الاعلام العربي متباين ومرتبك لاعدام اول طاغية عربي

عكست التغطية الاعلامية لاعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين الانقسامات الحادة بين العرب المعارضين لنفوذ الولايات المتحدة في المنطقة وبين المتحالفين مع واشنطن.

ونقلت النهاية العنيفة لصدام الى غرف المعيشة في العالم العربي من خلال اللقطات التلفزيونية للجلادين الملثمين وهم يحكمون حبل المشنقة حول عنقه.

وبثت قناة العربية الفضائية لقطات كثيرة لصدام في غرفة الاعدام بعد أن حصلت عليها فورا من التلفزيون العراقي الرسمي. وتلتها قناة الجزيرة بمجرد حصولها على اللقطات.

وقال خلف الحربي رئيس تحرير صحيفة الشمس السعودية ان هذا أول اعدام لزعيم عربي وهو يمثل مفاجأة للشعوب العربية.

وأضاف أن الناس يشعرون بالحيرة فقد كان اعدام صدام نهاية لطاغية لكنه كان أيضا أسير حرب قاتل الغرب.

ومن ناحية ظهر المعلقون على شاشة قناة الجزيرة ينتقدون حكم الاعدام الذي نفذ فجر السبت في الزعيم السابق الذي أطاحت به القوات التي تقودها الولايات المتحدة عام 2003.

ومن ناحية أخرى ظهر الساسة الشيعة العراقيون على شاشة قناة العربية يبررون أول واقعة اعدام لزعيم عربي تذاع تلفزيونيا.

ويملك قناة العربية ويديرها سعوديون مقربون من العائلة الحاكمة التي لم ترتح قط لايديولوجية صدام القومية العربية العلمانية رغم الصداقة معه في بعض الاحيان.

أما الجزيرة التي تملكها قطر والممنوعة من العمل داخل العراق فقد وفرت منبرا لغالبية العرب في شتى انحاء المنطقة الذين عارضوا الغزو الامريكي للعراق.

وقال الحربي ان العربية تمثل الاعتدال والحوار مع الغرب بينما تهتم الجزيرة بالشعارات الخاصة "بالمقاومة" التي تلقى ترحيبا أكبر في العالم العربي لكنه أضاف أن كليهما لا يعبران عن الحقيقة كاملة.

وانتقد أسعد أبو خليل وهو أكاديمي لبناني يحاضر في العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا كلا القناتين في مدونته على الانترنت قائلا "الجزيرة قاتمة وكئيبة بشكل مفرط بينما تغطية العربية احتفالية بشكل مفرط وزائفة."

وتقبلت الحكومات العربية الحليفة للولايات المتحدة عموما غزو العراق واحتلاله رغم المعارضة الشعبية. وهي تؤيد الان علنا استمرار وجود القوات الامريكية لدعم الحكومة الشيعية وتفادي حرب أهلية.

وانتقدت هذه الحكومات ومن بينها السعودية ومصر العراق بشأن اعدام صدام. لكن السبب الاساسي للانتقادات كان التوقيت الذي وافق أول أيام عيد الاضحى.

وكتب عبد الرحمن الراشد مدير قناة العربية في صحيفة الشرق الاوسط ان اعدام صدام "مجرد تطبيق للعدالة في أصدق صورها وان جرى تنفيذها في أسوأ أيامها."

وعبرت الصحف في شتى انحاء المنطقة عن الاستياء في انعكاس للشعور العام.

وكتبت صحيفة الوفد المصرية المعارضة "أمريكا تستهزئ بمشاعر المسلمين. بوش يذبح صدام في عيد الاضحى."

أما صحيفة الاخبار المصرية فاشارت الى أن صدام الذي سخر من الزعماء العرب متهما اياهم بالتبعية للولايات المتحدة "بدا متماسكا ورفض وضع الكيس على رأسه."

وتساءلت صحيفة الوطن السعودية "هل إعدام صدام حسين سيعيد الأمن والاستقرار إلى العراق كما هل الإعدام سيسرع من انسحاب قوات الاحتلال من أراضي الرافدين؟".

واضافت الصحيفة "كان من المتوقع أن تستمر محاكمة صدام (..) مدة أطول وأن تتم مداولات مفصلة وإجراءات قانونية محكمة ودقيقة وبعيدة عن التسييس".

واضافت "الوطن" "إلا أن ما ارتأته تلك المحكمة وما صدر عنها وتنفيذ حكم الإعدام بالسرعة التي تم بها وخاصة في الأشهر الحرم وفي أول أيام عيد الأضحى المبارك ترك لدى الأوساط السعودية والعربية والإسلامية شعورا بالاستغراب والاستهجان".

اما صحيفة "عكاظ" السعودية فكتبت "لم يكن لأحد ان يتصور أن يعدم رئيس عراقي سابق بعد محاكمة قصيرة وفي أول أيام عيد الأضحى المبارك (..) ولم يكن أحد يتصور أن لا ينظر باحترام الى مناسبة عظيمة مثل العيد لها هيبتها ومكانتها في نفوس وضمائر المسلمين".

من جهتها كتبت صحيفة "الجزيرة" السعودية تحت عنوان "تسييس المحاكمة وتوقيت الاعدام" "كنا نتمنى لو أن محاكمة عادلة وغير مسيّسة أجريت للرئيس العراقي السابق صدام حسين تكون مرجعية لأي محاكمات مماثلة قد تجري مستقبلاً لآخرين غير صدام حسين وبالتالي نعتبرها سابقة نباهي بها كعرب ومسلمين أمام العالم".

