بعد الخلاف على مفهوم الحرب الاهلية أمريكا قد تعيد تعريف مفهومها للنصر في العراق

تتمسك ادارة بوش علنا بتعريف متغطرس للنصر في العراق لكن محللين يقولون ان عليها أن تخفف هذه الرؤية على الاقل في الوقت الراهن.

وأشار الاميرال البحري الذي من المقرر أن يصبح قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط الى أنه يفضل اعادة تحديد الاهداف ويقول بعض الخبراء ان المسؤولين الامريكيين فعلوا ذلك بالفعل دون ضجيج كما تنقل رويترز.

وفي خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في 23 يناير كانون الثاني أعلن الرئيس جورج بوش أن "هدفنا هو عراق ديمقراطي يدعم سيادة القانون ويحترم حقوق مواطنيه ويوفر لهم الامن ويكون حليفا في الحرب على الارهاب."

لكن أنتوني كوردسمان وهو واحد من أبرز المحللين العسكريين في واشنطن يقول ان الهدف الان ـ والادارة تعلم ذلك ـ يقتصر على الحيلولة دون مزيد من الانزلاق بالبلاد الى حرب أهلية في ضوء الاشتباكات بين السنة والشيعة.

وقال كوردسمان الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "الهدف الرئيسي في هذه المرحلة هو أن نبلغ العام المقبل دون أن يشهد الوضع في العراق تدهورا كبيرا."

"يمكنك أن تعيد تعريف النصر في ديسمبر كانون الاول اذا استمر الوضع على ماهو عليه بحلول هذا الموعد."

وأبلغ الاميرال وليام فالون الذي اختاره بوش لرئاسة القيادة المركزية الامريكية المسؤولة عن الشرق الاوسط أعضاء مجلس الشيوخ أنه ربما يكون الوقت قد حان لخفض التوقعات بالنسبة للعراق.

وقال فالون الذي سيشرف على خطة بوش الجديدة لارسال 21500 جندي أمريكي اضافي الى العراق ان الولايات المتحدة كانت لديها "مئات من الافكار الجيدة" لجعل العراق أقرب الى أمريكا عندما غزته عام 2003 لتنهي عقودا من حكم صدام حسين.

وأبلغ لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ يوم الثلاثاء قائلا "ربما كان علينا اعادة تعريف الاهداف قليلا في الوقت الراهن وعمل شيء ما أكثر واقعية فيما يتعلق بتحقيق بعض التقدم ثم بعدها ربما نأتي الى الاشياء الاخرى لاحقا."

كان المسؤولون الامريكيون قد تحدثوا بعد الغزو عن خلق ديمقراطية تكون نموذجا للشرق الاوسط وتقدم بديلا للراديكالية الاسلامية.

وحلت هذه الرؤية محل الاهداف الاولى للغزو المتمثلة في تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل والاطاحة بصدام.

أما الهدف الاول فقد بني على معلومات استخبارية مغلوطة بينما تحقق الثاني بسرعة وسهولة بالمقارنة بالمعركة التي تخوضها الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها في العراق الان.

وقال مايكل أوهانلون من معهد بروكنجز انه ربما تعين على الولايات المتحدة الان أن تبني حساباتها على أساس عراق "أفضل قليلا من سوريا" طبقا للمعايير الديمقراطية.

ويقول بعض المحللين ان تحقيق الديمقراطية في العراق ينبغي أن يظل هدفا أمريكيا على المدى البعيد وانه يمكن أن يظل قابلا للتحقق. لكنهم يقولون أيضا ان تحقيق الامن يجب أن يكون الهدف الوحيد في الوقت الراهن.

وقال فريدريك كاجان من معهد انتربرايز الامريكي "أعتقد أنها مسألة وقت وأعتقد أنها مسألة مراحل وأولويات."

ونشر كاجان ورقة بحثية الشهر الماضي بعنوان "اختيار النصر .. خطة للنجاح في العراق" اقترحت ارسال مزيد من الجنود الى العراق وأثرت على التوجه الجديد لبوش.

وقال كاجان "كنا نتخيل أننا سنكون قادرين على انجاز ما أردنا بسرعة بالغة. هذا لن يحدث .. نحن بحاجة لان نبدأ بالامن."

لكن ستيفن بيدل من مجلس العلاقات الخارجية يشير الى أنه حتى تحقيق هذا النصر المتواضع لن يتم الا بشق الانفس.

وقال بيدل خبير الاستراتيجية العسكرية "أعتقد أن عراقيل النجاح في العراق الان ـ والمتمثل في انهاء العنف ـ ممتدة للغاية في واقع الامر."

وأضاف أن خطة بوش تزيد قليلا من فرص النجاح لكنها ما زالت قاصرة عن توفير العدد الكافي من الجنود الامريكيين.

وقال انه يتعين على قوة مسلحة أجنبية لكي تقضي على حرب أهلية في بلد ما أن تقنع جميع الاطراف بأنها ستبقى فترة تكفي لحفظ السلام وأنها ستكون قوية على نحو كاف لقمع المقاومة.

وقال بيدال "اننا نبلغ كل من يصغي أننا لسنا عازمين على البقاء بالقدر الكافي لتوفير الجزرة. كما أننا لسنا قادرين على تقديم العدد الكافي من الجنود اللازمين لتوفير ما يمكن ان يكون عصا."

