التعليم السعودي: ولاء للمذهب الوهابي وتكفير لبقية الطوائف والاديان

 رغم ما يقوله المشرفون على اعداد مناهج التعليم في السعودية انهم اجروا اصلاحات جذرية بشان الافكار المتطرفة الموجودة في مناهج التعليم والارشاد الديني والتي تساعد على تكوين افكار تتبنى الارهاب وتعمل على نشره في انحاء العالم، من خلال توجهات  تعليمية جديدة الا انه ماتزال الحاجة الى تغيير مكثف يتناسب مع حجم الكوارث التي يسببها النهج التكفيري في انحاء العالم، اضف الى ذلك تمتع المسؤولين عن هذه الافكار وخصوصا رجال الدين المتشددين في السعودية بالحماية الكاملة وعدم المسائلة من احد من جانب السلطات.

وكتبت كارولين ديفيز وجرايم باتون في السادس من فبراير مقالاً في صحيفة الدايلي تلغراف الانجليزية حول المدارس الاسلامية المموّلة سعودياً في لندن والتي تواجه تهمة تسميم عقول الطلبة الذين تبلغ أعمارهم الخمس سنوات بمنهج الكراهية.

كولين كوك، 57 عاماً، يرى ، بحسب الصحيفة أن الكتب المدرسة التي يتم استخدامها من قبل الاطفال في أكاديمية الملك فهد في منطقة أكتون، غرب لندن، تصف اليهود بأنهم قردة (ممسوخين) والنصارى اي المسيحيون  بأنهم (خنازير).

فقد استمع متحوّل للاسلام وأب لثلاثة أطفال، البعض يقول بأنهم أرادوا (قتل الاميركيين)، ويباركون الحادي عشر من سبتمبر، ويمجّدون أسامة بن لندن بوصفه (بطلاً).

كوك، الذي كان يدرّس اللغة الانلجيزية في أكاديمية الملك فهد مدة 18 عاماً، قد تم فصله من وظيفته في ديسمبر الماضي بزعم سوء إدارته لما يرتبط بإجراء الاختبارات.

في أوراق القضاء التي قدّمت لمحكمة توظيف واتفورد، يقول كوك بأن الأكاديمية تستعمل مناهج دراسية مقرّة من قبل وزارة التعليم السعودية، والتي تدرّس الكراهية الدينية.

وتصف الكتب المدرسية، التي يتم تدريسها حالياً، اليهود بالقرود والمسيحيين بالخنازير، حسب إفادته في الوثائق التي قدّمها. ويُسئل الطلبة، حسب إفادته، بـ (ذكر بعض خصائص مسخ اليهود) ويسئل الطلبة في الصف الاول بـ (إعطاء أمثلة عن الاديان الباطلة، مثل اليهودية والمسيحية وعبدة الاصنام وغيرهم).

ويزعم كوك بأنه حين تقدّم بشكوى الى المسؤولين في الاكاديمية حول محتوى المناهج وتسائل ما اذا كانت متطابقة مع القوانين البريطانية، تم إبلاغه بأن (هذه ليس إنجلترا. إنها السعودية).

لقد تم إنشاء الاكاديمية في الأصل من أجل أبناء الدبلوماسيين السعوديين في لندن، وهي الآن تغذي أبناء المسلمين البريطانيين وتخصص نصف الدروس للتعليم الديني التي تدرّس في الغالب كافة الفصول باللغة العربية.

وقد سلّطت مجموعة فريدوم هاوس الحقوقية الاميركية على بعض الكتب المدرسية المناهضة للغرب والسامية في تقريرها الصادر العام 2006 والتي وصفت (مناهج الكراهية السعودية) ونقلت عن أحد الكتب التي توجّه الطلبة لاعلان الجهاد ضد (الكفار) من أجل (نشر العقيدة).

لقد أقرّت الحكومة السعودية في وقت ما أن بعض الكتب المدرسية غير مبررة ولكنها أنكرت بأنها تستعمل خارج السعودية. الاكاديمية السعودية في بون، التي تحمل نفس الاسم، قد تم إدراجها من قبل جهاز المخابرات الالمانية كونها مكاناً لتجمع المتطرفين.

