معرض القاهرة للكتاب بؤرة للجماعات المتشددة واغلب الكتب تهاجم الشيعة

 أزاحت الكتب الدينية التي تتضمن في أغلبها فتاوى وأفكارا مثيرة للجدل، الكتب الأدبية والعلمية من أكبر معرض للكتاب في الدول العربية: معرض القاهرة الذي يختتم الأحد.

وقالت أسوشيتد برس إنّ من ضمن نحو 700 دار نشر عربية تشارك في المعرض، تتناول غالبية ما تعرضه هذه الدور كتبا دينية تفوق نسبتها ربع المعروض وفقا للمسؤولين على المعرض.

وأضاف المسؤولون أنّ قرابة مليوني شخص زاروا المعرض الذي يمتد على نحو 80000 متر مربع تضم 1400 رواقا.

وقالت الصحف المصرية إنّ المعرض يضمّ تظاهرات خاصة بمثل رواق ضيف الشرف الذي تم تخصيصه للحاصل على نوبل للآداب نجيب محفوظ الذي توفي في أغسطس/آب، وكذلك تظاهرة خاصة بإيطاليا.

كما أشارت إلى الجانب الديني الذي طغى على المعرض الذي يضم طبعات جديدة منمقة للقرآن وأخرى لكتب قديمة تمت إعادة طبعتها.

ومن ضمن المعروض كتب للشيخ الشعراوي المصري وابن باز السعودي وحتى "للداعية ذي المظهر الحديث" عمرو خالد.

على أنّ المعرض ضم أيضا كتبا مناوئة للدين المسيحي مثل كتاب "الحقيقة حول المسيح" لدار أردنية يرى أنه لا حلّ إلا في الدخول إلى الإسلام.

ومن ضمن الكتب المعروضة أيضا كتاب آخر يحمل عنوان "رجال شباط والقردة" لدار الإمام المصرية يرى كاتبه أنّ القردة ينحدرون من اليهود وليس العكس مثلما تقول نظرية داروين.

كما أنّ من ضمن الكتب التي شهدت رواجا لدى فئة الشباب وفقا للمنظمين، كتاب "كفاحي" لهتلر، فيما اعتبر نقاد أنّ مجرد عرض الكتاب للبيع في معرض القاهرة وأي معرض آخر يعد فضيحة.

وذكر موقع "المصريون" الاخباري المصري أنّ المعرض شهد مصادمات بين شخصيات شيعية وسنية على خلفية التوتر الطائفي الذي عكسته الأجواء المشتعلة في العراق ولبنان.

وأضاف أنّ سبب ذلك قيام ناشطين شيعة من العراق ولبنان وإيران بتحركات واسعة في أروقة المعرض فضلا عن توزيع مئات الآلاف من المنشورات التي تدعو إلى التشيع وتعلن عن المواقع الشيعية الخاصة بمصر.

وقال مثقفون من الجانبين إن مئات المنشورات التي تدعو لأنشطة شيعية في القاهرة وكتبا سنية وشيعية تكفر الآخر لا زالت توزع دون أي تدخل من سلطات المعرض أو الأجهزة الأمنية مما يزيد من حالة الاحتقان والترصد، وينقل أجواء الشحن الطائفي في العراق إلى أكبر الساحات الفكرية والثقافية في الشرق الأوسط.

وكان رواد المعرض قد فوجئوا بمشاجرة بين ناصر رضوان صاحب مكتبة الرضوان المصرية التي تعرض كتبا تناقش وترد على بعض المعتقدات الشيعية، وأمير جابر "أبو زينب" صاحب مؤسسة الفكر الاسلامي في هولندا، اثر قيام الأول بتحطيم كاميرا كان يلتقط بها الثاني بعض الصور، وتمكن الأمن من السيطرة على المشاجرة واقتياد الاثنين إلى قسم شرطة المعرض، وتحرير محضر صلح.

وفي اتصال مع "العربية.نت" قال ناصر رضوان: "قمت بتحطيم كاميرا الناشر الهولندي الشيعي لأنه كرر ما فعله في العامين الماضيين بتصويره شخصيا وتصوير الكتب التي يعرضها، ووقعت مشاجرة تدخل الأمن لانهائها، إلا أنه اتصل بشخص حضر بعد قليل وتبينت أنه صالح الورداني (الذي كان يوصف بمفكر التشيع في مصر قبل إعلان تركه للمذهب الشيعي) وقام بسبني، فتدخل ضابط شرطة وأخرجه من المكان حيث كان يجري التحقيق معنا".

