في صحوة وطنية: السنّة في غرب العراق يخوضون صراعا داميا مع تنظيم القاعدة

 شبكة النبأ: من المؤكد ان السنة هم الخاسر الأكبر من إستمرار أعمال العنف والتدهور الأمني في العراق وهذا ما تأكده تحولات الصراع الأخيرة بين قبائل الانبار وتنظيم القاعدة فبعد أن قدم هذا التنظيم الارهابي نفسه على أنه المنقذ الذي بواسطته سوف ينتهي الإحتلال ويبيد الشيعة! أصبح يملي شروطاً وعادات على عشائر المنطقة الغربية حتى وصل الأمر الى فرض زيجات من بنات تلك العشائر للمقاتلين الغرباء الآتين من وراء الحدود.

 وبعد ان عرفت  القبائل هناك حقيقة الجماعات الارهابية على إنها لا تستثني أحداً من القتل إذا وقف بوجهها تحولت من تقديم العون المادي والمعنوي لهذه الجماعات الارهابية الى الوجهة الحقيقية التي من خلالها يتم التعاون بين العراقيين لبناء وطنهم ورأب الصدع الذي اصابهم.

وكشفت صحيفة (واشنطن تايمز) الأمريكية النقاب عن أن القبائل السنية في محافظة الأنبار العراقية التي تموج بالاضطرابات بدأت في التعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والقوات الحكومية حيث أنها اسهمت بتقديم حوالي ألفي وأربعمائة فرد في قوات الشرطة فضلا عن ألف وستمائة شخص آخرين في قوة أمنية قبلية جرى تشكيلها مؤخرا.

ونقلت الصحيفة عن قائد امريكي بالمنطقة قوله أن القوات الأمريكية تقوم بتدريب وإعداد القوة القبلية الجديدة التي يطلق عليها أسم وحدات الاستجابة الطارئة حيث كلفت هذه الوحدات بمسؤولية الدفاع عن المناطق التي تقطنها.

وأضافت (واشنطن تايمز) أن التقديرات الأمريكية تشير الى أن 12 قبيلة من القبائل الاحدى والعشرين التي تقطن منطقة الرمادى تتعاون مع الجهود الأمنية المبذولة حاليا في حين تتخذ ست قبائل أخرى موقف الحياد وتصنف ثلاث قبائل على أنها شديدة العداء.

وأشارت الصحيفة الأمريكية الى أنه على مدى الأربعة اعوام الماضية تمكنت القبائل المتمركزة حول الرمادى من النجاة بنفسها عن طريق اللعب على كلا الجانبين ..بمعنى العمل مع القوات الأمريكية عندما يكون ذلك ملائما لها بينما تقوم في الوقت ذاته بمساعدة أو حتى التسامح مع الجماعات السنية المتمردة علاوة على انشطة تنظيم القاعدة في العراق.

غير ان الكولونيل شون ماكفارلاند قائد القوة الأمريكية المسؤولة عن العمليات الأمنية في الرمادى منذ يونيو الماضي .. قال ان الأوضاع تغيرت منذ عدة أشهر حيث  ان القاعدة قامت بأنشطة اثارت استياء الكثيرين.

وأشارت صحيفة (واشنطن تايمز) الأمريكية الى أن تنظيم القاعدة في العراق عمد مؤخراً الى استهداف القادة القبليين حيث قامت عناصر منه على سبيل المثال بأختطاف وقتل الشيخ خالد من قبيلة على جاسم وترك جثته في مكان لا يمكن الوصول اليه مما حال دون دفن عائلته للجثة في غضون 24 ساعة كما تقضي الشريعة الاسلامية.

وذكرت الصحيفة أن عددا من الشيوخ عقدوا اجتماعا خلال الشهر الحالي واصدروا من خلاله بيانا يتألف من 11 نقطة وتعهدوا فيه بمحاربة القاعدة بما يتماشى مع سيادة القانون كما اعلنوا عن تضامنهم مع قوات التحالف والقوات الأمنية الحكومية وهي الخطوة التي تصفها القبائل بـ الصحوة.

ويكشف عن تصاعد الصراع الهجوم الذي نُفذ بشاحنة ملغومة وأدى الى مقتل 52 شخصا قرب مسجد سني في غرب العراق حيث يظهر أن تنظيم القاعدة يُصَعد معركته مع العشائر السنية للسيطرة على محافظة الأنبار.

وجاء الصراع المتصاعد على السلطة داخل طائفة السنة في الانبار في الوقت الذي تركز فيه القوات الامريكية والعراقية جهودها في بغداد للحد من أعمال العنف بين الشيعة والسنة التي تدفع بالعراق نحو حرب أهلية.

