هل يمكن الوصول الى عراق ديمقراطي موحد...؟

مع تزايد الحديث الامريكي حول مفهوم الحرب الاهلية في العراق والخلاف الامريكي الامريكي حول تحقق هذا المفهوم، هل يسير العراق نحو التقسيم ام يبقى موحدا..؟

ففي ظل الانفلات الامني الواضح وغياب قوة القانون كيف يمكن الوصول بالعراق إلى الأهداف المعلنة وهي إنشاء دولة عصرية ديمقراطية، تتمتع بسيادة القانون، وبحكومة قوية قادرة على فرض سيطرتها على كامل ارض العراق، خصوصا مع تزايد عدد الضحايا وسقوطهم اليومي بالمئات بعد كان يعد سقوطهم في الايام الماضية بالعشرات يوميا.

وفي تقرير نشرته الـ( (CNNفان الحديث عن الانفلات الأمني الحالي باعتباره أكبر التحديات التي تواجه مستقبل العراق ليس إلا تبسيطا للحالة العراقية الخاصة وتغافلا عن حقائق مرتبطة بتاريخه وثقافته وتركيبته العرقية والدينية التي تضم أكرادا وعربا، وشيعة وسنة إلى جانب طوائف أخرى أقل عددا وأضعف تأثيرا.

لا ينكر أحد أن الانفلات الأمني الحالي من أهم التحديات على طريق الوصول بالحياة اليومية في العراق لحالتها الطبيعية، وتحقيق الاستقرار والبدء في مشروعات التنمية الاقتصادية، ولكن انتهاء الوضع الحالي وعودة الأمن لربوع البلاد لا يعني أن كافة العوائق قد أزيلت وأن الطريق لتحقيق الأهداف المعلنة قد أصبح مفتوحا.

العائق الأكبر على صعيد إقامة عراق حر ديمقراطي موحد سيكون مصالح الفئات المختلفة للشعب العراق التي تتعارض جزئيا مع الأهداف المعلنة. والمشكلة التي ستواجه المسؤولين عن إنشاء الدولة الجديدة ستكون التوفيق بين مطالب تلك الفئات دون المساس بالأهداف المعلنة.

ان الشيعة العرب يرون أنهم الأغلبية، ويشكلون اكثر من 60 بالمائة من الشعب العراقي حسب بعض الوكالات العالمية، ومايقارب 80 بالمائة حسب بعض المصادر، وبالتالي فمن حقهم، ووفقا لقواعد الديمقراطية، أن يكون لهم النصيب الأكبر في مؤسسات الحكم.

ويدعم مطالب الشيعة حقيقة أنهم، وخلال عهد صدام، كانوا من الفئات المضطهدة التي ذاقت الهوان على يد النظام السابق، وأعوانه. بل وحاولوا مواجهة صدام أكثر من مرة وكانت النتيجة مخيبة لآمالهم.

ويمكن التعرف على بعض ملامح موقف الشيعة من خلال التصريحات المنسوبة لآية الله العظمى السيد علي السيستاني والتي يعارض فيها بعض ما جاء في القانون الأساسي الذي تم إقراره لأنه وفقا لما يراه، يعطى فئات أقل عددا (الأكراد) حقوقا تتجاوز ما يراه واجبا.

ويمكن التعرف على موقف الشيعة أيضا من مطالبة السيستاني بأن يتم تشكيل الحكومة الانتقالية عبر انتخابات حرة، قبل أن يتدخل المبعوث الخاص للأمم المتحدة في حينه ويقنعه بتأجيل ذلك.

أما الأكراد، فلهم وضع خاص أيضا، فهم مسلمون سنة، ولكنهم ليسوا عربا، ولطالما طالبوا في عهد النظام السابق بالاعتراف بحقوقهم كأقلية عرقية، خاصة وأنهم يتركزون في منطقة جغرافية واحدة، شمال شرق البلاد، إلا أن مطالبهم لم تلق قبولا، مما دفعهم لتبني خيار المواجهة المسلحة، وكان الثمن غاليا من دماء أبنائهم.

وقد حقق الأكراد خلال العقد الأخير مكاسب عديدة على طريق قضيتهم، خاصة بعد أن فرضت الأمم المتحدة حظرا على تحليق الطيران العراق العسكري فوق المناطق الكردية في عهد النظام السابق، وقيام قوات أمريكية وبريطانية في الأساس بالتواجد في تركيا لفرض ذلك الحظر بالقوة.

وخلال تلك السنوات قام الأكراد، رغما عن النظام البعثي السابق، بتحقيق تقدم كبير على طريق الحكم الذاتي ومؤسساته مما يجعل الحديث حاليا عن عودتهم مرة أخرى لحظيرة الدولة بشكل كامل، أمر بالغ الصعوبة.