وعن سبب استهدافه بالتصوير أضاف: "مكتبتي متخصصة في الرد على بعض الشيعة الذين يسبون الصحابة وابطال شبهاتهم، واعتقد أن هذه الصور التي يلتقطها لي هي تدبير لمكيدة قد تنتهي باغتيال أو أي شئ آخر".

واستطرد بأن هناك بالاضافة إلى جناح هذا الناشر الهولندي الذي يعرض فيه كتبه، دارين أو ثلاث دور شيعية داخل المعرض، ويجري توزيع منشورات للتشيع وعناوين مراكز شيعية في مصر مثل منبر الهدى ومركز علوم أهل البيت، ورسوم توضيحية لعناوين هذه المراكز.

وعن الاتهام الموجه لمكتبة الرضوان بتوزيع كتب تسب الشيعة وتدعو لتكفيرهم، نفى صاحبها ذلك وقال: لا أعرض كتبا بهذا الأسلوب. لا يوجد عندي كتب تسب أو تكفر أحدا، وإنما نقدم كتبا ترد على معتقدات البعض منهم بأسلوب علمي راق، فمثلا نقوم بعرض وثائق لهم تكفر أم المؤمنين السيدة عائشة وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ونقوم بتفنيدها من غير أي تكفير".

وقال إن مكتبته معتدلة ولا تتبع لأي جماعة اسلامية، ولا يمارس هو شخصيا أي نشاط حزبي أو سياسي أو تنظيمي، ولم تتعرض كتبه لأي مصادرة، رغم أنه أصدر أكثر من مائة كتاب حتى الآن.

وأضاف: كل كتبي مفسوحة، مرخص بها، ولها رقم ايداع بدار الكتب والوثائق القومية المصرية، وهناك قيادات في الدولة تشتري مني، ولم أتلق ملاحظة ولو ربع كلمة عن أي كتاب.

وتابع ناصر رضوان: كل الكتب التي أصدرها تعتمد على المنهج العلمي، فالكتب التي تدافع عن الصحابة مثل "فضائل الصحابة" للنسائي تستلزم أن ترد على معتقدات بعض الشيعة فيما يخص هذا الموضوع. كل كتبي سليمة، وأنا مواطن مصري لي ولاء كامل لدولتي، وليست لي أي اتجاهات ولا انتمي لأي جماعة".

ويرى ناصر رضوان أن "كمية المعروض من الكتب الشيعية زادت في المعرض الحالي عن السنوات السابقة، مشيرا إلى أن هناك ترويجا، لمركز شيعي في حي الدقي بمحافظة الجيزة، وأحضروا يوم عاشوراء سيارة لنقل الدم، ليتبرعوا من خلالها، وتكون بديلا عن بعض مظاهر الاحتفال غير المسموح بها في مصر".

"العربية.نت" تحدثت أيضا إلى أمير جابر صاحب مؤسسة الفكر الاسلامي بهولندا فقال إنه "يشارك في هذا المعرض منذ أكثر من عشر سنوات، وكتبنا وافق عليها الأزهر، وجميعها تدعو إلى التقريب بين السنة والشيعة، وهذا هو هدف جميع اصداراتنا، وقد شاركت شخصيا في مؤتمر التقريب في الدوحة بقطر قبل أسبوعين".

وأضاف أن معرض القاهرة للكتاب "مملوء هذا العام بمئات الكتب التي تكفر الشيعة وتحث على قتلهم، ولا أدري ما سبب هذا التهييج، ويبدو أنهم يسعون لحرماننا من الحضور مستقبلا، حتى أن أحد الناشرين قام بالتعدي علي وتحطيم الكاميرا التي أحملها وسب مذهبي، وهو أمر لم أرغب في تصعيده لأنه لا يصب في خدمة المسلمين، فتنازلت وتصالحت محتسبا ذلك عند الله".

واستطرد جابر: لا أخفيك أن هناك شحنا رهيبا ضد الشيعة واستحلال دمائهم، والمكتبات المصرية من أسوان حتى الأسكندرية مليئة بكتب من هذا النوع، وأعتقد أن جهات خارجية غير مصرية وراء ذلك، منهم البعثيون في العراق وأنصار القاعدة، لدرجة وجود كتب لدور نشر خليجية ممنوعة في دول الخليج نفسها.

لكنه مدح سلطات المعرض التي لم تمنع أو تصادر أي كتاب تابع لدار النشر التي يمتلكها أو لأي دور نشر قادمة من الخارج "إنه معرض مهم جدا نريده أن يستمر ولا نبغي أن يشوه صورته أحد، كما أن مصر بلدا كبيرا متسامحا مفتوحا لكل الثقافات والأديان والمذاهب، ونرفض أن نعطي الفرصة للمتصيدين في الماء العكر".

