الدولة العراقية فاشلة وممزقة وجوفاء ومعزولة والشارع يعيش ازمة ثقة

 قالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات يوم الثلاثاء إن هناك حاجة لتحرك جوهري لانقاذ العراق الذي بات "دولة جوفاء وضعيفة بشكل خطير" وتهدئة العنف الذي يقول تقرير جديد لوزارة الدفاع الامريكية انه بلغ أعلى مستوياته على الاطلاق.

وقالت المجموعة التي تتخذ من بروكسل مقرا لها في تقرير إن هناك حاجة الى مساع دولية لمنع انهيار العراق وتحوله الى "دولة فاشلة وممزقة" مما قد يؤدي الى استقطاب جيران العراق لدعم أطراف الصراع بين الشيعة والسنة.

وأضاف التقرير "الدولة العراقية أصبحت جوفاء وفاشلة بشكل خطير مما جعلها حاليا فريسة للميليشيات المسلحة والقوات الطائفية ولطبقة سياسية تشارك في التدمير المأساوي للعراق بتقديمها المصلحة الشخصية قصيرة الاجل على المصالح الوطنية طويلة الاجل."

وفي تقرير لها يوم الاثنين قالت وزارة الدفاع الامريكية ان ميليشيا جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر تحل محل تنظيم القاعدة بوصفها "أخطر العوامل التي تسرع وتيرة العنف الطائفي المحتمل أن يدعم نفسه في العراق."

وفي الوقت الذي لم يمثل فيه تقرير الوزارة مفاجأة تذكر لكثير من العراقيين وخاصة السنة منهم الا أنه كان أشد البيانات حدة حتى الان من جانب وزارة الدفاع الامريكية بشأن الميليشيا. وكان القادة العسكريون الامريكيون في العراق يحجمون في السابق عن القاء اللوم على جيش المهدي تحديدا.

كما تجنبت القوات الامريكية والعراقية توجيه ضربات واسعة النطاق لمعقل جيش المهدي حي مدينة الصدر في بغداد رغم أنها شنت هجمات لاعتقال من يشتبه في انهم زعماء فرق اعدام تابعون لجيش المهدي.

وتعهد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي تولى منصبه اعتمادا على تأييد الصدر بحل الميليشيات غير أنه لم يبذل جهودا تذكر حتى الان لكبحها.

وقال تقرير وزارة الدفاع الامريكية ان جيش المهدي يمارس "نفوذا كبيرا" على الحكومة.

واضاف "يحتمل أن تكون الميليشيات الشيعية مسؤولة عن خسائر في صفوف المدنيين أكثر من تلك المرتبطة بالمنظمات الارهابية. المتشددون الشيعة كانوا أكبر تهديد لوجود التحالف في بغداد وفي جنوب العراق."

وزاد تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الازمات يوم الثلاثاء من أهمية تقرير وزارة الدفاع. وعارض تقرير المجموعة توصيات مجموعة دراسة العراق رفيعة المستوى في واشنطن بتسريع تسليم السيطرة الامنية للحكومة العراقية.

وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "هذا ليس تحديا عسكريا ينبغي فيه تعزيز طرف وهزيمة اخر. انه تحد سياسي ينبغي فيه التوصل الى تفاهمات جديدة يتم التوافق بشأنها."

وتشعر واشنطن بخيبة الامل ازاء عدم قدرة الزعماء العراقيين على التوصل الى تسوية سياسية من شأنها وقف عمليات المسلحين السنة وتهدئة التوترات الطائفية بين السنة والشيعة التي أشعلت عنفا متزايدا.

وأضافت المجموعة "ينبغي جمع جميع الاطراف العراقية حول طاولة التفاوض والضغط عليها لقبول تنازلات ضرورية. لا يمكن انجاز ذلك دون جهد منسق من جانب جميع جيران العراق." ودعت المجموعة الى عقد مؤتمر دولي بشأن العراق يضم جميع الاطراف السياسية.

وأقرت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس بأنه يتعين على الدول المجاورة للعراق بما فيها سوريا وايران المشاركة في حل الازمة التي تهدد بتمزيق العراق.

وتقول الامم المتحدة ان نحو 100 ألف عراقي يفرون من بلدهم شهريا.

وقالت رايس لقناة العربية التلفزيونية يوم الثلاثاء "ينبغي على جميع جيران العراق المساعدة لانه سيتعين على الجميع التعامل مع الوضع اذا لم يحل في العراق. اذا كنت جارة كنت سأهتم بشكل خاص بالمساعدة في ارساء الاستقرار بالعراق."

ويتوقع أن يعلن الرئيس الامريكي جورج بوش في يناير كانون الثاني عن استراتيجية جديدة فيما يخص النهج بالعراق حيث قتل قرابة ثلاثة الاف جندي أمريكي وعشرات الالاف من المدنيين العراقيين منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين في عام 2003.

