حين يقف أبطالنا حفاة على منصة الفوز ويضيع المال العام

طالب الوحيلي

  ما نسمعه او نقرأه حول مبالغ خيالية ترصد او تصرف لمشاريع خدمية، تكفي لبناء مؤسسات عملاقة وإصلاح كل ما دمر من بنى تحتية، لكن الواقع لا يوحي باي اثر لتلك الثروات الا على طبقة طفيلية نمت أخيرا وترعرعت وسط محيط الغفلة وعدم الجدية في الحرص على المال العام، بعد ان ضاع الحابل بالنابل واهتزت المثل فلا حسيب او رقيب لا للانا العليا ولا للانا السفلى مادام البعض لا ينظر الى المال العام في كونه مال المسلمين.

ولله درك يا مولاي يا أمير المؤمنين حين تطفئ سراجا لان زيته من بيت المال حين يطلبك مسلم لأمر خاص، او حين تضع جمرة في راحة عقيل شقيقك ليشعر بلسع نار الدنيا التي لابد ان تذكره بنار الآخرة لو انه طمع بذرة من مال الله، او حين يخصف نعله بيده لانه استحى من الخاصف لكثرة مافيه من مزق وهو أمير المؤمنين ومالك كل ثرواتهم، وكل ذلك أغلى عنده من حكم لم يستطع فيه أداء حد من حدود الله او امر بمعروف او نهي عن منكر..

فكيف بنا اليوم وقد تسابق البعض في اغتصاب هذا المال عبر صفقات مرعبة او السكوت اصلا عن العبث بهذا المال، فملايين الدولارات التي نهبها وزير الكهرباء الأسبق تركت المواطن يعيش ظلام العصور، وحين أريد القصاص منه كوفئ بعقوبة هي مزحة اكثر من كونها جزاء ليشيع امر تهريبه منذ اليوم الأول لصدور الحكم، وتراخى الخبر ليعلن هذه الأيام عن هروب الجاني المذكور من سجنه او محبسه لان عقوبته كانت الحبس لمدة سنتين !!

ويتحدث البعض عن النزاهة وهيأتها ولجان مكافحة الفساد ودوائر المفتشين العامين، عناوين جميلة لا معنى لها مادام الأمن العام قد ضاقت مساحاته في بغداد ليسرق مليون دولار في شارع السعدون وفي وضح النهار، تعقب ذلك سرقة مليار وربع المليار من العملة العراقية اثر عملية سطو او ماشابه ذلك على مصرف الزوية في الكرادة ! وكان قبل ذلك بايام قد اختطف ثلاثة من موظفي منشأة نصر مع ما يعادل 400 الف دولار وهي الرواتب المخصصة لمنتسبي المنشأة الذين اوقف نشاطهم بعد ان خطف اكثر من ثمانين من زملائهم وقلوا جميعا ومر ذلك مرور الكرام كونهم من اتباع اهل البيت وتلك قصة يرويها من نجا بسبب عدم تطابق الاسم والهوية..

اكثر من مليوني ونصف من العملة الصعبة،  لو وقعت بيد الزمر الارهابية فكم عنصر تجند وكم قطعة سلاح تشتري وكم برميل من المواد السريعة الانفجار سوف تحوي ؟! فحسب تصور الفقراء الموبوئين بالدخل المحدود او عمال المساطر الذين يعملون يوما وينتظرون بضعة ايام ليوم عمل جديد وبمبلغ لا يزيد عن اجور وجبتي غداء وعشاء بائسة، او يقعون فريسة انتحاري قاطعا الفيافي والبحار،  جاء للعراق أملا في قتل اكبر عدد ممكن من هؤلاء الفقراء، البعض من الوطنيين جدا لا يقلقهم ذلك مادامت وارداتهم الشهرية تتعدى الملايين من الدنانير العراقية، ولعل ما أشار اليه النائب حسن السنيد من إن إجمالي المخصصات الشهرية المقررة لأعضاء البرلمان " تصل إلى ( 17) مليون دينار" أي ما يزيد قليلا عن ( 12) الأف دولار أمريكي،  أعضاء مجلس النواب "يمنح كل منهم ستة ملايين دينار عراقي مقطوعة شهريا، منها أربعة ملايين كراتب.. ومليوني دينار لإيجار السكن."وتابع "إضافة إلى عشرة ملايين دينار رواتب أفراد الحماية المخصصة لكل عضو (20 فردا).. بواقع نصف مليون لكل عنصر من الحماية شهريا.” وأضاف السنيد أن هناك أيضا "مليون دينار لكل عضو في البرلمان شهريا، مخصصة كبدلات للأكل والنقل."فيما يعرف ابسط مواطن ان معدل رواتب المستشارين تزيد على الالفي دولار شهريا و ان الأعضاء السابقين في الجمعية الوطنية يتقاضون رواتبا تقاعدية كبيرة جدا بسبب تمثيلهم للشعب العراقي خلال مدة انعقاد الجمعية الوطنية.