كما جاء قبل تنفيذ خطة لتعزيز القوات الامريكية في الانبار من خلال إرسال جنود اضافيين قد يجدون أنفسهم في غمار منافسة مميتة بين الجماعات السنية. وشجع الجيش الامريكي العشائر السنية على إقامة تحالف ضد تنظيم القاعدة السني في المحافظة التي تعد أخطر مكان بالنسبة للجنود الامريكيين في العراق.

وقال ستار البزاعي وهو شيخ عشيرة سني برز كزعيم للتحالف ضد القاعدة ان الهجوم الذي وقع يوم السبت في الحبانية يشير الى أن القاعدة تُعيد تنظيم نفسها بعد أن منيت بهزائم في البداية.

وقال البزاعي لرويترز في اتصال هاتفي انه عندما شكلت العشائر التحالف استطاعت أن تطرد العديد ممن وصفهم بالمجرمين الارهابيين من الانبار وأضاف أن معظم هؤلاء توجهوا الى بغداد لكن كثيرا منهم عادوا الى الانبار بعد بدء الحملة الامنية وبدأوا يشنون هجمات على سكان المحافظة.

ويقول الجيش الامريكي انه لا يستطيع هزيمة القاعدة في الانبار دون مساعدة من زعماء العشائر الذين يعارضون خطة القاعدة لاقامة خلافة اسلامية.

وخاض رجال العشائر ومسلحون من القاعدة معارك في الآونة الأخيرة في بلدات وقرى على طول وادي الفرات من الفلوجة غربي بغداد حتى الحدود السورية.

وقال اللفتنانت كولونيل باري ادواردز وهو متحدث باسم فريق مقاتل من مشاة البحرية الأمريكية متمركز في الفلوجة "من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نحظى بدعم العشائر المحلية لهزيمة القاعدة."

وذكرت الشرطة وسكان أن الهجوم بالشاحنة الملغومة التي كانت محملة بمواد بناء تسبب أيضا في اصابة 110 أشخاص أثناء مغادرة حشود من المصلين مسجدا كان امامه قد انتقد القاعدة في اليوم السابق.

وكان من بين القتلى نساء وأطفال.

وكان الهجوم أمرا غير مألوف في المحافظة التي يغلب على سكانها السُنة حيث أن مثل هذه التفجيرات أسلوب معتاد للمسلحين السنة.

وقال اللفتنانت كولونيل كريستوفر جارفر وهو متحدث باسم الجيش الامريكي ان السكان المدنيين باتوا هدف القاعدة في معركتها الاستراتيجية للسيطرة على المحافظة.

وقال "القاعدة في العراق تعتبر الانبار محور تركيزها في العراق. هناك معركة ضارية تدور وهم يوسعون نطاقها الى الموصل وبعدها شمالا."

وأضاف "السكان هم مركز الثقل في هذا الصراع. انهم (مقاتلو القاعدة) يحاولون الوقيعة بيننا وبين السكان."

وذكر البزاعي الذي نجا الاسبوع الماضي من هجوم بسيارتين ملغومتين أن مجلس انقاذ الأنبار يسيطر على 70 في المئة من المحافظة الكبيرة التي تمثل الصحراء معظم مساحتها. لكن مقاتلي القاعدة يعيدون تسليح أنفسهم.

ويؤيد الجيش الامريكي المجلس لكنه يقول انه لا يمده بالاسلحة أو الدعم في مجالات النقل والامداد.

وقال البزاعي ان المجلس بحاجة لدعم أقوى من الحكومة وانه يقاتل جماعات تتلقى تمويلا ودعما في مجالات النقل والامداد من دول.

لكن ليس كل سكان المحافظة يؤيدون التحالف العشائري الذي تدعمه الولايات المتحدة. فالمشاعر المعادية للامريكيين قوية في المحافظة حيث شنت القوات الامريكية هجوما شرسا على مدينة الفلوجة في أواخر عام 2004.

وتحالف أنصار الرئيس العراقي السابق صدام حسين والمسلحون القوميون السنة الذين يقاتلون القوات الامريكية والحكومة التي يقودها الشيعة مع تنظيم القاعدة.

ويقول مقيمون في الأنبار ان وجود مقاتلي القاعدة لا يزال قويا في بلدات مثل الخالدية وهيت حيث يديرون محاكم اسلامية ويجبرون النساء على ارتداء البرقع ويلقون جثث من يسمونهم "خونة" و"جواسيس" في الشوارع ويحظرون على الرجال التدخين.

وقال رجل طلب عدم نشر اسمه من أفراد عشيرة ال بو عيسى في الفلوجة "أدى النزاع لانقسامنا الى مجموعتين. بعض الناس يقفون في صف القاعدة والبعض الآخر ضدها."

وأضاف "نحن واقعون في غمار الصراع."

وتشهد اغلب مدن ومناطق غرب البلاد مواجهات مسلحة غالبا ما تكون دامية بين مجموعات من المسلحين يتقدمهم تنظيم القاعدة وبين القوات الامريكية المنتشرة هناك.

