بضع ثوان تفصل بين الحياة والموت والتهجير الطائفي لايعرف صغيرا او كبيرا

اشترت كوثر عبد الأمير حمالة أطفال من بائع في سوق ببغداد وما ان ابتعدت عدة أمتار حتى انفجرت سيارة أُجرة كانت تقف على مقربة فأشعلت فيه النار.

ففي العراق يمكن ان تفصل بضع لحظات بين الحياة والموت.

وقالت كوثر عبد الأمير وهي مراسلة عراقية (33 عاما) تعمل أحيانا مع رويترز انها لن تنسى أبدا ما أصابها من فزع جراء الهجوم الذي وقع يوم الاحد في حي المنصور ببغداد.

وقالت الشرطة ان رجلا قُتل وأُصيب ثلاثة آخرون. ولم يتضح ما اذا كان البائع قد نجا من الموت.

وقالت عبد الأمير "أخذت حمالة الأطفال وشكرت البائع. وما ان وصلت الى الجانب الآخر من الشارع حتى وقع انفجار ضخم دفعني للأمام. وسمعت صفير شظايا تمر بجوار رأسي وتساقط علي حطام الزجاج."

وأضافت "عندما نظرت للوراء شاهدت سيارات تحترق والبائع الذي كنت اتحدث اليه للتو يجري والنيران مشتعلة فيه. كان يجري عبر الشارع مع اثنين آخرين من الباعة اشتعلت النيران في ملابسهما أيضا."

وقالت "شممت رائحة لحم يحترق. وركضت مع الآخرين."

وتفجير السيارات الملغومة من الملامح اليومية للعنف في العراق الذي أزهق أرواح آلاف العراقيين.

وقالت عبد الامير انها لم تصب بأذى لكنها لاحظت بعد ذلك ما يبدو انه قطع لحم بشرية ملتصقة بسترتها الجلدية.

واضافت "لا أصدق انني خرجت من الحادث على قيد الحياة. لو بقيت بضع ثوان أُخرى لكنت من الهالكين."

وفي مكان ليس ببعيد اغم لواء عراقي يقود حملة في بغداد على ترك منزله فقد حاول بعضهم أن يخفي العبارة المكتوبة بطلاء أسود على الجدار بالدهان لكن الكتابة العربية لا تزال مقروءة بصعوبة وتقول ان عليك ان تغادر في الحال.

ويقع الجدار الاصفر الشاحب اللون وارتفاعه متر واحد وتظلله اشجار البرتقال امام منزل متواضع من طابقين كان حتى حوالي شهر ديسمبر كانون الاول الماضي منزل اللواء عبود قنبر الرجل الذي اختير للاشراف على الهجوم الجديد في بغداد ضد المسلحين.

ويعتبر قنبر الذي ينتمي الى الاغلبية الشيعية في العراق هو نفسه ضحية للعنف الطائفي والتطهير العرقي الذي تهدف الحملة التي تساندها الولايات المتحدة الى قمعه. وتعتبر هذه الخطة الفرصة الاخيرة لمنع حدوث حرب اهلية شاملة.

قال الجيران لرويترز ان قنبر وهو رجل اصلع متوسط القامة في الستينات من عمره اخذ التحذير على محمل الجد وغادر حي اليرموك الذي تسكنه غالبية سنية الذي ظل موطنا له لاكثر من 20 عاما.

والمنزل خال الان ويرعاه الجيران. واذا كان الجيران وكثير منهم من الضباط السابقين من ذوي الرتب الكبيرة في جيش صدام حسين يعرفون اين يقيم قنبر حاليا الا انهم لن يفشوا السر.

وقال ضابط سني متقاعد يقيم في نفس الشارع "اننا نشعر بالحزن الشديد لقراءة مثل هذه العبارة الشريرة. واننا كجيرانه نشعر جميعا بالاهانة الى درجة اننا قمنا بتغطية الكتابة بالدهان الابيض. اننا لا نريد ان نقرأها كل يوم."

وكان سكان بغداد طوال تاريخها خليط من الطوائف لكن المسلحين الطائفيين يشنون حملة تطهير عرقية ويرغمون الكثير على الفرار من منازلهم والبحث عن ملاذ في مناطق تشكل طائفتهم الاغلبية فيها.

وكان الحي الذي اقام فيه قنبر موطنا لمجتمع متقارب من الضباط السنة والشيعة السابقين تتغلب زمالتهم العسكرية على اية توترات طائفية قد تنشأ بينهم. ووزعت مؤخرا منشورات تبلغ السكان الشيعة بالخروج من المنطقة.

وعلى بعد منزلين من منزل قنبر يقيم ضابط برتبة عميد وهو شيعي ايضا. وارغم ايضا على الخروج في نفس الوقت. ويقول الجيران ان التهديدات تزامنت مع قرار الرجلين في ديسمبر كانون الاول بالعودة الى الانضمام الى الجيش العراقي الجديد الذي يقوم الامريكيون ببنائه.

ولم ينشر شيء رسمي عن خلفيات قنبر ولم يتضح نوع الدور الذي قام به عندما انضم الى الجيش العراقي. ولم تستجب وزارة الدفاع العراقية لطلب معلومات عن فنبر.

ولم تعلن الحكومة العراقية بعد انه سيتولى قيادة عملية بغداد مع ان المتحدث باسم الجيش الامريكي الميجر جنرال وليام كالدويل قال في الاسبوع الماضي انه سيتولى ذلك.

وقدم جيران قنبر لقطات سريعة عن الرجل المكلف باثبات ان قوات الامن العراقية الجديدة التي ابتليت في الماضي بهرب افراد من صفوفها وضعف الانضباط والطائفية اصبحت الان قادرة على القيام بمهام القتال في بغداد.

وسيتولى قنبر الذي ينحدر من نفس عشيرة رئيس الوزراء نوري المالكي القيادة العليا لتسعة ألوية عراقية في بغداد. ومع ان جنودا امريكيين سيعملون الى جانب قواته فانهم لن يكونوا تحت امرته.

قال عميد متقاعد "انه رجل شجاع ولديه خبرة طويلة في الجيش. واختيار قنبر كان خطوة صحيحة نحو اعادة الاستقرار لبغداد."

وقال الجيران ان الرجل المعروف عندهم باسم ابو حيدر كان قائدا لمشاة البحرية العراقية خلال حرب الخليج في عام 1991 واسره الامريكيون.

وعندما اطلق سراحه وضع صدام قنبر مثل غيره من اسرى الحرب في عمل يشبه التقاعد فيما سمي بمكتب قدامى المحاربين حيث لم يعد صدام يثق في عملهم بالجيش لكنه لم يكن يريد عزلهم تماما.

وقالوا انه في وقت لاحق استدعي للخدمة وتولى قيادة البحرية قبل عمله بمكتب المفتش العام بوزارة الدفاع ثم في النهاية مديرا لسلاح المشاة بالوزارة.

وقال احد الجيران وهو عميد سابق بالقوات الجوية "هذه المرة وضعت الحكومة الرجل المناسب في المكان المناسب" مشيرا الى حملة مماثلة في بغداد في الصيف الماضي فشلت في تهدئة العنف الذي لاقى الالاف حتفهم فيه.

وكرر هذا التعليق لواء سابق في الجيش قائلا "كنت واثقا دائما من ان الخطط السابقة كانت ستخفق لكن في هذه المرة يمكنني ان اقول لك ان قنبر سيكون مختلفا."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 14 شباط/2007 -26/محرم/1428