هل يشهد العراق قريبا مواجهة امريكية ايرانية مباشرة تطبيقا لخطة بوش الجديدة؟

 دخل الاحتكاك الايراني الامريكي في العراق مرحلة تصعيد جديدة بالكشف عن ان الرئيس بوش اجاز بنفسه الغارات التي تشنها القوات الامريكية في الاونة الاخيرة ضد ايرانيين بموجب امر بشن هجوم واسع على العناصر الايرانية في العراق، غير ان البيت الابيض قلل من احتمال ان تكون هذه التطورات مقدمة لشن هجوم على ايران نفسها.

وقال الجيش الامريكي يوم الاحد إن خمسة ايرانيين اعتقلتهم قواته في شمال العراق يوم الخميس لهم صلة بمجموعة من الحرس الثوري الايراني تمول المقاتلين العراقيين وتزودهم بالسلاح ولكن طهران قالت ان الخمسة يباشرون أعمال "الشؤون القنصلية" وطالبت بالافراج عنهم.

واعتقل الخمسة في غارة أمريكية على مكتب حكومي ايراني في مدينة اربيل الكردية فجر يوم الخميس.

وأبرزت العملية التحديات التي تواجه بغداد لتحقيق توازن مع واشنطن وفي الوقت ذاته اقامة علاقات مع دول مجاورة تتهمهما ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش باذكاء العنف في العراق.

ومن المقرر أن يتوجه الرئيس العراقي جلال الطالباني -وهو كردي- يوم الاحد الى سوريا التي تقول ادارة بوش انها تسمح بعبور الاسلحة والمقاتلين عبر حدودها للعراق لدعم التمرد المناهض للولايات المتحدة هناك.

وزيارة الطالباني الى دمشق هي الاولى التي يقوم بها مسؤول عراقي رفيع منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشهر الماضي بعد أكثر من 20 عاما من المقاطعة بعد ما أبدته سوريا من تعاطف لايران في الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات.

وقال مساعدون ان الطالباني سيبحث المسائل الامنية وسيطلب من دمشق مراقبة حدودها ومنع المسلحين من العبور الى العراق.

وتنفي كل من سوريا وايران تقديم دعم للمسلحين في العراق.

وكانت هذه ثاني عملية من هذا النوع خلال شهر وجاءت في توقيت وجه فيه بوش تحذيرا صريحا لايران بسبب أنشطتها في العراق. وأثارت العملية مخاوف من اتساع نطاق الصراع في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن لارسال قوات اضافية الى العراق لاخماد العنف الطائفي المتصاعد.

ونددت الحكومة الاقليمية الكردية بالعملية بوصفها انتهاكا لسيادتها.

وبعد يوم من حملة المداهمة في اربيل أعرب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن مخاوف الحكومة من أن يصبح العراق "ساحة معارك لتصفية الحسابات مع دول أخرى".

وقال الجيش الامريكي ان المحتجزين الخمسة لهم صلة بالحرس الثوري الايراني-قوة القدس.

وذكر الجيش الامريكي في بيان أن هذه القوة "معروفة بتقديمها المال والسلاح وتكنولوجيا الشحنات الناسفة البدائية والتدريب للجماعات المتطرفة التي تحاول زعزعة استقرار الحكومة العراقية ومهاجمة قوات التحالف."

وفي طهران طالب محمد علي حسيني المتحدث باسم وزارة الخارجية بالافراج عنهم على الفور قائلا ان الخمسة يباشرون "شؤون القنصلية". ويقول العراق ان البعثة الايرانية لم تتخذ بعد وضع القنصلية ولكنها تمارس مهامها بشكل مشروع.

وقال حسيني في مؤتمر صحفي اسبوعي "يجب أن يفرج الامريكيون عن الايرانيين الخمسة فورا ويدفعوا تعويضات عن الاضرار التي ألحقوها بمكتبنا في اربيل."

وتقول مصادر سياسية عراقية انها تعتقد أن الخمسة سيفرج عنهم قريبا وأن الامريكيين لم يتمكنوا من التوصل لاهدافهم الرئيسية. وطالب زيباري الذي قال ان المكتب الايراني يعمل بشكل مشروع منذ سنوات بالافراج عنهم.

وفي بداية جولة بالشرق الاوسط لحشد الدعم لخطة بوش بارسال قوات امريكية اضافية للعراق قوامها 21500 فرد كررت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس اتهامات واشنطن بأن ايران تقدم السلاح والتدريب لميليشيات تقاتل القوات الامريكية بالعراق.

وقالت "أعتقد ان هناك ادلة كثيرة على أن هناك تورطا ايرانيا في هذه الشبكات التي تصنع قنابل شديدة الانفجار وتعرض جنودنا للخطر وسيتم التعامل مع ذلك."