ونفى أنه كان يلتقط صورا لعناوين كتب مكتبة "الرضوان" أو لصاحبها قائلا: ما حاجتي لهذه الصور، أنا كنت التقط صورة أو صورتين تذكاريتين لجناحنا والممر الذي يقع فيه، وكلها أماكن عامة لا يحرم التصوير فيها، فأنا محام ملم بالقوانين جيدا، ولم التقط أي صورة لمكتبات أو عناوين كتب.

واستطرد: نحن ننشر الكتب التي تقرب المسلمين وتجمعهم، وتقاوم التطرف والتكفير بغض النظر كونه تطرفا شيعيا أو سنيا، فعندنا مثلا كتب العالم السعودي الشيخ صالح الفوزان، ونركز على ما يقرب المسلمين، ورغم ذلك يزعمون أننا جئنا نبشر بالمذهب الشيعي ونسب الصحابة وهذا عار من الصحة تماما، وأمامهم مكتبتنا فليتصفحوها، وأتحدى لو وجدوا عنوانا مخالفا، فنحن لا نسمح بأي مس بالصحابة رضوان الله عليهم.

وأضاف: على العكس توجد جهات توزع منشورات وكتب ضد الشيعة مثل هذا الكتاب الذي وقع في يدي "الشيعة هم العدو فأحذرهم" الصادر من مكتبة دار العلوم للنشر والتوزيع ومؤلفه اسمه شحاتة صقر. هناك آلاف الكتب من هذا النوع توزع بالمجان، وكتب آخرى توزع بأسعار منخفضة جدا تصل إلى 4 و5 جنيهات.

وقال الناشر الهولندي العراقي الأصل أمير جابر: لو رأيت الكتب التي تهاجم الشيعة في معرض القاهرة الدولي للكتاب تصاب بالدهشة، بل إن أول سؤال أواجه به من البعض عندما يعرفون أنني عراقي.. هل أنت شيعي أم سني، ثم تتوالى الأسئلة من نوعية هل تشتمون الصحابة وهل تقتلون السنة. حتى أنني أخشى من القول إنني شيعي واكتفي بأنني مسلم حتى لا أتعرض لهذه الأسئلة، وهذا للأسف الشديد تجده في الأمي والمتعلم في مصر، فمن الذي أوصل إليه وتسبب فيه.

وتابع: أنا ضيف في مصر، فكيف يظن البعض أنني يمكن أن آتي إلى المعرض بكتب تتهجم على مقدساتهم، لست غبيا حتى أفعل ذلك. كل ما هنالك وجود كتب ترد على الشبهات مثل القول بقرآن آخر عند الشيعة وهو كلام باطل، فلا يوجد إلا مصحف واحد هو ذلك الذي يقرأ فيه جميع المسلمين. وهناك كتب عن الشبهات المثارة حول زيارة القبور والشفاعة والتوسل بأولياء الله الصالحين، وهي كتابات تناولتها مصادر سنية.

من جهته نفى صالح الورداني في تصريح لـ"العربية.نت" أنه تهجم باللفظ على ناشر مكتبة "الرضوان" قائلا إنه هو الذي تدخل لدى الناشر الهولندي وطلب منه التصالح وإنهاء المشكلة والتنازل عن بلاغه بشأن الاعتداء عليه.

وطالب بسد منابع الفتنة والتطرف مشيرا إلى أن 80% من الكتب المعروضة تنتمي لدور نشر تتبع الجماعات الاسلامية المتشددة، ولابد من الحد من هذه الظاهرة، فبعض الكتب تجيز احراق مقدسات الآخر، وإحراق الكتب المخالفة وتؤسس للعقلية العدوانية.

وقال: ليس جديدا اشتراك دور نشر شيعية من لبنان أو ايران، فهذا أمر معروف ويتكرر سنويا في المعرض.. فما المشكلة في ذلك؟.. إنهم تجار لهم زبائن ومكتبات تشتري منهم ولا جديد في الأمر، لكن الآخرين لا يريدون لهذه الدور أن تأتي.

وأكد أن بعض الشيعة المصريين يوزعون منشورات تعريفية بمركز علوم البيت الذي أسسوه في القاهرة وتدعو لزيارته، ولكنها ليست منشورات للتشيع. مضيفا بقوله: "حذرتهم.. وقلت لهم: ما هذا الذي تفعلونه. أنتم تعملون منشورات فيرد عليكم الآخرون بمنشورات مضادة وندخل في صراعات ومشاكل أمنية".

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 5 شباط/2007 - 17 /محرم/1428