فشل التوصل إلى إقامة تحالف المعتدلين والائتلاف يستنجد بالنجف مرة اخرى

لم تتوصل جهود إقامة "تحالف المعتدلين" في العراق بين السنّة والشيعة والأكراد، إلى نتائج تذكر الجمعة، فيما بدا في الأفق عراقيل إضافية سببها موقف القيادة الشيعية التي ترى أن على هذا التحالف ألا يقاطع  كتلة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ويستثني ضمها لهذا التحالف.

وقال علي الأديب، نائب شيعي رفيع في الجمعية الوطنية العراقية "البرلمان" لشبكة CNN: "يتم تضليل الرئيس بوش."

وأضاف أن المسار السياسي في العراق مهدد من التكفيريين (السنّة المتشددين) وعناصر بعثية، وليس من الصدريين (في إشارة إلى تيار الصدر).

وكانت تقارير حول قيام "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" بتشكيل حلف سني - شيعي - كردي لعزل التيار الصدري، قد أثيرت الأسبوع الماضي، في وقت لمّح الرئيس الأمريكي جورج بوش الأربعاء بأن "تحالفا معتدلا" بدأ بالتشكل في العراق وسيهمّش أولئك "الذين يستعينون بالعنف لتحقيق غايات سياسية."

وقال أديب وهو من كتلة حزب الدعوة التي ينتمي لها رئيس الوزراء نوري المالكي، إن محادثات تجرى لإقناع الصدر بالعودة عن مقاطعة الحكومة والمستمرة منذ ثلاثة أسابيع، والتي أدت إلى خروج ستة وزراء و30 برلمانيا من الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة، ردا على لقاء المالكي مع الرئيس الأمريكي في العاصمة الأردنية عمّان في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم.

وأضاف أديب أن أيا من المجموعات الشيعية السبع الكبرى في كتلة "الائتلاف العراقي الموحد" الشيعية، بما فيهم عبد العزيز الحكيم زعيم المجلس الأعلى للثورة الاسلامية لا يؤمنون بعزل تيار مقتدى الصدر وعدم ضمه إلى تحالف محتمل.

هذا ولم تسفر الاتصالات بالسفارة الأمريكية في بغداد للوقوف على رأيها عن أية نتائج.

إلا أن متحدثا باسم تيار الصدر في مدينة النجف جنوب بغداد، نفى تقارير صدرت الأحد، بان التيار سينهي مقاطعته ويعود إلى الحكومة.

وبالنسبة لموقف الكتلة من قيام أي تحالف معتدل محتمل، أكد أحد نواب كتلة الصدر ناصر الربيعي لشبكة CNN "نحن ضد أي تحالف جديد منفصل عن تلك التي تشكلت تحت قبة البرلمان، والتي هي نتيجة الانتخابات الأخيرة والتي هي انعكاسا لإرادة العراقيين."

وقال إن المشكلة الحقيقة حاليا هي "نقص السيادة الحقيقة وشلل الحكومة في السيطرة على الوضع الأمني."

هذا وطغت وحدة الائتلاف العراقي الموحد ومساعي إعادة التيار الصدري عن قراره بتعليق عضويته في الحكومة والبرلمان على لقاء وفد يمثل اللجنة السباعية في كتلة الائتلاف العراقي الموحد مع المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني صباح اليوم السبت في مكتبه بمدينة النجف الأشرف.

وعقد الوفد الذي وصل صباح اليوم إلى مدينة النجف وضم خمسة من أعضاء كتلة الائتلاف؛ خالد العطية النائب الأول لرئيس مجلس النواب وحيدر العبادي وعلي الأديب من حزب الدعوة، ونصار الربيعي الناطق باسم التيار الصدري، وعبد الكريم العنزي زعيم حزب الدعوة - تنظيم العراق، مؤتمرا صحفيا عقب لقائه مع السيد السيستاني، أوجز في مستهله النائب حيدر العبادي أبرز النقاط التي تم التباحث فيها بقوله " بحث اللقاء وحدة الائتلاف بالدرجة الاولى باعتبار ان وحدة الائتلاف أمرا أساسيا في العملية السياسية و مصلحة البلد."

وأضاف "كما تم بحث الوضع في العراق بشكل عام، والعملية السياسية والوضع الاقتصادي وتقديم الخدمات للمواطنين."

