أعضاء مجلس النواب والطعن في دستورية القوانين

القاضي سالم روضان الموسوي

 إن مهام مجلس النواب تتجلى في إصدار التشريعات وسن القوانين بالإضافة إلى المهام الأخرى المنوطه به بموجب الدستور والقانون النافذ الذي ينظم أعماله، ومن خلال المناقشات التي تجري داخل المجلس عند التصدي لإصدار تشريع معين ومشاهدتنا لما يجري من خلال وسائل الأعلام.

 نرى لابد من الإشارة الى ايجابية ذلك الإعلان والنشر لأنه يعزز الثقافة القانونية والدستورية لدى عامة الناس بالإضافة الى تعزيز دور الرقابة الشعبية في معرفة إمكانيات أعضاء مجلس النواب وجديتهم في التصدي للمهام الموكلة اليهم في ظل هذه المرحلة.

 ومن خلال ذلك نشاهد أن آلية إصدار القانون تتمحور في جملة خطوات نص عليها النظام الداخلي لمجلس النواب، إلا انه توجد بعض الملاحظات المتعلقة بالية إصدار التشريع وما يتعلق ببعض الاعتراضات الواردة عليه من قبل أعضاء المجلس وسأجمل هذه الملاحظات بما يلي :-

1. نلاحظ إن أعضاء مجلس النواب يتقاطع بعضهم البعض في ما يتعلق بالأفكار المعروضة من اجل تقنينها وإصدارها بموجب تشريع والبعض يتدخل في امور فنية لا يملك من أداوتها إلا القليل أو حتى إن اختصاصه بعيد جداً عن فن صياغة التشريعات والقوانين، وهذا التدخل يربك آلية العمل المتبعة بالإضافة الى ارباك النص حينما يصدر لان بعض الكتل النيابة لا تفرق بين الأفكار المطروحة والية وفن إصدار التشريع وصياغته حيث إن مرحلة النقاش على الأفكار المطروحة تكون بمتناول الجميع ولكل نائب أو كتلة الحق في طرح البديل أو التقاطع أو التعضيد والتأييد لما موجود وينتهي هذا الحق وهذا الدور حينما تحال الفكرة إلى الجهة المختصة بصياغتها، إذ نرى إن اللجنة المختصة بصياغة لنص وفي اغلب الأحيان هي ذات الجهة القطاعية التي اقترحت النص أو الذي يقع في مجالها واختصاصها النص المقترح، وهذا ما يربك صياغة النصوص ويثير الجدل حوله بعد إصداره وعند التطبيق.

 لذا اقترح ان تكون هناك لجنة مختصة بالصياغة القانونية من خارج اعضاء البرلمان ومن ذوي الاختصاص في فن الصياغة القانونية والتشريعية تهتم بالجوانب الشكلية لصياغة الفكرة المقترحة لإصدارها كنص قانوني نافذ وان تدقق مفرداتها من حيث اللغة العربية حتى تكون جملة المادة في نص القانون مستوعبة للفكرة التي تقدم بها البرلمانيون ومعبرة عنها بما يتفق والطرح الذي قدمت به، من اجل إصدار نصوص قانونية سليمة من عيوب الصياغة الفنية، وهذا ليس بجديد بل نافذ ومعمول به في جميع برلمانات الدول المتقدمة، والعراق يزخر بطاقات كبيرة في هذا المجال، كما إن هذا الأمر لا علاقة له بتوجه وسياسة الكتل البرلمانية او حتى البرلمان ذاته، إذ أن دور هذه اللجنة ينحصر في الصياغة للفكرة المصادق عليها ويأتي دورها في مرحلة تكميلية وليست أساسية.

 وقد يقول البعض إن مجمل مشاريع القوانين تعرض على مجلس شورى الدولة ويتم تدقيقه من حيث الصياغة فان ذلك لا يسري على جميع القوانين المقترحة وان الأمر  يكون قبل مناقشة الأفكار التي يتضمنها النص لذا من الواجب أن تعاد الصياغة بعد المصادقة على الأفكار إذا ما تعرضت إلى التعديل أو الحذف أو الإضافة.

