقال ثائر الفيلي رئيس لجنة الاستثمار الاسكاني في وزارة الاعمار والاسكان لوكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة إن " آلية صرف المبالغ لم توضح للان إذ ستبدأ المنحة بمليار دولار خلال هذه السنة لخلق فرص عمل كما جاء في كلمة بوش."

وقال الفيلي إن" صرف المبالغ لن يكون بمرحلة واحدة او خلال سنة واحدة بل ممكن أن يمتد الى سنتين."

وأضاف أن" الحكومة الامريكية عازمة على دعم القطاع الخاص وقطاع الاستثمار وقد تمر القروض عن طريق الحكومة العراقية ووزارة المالية ثم الى القطاع الخاص او قد تمر من خلال البنوك الامريكية الى القطاع الخاص."

من جانبه قال يونادم كنا نائب رئيس لجنة الاستثمار والاعمار في مجلس النواب " هذه الاموال امريكية ،وامريكا لها الفصل في طريقة صرفها ولديها مشاريع دعم لمؤسساتنا في مجالس المحافظات وقد يصار الى قروض وسلف للمشاريع الصغرى."

واتفق الفيلي وكنا على ضرورة مشاركة الجهات العراقية مع الامريكية في صنع القرار ، إذ قال كنا " نتمنى من السلطات الامريكية ان تستمزج الرأي وتشرك الجهات العراقية المختصة في صناعة القرار وطريقة الصرف ومراقبة أوجه الصرف تفاديا للسرقة والهدر ولانضاج الاراء بين الاجهزة الامريكية المشرفة على الصرف وبين الاجهزة العراقية المختصة كالجهات التخطيطية العراقية والبرلمان ومجالس المحافظات."

وأضاف " أجهزة التخطيط العراقية تعلم طبيعة الحاجة في كل مدينة مثلا في الفلوجة او البصرة، وهناك شبكة معلومات في العراق يجب الاستناد عليها وليس القرارات الفردية لقادة الجيوش والفيالق الامريكية."

في حين اقترح الفيلي "خلق مؤسسة مشابهة الى مكتب العقود والمشاريع (PCO ) والتي كانت مسؤولة عن صرف المنحة الامريكية (18.4 مليار دولار ) للاشراف على صرف هذه المبالغ أو تتولى مؤسسات دولية (كالبنك الدولي , اوبك ) او مؤسسات مالية امريكية محترفة ومعروفة في مجال الاستثمار والاسكان وذات خبرة في توظيف الاموال وتتعامل مع القطاع الخاص والذي يخلو من الفساد المالي وكذلك اشراك العراقيين في القرار من خلال تشكيل مؤسسة خاصة بالاشراف من عراقيين نزيهة ونظيفة."

وتمنى الفيلي أن"يتم تلافي الاخطاء التي وقع فيها ال PCO من حيث سوء الادارة والفساد المالي والاداري المتأتي من خلال تعامل المكتب المباشر مع المقاولين واصفا تلك التجربة بالمؤلمة جدا للعراقيين والامريكيين."

واتفق كنا مع الفيلي في القيام بالعديد من الاخطاء التي وقع فيها مكتب (PCO)وقال " لااقدر ان اقول أن الشعب العراقي لم ير شيئا من المشاريع والاموال التي صرفت عليها لكن أقدر ان اقول ان أكثر من 50 % منها ذهب هباء ونتمنى ان لايتكرر الشيء نفسه."

وعن مدى مساهمة المنحة في تقليل البطالة قال كنا " البطالة بصورة عامة تزيد من نقمة الشارع على الحكومة وعلى السلطة وتشجع على الانتفاض بوجه السلطة."

وأضاف" العوز يجعل من المواطن ساحة خصبة للاستغلال من قبل الجهات المعادية للعراق."

واوضح أن" توفير فرص عمل للمواطنين سيعمل من جهة على إحتواء البطالة ومن جهة أخرى سيعمل على توفير الخدمات والتي أصبحت عامل ضغط نفسي على العراقيين من حيث الكهرباء والنفط والخدمات الحياتية الاخرى والتي يفتقد اليها المواطن العراقي وتزيد من معاناته ومن نقمته على الحكومة وبالتالي تعاونه مع كل من يعادي الحكومة."

وأضاف "هذه الاموال للاستثمار بالتاكيد ستساهم بدرجة كبيرة لاحتواء النقمة من حيث توفير فرص عمل للعاطلين وابتعادهم عن الاستغلال."

وقال الفيلي "الاستراتيجية الاقتصادية تتزامن مع الاستراتيجية السياسية لدحر (الارهاب) وتنمية الاقتصاد العراقي تتم بتمويل القطاع الخاص على شكل قروض ودعم لتنمية الاقتصاد وخاصة بعد اقرار قانون الاستثمار العراقي وتشريع قوانين لتشجيع اقتصاد السوق وكذلك دعم الخدمات كالكهرباء والاسكان والبنى التحتية."

وعن موضوع منح المواطنين حصة من النفط التي كانت بعض وسائل الاعلام قد تناقلته عن الاستراتيجية قال الفيلي انه "أمر مستحيل."

وأضاف "ما اعلن في بعض الوسائل الاعلامية من صرف مباشر لحصص المواطنين هو سبق اعلاني لا واقع له , حيث من المستحيل توزيع حصص للمواطنين , لكن قد يكون المقصود حصول المواطن العراقي بشكل غير مباشر من حصته على النفط من خلال الخدمات او الاعانات."

وأوضح أن"الحكومة العراقية تعتمد 95% من ميزانيتها على النفط فالرواتب ودعم المشتقات النفطية والحصة التمونيية كلها من النفط فاذا تم توزيع اموال النفط معناه افلاس الخزينة العراقية" مشيرا الى أن " الاستراتيجية الامريكية تطرقت الى توزيع الثروات على الاقاليم وخلق فرص عمل."

وأعرب الفيلي عن تفاؤله بمساهمة الاستراتيجية الامريكية والتي تزامنت مع الميزانية الضخمة التي خصصتها الحكومة العراقية لعام 2007 في القضاء على البطالة، حيث لم يكن في العراق لحد هذه اللحظة أي مشروع يهدف القضاء على البطالة."

وأضاف "من المفروض أن قانون الاستثمار والقطاع الخاص هو الذي سيقضي على البطالة على اعتبار ان مؤسسات الدولة هي غير منتجة والمؤسسات فيها بطالة مقنعة ولا تستوعب تشغيل عدد اكبر , المعامل والمصانع العراقية تعمل بكفاءة 5 - 10 % اي 5 - 10 % من العاملين ينتجون فيما للا يقوم الـ 90 % منهم لايعملون ولا ينتجون ويتقاضون رواتب؟"

وقال"لا نتوقع المزيد من التشغيل بل دعم القطاع الخاص وبناء مؤسسات وشركات جديدة وتشغيل ايدي عاملة جديدة في المحافظات والاقاليم التي تتمتع بامن وهدوء ومنها محافظات الجنوب واقليم كردستان وبتصوري عملية الدعم هذه هي ما سيقضي على البطالة."

وكانت الاستراتيجية الامريكية الجديدة والتي أعلن عنها الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء الماضي تضمنت الى جانبها السياسي جانب اقتصادي يتمثل في منحة قدرها 10 مليارات دولار للقضاء على البطالة ودعم الاقتصاد العراقي وتوفير فرص عمل. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 16 كانون الثاني/2007 - 26 /ذي الحجة /1427