بوش ينقلب على تقرير بيكر ويمضي بـ خطة مستقبلية جديدة في العراق

  بعد أسابيع فقط من تعهد الرئيس الأمريكي جورج بوش باتباع نهج جديد في الحرب بالعراق عقب هزيمة حزبه الجمهوري في انتخابات الكونجرس يبدو أنه ما زال مصرا على رفض أي تغيير رئيسي في مساره.

يمضي بوش أسبوع العطلة في مشاورات بمزرعته في تكساس للإعداد لواحدة من أكثر اللحظات حسما في رئاسته وهي كلمة يلقيها يرسم فيها سياسته في العام الجديد موضحا ما أسماه "خطة مستقبلية جديدة" في العراق.

حتى وهو يعطي انطباعا بأنه يفكر جديا في مجموعة من الأفكار حول كيفية التعامل مع الحرب التي لا تحظى بأي شعبية بشكل متزايد والتي أسفرت عن سقوط نحو ثلاثة آلاف جندي أمريكي إلى الآن وعشرات الآلاف من العراقيين أوضح بوش أن بعض الخيارات غير واردة على الإطلاق.

فقد نحى جانبا اقتراحا من لجنة كانت مؤلفة من خبراء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بطلب المساعدة من إيران وسوريا البلدين المجاورين للعراق والعدوين في الوقت ذاته لواشنطن لتحقيق الاستقرار في العراق وبدلا من التحدث عن خفض حجم القوات الأمريكية يقال إنه يبحث جدي زيادة مؤقتة.

وجعل هذا البعض يتوقعون أن بوش الذي يفخر بأنه دائما ما يصر على قراراته لن يعلن تغييرات كبيرة تذكر.

وقال جوزيف سيرينسيون وهو محلل للشؤون الخارجية في مركز التقدم الأمريكي وهو مركز بحث ليبرالي في واشنطن "إنه الآن محاصر بين الاعتراف بأن الحرب كانت خطأ وأن سياسته فشلت وبين المضي قدما رغم المصاعب."

وأضاف "يبدو أن الرئيس يفضل انهيار الوضع برمته في العراق على أن يعترف أنه كان مخطئا."

وبما أن الكونجرس في عطلة حاليا فإن عدم رغبة بوش الظاهرة في الإذعان تبدو محاولة أيضا لإعادة تأكيد قوته وإنقاذ ما تبقى من فترة ولايته وهو عامان.

وما من شك أن متاعبه السياسية المحلية ستزيد ابتداء من الرابع من يناير كانون الثاني عندما يسلم الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه السيطرة على الكونجرس إلى الديمقراطيين الذين فازوا في انتخابات التجديد النصفي التي أجريت في السابع من نوفمبر تشرين الثاني فيما نظر له على نطاق واسع على أنه عقاب له بسبب سياسته في العراق.

وأقر بوش في ذلك الحين بأن استياء الناخبين من طريقة التعامل مع الحرب ساعدت في إنزال الهزيمة بحزبه وسرعان ما تخلص من وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وهي خطوة طالما سعى إليها الديمقراطيون وبعض الجمهوريين.

ويطالب أعضاء رئيسيون في الكونجرس من الحزب الديمقراطي بجدول زمني لسحب القوات الأمريكية وهو ما يرفضه بوش.

وكتب جون كيري عضو مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي الذي هزم أمام بوش في انتخابات الرئاسة عام 2004 في واشنطن بوست يقول "ليس هذا هو الوقت الملائم للعناد كما أنه ليس وقتا ملائما لأنصاف الحلول."

وزاد تقرير أصدرته هذا الشهر مجموعة دراسة العراق التي شارك في رئاستها وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر من الضغوط التي تسعى لإحداث تغييرات عميقة في سياسة العراق للتعامل مع ما قالت المجموعة إنه "وضع خطير ومتدهور".

ولم يبد بوش قدرا من التحمس لتوصياتها وقال بعض المعلقين إنه ربما يكون من أسباب مقاومته استياؤه من الانتقاد الضمني الذي صدر من ساسة قدامى محنكين مثل بيكر وهو من الموالين لعائلة بوش.

وبدلا من تبني بوش لدعوة المجموعة إلى سحب القوات الأمريكية القتالية بحلول أوائل عام 2008 فإنه يفكر في إضافة 30 ألف جندي خاصة للمساعدة في تأمين بغداد.

وفي حين أن الفكرة نالت تأييد عضو مجلس الشيوخ جون مكين وهو منافس محتمل في انتخابات الرئاسة التي تجرى عام 2008 فإنها تلقى معارضة من منافس آخر يتمنى المشاركة في الانتخابات من الحزب الديمقراطي وهو السناتور جوزيف بايدن الرئيس المقبل للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

وقال بايدن للصحفيين "لقد سببنا انهيار العراق بالفعل. نحن على وشك التسبب في انهيار جيش الولايات المتحدة." وهو يعتزم تنظيم جلسات ابتداء من التاسع من يناير كانون الثاني لبحث سياسة بوش في العراق.

