العلويون والاكراد في تركيا.. اضطهاد تاريخي وحقوق ضائعة

اسعد راشد

تركيا اتاتورك وتركيا رجب اردوغان هي تركيا ذاتها تركيا اضطهاد "الاقليات" واهدار حقوقها ‘ هذه البلاد التي يجهد زعماءها منذ عشرات السنين لدخول البيت الاوروبي متهمة من قبل شعوبها بممارسة ابشع انواع التمييز العنصري والعرقي وحتى المذهبي بحق ابناءها وهو امر يجعل ليس فقط من الصعوبة بمكان ان تلتحق بركب القطار الاوروبي بل من المستحيلات لكون انها مازالت تنتهك حقوق الاقليات وخاصة الاقلية الكردية والعلويون الذين يشكلون اكثر من ربع سكان البلاد حيث احصائيات تؤكد ان عددهم يبلغ اكثر من 25 مليون انسان علوي فيما الاكراد يبلغ عددهم اكثر من 7 مليون كردي في تركيا.

والواضح ان الاكراد ومنذ عشرات السنين يقاتلون النظام في تركيا من اجل استرداد حقوق واعتراف بهم كاقلية قومية يجب ان تتمتع بكامل ما يتمتع به اي مواطن تركي من حقوق الا ان الحكومات التركية المختلفة والمتعاقبة علمانية وشبه اسلامية واصلت سياسة التمييز وتجاهل تلك الحقوق رغم كل الندءات والضغوطات التي مارسها المجتمع الدولي ضد تركيا ورغم التضحيات والاضطرابات واعمال العنف العنيفة التي اجتاحت وتجتاج مناطق تلك الاقليات واعمال القتل التي تمارسها قوات الامن والجيش ضدها.

الا ان ما يثير قلق منظمات حقوق الانسان والخشية التي تنتاب المحافل الدولية في تجاهل الحكومة التركية لحقوق اكبر الاقليات في تركيا واكثرها ترسخا في المجتمع التركي الا انها الاكثر حرمانا من المشاركة في القرار السياسي والتمتع بالحقوق المتساوية مع بقية مكونات المجتمع التركي وهي الاقلية العلوية الضخمة التي يتجاوز عددها الـ"25" مليون علوي.

فالاتراك العثمانيون والطورانيون ينكرون الهوية الثقافية والدينية للعلويين ويمارسون اقسى انواع التمييز والاضطهاد المذهبي بحقهم وهو ما دفع بجمعيات علوية تتبنى الدفاع عن حقوق العلويين برفع احتجاج وشكوى الى المفوضية الاوروبية لارغام الحكومة التركية على الاعتراف بحقوقهم وقد حمل قرار المفوضية الاروبية قبل اكثر من سنة ووقرار قمة بروكسل في 17 كانون الاول في العام الماضي رسالة واضحة الى الحكومة التركية بضرورة احترام حقوق الاقليات الثقافية المسلمة وفي مقدمتها الاقلية العلوية التي تجاهد اليوم جمعياتها وعلى رأسها جمعية "جيم" ـ جمع ـ التي يتزعمها البروفسور عز الدين دوغان ومركزها اسطنبول من اجل تحقيق تلك الحقوق والمشاركة الكاملة في صنع القرار السياسي والخروج من حالة التهميش والاقصاء التي تمارسها السلطات التركية بحقهم.

التقاريرالواردة من تركيا تفيد ان العلويين اليوم يسعون لتجاوز المطالب الشكلية السابقة التي كانت تختصر في فقط الاعتراف بهم كافلية مسلمة والاعتراف بحقهم في ان يتمثلوا في رئاسة الشئون الدينية اسوة بالسنة او السماح لهم بانشاء مجلس ديني خاصة بهم حيث هناك توجه جامح وكاسح في اوساط العلويين ان لم يعترف بهم كاكبر الاقليات المسلمة بعد السنّة في تركيا واشراكهم في صناعة القرار فانهم سوف يتوجهون لرفع رسالة الى المفوضية الاوربية لتشكيل كيان خاص بهم او العمل بسياسة المحاصصة على غرار ما يجري في العراق في ان يكون لهم مناصب وزارية عليا وسيادية ووزراء ونواب في البرلمان‘ كانت في السابق تحتكرها الاحزاب اليسارية ‘ ووفقا لحجمهم السكاني.

نعم هناك بعض التحسن في ممارسة الطقوس الدينية والاداء المذهبي الا ذلك لم يكن باالشكل الذي يضمن لهم حقوقهم بالتساوي مع بقية المذاهب وخاصة السنة فهم اي العلويون محرومين من تسنم مناصب قيادية وسيادية في الدولة التركية السنية وويواجهون التمييز بمجرد ان تنكشف هويتهم الدينية في الدوائر الرسمية فلذلك كانوا يضطرون لاخفاء هويتهم للحفاظ على مستقبلهم ابناءهم وحياتهم من الاقصاء والتهمييش.

العلويون في تركيا وحسب بعض التقارير والدراسات والبحوث يؤمنون بالله وبالنبي محمد كرسول مرسل ولم يفضلوا عليا (ع) على النبي كما يحب خصومهم الدعاية ضدهم كما انهم يؤمنون بائمة اهل البيت (ع) جميعا ويسمون ابناءهم باسماء علي والحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق والكاظم وبقية الائمة عليهم السلام حتى المهدي المنتظر(ع) كما تسمى بناتهم بفاطمة وزينب وسكينة..

نحن نعتقد ان الحكومة التركية التي تتجاهل حقوق الاقليات التي على اراضيها من مواطنيها كان حريا بها بدل ان تتوجه لاحتضان جماعات طائفية ارهابية وتوفر لهم حرية التنقل وعقد المؤتمرات المحرضة على الارهاب كمؤتمر "نصرة اهل السنة في العراق" والذي قد يثير الاحقاد والفتن ليس في العراق والبلاد المجاورة فقط بل حتى في تركيا التي يتواجد فيها اكثر من 25 مليون علوي يجمعهم رابط عاطفي ومذهبي مع شيعة العراق مثلهم كمثل اكراد تركيا الذين يجمعهم مع اخوانهم الكورد في العراق الرابط القومي كان على الحكومة التركية ان تولي الاهمام بحقوق الشعوب التركية وتراعي المناخ السائد في تركيا مذهبيا وقوميا وسياسيا لا ان تستقبل القتلة ودعاة الطائفية والارهابيين وتشجعهم على عقد مثل ذلك المؤتمر الطائفي الذي اثار حنق وسخط ليس فقط العراقيين بل وحتى العلويين والاكراد في تركيا.

نعود مجددا الى القضية "العلوية" وضرورة الالتفات الى هذه الاقلية المسالمة والمضطهدة من خلال عملية استنهاض اعلامية للدفاع عن حقوقهم ‘ صحيح اننا نعاني في العراق معاناة تفوق حجم الدنيا بفعل الارهاب وقطاع الرؤوس ورعب عمليات التفجير البشعة التي ينفذها الطائفيون من عملاء الوهابية ومخابرات الدول العربية الا ان ذلك لا يمنع تبني قضايا الاقلية العلوية في تركيا وتشجيع زعماءها بالقدوم الى جنوب العراق او شماله لعقد مؤتمرات لهم يرغمون الاتراك السنة للاعتراف بحقوقهم واشراكهم في القرارات السياسية العليا او يطالبوا بكيان خاص بهم يضمن لهم العيش العادل ويوفر المناخ اللازم لممارسة طقوسهم وعباداتهم. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 21/كانون الأول  /2006 - 29 /ذي القعدة /1427