لكنها أوضحت أن أمر بوش باستهداف الايرانيين الذين ينشطون في العراق في ظل تصاعد التوتر بين البلدين بسبب الطموحات النووية لطهران لا يشكل توسيعا لنطاق الصراع.

وكان مجلس الامن القومي الامريكي قال في دراسة حديثة صدرت بموازاة خطاب بوش الاخير ان ايران تقوم بزيادة نفوذها في العراق بالتدخل بكل الوسائل المتاحة لها، موضحا ان التهديد الايراني يتضمن اعمالا قتالية، اضافة الى ادخال ناشطين ايرانيين في المؤسسات العراقية.

واتهم الرئيس بوش في خطابة كلا من ايران وسورية بالسماح للإرهابيين والمتمردين باستخدام أراضيهما لدخول العراق والخروج منه. مركزا على ان ايران تقدم دعماً مادياً للهجمات على القوات الأمريكية. وقال: سوف نوقف الهجمات على قواتنا. وسوف نقطع تدفق الدعم من إيران وسورية

وسوف نبحث عن الشبكات التي تقدم الأسلحة المتقدمة والتدريب إلى أعدائنا في العراق، ونعثر عليها ونحطمها.

وفي واشنطن، قالت صحيفة نيويورك تايمز ان الرئيس جورج بوش أجاز الغارات التي شنها الجيش الامريكي في الاونة الاخيرة ضد ايرانيين في العراق بموجب امر بشن هجوم واسع على العناصر الايرانية في العراق.

ونقلت الصحيفة عن كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية قولها في مقابلة اجريت معها قبل التوجه في جولة بالشرق الاوسط (هناك قرار بتعقب هذه الشبكات).

واضافت ان بوش اصدر هذا الامر قبل عدة اشهر (بعد فترة من الوقت شهدنا فيها نشاطا متزايدا) بين الايرانيين في العراق (والخطورة المتزايدة لما يقومون به).

لكن البيت الابيض سعى الى التفكيك بين مفهوم التعقب وبين ما اشيع عن خطط لهجمات أمريكية بهدف منع إيران وسورية من تأجيج العنف في العراق، واصفا الحديث بهذا الاتجاه مجرد شائعة.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو في بداية الموجز الصحفي الذي ألقاه لينفي الحديث عن أن الرئيس الامريكي جورج بوش يرغب في استخدام القوة العسكرية ضد الدولتين أود أن أضع عنوانا لهذا النوع من الشائعات بأنهـ خرافة مدنية.

وقال وزير الدفاع الامريكي غيتس ان الولايات المتحدة لا تحتاج الى مهاجمة اهداف في ايران للتصدي لشبكاتها في العراق. وشدد على ان مهاجمة ايران سيكون (الملاذ الاخير).

ويقول مسؤولون عسكريون امريكيون ومنفيون ايرانيون انه توجد ادلة متزايدة على ان كثيرا من القنابل الاكثر تطورا التي يتم تفجيرها على جوانب الطرق ضد الجنود الامريكيين تنتج في ايران.

وقال مسؤولون امريكيون ان خطتهم هي تدمير مثل هذه الشبكات مع بقائهم في العراق ولكن تصريحاتهم لم تهديء على ما يبدو بعض كبار اعضاء الكونجرس الامريكي.

بدورها دعت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس السبت الدول العربية المعتدلة الى "اعادة دمج العراق في العالم العربي" من اجل مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة.

وقالت رايس في الطائرة التي كانت تقلها الى الشرق الاوسط ان الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة مثل مصر والاردن ودول الخليج "يمكنها مساعدة العراق في الاندماج مجددا في العالم العربي" بهدف تعطيل الدور الايراني في العراق.

واضافت "على كل هذه الدول ان تكون مستعدة للالتزام وراء هذه الحكومة الديموقراطية الجديدة في العراق لان انعكاسات اي فشل لن تكون خطيرة جدا فحسب على الولايات المتحدة بل ستكون اكثر خطورة على هذه الدول".

وقالت رايس لصحافيين يرافقونها في جولتها التي تستمر خمسة ايام "الوسيلة المضمونة لمواجهة النفوذ الايراني هي التوصل الى عراق موحد وقوي قادر على الاندماج وعلى الحصول على دعم من جيرانه العرب".

واضافت "الوسيلة المضمونة لجعل العراق جسرا للنفوذ الايراني في المنطقة هو عزله عن جيرانه العرب والامتناع عن العمل من اجل وحدته واستقراره".

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 15 كانون الثاني/2007 - 24 /ذي الحجة /1427