عام صعب في العراق وسط تجاذب اقليمي وتناحر مذهبي وتغيير اميركي محتمل

  يواجه العراق في السنة الرابعة بعد سقوط نظام صدام حسين احتمالات شتى تهدد مستقبله مع عملية شراكة سياسية مستعصية وتدهور الاوضاع الامنية وتصاعد التوتر المذهبي وسط تجاذبات اقليمية تتزامن مع استعداد واشنطن لتغيير استراتيجيتها.

وقال وزير النفط السابق ابراهيم بحر العلوم ان "العملية السياسية تعرضت للخطر (...) كانت في مهب الريح لكن التغيير في الاستراتيجية الاميركية قد يكون نافعا لحمايتها". واضاف الوزير السابق في العام الرابع منذ الاطاحة بنظام صدام حسين ان "هناك صراعا سياسيا وليس طائفيا يمكن حله عبر تفاهم اقليمي ودولي انما بمبادرة عراقية".

وتابع في تصريح لوكالة فرانس برس ان "تقرير لجنة بيكر هاملتون يتضمن نقاطا ايجابية. انها فرصة جديدة لتغيير الاستراتيجية الاميركية ونقل الملف الامني الى العراقيين". وشدد على "ضرورة فتح حوار مع ايران وسوريا والسعودية بمبادرة محض عراقية".

وحذر التقرير الذي اعدته مجموعة يرئسها وزير الخارجية الاميركي الاسبق جيمس بيكر والنائب السابق لي هاملتون من انه "اذا لم تحرز الحكومة العراقية تقدما جوهريا نحو تحقيق اهداف المصالحة الوطنية والامن وحسن الادارة فعلى الولايات المتحدة ان تخفض دعمها السياسي والعسكري والاقتصادي" لها.

وتابع بحر العلوم "اذا نجحت الجهود في تحجيم العنف فسينعكس ذلك على باقي الملفات" في المنطقة في اشارة الى الملفين اللبناني والفلسطيني مشيرا الى "انها فرصة جديدة للعراق لمراجعة المواقف السابقة يجب استثمار الدعم الاقليمي والدولي".

وعبر عن اعتقاده بان "خطورة الاوضاع تدفع الاطراف المعنية الى التعاون".

وتعاني المؤسسات الجديدة الناجمة عن انتخابات واستفتاء مثل البرلمان والحكومة والدستور من اوضاع هشة وصعوبات في ترسيخ ركائزها رغم ما اكتسبته من شرعية.

كما انها تواجه تحديات سياسية وامنية محليا واقليميا وخصوصا مع اندلاع اعمال القتل المذهبية الطابع وانعكاستها على المنطقة.

وبعد عام على انتخابات شاركت فيها اطراف كانت رفضت خوض معركة مماثلة قبل سنتين تراوح العملية السياسية مكانها بينما وصلت الشراكة في المؤسسات الدستورية في اطار العملية السياسية الى ما يشبه الطريق المسدود.

فما تعتبره الاكثرية الشيعية والكردية حقا يكرس حجمها وتاثيرها تراه الاقلية من العرب السنة انتقاصا من دورها.

وبلغت حال التازم السياسي الذروة مع تهديد اكبر كتل العرب السنة في البرلمان بالانسحاب من العملية السياسية "وحمل السلاح" اذا اقتضى الامر في حال عدم تحقيق "التوازن" في القرارين الامني والسياسي.

وانتقلت الى المحيط المجاور شكاوى العرب السنة وابرزها التذمر من الميليشيات الشيعية والدعوات المتصاعدة التي تطالب بحلها كما فعل قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال قمتهم في الرياض في العاشر من الشهر الحالي.

وفي هذا السياق قال خبير في العلاقات الدولية ان "التدخل العربي يجب الا يكون استفزازيا اي يكون داعما لطرف دون اخر". واضاف رافضا ذكر اسمه "يجب على العرب الا يتعاملوا مع العراق كما تفعل ايران وتركيا. فهؤلاء غرباء في نهاية الامر والعراقيون عربا بغالبيتهم بغض النظر عن المسميات الطائفية".

وانعكست قضايا العراق الداخلية من امنية وسياسية ومسألة بقاء القوات الاميركية من عدمه تجاذبات بين دول الجوار وخصوصا في ظل تصاعد مرحلة استقطاب شديدة الخطورة بين مختلف القوى التي تملك وسائل التاثير في الاوضاع المضطربة اصلا.

وقد تعقدت الامور الى درجة دفعت واشنطن الى الاستعانة ب"الاصدقاء" من القوى الاقليمية الحليفة مطالبة اياها بالتدخل لدى العرب السنة لاقناعهم بمواصلة العملية السياسية رغم "خيبات الامل".

وكانت قوى العرب السنة اعلنت قبل فترة انها ستواصل "مسيرة الشراكة" التي بداتها لكنها شددت على ضرورة ان تتخذ الحكومة قرارا بحل الميليشيات الامر الذي يتردد المالكي في اقراره تحسبا لعواقبه وما قد يجره من مصاعب اضافية تغرق الحكومة اكثر فاكثر في مستنقع الخلافات الداخلية.

واعتبر استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حافظ حسين ان "المشكلة تكمن في عدم توصل المرجعيات بانواعها وتحديدا الدينية الى توافق للخروج من الازمة". وقال ان "تقرير بيكر هاملتون لا يحل مشكلة العراق طالما انه مجموعة توصيات ولصاحب القرار ان ياخذ بها او لا ياخذ. فهو يشكل حلا لمازق القوات الاميركية وفي حال تطبيقه فسيقلل من خسائر الاميركيين".

وراى ان التقرير يشكل "براءة ذمة بمعنى ان واشنطن قامت بما يتوجب عليها والان جاء دور العراقيين. كما انه لا يخلو من تهديد بوقف الدعم".

واشار حسين الى ان "اشراك سوريا وايران كما يطالب التقرير ليس حلا جذريا للعلاقات بين واشنطن ودمشق وطهران انما نقطة تحول بسيطة من شانها اغراء البلدين بالعدول عن المساهمة في تدهور الاوضاع الامنية".

واكد ان "هاتين الدولتين لا يهمهما كثيرا تردي الاوضاع انما كسر شوكة الولايات المتحدة".

اما على صعيد الامن فقد انفلتت الامور من عقالها بعد تفجير مقر الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في 22 شباط/فبراير الماضي وما اسفر عنه من تخبط عشوائي ساهم في تغذية الاتهامات للحكومة بانها تدعم الميليشيات و"فرق الموت".

ورغم شراسة التناحر المذهبي لم تتدهور الحال الامنية حتى الان بشكل لا يحمد عقباه. ويعترف الجميع وخصوصا رئيس الوزراء نوري المالكي ان "المشكلة سياسية وليست امنية".

وفي هذا السياق اطلق المالكي منتصف العام مبادرة المصالحة الوطنية التي تتضمن محطات عدة مثل مؤتمرات للعشائر وفعاليات المجتمع المدني والقوى السياسية لكن الامور ما تزال تتعثر في غياب اتجاه واضح للالتزام بنتائج هذه التجمعات. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 25/كانون الأول  /2006 - 3 /ذي الحجة /1427