وأعربت الشرطة عن اعتقادها بأن المسجد كان المستهدف وأضافت ان الحادث خلف اضرارا جسيمة بالمكان.

وقال سكان المنطقة ان إمام مسجد الصحابة والذي وقع الانفجار بقربه كان قد انتقد تنظيم القاعدة خلال خطبة الجمعة قبل يوم من الانفجار.

وقال الشيخ عزيز محمد العلواني وهو احد شيوخ عشائر الدليم صاحبة النفوذ في المحافظة ان "خلافات وصراعات تدور بين العشائر وتنظيم القاعدة منذ اشهر وان هذا النزاع المسلح اسفر عن مقتل واصابة العديد من العراقيين."

وأضاف حول أساس الخلاف مع القاعدة "انهم (القاعدة) يتهمون كل من يحاول تقديم العون لقوات الشرطة لضبط الأمن والاستقرار بانه عميل للاحتلال .. وهذا غير صحيح."

وتصف منشورات تنظيم القاعدة والتي تنتشر في المحافظة ويمكن قراءتها في أماكن متفرقة من شوارع المحافظة عناصر الشرطة والجيش "بالمرتدين وأن تصفيتهم تعد من باب أولى على جنود الاحتلال."

وكتب على منشور علق على جدران بنايات بوسط الفلوجة قبل فترة يحمل اسم الدولة الاسلامية التي أعلن تنظيم القاعدة تشكيلها بزعامة أبو حمزة المهاجر "ان قتل المرتدين من الشرطة والجيش يعد عملاً واجباً وجهاديًا طالما المحتل موجود على أرض العراق لانهم عملاء وجواسيس للمحتل."

وقال أحد شيوخ العشائر ان المواجهات ضد تنظيم القاعدة بدأت تثير انقسامات بين ابناء العشيرة الواحدة حيث يرفض العديد من أبناء العشائر هناك شن حملة لمحاربة وتصفية وجود تنظيم القاعدة في المنطقة.

وقال أحد شيوخ عشائر البوعيسى والذي طلب عدم ذكر أسمه ان "المواجهات متواصله مع تنظيم القاعدة وقد خسرنا عدداً كبيراً من رجالنا."

وأضاف "الخلاف جعل أبناء العشيرة (البوعيسى) ينقسمون الى قسمين البعض الى جانب القاعدة والبعض الآخر ضدهم والنتيجة اننا خاسرون من الطرفين... لان العدو المطلوب مواجهته هو الاحتلال دون سواه."

وتتهم عشيرة البوعلوان صاحبة النفوذ في الانبار والتي ينتمي محافظ الانبار مأمون رشيد العلواني اليها تنظيم القاعدة بقتل العشرات من ابنائها بسبب مؤازرتهم لعناصر الشرطة والجيش.

وقال سكان محليون ان خمسة اشخاص قتلوا وأصيب 15 قبل أقل من أسبوع عندما سقطت أربع قذائف مورتر على منزلين متجاورين وأسفرت الواقعة ايضا عن تدمير مسجد عمار بن ياسر في قرية البوعلوان التي تقع على مسافة كيلومترين اثنين غربي الفلوجة.

ويؤكد الأهالي ان هذا الحادث ليس الوحيد الذي يستهدف المواطنين في المحافظة فقد سبقته حوادث أخرى خلال الاشهر القليلة الماضية راح ضحيتها عدد من المواطنين.

وقال خالد عبود العلوني (40 عاما) ويعمل مدرسا ان سيارة ملغومة انفجرت وسط سوق شعبي في قرية البوعلوان قبل نحو اسبوعين مما ادى الى "مقتل عشرة اشخاص واصابة 12."

وقال حسين جاسم العيساوي (52 عاما) وهو من وجهاء عشيرة البوعيسى في المحافظة ان كلا من عشيرتي البوعلوان والبوعيسى شكلت مفارز مسلحة من ابنائها بين مدينتي الفلوجة والرمادي منذ شهر تقريبا "يحملون السلاح ويمنعون أي شخص غريب الدخول لمناطقهم خشية ان يكون انتحاريا."

وأضاف "الجميع يخضعون لتفتيش دقيق."

وتقف حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بقوة الى جانب مجلس انقاذ الانبار وتحاول من خلال هذا المجلس تشكيل تيار قوي ومعارض قادر على الوقوف في وجه المقاتلين الاجانب الذين يشكلون العمود الفقري لتنظيم القاعدة في العراق.

وتشجع الحكومة العراقية الشبان من أبناء العشائر على الانخراط بقوات الشرطة والجيش.

ويقول الجيش الامريكي انه لا يستطيع هزيمة القاعدة في الانبار دون مساعدة من زعماء العشائر وخاصة اولئك الذين يعارضون خطط القاعدة لاقامة دولة اسلامية في المحافظة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 28 شباط/2007 -11/صفر/1428