السيد هوشيار زيباري: ينتظرونك السادسة صباحاً

أميرة الطحاوي

ربما دعوة متأخرة لكن لا بأس من إطلاقها، اليوم مساء الأحد، وقد وصل السيد وزير خارجية العراق هوشيار زيباري  للقاهرة مساء الجمعة نحو الثامنة مساء، وشارك الأحد في اجتماعات المجلس الوزاري للجامعة العربية.

لست متيقنة إذا كان بوسع السيد الوزير أن يستقطع من وقت إقامته بالقاهرة ساعات إضافية لغرض أن يلتقي بعراقيين من مواطنيه، في السادسة من صباح الثلاثاء، ليس لتناول الإفطار ولا لاحتساء الجاي أو الماستاو، فقط ليلتقي ببعض مواطنيه المسئول عن رعايتهم بالخارج؛ فمثل كل أسبوع يتجمع عدد غفير من العراقيين بمصر أمام مفوضية الأمم المتحدة العليا لشئون للاجئين بضاحية المهندسين بالقاهرة، في صفوف تنتهي بهم لاستلام ملف أبيض، عليهم ملء استمارته وتسليمها ليسمح لهم بعد 4 أشهر غالباً باستلام بطاقة الحماية الدولية المؤقتة، البطاقة الصفراء، التي لا تعطيهم سوى التحصن من الترحيل القسري بسبب مخالفة شروط الإقامة الرسمية، وحتى الآن وحسب متابعات على مدى 5 أشهر سابقة لم تسجل أي حالات ترحيل، فما القيمة العملية للبطاقة الصفراء؟

إنها لا تعطي للاجيء أي منحة مالية أو بدلا للسكن أو رعاية صحية باستثناء الكشف المجاني وبعض الأدوية، ولا تشمل العلاج من أمراض عدة أو إجراء جراحات خاصةً لهؤلاء الذين فروا بأرواحهم حاملين أجسادهم التي مزقها الرصاص، ولا تسمح لأبنائهم بالتسجيل في المدارس برسوم مخفضة.

إن مليوني لاجيء عراقي بالخارج منهم من عرض حياته للخطر أكثر من مرة؛ عندما خرج متحدياً تهديدات جماعات العنف المسلحة ليصوت للدستور و للبرلمان الانتقالي و للبرلمان الحالي، الذي انتخب زيباري وزيراً للخارجية للمرة الثالثة منذ حكومة السيد أياد علاوي في 2004، وحكومة السيد إبراهيم الجعفري ثم حكومة السيد نوري المالكي.

إن من بين اللاجئين عوائل رحل عنها عائلها لأنه كان موظفا بالدولة التي يعد السيد زيباري أحد كبار مسئوليها، إن منهم من كان شرطياً تعرض لتهديد أو أصيب في عمليات بالعراق دفاعاً عن أمن هذا الوطن، إن غالبهم مدنيون لم يحرموا فقط من الحياة الكريمة ببلادهم ولكنهم هددوا بالحرمان من الحق في الحياة الذي تنبثق منه بقية حقوق الإنسان، وهذه البديهيات من واجب الحكومة التكفل بها أو معالجة آثار حرمان المواطنين منها.

إن غالب اللاجئين حيث هم غير مسموح لهم رسمياً بالعمل، وكثير منهم ليس لديهم قدرات تنافسية في سوق العمل، بينما الدول التي حط بهم الرحيل فيها لديها بالأساس مشكلة بطالة، إن كثير من اللاجئين تركوا ممتلكاتهم في يوم وليلة، و كثير انتهت مدخراتهم القليلة، لقد كتب الكثيرون عن أحوال العراقيين ولسنا بحاجة للتذكير لاننا على يقين أن الوزير يتابع ويحدد المشاكل ويصنفها ويستمع لحلول واقعية لها من خبرائه وسيطرح فيكل زياراته للخارج ما يمكن تطبيقه لحفظ كرامة رعاياه بالخارج.

وحسب إحصائيات المفوضية فإن عددا كبيراً من اللاجئين العراقيين هم أسر بلا عائل، عدد كبير من النساء والأمهات ليس لديهن دخل، لاخبرات عمل، ولديهن الأطفال في سن التعليم، ربما ضاع من عمر صغارهم سنوات بسبب الحصار في التسعينات وربما سنتين أوثلاث بعد حرب 2003 وبسبب الأزمة الأمنية، والآن تقف تعقيدات كثيرة مالية و إجرائية في وجه الأبناء لإكمال تعليمهم، هؤلاء الصغار هم الجيل الذي يفترض أن الآمال معقودة عليه ليبني العراق، لينهضه من كبوته، نتمنى أن يلتقيهم السيد الوزير أيضا صباح الثلاثاء ليطمئنهم أنه سيفعل لهم شيئاً لأجل تأمين حصولهم على حقوقهم الأساسية، فجيل من النشء في الشتات بلا استقرار نفسي وبلا تعليم هو قطعاً فريسة لجماعات التطرف بأشكالها وهم قوة مخصومة من ثروة العراق البشرية.

لقد أقر مجلس الوزراء العراقي قانون النفط الجديد، واعتبره البعض استحقاقا دستوريا بناء على المادة 111 "البترول وعائداته ملك للشعب" ربما قادت هذه النقطة للتفكير في حل يحفظ لهؤلاء كرامتهم باعتبارهم جزء من هذا الشعب، هكذا هم يعتقدون.

يتخبط بعضهم في مشاريع تلتهم مدخراتهم المحدودوة فتتراكم عليهم الديون، مع الوقت سيواجهون مشاكل جديدة، لا تقدم السفارات العراقية لهم كثيراً على صعيد الدعم القانوني أو المادي، السفارات مشغولة بأمور أهم، وبعضهم حكى لنا أنهم في عاصمة مشرقية يدفعون آلاف الدولارات أحدهم وفرها من بيع أعضائه البشرية للحصول على جواز سفر مزور لإحدى دول أوربا البشرية، ثم " الله كريم".

مرحباً بالسيد زيباري ليقابل أبناءه العراقيين في أي عاصمة يزورها، ويستمع منهم مباشرة لمشاكلهم (وحتى إذا حالت مشاغله بالقاهرة التي تنتهي مساء الأحد عن لقائهم في غير تجمعهم صباح الثلاثاء، نعرف أنه قطعا سيفعل) ، نعرف أنه التقى موظفي السفارة العراقية بالقاهرة، لكن لا بأس سيادة الوزير أن تلتقي أيضاً مواطنيك من خارج موظفي وزارتك.. استمع لهم وطمأنهم، وقل لهم "ماذا ستفعل لأجلهم".

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 6 آذار/2007 -16/صفر/1428