تحالف المعتدلين: بدعم من السيستاني انشاء جبهة سياسية جديدة وصعوبة التخلي عن التيار الصدري

اكد مسؤول رفيع في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (اكبر تشكيلات الائتلاف الشيعي الحاكم) الاربعاء ان "الاتجاه السائد" بين اطراف العملية السياسية العراقية الان هو التخلي عن تشكيل جبهة سياسية جديدة والابقاء على الحكومة الحالية.

وشدد رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان العراقي رئيس منظمة بدر (الجناح المسلح السابق للمجلس الاعلى الذي تحول الى منظمة سياسية) هادي العامري مقابلة مع وكالة فرانس برس على ان استبعاد التيار الصدري او توجيه ضربة اليه "سيكون خطا استراتيجيا".

وقال العامري "درسنا تشكيل ائتلاف سياسي جديد لانه لا يمكن ان تستمر العملية السياسية بالصيغة الحالية اذ ليس هناك تفاعل حقيقي من بعض الكتل السياسية مع الحكومة وهناك اتجاه لاضعافها". وتابع "لذلك كان لابد من اعادة النظر".

واشار الى ان عدة اجتماعات عقدت لبحث فكرة انشاء الجبهة الجديدة "ضمت كلها رئيس الوزراء نوري المالكي من حزب الدعوة ونائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية والحزبين الكرديين الحزب الديموقراطي الكردستاني ممثلا بمسعود برزاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ممثلا بالرئيس العراقي جلال طالباني والحزب الاسلامي".

واضاف ان "الحديث جرى حول ايجاد برنامج جديد يهدف الى انجاح العملية السياسية ودعم الحكومة واقامة دولة المؤسسات على ان يطرح هذا البرنامج على كل من يؤمن ايمانا عمليا به ويرغب في الانضمام اليه بحيث اذا راينا بعد مدة من الزمن ان (طرفا ما) لا يؤمن فعليا بهذا البرنامج نقول له لن نسمح لك بالبقاء بيننا".

واوضح انه "كان هناك رايان الاول يرى انه لا داعي لتحالف او جبهة جديدة وانما تكفي لجنة تنسيقية عليا (بين الكتل السياسية) من اجل ترجمة الاهداف المراد تحقيقها على ارض الواقع والراي الثاني يدعو الى الجبهة الجديدة". واكد "ان الراي السائد الان هو الراي الاول اي انشاء لجنة سياسية عليا والتفاهم على الكثير من المسائل وان نقدم دعما فعليا للحكومة واذا تبين اثناء العمل الحاجة الى جبهة جديدة نتجه نحو جبهة".

وكان المعلومات حول التفكير في تشكيل جبهة السياسية جديدة بدات بعد لقاء بين الرئيس الاميركي جورج بوش والمالكي في عمان الشهر الماضي وتزامنت مع استقبال بوش في واشنطن لرئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم ورئيس الحزب الاسلامي (سني) نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.

وقال البيت الابيض ان الرئيس بوش يؤيد "ائتلافا معتدلا" في اشارة امكانية استبعاد حركة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر من الائتلاف الحكومي.

وتصنف الولايات المتحدة التيار الصدري الذي كان السند الرئيسي للمالكي اثناء مشاورات تشكيل الحكومة ضمن التيارات المتطرفة.

ودعت واشنطن اكثر من مرة الى حل ميليشيا جيش المهدي التابعة له التي اعتبرها تقرير لوزارة الدفاع الاميركية الاثنين "المجموعة التي لها التأثير الاكثر سلبية على الوضع الامني في العراق".

لكن العامري دافع بشدة عن التيار الصدري مشيرا الى انه قوة سياسية متواجدة على الساحة وشاركت في الانتخابات وفي العملية السياسية وان كانت لديها مشكلة مع الحكومة يمكن تسويتها. وقال ان وفدا من الاحزاب السياسية سيزور الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قريبا.

واوضحت مصادر برلمانية ان هذا الوفد الذي يضم ممثلين عن عدة احزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم سيتوجه الخميس الى النجف لمقابلة الصدر والمرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني.

واكد العامري انه "لا يوجد من يريد ان يدفع التيار الصدري خارج العملية السياسية (...) ومن يريد ذلك انسان مجنون". وتساءل "هل يمكن اقصاء التيار الصدري بينما يدعو رئيس الوزراء الى المصالحة الوطنية".

واعتبر ان الاتهامات التي وردت في تقرير وزارة الدفاع الاميركية لميليشيا جيش المهدي "غير دقيقية وغير مسؤولة" مشددا على ان "التهديد الحقيقي ياتي من الصداميين والتكفيريين". وتابع "كل من يفكر انه ينبغي توجيه ضربة للتيار الصدري يرتكب خطأ استراتيجيا ولم نقبل تحويله الى عدو".

واكد ان غالبية اعضاء جيش المهدي ياتمرون بامر مقتدى الصدر وبالتالي فهو قادر على السيطرة عليهم اما من يخرج عن القانون منهم "فسيرفع عنهم الغطاء السياسي وسيحاسبون امام القضاء".

واوضح ان الحزب الاسلامي الذي اصدر اليوم الاربعاء بيانا ضمنه شروطا للانضمام الى الجبهة الجديدة المقترحة من بينها بصفة خاصة "الاعلان الصريح من الحكومة عن المباشرة في تفكيك الميليشيات ونزع اسلحتها" "يطلب من رئيس الوزراء تصريحا علنيا انه ضد التيار الصدري وهذا خطا كبير".