ويمثل الوفد اللجنة السباعية التي تضم ممثلين عن المكونات الأساسية في الائتلاف العراقي الموحد التي تم تشكيلها عقب الانتخابات البرلمانية في شهر كانون الأول ديسمبر 2005.

وتضم اللجنة: المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي يرأسه السيد عبد العزيز الحكيم، وحزب الدعوة الذي يرأسه د. إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق، والتيار الصدري الذي يقوده السيد مقتدى الصدر، وحزب الدعوة- تنظيم العراق الذي يرأسه عبد الكريم العنزي وزير الأمن الوطني السابق وعضو مجلس النواب حاليا، وحزب الفضيلة الإسلامي الذي يعد الشيخ اليعقوبي مرشده الروحي، ومنظمة بدر التي يترأسها هادي العامري، وكتلة المستقلين التي يترأسها حسين الشهرستاني وزير النفط حاليا.

وقال حيدر العبادي أن "سماحة السيد السيستاني دعا الى وحدة الكلمة و تراص الصفوف ووحدة الائتلاف كونها تحقق مصلحة الشعب العراقي."

وأضاف "كما دعا الى دعم الحكومة وانجاحها بكل الاشكال، وأكد اعتزازه بالائتلاف وحرصه على وحدة العراق وقلقه مما يحصل من تردٍ أمني وتردي الخدمات."

من جانبه قال عبد الكريم العنزي" أوصى المرجع السيستاني الجميع بأن يحضروا في ميادين العمل السياسي و يتحملوا مسؤولياته بشكل كامل." في إشارة منه لتعليق التيار الصدري مشاركته في الحكومة والبرلمان.

وكان السيد السيستاني نفى أمس ما شاع من أنباء عن دعمه للجبهة السياسية الجديدة المزمع تكوينها بين المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والحزب الإسلامي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

وقال الناطق الرسمي باسم مكتب السيد السيستاني حامد الخفاف لـ (أصوات العراق) الجمعة إن "كل ما تناقلته وسائل الإعلام عن دعم السيد علي السيستاني للتحالفات الجديدة أمر غير صحيح." وقال المصدر إن "المرجعية الدينية لم تتطلع على رأي كافة الفرقاء السياسيين حول هذا الموضوع لكي تعطي رأيها."

ويشكل حزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء نوري المالكي والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحركة الصدر العمود الفقري للائتلاف الشيعي الموحد الذي أنشيء اساسا ليخوض الانتخابات بمباركة السيستاني.

ويقول أعضاء في الائتلاف انهم يضغطون على المالكي لتعقب الميليشيا الشيعية الموالية للصدر التي يتهمها العرب السنة ومسؤولون أمريكيون بادارة فرق للموت مسؤولة عن قتل عشرات الاشخاص يوميا.

وقال مسؤول اخر في الائتلاف ان الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر وانه يتعين على أنصار الصدر أن يتخذوا قرارا بشأن ما اذا كانوا باقين في الحكومة وانه اذا ارادوا الاستمرار في الحكومة يتعين عليهم العمل معها.

ويقول مسؤولون شيعيون ان عناصر مارقة في جيش المهدي هي المسؤولة عن أعمال القتل والخطف والتعذيب.

وينفي أنصار الصدر الاتهامات بأن جيش المهدي يدير فرقا للموت الا أن مصادر من الائتلاف قالت انه يمثل الان تهديدا للحكومة وان الائتلاف يخاطر بخسارة كل شيء.

وقال مصدر بارز في الائتلاف ان "هذا يلحق الضرر بكل شيء عملنا من أجله في السنوات الماضية منذ أن كنا في صفوف المعارضة." واضاف "لن نسمح بتدمير كل جهود وتضحيات شعبنا بسبب بعض الاعمال غير المسؤولة."

ووصل الشيعة الذين تعرضوا للقمع طويلا في ظل حكم صدام حسين الى السلطة بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 ويمثلون الان أكبر تكتل في البرلمان والقوة الرئيسية في حكومة وحدة تشمل أيضا أكرادا وعربا سنة.

وقالت مصادر قريبة من الصدر انه معتكف وانه ربما لا يجتمع مع الوفد. الا أن العبادي قال ان المفهوم أنه سيجتمع مع الوفد.