واضافت "إننا لا ندافع عن الرئيس السابق صدام حسين ولا نعفيه من أخطائه لكننا كنا نتمنى لو أن مثل هذه المحاكمة جرت دون أي دور أو تأثير أو علاقة في مجرياتها ومساراتها من قبل أي من خصومه مثلما تمنينا لو أنها تمت بعد خروج المحتل من الاراضي العراقية".

اما صحيفة "الراي العام" الكويتية فكتبت "نتمنى ان تطوى باعدام صدام حسين صفحة الموت في العراق والمنطقة وان يفتح دفتر الحياة كل صفحاته لقيم العدالة والسلام والحرية".

واضافت "اعدام صدام ليس النهاية لحقبة مظلمة ادخلت العراق والعراقيين نفقا مليئا بالمغامرات والاعتداءات (...) لكنها البداية لعهد جديد سيكون بالفعل نموذجا حضاريا اذا احسن العراقيون اغتنام الفرصة والتقاط اللحظة التاريخية".

وتابعت ان "اعدام صدام يجب ان يترافق مع اعدام القيم التي ارتوى منها صدام والا فسنكون امام رحيل شخص وبقاء نهج".

اما القبس الكويتية فكتبت "اقتصت العدالة في العراق من صدام حسين على كل جريمة ارتكبها فأخذنا بعضا من حق شهدائنا الذين قضوا على يدي نظامه المجرم" في اشارة الى ضحايا الغزو العراقي للكويت عام 1990.

من جهتها كتبت صحيفة "الراية" القطرية "ان المحاكمة في أصلها سياسية وان هدفها تنفيذ عقوبة الاعدام في حق صدام مهما كانت نتائجها والا فكيف تقرر الحكومة خلال أقل من 24 ساعة تنفيذ حكم الاعدام ولم تمنح هيئة الدفاع فرصة الاعتراض".

واضافت "ان اعدام صدام بالطريقة السريعة التي تمت بها تدل على ان واشنطن هي التي تخطط وتدير الامور وان الحكومة العراقية مجرد منفذ للاوامر". وتابعت "ان الكثير من العراقيين سينظرون الي صدام بسبب الطريقة التي تمت بها اعدامه بانه +بطل قومي+ وسيزيد من المؤيدين له ويضع الحكومة في موقف محرج".

وعنوت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة "اميركا تقدم صدام قربانا للحرب الاهلية في العراق". ونقلت الصحيفة التي لم تعلق مباشرة على الاعدام عن مفتي الديار المصرية السابق الشيخ نصر فريد واصل قوله "مات شهيدا لانه دافع عن وطنه ضد الاحتلال".

وعنونت صحيفة "روز اليوسف" الحكومية "سفالة اميركية: شنقوا صدام يوم العيد". وكتب مدير الصحيفة كرم جبر "صدام لا يستحق الحزن" معتبرا مع ذلك ان "الشيء المؤسف هو الاصرار على تنفيذ الحكم في هذا اليوم المبارك".

واضاف "لقد تم اعدامه بطريقه انسانية لم يوفرها هو لغيره من عشرات الالاف من العراقيين الذين قتلهم بكل صنوف الخوف والرعب والهلع".

من جانبه وصف عبد الله كمال رئيس تحرير الصحيفة اعدام صدام ب"الاهانة". وتساءل "عموما لا يمكن للادارة الاميركية ان تهرب من السؤال الاهم الذي يتم طرحه في ذهن كل العرب والمسلمين حتى لو كان بينهم شيعة عملاء وهو لماذا لم يتم اتخاذ نفس الاجراء او بعض منه تجاه مرتكبي مذابح صبرا وشاتيلا وقانا الاولى والثانية؟".

من جانبها نشرت الصحيفتان الحكوميتان الاوسع انتشارا "الاهرام" و"الاخبار" صور اعدام صدام دون مقالات افتتاحية.

وقالت صحيفة (الاهرام) ان صدام حسين انتهى "بما له وما عليه" لكن الشعب العراقي "باق" مؤكدة ضرورة ان يبقى في سلام واستقرار وليس في اقتتال وتناحر وسفك دماء الابرياء.

واضافت الصحيفة ان فترة حكم صدام انتهت بحلوها ومرها ويجب ان يضعها الجميع وراء ظهورهم وينظروا الى مستقبل بلادهم مشيرة الى ان المحنة التي يعيشها العراقيون لا تحتمل اي محاولة لتأجيج الاوضاع اكثر من ذلك محذرة من ان النتيجة ستكون المزيد من الضحايا الابرياء وربما تمزيق العراق. وطالبت الميلشيات المسلحة في العراق بان تعيد النظر في اسلوبها لوقف سفك دماء المزيد من العراقيين وان تلجأ الى التفاوض مع الحكومة العراقية للاتفاق على حل يرضي جميع الاطراف. كما طالبت الصحيفة دول الجوار العراقي بالعمل من اجل عودة الاستقرار الى العراق مؤكدة ان دورهم لا يقل عن دور العراقيين بالداخل وان عدم استقرار العراق يضر بجميع جيرانه على المدى البعيد.

وكتب غسان شربل، في تعقيب سياسي للحياة على تنفيذ الإعدام تحت عنوان "الجثة والثأر والتوقيت" قائلاً :"ما أصعب صدام حسين. مخيف إذا كان حاكماً. مربك إذا كان سجيناً. متعب في القصر. ومتعب في القبر. هذا رجل مكلف لمحبيه وباهظ لكارهيه. 

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثنين 1/كانون الأول  /2007 - 10 /ذي الحجة /1427