الحلول العـرجاء للمأزق في العـراق

فـؤاد عباس

 غالباً لإندلاع أوإستمرار أية أزمة عاملان: عامل داخلي وأخر خارجي، وإذا كان الأمر كذلك فالإختلاف إذن في مقدار تأثير كل من العاملين.

هناك فريق يعتقد بأن الأصل هوالعامل الداخلي ولا يعتدى الخارجي عن كونه عاملاً مساعداً، وفريق أخر يعتقد بالعكس ولا يخلوالفريقان من الغلاة بتأليـه العاملي الداخلي لوحده اوالخارجي بمفرده كما هو واضح ممن يرفض نظرية المؤامرة رفضاً مطلقاً اويقبلها قبولاً مطلقاً، والأقرب  الى الدقة في هذه الإطار يتلخص في أنه غالباً لكل أزمة عاملان مترابطان متداخلان متشابكان متفاعلان وغير متساويان دائماً وبالضرورة ففي بعض الأزمات وفي بعض مراحلها يكون دور العامل الداخلي اكبر او اكبر بكثير من العامل الخارجي والى حد يبدأ دور العامل الخارجي بالتحرك نحو الصفر لحساب الداخلي، والعكس ممكن ايضاً، والأمثلة في التاريخ للحالتين وما بينهما أكثر من الكثيرة، والتأثير يتوزع بين العاملين بمقادير تتناسب مع محصلة ميزان القوى للأطراف الفاعلة في كل من البيئتين الداخلية والخارجية للأزمة وبالمفهوم  الشامل وغير التقليدي للقوة والذي يشمل القوة السياسية والإقتصادية والدبلوماسية والإعلامية والدعائية والمعرفية والاخلاقية الإجتماعية والعسكرية والإدارية و...الخ.

 وفي الإطار المتقدم يمكن القول بأن العاملين الداخلي ( حكومة وشعباً ومعارضة ) والخارجي ( أقليمياً وعالمياً ) منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى اليوم ساهما بدرجات متفاوتة في جرِّ العراق الى المأزق الدموي الكبير القائم في العراق وما أحداث الأعوام الأخيرة إلا بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وذلك يـُملي على الجميع أن يتحمل مسؤولياته لإنقاذ العراق من مأزقه الذي بات يعتصر جميع الأطراف ويطحن عظام العراقيين... لماذا ؟

لأن قوى تخشى الإنحسار وأخرى تراهن على التألق وأخرى تقاوم الحذف من المسرح الدولي بحسب النتائج المرتقبة للصراع الكبير الدائر في العراق والذي لا يستبعد البعض إستمراره لأكثر من عقد إذا أستمرَ الحالُ على ما هوعليه اليوم وكُتِبَ للقتال المتصاعد بين القوى الخارجية التي تريد إستكمال التجسيد الفوري للإحادية القطبية وتلك المقاتلة ضد الأحادية، وإذا كان لبَّ الصراع ببعده الخارجي في العراق يعود لذلك فالحلول التي تتناول المأزق في العراق وما أكثرها ودون أن تأخذ دور العامل الدولي الأخير وبحجمه الواقعي ودون تهميش اوتضخيم لحساب اوعلى حساب العامل الداخلي العراقي للأزمة تبقى حلول احادية عرجاء عقيمة تموت قبل أن ترى النور غالباً، فيخطأ منْ يحصر علل المأزق في العراق في الطائفية أوفي ضعف الأداء الحكومي بالرغم من حقيقة ذلك الضعف وضرورة معالجته الفورية بما ولا يتعارض مع الديمقراطية الدستورية لأنه هوالحلّ الذي لا حلّ بعده إذا اُريد للعراق أن يبقى على الخارطة موحداً ومستقلاً وهوالطريق الذي قررته أكثرية  الشعب والخلاف بين مكوناته في التفاصيل والتطبيق والشكوك المتبادلة والثقة والضمانات المتعددة الجوانب التي يجب معالجتها وتكريسها بإنفتاح وعقلانية وعدالة وإنصاف وإستقلالية عن الضغوط الخارجية.