ووجدت حكومة المالكي صعوبة في قمع الميليشيات أو تحسين الخدمات العامة منذ تشكيلها قبل سبعة اشهر.

ووسط اتهامات للحكومة بأن بعض وزاراتها لا تزيد عن كونها اقطاعيات للاحزاب السياسية أعلن المالكي أنه يخطط لتعديل وزاري كبير لكي يجعل حكومته أكثر فعالية.

وقال العبادي ان الزعماء يسعون لاعادة تنشيط العملية السياسية مضيفا انه يتعين اجراء تعديل وزاري فعال وقوي.

بدوره طالب آية الله محمد اليعقوبي اليوم الجمعة قادة الائتلاف العراقي الموحد بإصلاح الاوضاع الداخلية داخل الائتلاف.

وأوضح اليعقوبى، المرشد الروحي لحزب الفضيلة أحد أعضاء الائتلاف العراقي الموحد، أن على قادة الائتلاف العراقي الموحد (أكبر الكتل في البرلمان) إصلاح الاوضاع الداخلية للائتلاف" المهدد بالانهيار والتفكك لانه لم يعمل وفق الاهداف التي اسس من أجلها ودعمته المرجعيه على أساسها."

وأضاف أن " فقدان الائتلاف لتأييد المرجعية يمثل خسارة استراتيجية لكل القوى."

وفي الوقت نفسه قال اليعقوبى إنه " اذا كانت الحكومة صادقة في تحقيق المصالحة الوطنية فعليها ان تتصالح مع الشعب أولا لانه يعاني من تقصير الحكومة وإهمالها في توفير الخدمات وضمان الحدود الدنيا من المعيشة الكريمة وتفشي الفساد الاداري."

كما طالب اليعقوبى في البيان أيضا الحكومة العراقية بإرسال وفود إلى الدول العربية لشرح وجهات النظر وإزالة الغموض والشبهات التي كرسها ما وصفه بـ "الإعلام المعادي."

وكان القيادي النافذ في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (بزعامة عبد العزيز الحكيم اكبر تشكيل سياسي في الائتلاف الشيعي) هادي العامري ان احدا "لن يقبل باقصاء التيار الصدري" مشددا على ان استبعاده هو "خطا استراتيجي".

من جهته اعلن رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني الجمعة عن اسفه لاخفاق المشاورات التي اجراها طوال شهر امضاه في بغداد مع الشخصيات السياسية المشتركة من اجل انشاء جبهة تضم المعتدلين.

وقال بيان صادر عن رئاسة اقليم كردستان ان بارزاني عقد "لقاءات وجلسات مع قادة الأحزاب السياسية لأجل بلورة فكرة تأسيس او بناء جبهة تضم الأطراف المعتدلة (...) لتواجه جبهة الإرهاب والدمار والعنف الطائفي جبهة العمل من اجل بناء دولة القانون مقابل الذين يزرعون الفوضى و يتمردون على العدالة الا انه لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي لاعلان هذه الجبهة".

وكان بوش التقى مطلع هذا الشهر عبد العزيز الحكيم ونائب رئيس الجمهورية رئيس الحزب الاسلامي (سني) طارق الهاشمي في اطار مساعي البيت الابيض لتغيير التركيبة الحكومية وعزل التيار الصدري. ودعا الناطق باسم البيت الابيض توني سنو الى تشكيل "تحالف للمعتدلين" في العراق.

واتهم التقرير الفصلي لوزارة الدفاع الاميركية عن الازمة العراقية ميليشيا جيش المهدي التابعة للصدر بالمسؤولية عن كثير من اعمال العنف الطائفي الذي تاجج في العراق منذ الاعتداء عى مرقد الامامي الشيعيين الهادى والعسكري في سامراء في شباط/فبراير الماضي.

وقال التقرير ان "جيش المهدي هو المجموعة ذات التاثير السلبي الاكبر على الوضع الامني في العراق حاليا". واضاف ان "جيش المهجي يتلقى دعما لوجيستيا من الخارج ومعظم وان لم يكن كل اعضاء التنظيم يتلقون توجيهات من مقتدى الصدر".

وتبنت لجنة بيكر-هاملتون موقفا مشابها. وقالت هذه اللجنة في تقريرها ان جيش المهدي "تحدى بشكل مباشر القوات الاميركية والعراقية ويعتقد على نطاق واسع انه يشارك بشكل منتظم في العنف ضد المدنيين من العرب السنة".