يقول السيد كوك أن الاكاديمية كانت تسير بصورة جيدة للغاية حتى وقت مغادرة غالبية المدرّسين البريطانيين العام 2005، ويفيد كان هناك توجه نحو (الاجندة السعودية). ويضيف (من الواضح أنها تقسيمية. فالغالبية العظمى من المسلمين، بمن فيهم أنا شخصياً، ملتزمون بالقانون، ومتسامحون مع الآخرين ومسالمون).

وقد رفضت الاكاديمية التعليق، ولكن المديرة الجديدة النسائية، الدكتور سميه اليوسف، أبلغت ديلي تلجراف في يناير الماضي بأن الأكاديمية ألغت المنهج السعودي عقب شكاوى من الأهالي بأن هذا المنهج أخفق في تأهيل أبنائهم للحياة في المملكة المتحدة.

هذه الخطوة جاءت عقب تحقيقات في سنة 2004 والتي وجدت بأن الاكاديمية تدرّس الابناء البريطانيين الاسلام (الاصولي) وتوفّر للطالبات تعليماً دونياً، وقد نفت الأكاديمية كون الطلبة يخضعون للتعليم المتشدد.

تقرير من قبل أوفستد (لمَُّّند) وهي منظمة لمراقبة التعليم، الصادر في مارس العام الماضي دعمت المدرسة لتقديمها تعليماً متوازناً للطلبة وفرصاً لتطوير إمكانياتهم الذهنية ومهاراتهم.

ويشار إلى أن الرياض كانت عرضة لانتقادات وضغوط تدعوها إلى اعادة النظر في المناهج الدراسية في المؤسسات التعليمية على نحو يجعلها تبتعد عن مهاجمة العقائد الأخرى مثل المسيحية واليهودية وعدم اتباع اساليب التكفيرللمخالفين من المسلمين في الراي والتوجه، وهو ما يقول عنه الإصلاحيون إنه يغرس التطرف وكراهية الشعوب وخاصة الغرب في نفوس الطلبة المسلمين.

وقد اتخذت قضية اعادة كتابة تلك المناهج بعدا أكثر إلحاحا عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول عام 2001 في الولايات المتحدة، حيث شارك 15 سعوديا من مجموع 19 انتحاري فيها مما يدل على ان الافكار النابعة من المناهج التعليمية والارشادية الدينية في السعودية هي المتهمة الاولى في اثارة التعصب وتبني الافكار المتطرفة،كما تعاني السعودية من وطأة موجة تشدد طالت الداخل وتمثلت في تفجيرات انتحارية راح ضحيتها 35 شخصا في العاصمة في مايو/ أيار من السنة الماضية.

ويقول بعض الاصلاحيين السعوديين إن السعودية قامت بالفعل بتنقية بعض المناهج الدراسية في بداية العام الدراسي الحالي في اكتوبر/ تشرين الاول، حيث خلت تلك المناهج من عبارات ومصطلحات تنم عن التعصب والتشدد حيال الاديان السماوية الاخرى.

ونشرت صحيفة واشنطن بوست مقال بعنوان: "هذه هي المناهج السعودية (بعد إزالة التعصب)" للكاتبةـ نينا شاي   Nina Shea مديرة مركز الحريات الدينية بمؤسسة فريدوم هاوس Freedom House في واشنطن. استهلت نينا شاي مقالها بالتأكيد على أن مناهج التعليم في المدارس الحكومية السعودية تناوئ الغرب وتكفر أصحاب الديانات الأخرى من مسيحيين ويهود وغيرهم. وافترضت أنه كان ينبغي بعد هجمات 11 سبتمبر وتورط 15 سعوديا من 19 شخصا هو أجمالي عدد الخاطفين، أن تتغير هذه المناهج.

 وتذكر الكاتبة أنه في العام 2004 أدركت مجموعة بحثية ملكية أن الحاجة ماسة للإصلاح بعد أن وجدت أن مناهج التعليم الدينية في المملكة تحض الطلاب على ممارسة العنف ضد الأخريين وتضلل التلاميذ من خلال غرس الاعتقاد بأن حماية دينهم تكمن في استئصال الأخر واستخدام العنف ضده. ومن ذلك الوقت دأبت الحكومة السعودية كما تقول الكاتبة على  الادعاء  بأنها غيرت ونقحت هذه الكتب.