ليس ذلك كثير على مشرع او نائب في البرلمان او مسؤول حكومي وسط موجة الارهاب وعدم الاستقرار الامني وفي بلد نفطي يمتل ثاني احتياطي للبترول في الكون، لكن بعض النواب قد أعلنوا حربهم على الشعب صراحة وهم بلا شك يستثمرون هذه الثروات لدعم الزمر الإرهابية او لتمويل حملاتهم الإعلانية والإعلامية حتى صارت لهم قنوات فضائية وصحف صفراء ويكفي ان نائبا وابنته النائبة ايضا يقبضان من مال الشعب 24 الف دولار شهريا اي 36 مليون دينار وهما معروفان بتحرضهما وتصعيدهما الحرب الطائفية وقيامهما بتهجير عوائل اتباع اهل البيت وغير ذلك.

وغيرهما كثيرون هم اليوم اشد قسوة من الإرهابيين أنفسهم على الشعب العراقي كصالح المطلك الذي اعلن عن مقاطعته جلسات مجلس النواب  دون ان يتخذ بشأنه موقف ما، وغيره كثيرون..

ليس حسدا لبعض الذين يتقاضون هذه المرتبات ولكن حسرة على منتخبنا الاولمبي الذي فاز بأعز وأغلى ميدالية في أسياد الدوحة وانتزعوا الفضة من أقوى فرق آسيا المنعمين بالرفاه والخير لينتزعوا ايضا لحظات فرح من ذروة أحزان الشعب وآلامه وهو ما لم يتمكن ساستنا الكرام من منحه لهذا الشعب، فهل يصدقون ان احد مسؤولي الوفد قد أباح بسره وعلى استحياء كبير من انهم لم يمتلكون اجور طعام ؟!!! قال ذلك وهو يرد على سؤال مراسل العراقية الذي استقبل شباب الفقراء الفائزين (لم نر مسؤولا حكوميا يستقبلكم ؟!) فكان جوابه نحن الحكومة.وهو صادق بذلك لان كل فتى في الفريق العراقي وكل عنصر فيه كان يعلن نفسه أمام العالم بأنه ليس الحكومة فقط وإنما هو العراق وانهم جاؤوا لكي يفرحوا شعبهم وينسوه بعض احزانه !!

قبل ذلك بيوم انتقلت العراقية الى محافظة بابل الآمنة المستقرة بعض الشيء قياسا لبغداد، وهي تعيش عهد حكومة المحافظات، كانت هناك بطولة لاندية الاقضية لالعاب القوى في وقت مازالت صور الآسياد تمر في الذاكرة وقد حصدت الدول الميداليات المقرونة برفع اعلامها وصداح اناشيدها الوطنية وغياب العراق تماما عن المنافسات برمتها عدا فريق كرة القدم، كنت اترقب الشباب البابلي وهم يتخيلون انفسهم وهم في المضامير العالمية، ولكن حين وقف الابطال ليتوسموا أوسمة البطولة كان معظمهم حفاة الاقدام !!اي انهم لايمتلكون احذية رياضية (اجلّكم الله) وكانوا يركضون في ارض يباب ويقفزون على تراب صلب !!فاين ثروات العراق وما نفع الارصدة التي ارتفعت الى الأربعين مليار دولار ؟!

انها أسئلة موجهة الى أعضاء مجلس النواب الذين جاهد ابناء الفقراء وآبائهم وامهاتهم لانتخابهم، وهم سبب نعيمهم وذهاب نصفهم ومن يرافقهم لحج بيت الله في وقت يقتضي منهم ارتداء الاكفان جهادا من اجل العراق ومستقبله وبذل كل غال ورخيص من مالهم الخاص،وهم أولو أمر،  وهم على بينة من أحكام الشرع بهذا الشأن، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 24/كانون الأول  /2006 - 2 /ذي الحجة /1427