واشارت لجنة بيكر-هاملتون كذلك بقلق الى العلاقة القوية بين المالكي والتيار الصدري موضحا ان الفضل في تولي رئيس الوزراء لمنصبة "يعود بدرجة كبيرة الى (تاييد) الصدر" كما ان المالكي "ابدى القليل من الاستعداد للتصدي له (التيار الصدري) او لميليشياته".

ولم يعرف ما اذا كان وزير الدفاع الاميركي روبرتس غيتس ناقش القلق الاميركي بشان التيار الصدري مع المالكي خلال لقائهما الاول الخميس في بغداد اما لا.

لكن رئيس الوزراء العراقي اكد بعد المقابلة رفض الاتهامات الاميركية للصدر وقال ان "غالبية الأعمال الارهابية التي تحصل في العراق تنطلق من دوافع سياسية وأن الصداميين وحلفاءهم من التكفيريين يراهنون على عدم الاستقرار الامني في البلاد وذلك في محاولة يائسة لاعادة عجلة التاريخ الى الوراء".

ورفض الربيعي كذلك الاتهامات الاميركية. وقال "هذه كلها مبررات للفشل الاميركي في العراق". واكد ان "جيش المهدي جيش عقائدي غير مسلح والتيار الصدري دخل العملية السياسية كوسيلة لتحقيق غاية هي الارتقاء بالعملية السياسية الى مستوى تحرير العراق بالطرق السلمية".

وتابع ان "مظاهر التسلح الموجودة في العراق هي ظاهرة عابرة وهي عبارة عن تسلح ذاتي للدفاع عن النفس بسبب اضعاف الدولة من قبل قوات الاحتلال وليس ضعفها". واضاف ان "غياب دور الدولة في حماية الامن هو سبب هذه المظاهر المسلحة ولو ان الدولة قامت بدورها في حماية الوطن والمواطن من خلال استخدام صلاحياتها الدستورية وتمتع قرارها بارادة سيادية لانهارت هذه المظاهر المسلحة وبشكل اوتوماتيكي ولكن قوات الاحتلال تقيد الدولة".

واكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال لقائه مع وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الخميس في بغداد ان العنف في العراق "دوافعه سياسية" ومصدره "الصداميون والتكفيريون".

وقال بيان لرئاسة مجلس الوزراء العراقية ان المالكي شدد خلال الاجتماع على ان "غالبية الأعمال الارهابية التي تحصل في العراق تنطلق من دوافع سياسية وأن الصداميين وحلفاءهم من التكفيريين يراهنون على عدم الاستقرار الامني في البلاد وذلك في محاولة يائسة لاعادة عجلة التاريخ الى الوراء".

وجرت اتصالات بعد ذلك لتشكيل ائتلاف سياسي جديد في العراق يضم بصفة خاصة المجلس الاعلى للثورة الاسلامية والحزب الديموقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة جلال طالباني).

لكن مخاوف من انقسام الصف الشيعي في وقت تشهد فيه البلاد تخندقا وعنفا طائفيين دفعت على ما يبدو في اتجاه التخلي عن هذه الفكرة.

وبالتوازي مع الاصطفاف الشيعي ابدى الحزب الاسلامي مخاوف من ان يؤدي انضمامه الى الكتلة الجديدة من دون شروط الى فقدان مصداقيته لدى قاعدته الشعبية السنية.

واصدر الحزب الاربعاء بيانا اكد فيه ان مشاركته في الحكومة لم تجلب لجماهيره حتى الان سوى "المزيد من الاقصاء والتهميش وتفشي الميليشيات وتغلغلها في كل ساحات الوزارات الامنية وغيرها واصبحت وكانها الغول الذي افترس الدولة ومؤسساتها".

ووضع الحزب الاسلامي عدة شروط للانضمام الى اي ائتلاف جديد على راسها "تشكيل قوة طوارئ متوازنة في بغداد تضم عشرة الاف جندي على الاقل للسيطرة على الامن في بغداد واصدار الحكومة اعلان صريح بتفكيك الميليشيات ونزع اسلحتها". 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 24/كانون الأول  /2006 - 2 /ذي الحجة /1427