وقال سكوت ستانزل المتحدث باسم البيت الأبيض إن الرئيس يسعى للتأكد من أن كل الخيارات حظيت "بما يكفي من بحث تحتاج إليه". وهناك تكهنات بأن بوش ربما يظهر على شاشات التلفزيون بحلول منتصف الأسبوع المقبل لتحديد جدول الأعمال قبل عودة الكونجرس للانعقاد.

وحتى إذا ما استمر بوش في رفضه التام لإحداث تغييرات رئيسية في استراتيجيته فإنه بدأ يغير من خطابه.

فقبل الانتخابات كان يصر على أن الولايات المتحدة تحقق انتصارا في العراق "بلا شك". ولكن في مقابلة أجرتها معه واشنطن بوست في الأسبوع الماضي قدم وجهة نظر أكثر قتامة.

وقال بوش "نحن لسنا منتصرين.. ولسنا مهزومين."

ويلتقي الرئيس الامريكي جورج بوش مع كبار مستشاريه في ضيعته بتكساس يوم الخميس لدراسة خيارات استراتيجيته الجديدة في العراق التي يريد أن يعلنها الشهر القادم على الشعب الامريكي المستاء من الحرب.

وسيحضر اللقاء نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع روبرت جيتس ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس والجنرال بيتر بيس رئيس هيئة الاركان المشتركة ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي.

وأعلن البيت الابيض ان بوش بعد ذلك سيلقي بيانا أمام الصحفيين نحو الساعة 12.30 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1730 بتوقيت جرينتش).

ومن بين الخيارات التي يبحثها بوش "زيادة" القوات الامريكية في العراق لفترة قصيرة بهدف احتواء العنف المتصاعد.

ويقول الديمقراطيون إن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني والتي انتزعوا فيها الهيمنة من الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب عكست استياء الرأي العام الامريكي من حرب العراق ورغبته في التغيير.

وأعرب السناتور الديمقراطي جوزيف بايدن الذي سيرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في الكونجرس الجديد المنتخب عن معارضته لزيادة القوات.

وقال سكوت ستانزل المتحدث باسم البيت الابيض "امل ان ينتظر السناتور بايدن حتى يسمع ما سيقوله الرئيس قبل ان يعلن معارضته له."

واستطرد "الرئيس بوش سيتحدث قريبا الى قواتنا الى الشعب الامريكي والى الشعب العراقي عن المسار الجديد للتحرك قدما في العراق والذي سيؤدي الى بلد ديمقراطي موحد يمكنه البقاء والحكم والدفاع عن نفسه."

وفي الوقت الذي يفكر فيه بوش في تغيير استراتيجيته في العراق لاحتواء العنف حيث يموت عشرات المدنيين يوميا هدد أنصار الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالرد اذا أعدم الرئيس المخلوع.

واجتمع وزير الدفاع الامريكي الجديد مع الرئيس الامريكي في مطلع الاسبوع في المقر الرئاسي بكامب ديفيد بعد ان زار جيتس العراق في رحلة لتقصي الحقائق. وتسلم جيتس وزارة الدفاع من وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد وكان من المخططين الرئيسيين لحرب العراق.

وصرح بوش الاسبوع الماضي بانه يدرس كل الخيارات بما في ذلك خيار زيادة القوات لفترة قصيرة.

ولم يعط المتحدث باسم البيت الابيض موعدا محددا للكشف عن استراتيجية بوش الجديدة لكن ستانزل قال ان ذلك متوقعا في يناير كانون الثاني القادم.

وقال بايدن، السيناتور عن ولاية ديلاوير، إنه سيدعو كافة مقدمي الاقتراحات المختلفة بشأن العراق لجلسات استماع على مدى ثلاثة أسابيع، تبدأ في التاسع من يناير/كانون الثاني 2007.

ومن بين المدعوين للشهادة، وزراء الخارجية السابقين وأكاديميين وأعضاء في مجموعة دراسة العراق وشهود خارجيين بغية دراسة الأفكار المختلفة حول العراق.

وقال بايدن إنه سيعارض خطط الرئيس جورج بوش المتعلقة بإرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى العراق، مشيراً إلى أن هذا المخطط لن ينجح.

وأوضح السيناتور الديمقراطي قائلاً: "ينبغي علينا أن نخفض تدريجياً من قواتنا هناك لإجبار العراقيين على تلبية احتياجاتهم بإنهاء هذه الحرب الأهلية عن طريق التوصل لاتفاق سياسي."

وأشار بايدن إلى أنه يفضل تقسيم العراق، وهو ما تعارضه مجموعة دراسة العراق والقادة العسكريين.

وكان بايدن من الداعين إلى استقالة وزير الدفاع الأمريكي السابق، دونالد رامسفيلد.

ففي الرابع من يونيو/حزيران الماضي، دعا بايدن، الذي تقول تقارير إنه سيكون مرشّح الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، رامسفيلد إلى الاستقالة، على خلفية التحقيقات التي تجرى بشأن ما إذا كانت القوات الأمريكية قد ارتكبت فظاعات في مدينة حديثة العراقية في نوفمبر/تشرين الثاني. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 29/كانون الأول  /2006 - 7 /ذي الحجة /1427