الشيخ المنتظري في حوار عن العراق: الدول المجاورة بأمكانها استخدام النفوذ المعنوي والسياسي لأنهاء الحرب الجارية

اجرى الحوار: عبد الكريم الغزي

 * نظرية ولاية الفقيه ربما لاتلائم طبيعة العراق حيث ان العراق متشكل من القوميات والطوئف المختلفة مع الاديان والمذاهب المتفاوتة

* احسن الطرق لمواجهة الاحتلال هو ايجاد الارضية السياسية للشعب ودعم الحكومة الوطنية بواسطة حضور الشعب في الساحة وتوحيد كلمتهم ونفي الخلافات الطائفية والقومية

* ومع الاسف الشديد بلغ الامر في العراق الى حد أصبح الهدف الاسمى والاهم لكل المسلمين من الشيعة والسنة وغيرهم قتل أنفسهم بايديهم ولا نعلم الى متى والى اين يطول هذا الامر ويدور هذا الامر الخطير

 

النبأ- قم المقدسة

 سماحة المرجع الديني اية الله العظمى الشيخ المنتظري يعتبر من الاعمدة والاركان الرئيسية  التي ساهمت بتأسيس الثورة الاسلامية في ايران ولما لهذه الشخصية من ثقل في الساحة الايرانية خاصة والاسلامية من خلال اطروحاته حول ولاية الفقيه ومؤلفاته التقى مندوب جريدة قطوف الصادرة عن الوقف الشيعي للوقوف على رأي سماحته حول ما يدور في العراقي بعد سقوط النظام الشمولي.

في البدأ نشكر سماحتكم منحنا فرصة اللقاء للاطلاع على أرائكم وتصوراتكم حول الوضع القائم في العراق ورؤيتكم للمستقبل.

 

س1.ماهي نظرة سماحتكم بالاوضاع التي تجري بالعراق وهل ماحصل للعراق امر طبيعي يحدث بعد سقوط نظام طاغوتي متسلط ام ان ما حصل هو بسبب أزالة هذا النظام من قبل تدخل اجنبي وليس على يد ابناء الوطن ؟

ج1: الاوضاع الراهنة في العراق بعد اندلاع الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة وبعد ما نشاهد كل يوم نزف دماء الابرياء سبب التألم والتاسف لكل نفوس الغيارى من العراقيين وغيرهم. لاشك ان استمرار هذا الوضع المؤسف يشكل خطرا كبيرا ً للعراق شعبا ًوحكومة –ولاسمح الله – وبأمكانه ان ينتهي الى انقسام العراق، الامر الذي يعود نفعه الى الاجانب المحتلين وهم كانو يسعون في طلبه.

وبالطبع بعد سقوط النظام الطاغوتي وانحلال الجيش واجهزة الامن البعثي وتخلص الشعب والتكتلات السياسية والمذهبية التي كانت  تحت الضغط والهيمنة الجهنمية، بعد كل هذه الامور، فأن التضارب الفكري والعقائدي امر طبيعي لامحيص عنه، ولكن حيث ان النظام الصدامي كان ينتسب الى اهل السنة، فلعل اهل السنة او قليل منهم يشعرون بخطر عزلهم عن القدرة كلياً وأستلامها بالكل من قبل الشيعة ويظنون ان الشيعة بصدد الانتقام منهم بما جرى في النظام السابق.

وفي رأيي أن هذا الشعور هو السبب الاساسي لقبول الاثارات واندلاع الحرب الداخلية بين الشيعة والسنة وفي رايي ان رفع هذا الشعور الباطل انما هو من وظيفة العلماء والمراجع العظام والمفكرين والسياسين وشيوخ العشائر العراقيين.

