تحقيق: مدارس اليافعين... بين الواقع والطموح

تحقيق: كربلاء/عبد عون صالح النصراوي*

اليافعون أسم" يطلق على من حرمته السنوات والحياة والحروب والطغاة والفقر من مواصلة الدراسة، هؤلاء الذين يضعون خطواتهم على الطريق دون أن يكون لها أثر علم أو معرفة وأن كانت فهي عرجاء..

اليوم.. يراد لهذه الشريحة الشبابية أن صح التعبير أن تندرج في العلم لتكون خطواتهم لها أثر" على طريق البناء فأعيدوا الى مقاعد الدراسة من جديد متناسين ما ضاع من العمر ليسابقوا ما تبقى من العمر ليكونوا متعلمين.

خطوة أتخذتها مديرية تربية محافظة كربلاء المقدسة لأنها تشعر أن هؤلاء هم أبناؤها وبناتها وعليها رعايتهم.. ففتحت لهم صفوفا ووفرت معلمين وكتبا.

وبما أن التقارب العمري يعد عاملا" أساسيا" في مسيرة التربية وخاصة في التأسيس الأول (الابتدائية) لذا كانت تجربة مدارس اليافعين خطوة مهمة في طريق عزل الأعمار الكبيرة عن الصغيرة وحفاظا" على مزاج التلميذ الذي قد يصطدم ويصيبه الخوف والهلع من وجود زملاء له يفوقونه جسديا"، الأمر الذي يسبب له النفرة وعدم الاستجابة مما يربك العملية التربوية وهي المسرح الشفاف الذي أن صادف وأنخدشت صورة التلقي فيه سوف تكون النتائج عكسية مما قد نخسر عشرات أو مئات التلاميذ الذين يصعقهم الخوف وجنون الهيمنة داخل الفصل الدراسي.

حول أهمية هذه المدارس وهذه التجربة التقينا السيد جواد مهدي حسين – مدير التعليم العام في تربية محافظة كربلاء المقدسة الذي تحدث عن مدارس اليافعين قائلا" :

   أنها تجربة جديدة تقع ضمن أطار التربية الخاصة هدفها أنتشال أعداد من التلاميذ الذين تقدموا بالأعمار من الشارع بعد تركهم المدرسة نهائيا" لذلك يحاول هذا المشروع جمعهم في مدارس خاصة وضمن مناهج تربوية خاصة وملاك أداري وتربوي متميز من خلال دورات تربوية وأشراف متواصل على أدائهم، مع ذلك فأن التجربة صعبة ومعقدة بالتأكيد وفيها الكثير من المعاناة للأدارات والهيئات التعليمية في هذه المدارس  بحكم فارق السن بين تلاميذ هذه المدارس والمدارس الابتدائية وما تفرزه هذه الأعمار من مشكلات أجتماعية وتربوية تحتاج الى كثير من الرعاية والمتابعة فهي تجربة متميزة في عطائها ومعقدة ومتعبة في مسيرتها.

أن المناهج المعتمدة في هذه المدارس هي ذاتها في المدارس الأبتدائية الأخرى بالرغم من أختزال صفي الأول والثاني بمرحلة والثالث والرابع بمرحلة والخامس والسادس كلا"بمرحلة وهنا تكمن المعاناة نسبيا" حيث الإهمال من قبل التلاميذ من جانب والكثافة في المفردات المنهجية من جانب أخر.

ولكل ماتقدم فأن لدينا مقترحات تساهم في نجاح التجربة هي تخصيص مرشدين تربويين لكل مدرسة يافعين لمتابعة شؤون التلاميذ الأجتماعية والنفسية،وفتح مدارس لليافعين أضافية في مناطق متفرقة من المحافظة لتقليل المسافة بين مدارس اليافعين حيث أن بعد المسافة يسبب تسرب بعض التلاميذ في هذه المدارس والتأكيد على المدارس الأبتدائية الأعتيادية بعدم التمييز بين مستويات التلاميذ المشمولين بمدارس اليافعين، وأيضا" تخصيص هدايا ومكافأت أو حوافز مادية للتلاميذ في هذه المدارس وتكثيف الدورات على الهيئات التعليمية في هذه المدارس.

 كذلك توفير أوقات ترفيهية للتلاميذ لممارسة نشاطات فنية ورياضية بعد رصد المبالغ المناسبة لهذا الغرض ونسعى جادين لمحاولة تحويل الدوام الى الصباحي بدل المسائي ومكافأة الأدارات والهيئات التعليمية العاملة في هذه المدارس بحوافز مادية تميزهم عن زملائهم في المدارس الأخرى.

 وأن عدم نجاح مشروع مدارس اليافعين سيؤدي الى أرتفاع نسب الأمية مما يدفع الى التفكير بمشروع محو الأمية.

من جانبه أكد الأستاذ حسين كريم رحمن الجبوري – مدير الأشراف التربوي في محافظة كربلاء المقدسة:

أن مديرية محافظة كربلاء المقدسة أنفردت وبجهود الخيرين فيها برعاية تجربة مدارس اليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين (10-15) سنة من المتسربين من الدراسة والمتأخرين دراسيا"،وقد تم احتوائهم في (22) مدرسة في بداية الأمر في صفوف ملحقة بالمدارس في قطاعات أخرى،وكان لهذه التجربة الأثر الكبير.

فضلا" عن أنها أفرزت نتائج أيجابية كبيرة في الأسراع لإلحاق هؤلاء التلاميذ بأقرانهم حيث أن الملاحظ أن مدارس اليافعين تضم أربعة مراحل تختصر سنوات الدراسة في الأبتدائية من ست سنوات إلى أربع سنوات كي يتمكن التلميذ من الوصول الى الدراسة المتوسطة قبل سن (16) سنة بغض النظر عن وجود تلاميذ قد تجاوزت أعمارهم هذا السن فأنها تكون قد وفرت لهم المعرفة والفرصة في دخول المدارس المسائية.

ولو لاحظنا بمعادلة بسيطة أن الكثيرين من أبناءنا وبناتنا ممن وقعت عليهم الظروف القاسية نتيجة لما مر به البلد من أزمات سابقة ولاحقة حرمتهم فرصة التعلم والحاق بركب التربية التي يستحقونها فقد جاءت هذه التجربة بمباركة من وزارة التربية ودعم مجلس محافظة كربلاء المقدسة والسيد مدير عام التربية شخصيا" لتفسح المجال لهم للحياة بشكل أفضل وتحصينهم  من الانحراف والأنجرار وراء بعض الرغبات.

ولقد أطلعت على هذه التجربة بعض الجهات المسؤولة والمهتمة بهذا الموضوع على وجه الخصوص مشروع الدعم النفسي والأجتماعي للمعلمين والتلاميذ في محافظتي بابل وكربلاء التي يشرف عليها خبير منظمة الصحة العالمية الدكتور حسن علوان بيعي الذي أثنى على هذه الخطوة المباركة وهناك أهتمامات كثيرة بهذه التجربة من كافة شرائح المجتمع.

والأشراف التربوي هو المؤسسة التربوية التي ترعى كامل العملية التربوية في كافة المدارس وبضمنها مدارس اليافعين التي تحضى بخصوصية ورعاية مباشرة ومكثفة مع وجود بعض السلبيات كالمناهج والكادر المتخصص.

* صحفي وكاتب عراقي

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 7 شباط/2007 -19/محرم/1428