وقال ان اقرار الامن في العراق يتوقف على ثلاثة عناصر "اولا نقل الولاية على القوات العراقية من القوات متعددة الجنسيات الى الحكومة العراقية" لكي تستطيع اتخاذ القرارات السريعة دون الحاجة الى الرجوع الى للقيادة الاميركية "وثانيا تولي العراقيين انفسهم بناء القوات العراقية وتسلحيها وثالثا تحقيق توافق سياسي يكفل غطاء سياسيا لكل القرارات الحكومية".

واعتبر العامري ان المشكلة الامنية الاساسية هي بغداد. وقال "هناك 18 محافظة في العراق والوضع الامني مستقر في 12 منها" مضيفا ان "المشكلة الاساسية في محافظة بغداد وبدرجة اقل في محافظة ديالى (60 كلم شمال شرق بغداد) بدرجة اقل". واكد ان "تحقيق الامن في بغداد يعني تحقيقه في العراق".

وبدا العامري متفائلا على المدى المتوسط وقال "صدام حسين احتاج الى عامين لتجفيف الاهوار ووربما نكون بحاجة الى مهلة زمنية مماثلة" لنشر الامن في العاصمة.

لكن صحيفة الوطن الكويتية نقلت بان الجهود الجارية حاليا في بغداد لتشكيل تحالف سياسي جديد من المعتدلين كسبت دفعة قوية مؤخرا بحصولها على مباركة آية الله علي السيستاني، الزعيم الروحي للشيعة في العراق، حسب مصادر مقربة منه، ويهدف التحالف الجديد الذي سيضم احزابا كردية وسنية وشيعة الى عزل المتطرفين وبخاصة مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري.

وكان السيستاني شعر بحنق متزايد ازاء فشل الحكومة العراقية ذات الاغلبية الشيعية في كبح جماح العنف وتحسين الخدمات العامة، حسب هذه المصادر ايضا.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز يوم الاربعاء انه تم اختيار المسؤولين الامريكيين، عبر طرف ثالث، ان السيستاني بارك فكرة تشكيل تحالف معتدل، وقال هؤلاء المسؤولون انه لم يكن من الممكن المضي قدما في هذا المشروع، الذي اقترحه لاول مرة مستشار الامن القومي ستيفن هادلي، لولا دعم السيستاني.

ويعتقد هادلي ان من شأن هذا التحالف في حال قيامه ان يحرر رئيس الوزراء نوري المالكي من هيمنته ونفوذ مقتدى الصدر، الذي يحتل 30 مقعدا في البرلمان اضافة الى 6 حقائب وزارية.

واخبر الشيخ همام حمودي، من الائتلاف العراقي الشيعي، صحيفة نيويورك تايمز ان السيستاني حدد شروطه لدعم التحالف الجديد في لقاء عقد في بيته في مدينة النجف قبل اسبوعين حضره الزعماء السياسيون الشيعة.. وكان الشرط الاساسي لذلك هو الحفاظ على وحدة الائتلاف العراقي الذي شكله السيستاني قبل الانتخابات وتمكن من الحصول على 130 مقعدا في البرلمان.

ولكن هذا الشرط يبدو اما تعجيزيا، او شكليا، فالائتلاف العراقي يتعرض الآن، فعلا الى تشققات كثيرة بسبب خلافات بين مكوناته الرئيسية.

فثمة خلال بين المجلس الاعلى والتيار الصدري حول الفيدرالية، وخلاف بين المالكي والتيار الصدري ايضا، حول الاجتماع بالرئيس الامريكي، وخلاف بين التيار الصدري وسائر مكونات الائتلاف حول الموقف من القوات الامريكية، اضافة الى ان التحالف الجديد يهدف اصلا إلى ابعاد المتطرفين عن دائرة الحكم، وعادة ما يشار الى التيار الصدري بوصفه »متطرفا« او قد يكون الشرط شكليا، بمعنى الابقاء على الائتلاف موحدا من الناحية الشكلية، مع اعطاء مكوناته، وخاصة المجلس الاعلى، وحزب الدعوة ان شاء، حرية الحركة، والدخول في التحالف المعتدل الجديد مع الاكراد والسنة المعتدلين..

ومن شأن التحالف الجديد لو اعلن برلمانيا ان يشكل كتلة تفوق من حيث العدد حجم الائتلاف العراقي، ويؤول بالتالي، حق رئاسة الحكومة الى الكتلة الجديدة، حسب الدستور العراقي الدائم.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز ان حزب الدعوة، الذي يتزعمه ابراهيم الجعفري، يبدو مترددا في الانضمام الى التحالف الجديد، خاصة اذا استبعد التيار الصدري.

فحزب الدعوة يدين للتيار في وصول نوري المالكي، القيادي في حزب الدعوة، الى رئاسة الوزراء، وعبر النائب سامي العشري العضو السابق في حزب الدعوة المقرب من الجعفري والمالكي عن هذا التحفظ بقوله ان التحالف الجديد قفزة في المجهول حسب رواية نيويورك تايمز« التي نسبت اليه قوله ايضا: »ان السلبيات واضحة، لكن لم يوضح احد ما هي بالضبط الايجابيات ويعتزم المالكي ارسال وفد الى السيستاني للتباحث معه حول التحالف الجديد.

غير ان المجلس الاعلى، الذي يختزن تطلعا قديما الى قيادة الحكومة العراقية، يبدو متحمسا للفكرة فقد قال الشيخ همام حمودي القيادي في المجلس ان التحالف الجديد يمثل بصيص امل في سماء مليئة بالغيوم.

وكان الرئيس العراقي جلال الطالباني اعلن خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، ان الجهود مستمرة لانشاء تحالف يضم القوى الديموقراطية المعتدلة ويكون مفتوحا امام الآخرين. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 22/كانون الأول  /2006 - 30 /ذي القعدة /1427