اليائسون

 عبدالامير علي الهماشي

لن يكون حديثي عن مصطلح اليأس القراني وقد لايكون بعيدا عنه إلا أنني اُحاول التحدث عن فريق من اليائسين الذين يسلمون قدراتهم ومقدراتهم الى الاخرين وينتظرون الفريق الاخر ليخطط مستقبلهم وليس لهم الا السير فيه وكأنه القضاء والقدر.

 مازال الكثير من العراقيين وقد لا اُغالي إن قلت أن قطاعات واسعة من الجماهير مازالت تحت وطئ المفاجئة من سقوط الصنم حتى هذه اللحظة ولا تريد تصديق أن الطاغية أصبح تاريخا ولن يعود -بإذنه تعالى- وإن صَدَّقوا ذلك فانهم سرعان مايذهبون الى نسج روايات وسيناريوهات تعيد الامور الى ماكانت عليه قبل التاسع من نيسان عام 2003 وهذه المرة برجل غير (صدام)!!

 فالمهم هو بقاءنا مضطهدين مهمشين تتقاذفنا تخطيطات الاخرين يمينا وشمالا وما علينا إلا الاستسلام والانتظار.

 ولاأدري هل هذا هو نتيجة إرث ثقافي؟ أم إننا ألفنا الاضطهاد والتهميش ونخشى من التحرر وتقرير المصير!!؟

 أم إن لهذا الامر واقعا ملموسا فالواقع الذي أمامنا سوداوي وهي حقيقة لاأراها وقد أكون متفائلا الى حد التفريط !!

  وهل هناك جهات تعمل لتغذية هذه الروح السلبية في هذه القطاعات الجماهيرية المستعدة لتقبل كل شيء (فما إن تُطلق خبرا ما بغض النظر عن صحته حتى يعود إليك بعد برهة من الزمن من اُناس آخرين منمقا وكأنه حقيقة دامغة) ،وقد تكون الاحتمالات التي ذكرتها مجتمعة مع احتمالات اُخرى تُساعد أو تنمي هذه الحالة المرضية في المجتمع العراقي .

  قد نكون بارعين في تشخيص الحالات السلبية ولكننا لسنا كذلك في العلاج ،وقد يكون سياسيونا بارعين في التحليل ولكنهم ليسوا كذلك في رسم خطط المستقبل !!

 إن هذا المرض لابد من علاجه ووضع خطط وبرامج لمكافحة هذا المرض المعدي وإن لم تسارع القيادات السياسية والدينية الى معالجة هذه الآفة الاجتماعية فإنهم سيكونون لوحدهم في ساحة الصراع مع القوى التي تريد  الشر بالعراق الجديد.

 إننا بحاجة الى مصارحة الجماهير واعطائها جُرعات معنوية تزيد من همتها من خلال مشاركتها في القرارات المصيرية وادخالها كعنصر فاعل في ساحة الصراع وإلا فإن أي تجربة لاتتفاعل معها الجماهير ستوأد إن لم تلد ميتة!!

 وقد نشترك جميعنا في استفحال هذا المرض أو غيره من الامراض الاجتماعية (مثقفين وسياسيين وعلماء دين) من حيث نشعر و لانشعر.

 ولكن الخطورة الحقيقية التي لمستها هو انتقال هذه العدوى الى بعض القيادات (ثقافية أو سياسية أو دينية) من  خلال رسم خطواتها تماشيا مع تخطيطات الاخرين ،أو إنهم يخشون الوقوف ضد ما يُخطط للعراق وأهله وأرجو أن أكون مخطئا وعذري في ذلك مقولة :الوقاية خير من العلاج!!

  ولن أذكر أمثلة لما تتناوله الجماهير كتشخيص مني لأننا بارعون بالتشبث بالامثلة ونترك الموضوع الرئيسي!!

 وكل ما أُحاوله في هذا المجال توصيف لحالة أحسبها من الخطورة على حاضر ومستقبل العراق والعراقيين اتمنى أن يلتفت إليها من يحرص على العراق حاضرا ومستقبلا.

 أما السبيل للعلاج فهي كثيرة وقد يكون هناك علاج آني وآخر على المدى البعيد ومنها شعور الجماهير بأن التغيير في العراق حقيقة دامغة لارجعة فيه والواقع الذي نعيشه وإن كان صعبا فهو ضريبة التغيير التي ندفعها وسنظل ندفعها حتى نستطيع الوقوف على أقدامنا.

 وان لانسمح لثقافة الاستسلام والتسليم للاخر تأخذ مداها فينا من خلال  تأويل بعض المرويات وقصص التاريخ وتوظيفها في إقرار حالة اليأس عند الجماهير.

 العمل على ضخ روح المسؤولية في الجماهير والتعويل والتركيز على دورها في العراق الجديد  وان الخيار هو خيار الجماهير وليس خيار أعدائها .

 ارساء ثقافة الصمود والتصدي والشعور بالمسؤولية التي تجعل الجماهير زاهية بها مقابل تقافة الاستسلام واليأس.

 إننا بحاجة الى ثورة ثقافية اجتماعية لنزع مفاهيم تفتك بجماهيرنا وتجعلنا لقمة سائغة للاخرين  والتصدي لمن يزرع اليأس في قلوب الجماهير مدركا لفعله أم لم يُدرك ذلك.

 [email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء12  /كانون الأول  /2006 -20 /ذي القعدة /1427