واعترف المسؤولون الامريكيون بأن فرص نجاح الولايات المتحدة في العراق ـ سواء حسب التعريف المتواضع أو الطموح للنجاح ـ تتوقف في نهاية المطاف في جانب كبير منها على العراقيين أنفسهم ومدى قدرتهم على التعايش واقتسام السلطة.

وقال كوردسمان "الامر يعتمد في جانب كبير منه على العراقيين. هل يستطيع أحد أيا كان أن يتنبأ بالاحتمالات .. لا .. هل هي جيدة .. ربما لا .. المؤكد أن الكثير من العاملين على الاستراتيجية الجديدة يظنون أنها أقل مما هي."

وقال جنرال أمريكي يوم الاحد إن الخطة الامنية العراقية المدعومة من الولايات المتحدة التي ينظر لها على أنها محاولة أخيرة لوقف العنف في بغداد لن تسفر عن نتائج فورية.

وقال الميجر جنرال وليام كولدويل المتحدث باسم الجيش الامريكي في العراق في مؤتمر صحفي ببغداد "من المهم أن نقر بأنها (الخطة) لن تحول الوضع الامني بين عشية وضحاها."

وأضاف "على الناس التحلي بالصبر. امنحوا الحكومة وقوات التحالف فرصة لتنفيذها بشكل كامل. سيستغرق نشر قوات عراقية وأمريكية اضافية بعض الوقت."

وفي اشارة الى قرب وصول وصول الليفتنانت جنرال ديفيد بيتريوس قائد القوات الامريكية الجديد في العراق قال كولدويل "مشكلات العراق متعلقة بالنظام ومن غير المرجح أن تشهد انحسارا خلال الشهر الاول الذي يلي وصوله."

وتقول وزارة الدفاع الامريكية إن جيش المهدي يمثل خطرا على السلام في العراق أكثر من تنظيم القاعدة. والصدر من الحلفاء السياسيين الرئيسيين للمالكي.

وقال كولدويل أيضا إن الجيش الامريكي يعدل أساليبه التكتيكية في العراق بعد أن أكد اسقاط أربع طائرات هليكوبتر خلال الاسبوعين المنصرمين مما أدى الى مقتل 21 جنديا أمريكيا ومتعاقدا أمنيا.

هذا وقال تقرير لـ مركز سابان للدراسات الشرق اوسطية التابع لمؤسسة بروكينجز الامريكية "كل يوم، ينزلق العراقيون اكثر فاكثر في هاوية الحرب الاهلية. ان تاريخ حروب كهذه يعلمنا ان نتائجها كارثية لكل المشاركين فيها (...) وللاسف، قريبا سوف نجبر على ان نسأل عن السبيل الافضل لتجنب "خسارة" حرب اهلية عراقية (...) ولذلك، واستنادا الى امثلة من التاريخ الحديث في مجال الحروب الاهلية، على واشنطن ان تضع استراتيجيات للتعامل مع نتائج حرب اهلية عراقية شاملة على الرغم من عدم وضوح معالم هذه الحرب بعد".

ومما ورد في التقرير الذي يجيء في ازاء تقرير المخابرات الامريكية ان "اندلاع حرب اهلية شاملة في العراق سينتج عنه مئات آلاف القتلى وحالات نزوح ولجوء تقدر بالملايين ما قد يشكل كارثة اقليمية فعلية، بالاضافة الى اضطرابات شديدة في مجال االامدادات النفطية "، كما تشير الدراسة الى ان "توسع النزاع الاهلي في العراق قد يدفع بالامور الى مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران".

ويحذر التقرير كذلك من تنامي ظاهرة التطرف في منطقة الشرق الاوسط ونشوء حركات انفصالية في بعض الدول المجاورة وتنامي ظاهرة "الارهاب" بالاضافة الى امكان تدخل مباشر من قبل ثلاثة اطراف اساسية في الحرب الاهلية العراقية وهي السعودية وتركيا وايران.

وتتابع الدراسة بالقول ان انهاء حرب اهلية شاملة في العراق يتطلب على الاقل 450 الف جندي أي ثلاثة اضعاف عدد القوات الامريكية الموجودة حاليا في العراق.

ويقول مركز سابان للدراسات ان الحرب الاهلية في العراق ستجعل ايران "العدو الاكثر وضوحا للولايات المتحدة"، وحول هذا الموضوع، افادت صحيفة الاندبندنت البريطانية صباح الثلاثاء ان "كل المؤشرات تدل على ان النزاع الامريكي الايراني قد بدأ والدليل على ذلك اتهامات القادة الامريكيين لايران بتدريب وتسليح ميليشيات سيعية عراقية".

كما انتهى التقرير، بالاضافة الى التوصيات الميدانية والاستراتيجية، الى توصية سياسية تقضي بانشاء مجموعة اتصال دولية تشمل جيران العراق واهمهم سوريا وايران بهدف احتواء نتائج النزاع والعمل على على ابتكار حلول دبلوماسية للازمات الاقليمية مثل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني والازمة السياسية المندلعة في لبنان.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 6 شباط/2007 - 18 /محرم/1428