2. نرى بين الحين والآخر ان احد اعضاء مجلس النواب يحتج على عدم دستورية القانون المقترح ويتمسك بنص معين من الدستور ونراه حينما يكون فرداً او مجموعة تشكل الأقلية في البرلمان يتقاطع مع الآخرين بشكل حاد يتعدى فكرة النقاش والعرض الى حد الخصومة وسيل الاتهامات لبعضهم البعض وهذا يؤثر سلباً على الشارع العراقي لان هؤلاء يشكلون واجهات لقطاعات مهمة من الشعب العراقي وسينقاد مواليهم وأتباعهم دون وعي الى طرحهم مما يؤدي الى إحداث الهوة والشقاق بينهم وبين الآخرين، وهذا الأمر ناجم عن انعدام الثقافة القانونية بين أفراد وأعضاء مجلس النواب مما يدعونا إلى تعزيز الوعي والثقافة القانونية اذ لو علم هؤلاء الأعضاء ان النص القانوني المقترح اذا ما كتب له النجاح ومرر من خلال مجلس النواب وحصلت المصادقة عليه فانه لا يتمتع بالحصانة من حيث الالغاء فيما اذا كان مخالف للدستور النافذ، وذلك لوجود جهة رقابية قضائبة مستقلة تسهر على حماية الدستور ونصت المادة (89) من الدستور على تشكيل المحكمة الاتحادية هو لحماية الدستور والمبادئ التي تضمنها والمعبرة عن طموحات الشعب الذي أيده بالاستفتاء عليه وانه بامكان أي فرد اذا ما رأى ان أي نص قانوني يتقاطع مع الدستور النافذ فله الحق في الطعن بعدم دستوريته أمام المحكمة الاتحادية التي من خلالها، والمؤمل إنشائها قريبا،ً وحتى هذا الحين فان المحكمة الاتحادية العليا الحالية هي الجهة التي تقوم بمهام المحكمة الدستورية لحين إصدار قانون تشكيلها وان نص المادة (89) من الدستور يبين اختصاصاتها وعلى وفق ما يلي:

 اولاً :ـ المحكمة الاتحادية العليا هيئةٌ قضائيةٌ مستقلة مالياً وإدارياً.

ثانياً :ـ تتكون المحكمة الاتحادية العليا، من عددٍ من القضاة، وخبراء  في الفقه الاسلامي، وفقهاء القانون، يُحدد عددهم، وتنظم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة، بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب.)

واختصاصاتها ما نصت عليه المادة المادة (90) وكمايلي:ـ

( تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي:

اولاً :ـ الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة.

ثانياً :ـ تفسير نصوص الدستور.

ثالثاً :ـ الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والانظمة والتعليمات، والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الافراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة).

وبامكان أي عضو يعتقد بان أي نص قانوني مرر من خلال مجلس النواب ولم يكن مستوفي لشروطه القانونية او انه مخالف لاحكام ومبادئ الدستور النافذ ان يمارس حقه بالطعن بدستوريته امام المحكمة الاتحادية العليا القائمة حاليا والمشكلة بموجب القانون رقم (30) لسنة (2005 ) والمكونة من قضاة اختصاص ذو حرفية ومهنية عالية بعيدة عن الميول والاتجاهات السياسية ولها السلطة في بيان عدم شرعية أي نص يطعن به أمامها سواء النص القانوني بمجمله أو بعض مواده وعلى وفق ما أشير اليه في نص البند (ثانيا) من المادة (4 ) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة (2005 ).

 لذلك أرى ان يدرك اعضاء مجلس النواب الكرام ان القوانين اذا ما شرعت فانها لن تكون خارج سلطة الرقابة القضائية من حيث سلطة الالغاء والتعديل وان الدستور له عيون تسهر على صيانة مبادئه من أي خرق والمتمثلة بالمحكمة الاتحادية العليا ولهذ المحكمة جملة من الاجتهادات القضائية المهمة وبامكان أي شخص ان يطلع عليها والمنشورة قي الموقع الالكتروني التالي http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html وان الخلاف في الرأي والتقاطع بجب ان يبقى ضمن المهنية التي لا تصل الى حد الخصومة والقطيعة، وذلك من اجل السعي لتعزيز الوحدة الوطنية في الشارع العراقي والعبور بالوطن الى شاطئ الامان انشاء الله.

[email protected] 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 11 شباط/2007 -23/محرم/1428