اتصور أنّ أغلب الحلول  العراقية السلـَّمية التي تُقدم لإنقاذ العراق من مأزقة تهمل العامل الخارجي اولا تعير الأهمية الكافية لدور العامل الخارجي المتمثل بالصراع على الأحادية القطبية بين الرافضين والمستسلمين والمؤيدين لهذا لنظام العالمي الجديد والمتحاربين على ذلك في الأراضي العراقية، والإهتمام لوحده لا يجدي إلا كمدخل الى دراسات وبحوث تجيب عن أسـئلة مثل:

ماذا نفعل ؟

ماهـي الأليات ؟

ما هي الخطوات العملية المتكاملة التي يجب ان يقوم به العراقيون حكومة وشعباً ومعارضة واحزابا و... الخ ؟

لكي لا يتحول العراق الى وقود لهذه النار ويمكنه من تجيير ذلك الصراع في خدمة القضية لكي يخرج مستقلاً موحداً ديمقراطياً دستورياً، وبأقل الخسائر من هذا الصراع الذي بات يتحكم في مصيرة ووجوده.

ما هي الدول المتصارعة في العراق ؟

منْ هم اللاعبون الأساسييون ؟

ما هي الدول القادرة فقط على خلق صداع للاعبين الأساسيين ؟

ماذا يريد كل منها من البعض الأخر من جهة ومن العراق من جهة ثانية ؟

وكم يريد ؟

وما هوالأسلوب السلمي الأمثل عراقياً للتعاطي مع كل هذه الطموحات ؟

ما هوميزان القوى بين هذه الدول المتصارعة ؟

وما هوالمستقبل الممكن تصوره للصراع وأطرافه كباراً وصغاراً ؟

ومن هم الكاسبون ؟ ومن هم الخاسرون ؟

ما هي ستراتيجيات المشروع العراقي المستقل للتعاطي مع الصراع الكبير الدائر في العراق ؟

وما هي أولويات العراق في علاقاته ؟

وما هي أفضل دبلوماسية في هذا الصراع الدموي الشرس ؟

وكيف يمكن للحكومة العراقية بعد تفعيل أداءها من تشغيل ماكنة تلك الدبلوماسية دولياً ؟

وما اكثر هذه الاسئلة واقل الأجوبة المحددة المدروسة التي تبحث عن حلول سلمية عقلانية عملية وجدانية خضعت لمرحلة المحاكاة لتقييم كل الخيارات بشكل سيناريوهات تستوقفنا بماذا لوحدث َ السيناريوالأول، وماذا لوحدثَ الثاني، وهـكذا لصنع قرارات مرنة ذات ديناميكية عالية ببوصلة عراقية لا تهمل بيئة القرار الوطنية والأقليمية والدولية.

ولهذه الأسباب أتصور ان الكثير من الحلول المقترحة لحل اوحلحلة الأزمة في العراق هي حلول عرجاء لا تتجاوز التدوير اوالمزيد من التدويل اوتأجيل الأزمة اوإدراتها وفقط للتدوير اوللتدويل اوللتأجيل وهذا لا يجدي وتصوري أن المواجهة بلغت مرحلة الجمود Dead lock فلابد من دبلوماسية ترابطية متعددة  شاملة ورؤية دبلوماسية ستراتيجية عراقية متكاملة للتعاطي الفاعل مع الصراع الكبير الدائر في العراق.

قال الإمام علي ( عليه السلام ):

منْ ضعفت آراءه قويت أعداءه.

منْ استصلح عدوه زاد في عدده.

الاستصلاح للأعداء بحسن المقال وجميل الأفعال، أهون من ملاقاتهم ومغالبتهم بمضيض القتال.

منْ أستصلحَ الأضدادَ بلغَ المرادَ.

أوهن الأعداء كيداً منْ أظهرَ عداوته.

لا تستصغرن عدواً وإنْ ضعف.

*معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات – واشنطن

http://www.siironline.org

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 4 آذار/2007 -14/صفر/1428