 وأضافت شاي في مقالها أن الأمير تركي الفيصل سفير المملكة لدى الولايات المتحدة  يعمل بلا توان على نشر هذه الرسالة، وهي أن الحكومة السعودية قد قامت بمراجعة كافة المواد التعليمية واستبعدت كل ما يتعارض مع احتياجات التعليم الحديث. ونقلت عن السفير السعودي قوله في أحد الجولات التي قام بها مؤخرا في عدة مدن أمريكية قوله إن المملكة لم تراجع  وتزل مواضع التعصب في مناهج التعليم القديمة فحسب بل أعدت خطة مركزة للتمحيص والمراجعة والتحديث وأن المدارس السعودية قد شهدت تحديثا للمناهج بهدف اعداد الأطفال السعوديين بصورة أفضل لمواجهة تحديات المستقبل.

كما أوردت الكاتبة تصريحات سابقة للمتحدث الرسمي باسم السفارة السعودية فحوها أن المملكة راجعت مناهج التعليمية وأزالت مواد تحرض على التعصب ضد اتباع الديانات الأخرى، كما أن السفارة قد قامت بتوزيع تقرير مكون من 78 صفحة  يتناول إصلاح المناهج والتعديلات التي  طالت الكتب القديمة.

وتعلق شاي على تلك التصريحات بجملة واحدة قائلة إن المشكلة هي أن كل هذه المزاعم "ليست حقيقية".

ومن الواضح أن المقال السابق هو خلاصة تقرير(38 صفحة) نشر بعنوان مناهج التعصب السعودية Saudi Arabia’s Curriculum of Intolerance  والذي  صدر مؤخرا عن مركز الحريات الدينية التابع لمؤسسة فريدوم هاوس بالتعاون معهد دراسات الخليج.

تقول الكاتبة إن إلقاء نظرة سريعة على نماذج من الكتب الرسمية السعودية للدراسات الإسلامية المستخدمة خلال العام الأكاديمي الحالي يكشف أن  أيدلوجية الكراهية ضد المسيحيين واليهود وحتى المسلمين الذين لا يتبعون المذهب الوهابي لازالت واقعا قائما في النظام التعليمي السعودي على الرغم من كل التصريحات والمزاعم حول إزالتها وتعديلها.

ويحتوي التقرير على تفاصيل واقتباسات كثيرة من مناهج وكتب الدراسات الإسلامية منذ المرحلة الأولى الإبتدائية، حيث تعلم الكتب الطلاب إن العالم ينقسم إلى مؤمنين وكفار وحتى المرحلة الثانوية التي تحتوي احد نصوص كتبها على أن المسلم مكلف بنشر الإيمان بين الناس بكافة الوسائل بما فيها  القتال والجهاد.

وتعترف الكاتبة بفضل المعارض السعودي على الأحمد المقيم في واشنطن في إعداد التقرير حيث أمدها  بنسخ من الكتب الحديثة التي تدرس في المدارس الحكومية والتي لم تستطع أن تحصل عليها من خلال الحكومة السعودية.

 ويشير التقرير إلى النتائج والتداعيات السلبية لهذه الكتب والمناهج من خلال الإشارة إلى أن الدراسات الإسلامية تشغل من ربع إلى ثلث الساعات الدراسية في المرحلة الابتدائية والإعدادية في المدارس السعودية، فضلا على  عدة ساعات من كل أسبوع في المرحلة الثانوية.

ذلك بالإضافة إلى حجم تأثير هذه الأفكار على ملايين الطلاب، حيث يبلغ إجمالي عدد المدارس الحكومية في السعودية 25 ألف مدرسة يدرس بها حوالي 5 ملايين طالب، فضلا على أن المملكة تدير رسميا 19 مدرسة إسلامية في دول مختلفة من بينها الولايات المتحدة، حيث توجد الأكاديمية السعودية في ضاحية فيرفاكس القريبة من واشنطن، والتي تقوم بتدريس بعض من هذه  الكتب والمناهج كما يقول التقرير.

ويخلص التقرير إلى القول إن التعليم هو صلب معركة الحرية في العالم الإسلامي، وان فشل المملكة في إصلاح المناهج الدينية سيقوض فرص نجاح السياسة الخارجية الأمريكية الهادفة إلى تشجيع الاعتدال وتعزيز الديموقراطية داخل العالم الإسلامي.

وما دامت السعودية هي المصدر الاكبر للنفط في العالم فان العيون ستبقى مغمضة عن ما تنشره هذه الدولة من تخريج دفعات الى انحاء العالم لغرض ادامة الارهاب والابقاء على ثقافة الانتحار من اجل القتل العشوائي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 19 شباط/2007 -1/صفر/1428