ومن المعروف أن الأكراد المنتشرون في دول المنطقة، وهي تحديدا تركيا وإيران وسوريا والعراق، يحلمون بدولة كردية مستقلة.

وتقف ظروف دولية وإقليمية معقدة عائقا أمام تحقيق الحلم الكردي المستمر منذ عقود عديدة.

ولعل الحديث عن فيدرالية الدولة العراقية يأتي تلبية لرغبات الأكراد في المقام الأول، ولكن ما هي حدود تلك الفيدرالية؟ وهل سيقبل بها كافة طوائف الشعب العراقي؟ ولماذا غضب الأكراد عن الحديث عن ضم قوات البشمركة لقوات الجيش العراقي مستقبلا؟ وماذا سيكون دور تلك القوات في ظل الدولة العراقية الجديدة؟ كلها أسئلة ستشكل الإجابة عليها ملامح الدولة العراقية الجديدة.

أما الخلافات بين طوائف الشعب العراقي فهي الأكثر خطورة، وما لم يتم التعامل معها بحذر مستقبلا فإن الأمور قد تتطور لمستويات لا علاقة لها بالعراق الديمقراطي الموحد.

ويزيد الأمر خطورة أنه لا توجد في الوقت الحالي  قوة سياسية عراقية قوية ومهيمنة، قادرة على قيادة البلاد، وفرض رؤية لمستقبل الوطن، وتكون في الوقت نفسه قادرة على الدفاع عنها وإقناع المعارضين بها.

وهنا، وفي غياب أي دور لقوى وطنية أو إقليمية فاعلة تبرز قوات التحالف، والأمم المتحدة باعتبارهما الجهتين الوحيدتين القادرتين على لعب دور توفيقي بين الجماعات العراقية المختلفة.

وإذا كانت الأمم المتحدة تحظى بمساندة سياسية دولية، فإن قوات التحالف هي اللاعب الأساسي على الأرض.

وحدد تقرير جديد للاستخبارات القومية الأمريكية الصراع العراقي-العراقي باعتباره المصدر الرئيسي للعنف فيما أشار للعنف الطائفي بوصفه أكبر تهديد مباشر لأهداف الإدارة الأمريكية.

وقالت مصادر أمريكية رسمية في الإدارة والحكومة، على اطلاع على تقرير "التقييم الاستخباري القومي الأمريكي"، إن التقرير السري، الذي جاء في 90 صفحة، يقدم تفاصيل مهمة إلى جانب أنه يوفر توقعات للأحداث التي قد يتعرض لها العراق خلال الثمانية عشر شهراً القادمة.

وقال مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إنه تم رفع تقرير حول التقييم لبوش الخميس عن طريق مدير الأمن القومي جون نيغروبونتي.

وجاء التقرير السري بعنوان "آفاق الاستقرار في العراق: الطريق المستحيلة للأمام"، وقال مسؤولون لـCNN إن العنف العراقي-العراقي يفوق التمرد المسلح الذي يشكل تنظيم القاعدة في العراق.

وقالت مصادر مطلعة إن التقرير يتهم إيران بأنها تقدم المساعدات للمتطرفين العراقيين.

على أن التقرير لم يخلص إلى أن الأوضاع في العراق قد وصلت إلى حالة الحرب الأهلية، غير أنه عبر عن شكوك بشأن قدرة القادة العراقيين على التحرك وتجاوز المصالح الطائفية ومكافحة المتطرفين وإنهاء الفساد وإقامة مؤسسات وطنية.

وقالت المصادر إن التقرير "يرسم صورة للأوضاع الخطيرة والمعقدة على الأرض"، لكنه يشير أيضاً إلى أن "انسحاباً سريعاً" للقوات الأمريكية في العراق "سيؤدي لتفاقم الأوضاع هناك."

وكانت الحكومة العراقية قد قالت إنّ قرابة ألفي مدني لقوا مصرعهم خلال يناير/كانون الثاني في العراق فيما يعدّ أكبر حصيلة من نوعها تسجل في الشهر الأول من السنة منذ بدأت سلطات بغداد في نشر هذه الإحصاءات.

ونقلت أسوشيتد برس عن تقرير للحكومة العراقية أنّ شهر يناير/كانون الثاني سجّل مصرع 1990 مدنيا أي بزيادة 63 قتيلا عن شهر ديسمبر/كانون الأول.

كما أنّ الحصيلة تعد ثلاثة أضعاف حصيلة القتلى في صفوف المدنيين خلال شهر يناير/كانون الثاني عام 2006.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 5 شباط/2007 - 17 /محرم/1428