أكاديميون عراقيون: تقرير بيكر لحل مشاكل أمريكا وليس مشاكل العراق

  انتقد أكاديميون عراقيون يوم الاحد تقرير لجنة بيكر - هاملتون وقالوا إنه يهدف الى ايجاد حلول لمشكلة الادارة الامريكية في العراق وليس لحل المشاكل العراقية.

جاء ذلك خلال ندوة علمية متخصصة نظمتها وزارة التعليم العالي العراقية في مبنى جامعة النهرين في بغداد وحضرها مجموعة من الاكاديميين العراقيين من اساتذة العلوم السياسية من جامعتي بغداد والنهرين.

وقالت الدكتورة وصال العزاوي عميدة كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين خلال الندوة إن تقرير لجنة بيكر - هاملتون " لم يقترح حلا للقضية العراقية ولم يأتِ الا بمصالح الولايات المتحدة في وقت غابت الى حد ما مصالح الشعب العراقي ولم يشر من قريب او من بعيد الى الجهة التي يجب ان تتحمل مسؤولية الاخطاء التي اقترفت بحقه منذ عام 2003."

وقدمت لجنة ( بيكر - هاملتون) تقريرها إلى الرئيس الامريكي جورج بوش في وقت سابق من هذا الشهر ، حيث تضمن التقرير عدة مقترحات من بينها الإسراع ببناء القوات العراقية لتكون قادرة على تولي الملف الأمني في البلاد ،إضافة إلى مقترح بسحب القوات الأمريكية غير القتالية من العراق.

وتضمن التقرير ( 79) فقرة أو توصية ، تضمنت الدعوة إلى إجراء مباحثات مع كل من إيران وسوريا للمساعدة في حل الوضع العراقي ،والطلب من الحكومة العراقية إحراز تقدم في الوضع السياسي.

وأضافت العزاوي أن التقرير كان "يهدف الى تقييم تجربة الولايات المتحدة في العراق وتأشير مكامن النجاح والاخفاق لسياستها في العراق كي يصبح عاملا مساعدا لسياستها في خطواتها المقبلة وابراز المصلحة الامريكية فوق المصلحة العراقية دون النظر الى المآساة العراقية."

ومضت العزاوي تقول إن التقرير "لم يعط العراقيين الدور الاعمق لحل مشكلاتهم."

وقالت العزاوي إن " عبارة الى الامام معا ، وهو العنوان الذي حمله التقرير ، اصبح غاية بعيدة المنال ، فالمشكلة العراقية التي تعكسها الاحداث على الارض قد تكون قد خرجت بالفعل عن نطاق السيطرة."

من جانبه قال الدكتور فكرت نامق عبد الفتاح استاذ العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين إن التقرير " عبر عن عمق الورطة الامريكية في العراق وانه جاء ليبحث عن الالية لاخراج امريكا من الوحل الذي انغمست فيه بصورة عميقة حتى طال الجميع وليس البحث عن آلية لتقصي الحقائق بالمعنى القانوني او حتى السياسي."

وأضاف أن التقرير "يركز على عملية توجيه الاتهامات .. فقد عمدت المجموعة على تجنب التناحر وممارسة اساليب الابتزاز السياسي وركزت جهدها كله على مايفيد فقط في تشخيص الواقع والتعرف على سبل تجاوزه."

وأشار إلى أن أهم ماتضمنه التقرير هو أن "أمريكا التي اتخذت قرارا منفردا بخوض الحرب ضد العراق لم تعد قادرة على الخروج منفردة منه واصبحت الان بحاجة الى عون كثير لانقاذها في مهنتها.. وان ازمات الشرق الاوسط مترابطة ولن يكون بمقدور امريكا العثور على مخرج مالم تقدم على حل هذه المشكلات بشكل متزامن وخصوصا الصراع العربي الاسرائيلي والازمة اللبنانية."

وفي الاطار نفسه ، قال الدكتور عبد الجبار أحمد استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد ان اللجنة " التي لم تلتق الا بثمانية وثلاثين شخصية عراقية مقابل مئة وسبعة وسبعين شخصية امريكية قدمت هذا التقرير ليعبر عن وجهة نظر امريكية وهو موجه الى الادارة الامريكية وليس الى السلطات العراقية."

وأضاف أن التوصيات التي تضمنها التقرير وهي 79 توصية "هي كثيرة جدا ولكنها تحتاج الى جهد اكثر واكبر لانجاحها ناهيك عن الوقت الذي اصبح سيفا على رقاب العراقيين."

ودعا الدكتور عامر حسن الفياض عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد الى تشكيل "لجنة دراسة عراقية محايدة تاخذ على عاتقها دراسة الجوانب الايجابية التي جاء بها التقرير وايجاد الحلول لها وبما ينفع المصلحة الوطنية العراقية."

وقال الفياض " هناك حاجة عراقية لتشكيل مثل هذه اللجنة لدراسة المشاكل التي شخصها التقرير ورسم خارطة طريق عراقية."

وأضاف أن الحكومة العراقية بامكانها اجراء مثل هذه الدعوة لتشكيل لجنة " وستكون الدراسة غير ملزمة للحكومة لكنها (الحكومة) ملزمة بدراسة توصياتها لتختار مايصلح منها وتترك مالايصلح منها وان يكون المعيار في الاختيار هو المصلحة الوطنية العراقية العليا."

واجمع الاكاديميون على ضرورة وضع " خارطة طريق عراقية " تبلور رؤية وطنية لمعالجة مشاكل البلاد وتجاوز محنتها الحالية.

وقال الاكاديميون في الندوة ان اللجنة لم تأت بحل سحري للمشاكل العراقية ولم تحدد الجهة التي ينبغي أن تتحمل مسؤولية الأخطاء التي اقترفت بحق العراقيين منذ العام 2003 وحتى الان كما أظهرت عجزها عن استشراف مستقبل واضح للعراق.

ودعوا الى ضرورة وضع خارطة طريق عراقية لتجاوز المحنة التي تمر بالبلاد حاليا تنسجم مع مصالحهم.

واشار اخرون الى ان عملية التركيز على عمل اللجنة وتوصياتها دلالة واضحة على أن الادارة الأمريكية الحالية بدأت بفتح أبواب التغيير التدريجي لسياستها في الشرق الأوسط بشكل عام والعراق خاصة وأن هذا التغيير ينحصر في الجانب التكتيكي وليس الاستراتيجي. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 26/كانون الأول  /2006 - 4 /ذي الحجة /1427