ومن ناحية اخرى فان التكتلات والاحزاب الشيعية وجميع الشيعة في العراق الذين كانوا في النظام الصدامي الساقط  تحت الضغط الشديد وقد واجهوا المحن العظيمة، وتخلصوا الان منها، وتوصلو الى القدرة نسبيا في العراق لابد ان يكون تعاملبهم مع اهل السنة بحيث لايقوي هذا الشعور لديهم ولايظن اهل السنة ان الشيعة بعد توصلهم الى القدرة يكونون خطراً عليهم وانهم بصدد الانتقام منهم، فأن تقوية هذا الشعور يوجب اندلاع الحرب الدخلية اكثر فاكثر وتوسيع الحرب الطائفية.

وفي هذه الظروف الخطيرة يجب على الشعب العراقي المظلوم دعم النظام الشعبي المنتخب والتجنب عن كل ما يوجب الخلاف الداخلي والطائفي. وقد روي عن امير المؤمنين عليه السلام (اسد حطوم خير من سلطان ظلوم, وسلطان ظلوم خير من فتن تدوم) ولابد ان يعلم الشعب العراقي ان الخلاف الداخلي والحرب الطائفية يسبب استمرار الاحتلال واضمحلال القوى الفعالة والثروات العظيمة من الشعب.

 

س.2 هل طرح اوالسعي لاقامة دولة اسلامية في العراق ممكن في هذه المرحلة على ضوء نظرية ولاية الفقيه؟

ج.2 نظرية ولاية الفقيه ربما لاتلائم طبيعة العراق حيث ان العراق متشكل من القوميات والطوئف المختلفة مع الاديان والمذاهب المتفاوتة. نعم لو اراد الاكثرية الساحقة من الشعب تأسيس حكومة دينية بحيث ان القوانين الشرعة في المجلس التشريعي لاتخالف الاحكالم الشرعية الدينية فعليهم اولا ً- تعيين شكل الحكومة متناسبا مع طبيعة الشعب وتقريره في الدستور تم ترشيح العلماء العراقيين من الشيعة والسنة هيئة من رجال الدين وانتخابهم من ناحية الشعب العراقي على القوانين المشرعة.

 

س3.التعددية المرجعية او الحزبية هل هي حالة جيدة تخدم المجتمع العراقي ام ترونه عكس ذلك؟

ج3: مبدئياً فأن تعدد المراجع والاحزاب في نفسه بملاحظة تعدد وتضارب الافكار امر مرغوب فيه ولاشك في ذلك على شرط ان يتعاونوا وان يجمعوا كلمتهم في سبيل الاهداف المعنوية ويتبادلوا النظر في جميع المجالات الدينية والسياسية لان التعددية مع الخلاف والصدام الفكري سبب لتضعيف الرموز الفكرية. نعم ان امر التقليد الفقهي موضوع اخر وله شروط شرعية ومنها الاعلمية في المسائل الخلافية فلا بد مراعاتها من دون أي ملاحظة قومية او وطنية.

 

س4. ماهي الوسيلة الامثل للتعامل مع الاحتلال هل هي العمل السياسي ام العمل المسلح وايهما اجدى برأي سماحتكم لتخليص البلاد من الاحتلال؟

ج4. رأيي ان احسن الطرق لمواجهة الاحتلال هو ايجاد الارضية السياسية للشعب ودعم الحكومة الوطنية بواسطة حضور الشعب في الساحة وتوحيد كلمتهم ونفي الخلافات الطائفية والقومية. نتيجة هذه الاطروحة هي توجيه الانظار في الداخل والخارج نحو خروج قوى الاحتلال من العراق.

 

س5. لكم اطروحات كثيرة بالرد على الفكرالسلفي المتطرف اخرها على السلفي التكفيري عبد الله بن جبريل ونحن في العراق نعاني من توسع هذا الفكر التكفيري وانتشاره بين شباب المذهب السني مما تسبب بخلق بذور الطائفية المقيت في البلاد ماهي الوسائل والاليات للتخلص من من هذا المد الذي عاث في الارض فسادا؟

ج5.  من المؤسف شديدا ً ان التفكير السلفي الرجعي الذي تظاهر في عصرنا في الفئة الوهابية والقاعدة يعرف نفسه بأسم الاسلام  وحتى الان بسبب اعمالهم السخيفة واشاعة الفكر الارهابي سبب وهنا ً للاسلام في العالم.