وقالت رايس "لن يتخلى هذا الرئيس عن العراق. سيظل هذا الرئيس متمسكا بشدة بالتزامه حتى يمكن للعراقيين حكم وتعزيز أنفسهم."

بدوره قال نائب كردي بارز في البرلمان العراقي في تصريحات نشرت الثلاثاء إن الحكومة العراقية الحالية منفصلة عن الشارع وأن الخلافات بين الاطراف السياسية أثرت على الاوضاع وأدت إلى الاحتقان وتردي الاوضاع الامنية.

ونقلت صحيفة »الصباح« عن محمود عثمان النائب في مجلس النواب قوله »الاطراف والكتل السياسية غير متوافقة فضلا عن أن الحكومة في واد والشعب في واد آخر.

وقال الحكومة العراقية موجودة في المنطقة الخضراء وهي معزولة عن الشارع فضلا عن الخلافات بين السياسيين التي أثرت على الاوضاع وأدت إلى احتقان الشارع وسوء الاوضاع الامنية«.

من جهته اعرب مسؤول عسكري اميركي كبير عن قلقه الثلاثاء من "سياسة الريبة" التي تعززت لدى العراقيين في الاشهر الماضية ويمكن ان تستمر بسبب اعمال العنف المذهبية في الامد الطويل.

وقال الجنرال مارتن ديمبسي المكلف تأهيل قوات الامن العراقية خلال مؤتمر بالدائرة المغلقة (فيديو كونفرنس) من بغداد "هناك مستوى من الريبة في هذا البلد (العراق) تعزز خلال الاشهر الستة الماضية".

واضاف ان هذه "الريبة على الدرجة نفسها من الخطورة التي تتسم بها اعمال العنف" موضحا ان "ثقافة الريبة قد تكون في الامد الطويل التهديد الاخطر".

واكد الجنرال ديمبسي ان احدى المشاكل تأثير الميليشيات المتورطة في اعمال العنف داخل قوات الامن العراقية.

واضاف ان هذه الميليشيات لديها افراد تسللوا الى الجيش والشرطة مؤكدا ان المشكلة تتسم بخطورة في الشرطة الوطنية التي يعتبر "بين عشرين و25%" من افرادها مرتبطين بميليشيات.

وتابع ان الميليشيات تتمتع ايضا بدعم من افراد قوى الامن التي تغض النظر عن اعمال عنف او تسمح لافراد الميليشيات بالمرور على حواجز الطرقات.

هذا وقال مسؤول طبي عراقي يوم الاربعاء ان عدد الجثث التي وصلت الى دائرة مشرحة الطب العدلي في بغداد خلال شهر تشرين الاول نوفمبر الماضي بسبب اعمال العنف بلغ نحو 1200 جثة.

وأضاف المسؤول الطبي الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة أنباء (أصوات العراق) ان "عدد الجثث التي وصلت دائرة الطب العدلي في بغداد بلغ خلال شهر تشرين الثاني نوفمبر ما يقارب 1200 جثة."

وأضاف المسؤول ان "اغلب هذه الجثث كانت تحمل في معظمها علامات تعذيب واثار اطلاقات نارية."

وكانت تقارير لبعثة الامم المتحدة في العراق قالت ان ما يقارب من 100 شخص يقتلون في العراق يوميا بسبب اعمال العنف الطائفي في البلاد وان اغلب هؤلاء الضحايا يقتلون في بغداد حيث يكون الصراع والاقتتال الطائفي على اشده فيها.

وقال المسؤول ان حصيلة شهر نوفمبر شهدت انخفاضا ملحوظا عن حصيلة شهر تشرين الاول اكتوبر حيث بلغ عدد الجثث التي استلمتها المشرحة في بغداد خلاله 1600 جثة.

وعادة ما يتم نقل أغلب الجثث والتي تسقط جراء العنف المسلح او التي يعثر عليها ملقاة في الطرقات في بغداد فقط الى دائرة الطب العدلي.

ولا تمثل هذه النسبة الارقام الحقيقية والنهائية لعدد القتلى في بغداد حيث يقوم الاهالي احيانا باستلام جثث ذويهم التي تسقط في العمليات المسلحة مباشرة من المستشفيات التي يتم نقلهم اليها وقبل ان يصار الى نقلهم الى المشرحة.

وتعتبر العمليات المسلحة المتمثلة بانفجار العبوات الناسفة والسيارات المفخخة احد الاسباب الرئيسية لارتفاع نسبة ارقام القتلى الى جانب العثور على الجثث الملقاة على قارعة الطريق والتي تحولت الى مايشبه الظاهرة اليومية في مدينة بغداد مؤخرا. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 21/كانون الأول  /2006 - 29 /ذي القعدة /1427