فاللازم على العلماء والمفكرين والمثقفين في كل بلد ان يفصلوا هذه الفئة الباغية وهذا التفكير عن حساب الاسلام ويعرفوا في نفس الوقت الاسلام الحقيقي الذي هو دين الرحمة والسلام، وأن ينبهوا المسلمين الذين قد اثر هذا التفكير السلفي في نفوسهم.

 

س6. نصائحكم للشعب العراقي وهو يرزح تحت وطات هذا الخراب الذي طال كل شئ؟

ج6. مرة اخرى اصر وأؤكد على خطر الحرب الطائفية القائمة اليوم في العراق واُذكر بأن استمرارها يخاطر بالدين كله وبالدولة في العراق وهذا هو الذي كان المستعمرون قديما بصدده في الاقطار الاسلامية. ومع الاسف الشديد بلغ الامر في العراق الى حد أصبح الهدف الاسمى والاهم لكل المسلمين من الشيعة والسنة وغيرهم قتل أنفسهم بايديهم ولا نعلم الى متى والى اين يطول هذا الامر ويدور هذا الامر الخطير. والله اعلم.

في هذه الظروف الحساسة فأن واجب جميع طبقات الشعب العراقي من المسلم وغير المسلم ان يحفظوا بلدهم من خطر الانقسام والاضمحلال وهدر القوى والثروات وليعلم كل من الاخوة الشيعة والسنة وغيرهم انه مادامت الحرب الداخلية الطائفية قائمة في العراق، فأن قوى الاحتلال تستغل ذلك في سبيل بقائهم في البلد بحجة حفظ الامن فيه.

وفي الختام اذكر بكلمة الى المراجع العظام والعلماء المحترمين في العراق ايدهم الله تعالى وهي ان يستخدموا نفوذهم المعنوي بأي نحو يرون فيه المصلحة لانها ارضية الخلافات والخصومات الطائفية التي هي السبب الاساسي للحرب الداخلية الراهنة.

وهذا الامر بطبيعة الحال يطلب التعامل الجدي المباشر الدائم مع رجال الدين من السنة لاسيما من كان منهم ذا نفوذ وتأثير في اهل السنة وتبادل وجهات النظر معهم لايقاف هذه الحرب الداخلية الدامية وايجاد السلام والوفاق بين الاخوة المسلمين وغيرهم كما امر الله تعالى في كتابه الشريف (ياايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة )البقرة208

اليوم يقدر علماء الشيعة المحترمون في العراق على هذا الامر وبأمكانهم مع التدبيروسعة الصدر ان يتقدموا في هذا السبيل الوحيد لأنقاذ هذا البلد الاسلامي من الحروب والفتن الداخلية.

وعلى رجال الحكومة ان يستغلوا الفرصة ويستفيدوا من النفوذ المعنوي والسياسي للدول المجاورة للعراق المظلوم في هذا المجال ولايتأثرون من القوى المحتلة. ولاشك في ان الدول المتجاورة المتنفذة من دون التدخل في الامور الداخلية العراقية بأمكانهم استخدام النفوذ المعنوي والسياسي الذي لديهم لأنهاء الحرب الجارية في هذا البلد الاسلامي وايجاد ارضية السلام في المنطقة واخراج القوى الاجنبية منها.

ارجو لكم التوفيق لخدمة الاسلام ونصر الحق والعدل.واسأل الله تبارك وتعالى النصر والعظمة للاسلام والمسلمين السلام على جميع الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 25/كانون الأول  /2006 - 3 /ذي الحجة /1427