العنف الطائفي بالعراق يلقي بظلاله على لبنان

 

أثارت أعمال العنف التي لا تهدأ في العراق توترات طائفية في أنحاء الشرق الاوسط كما أدت الى استقطاب الطوائف في لبنان تلك الدولة المضطربة التي تعج بالانقسامات السياسية والدينية.

فالمعارضة اللبنانية بقيادة حزب الله الشيعي تحاصر مقر الحكومة في قلب بيروت منذ الأول من ديسمبر كانون الثاني في إطار حملة للاطاحة برئيس الوزراء السني فؤاد السنيورة.

ويقول بعض المحللين إن الصراع على السلطة الذي عقده تضارب الولاءات الخارجية قد يؤدي الى نشوب ثالث حرب أهلية في لبنان منذ استقلاله عام 1943.

لكن في الوقت الذي نشبت فيه الحرب الاهلية الاخيرة عام 1975 في صورة قتال بين المسيحيين ومليشيا اسلامية فإن الشقاق الاساسي في الوقت الحالي قائم بين السنة والشيعة حيث تفاقم الفوضى في العراق من التوتر في شوارع بيروت.

وقال بول سالم رئيس مركز كارنيجي الشرق الاوسط في بيروت "من الواضح أن لبنان ليس في وضع مماثل للعراق لكن الناس يشاهدون الصور الواردة من بغداد وهذا يسبب توترا وخوفا.. هذا يجعل الناس حذرين في التعامل مع بعضهم البعض."

ويمزق الصراع الطائفي العراق منذ تفجير مرقد شيعي مهم في فبراير شباط مما أثار موجة من العمليات الانتقامية التي كلفت الالاف أرواحهم.

ان أصداء الاضطرابات في العراق بدأت تظهر على شاشات الرادار في لبنان الصغير.

وأثارت احتجاجات المعارضة عدة اشتباكات طائفية في بيروت هذا الشهر وقتل متظاهر شيعي بالرصاص في حي يغلب على سكانه السنة.

وهتف بعض الشبان في جنازة القتيل قائلين "دم الشيعة بيغلي غلي."

وفي ظل إدراك زعيم حزب الله حسن نصر الله أن مسعاه المناهض للحكومة يجازف بإذكاء أعمال العنف الطائفية فانه حث على ضبط النفس في كلمة وجهها للمحتجين عبر دائرة تلفزيونية يوم الخميس قائلا "ما يجري اليوم ليس هناك حديث عن مسلم ومسيحي في لبنان كل الحديث عن سني وشيعي. التحريض المذهبي هو لعب بالنار ... نحن لن ننجر الى حرب اهلية."

لكن محللين يقولون ان هذا النوع من التحريض الذي يتحدث عنه نصر الله يبث عبر تلفزيون المنار التابع لحزب الله الى جانب تلفزيون المستقبل المملوك لاسرة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري الذي أثار اغتياله عام 2005 أزمة سياسية في لبنان بين القوى الموالية لسوريا بقيادة حزب الله والائتلاف الحكومي الحالي.

وقال انطوان بسبوس رئيس مرصد الدول العربية ومقره باريس "حين أشاهد القنوات التي يسيطر عليها السنة والشيعة أفكر في أن الحرب بدأت بالفعل. تعبئة أذهان الناس بدأت بالفعل".

ويهيمن الشيعة على تكتل المعارضة فيما يقود السنة التكتل الموالي للحكومة. ويضم التكتلان حلفاء من الطائفة المسيحية التي تعاني من انقسامات حادة وطوائف مهمة أخرى مثل الدروز المتحالفين مع رئيس الوزراء.

وليست هناك أرقام رسمية عن التشكيلة الدينية للبنان لكن استطلاعا خاصا للرأي نشر الشهر الماضي قال ان 35 في المئة من سكان لبنان البالغ عددهم 4.9 مليون نسمة مسيحيون فيما تتساوى نسبة السنة مع الشيعة 29 في المئة. ويشكك الشيعة في هذه البيانات حيث يعتقدون أن نسبتهم تتجاوز هذا بكثير.

غير أن نظام اقتسام السلطة البيزنطي في لبنان يعطي سلطات متساوية للمسيحيين والمسلمين ويحول دون تولي الشيعة أرفع منصبين وهما منصبا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

والشيعة تقليديا اكثر الطوائف اللبنانية فقرا وقد اندفعوا الى حزب الله الذي يحظى بتمويل ايراني والذي أنشأ شبكة من المستشفيات والمدارس والمؤسسات الخيرية الاخرى.

ويشعر شيعة لبنان أنهم مظلومون بشكل خاص لان طائفتهم هي التي تحملت معظم تبعات الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان واستمرت 34 يوما حيث استهدفت الطائرات الاسرائيلية معاقل حزب الله بعد أن أسر مقاتلو الحزب جنديين اسرائيليين.

واتهم نصر الله حكومة بيروت بالتواطؤ مع واشنطن لتدمير حزب الله وهو الاتهام الذي ينفيه السنيورة ويصدقه الكثير من الشيعة على نطاق واسع.

وقال علي الفقيه من بلدة النبطية الجنوبية الذي انضم لاحتجاجات بيروت المستمرة على مدار 24 ساعة "الحكومة لم تفعل لنا شيئا اثناء الحرب. والاسوأ أنها انحازت لاسرائيل."

وأضاف "كان علينا أن نحصل على العون من ايران وسوريا."

ويجازف لبنان بأن يتحول الى رهان في لعبة اكبر مثلما حدث من قبل.

فمن جهة ترغب ايران في أن تصبح قوة اقليمية كبرى ويتهمها خصومها من الدول العربية بمحاولة اقامة هلال شيعي يمتد من بحر قزوين عبر العراق على البحر المتوسط.

ومن جهة أخرى فان الدول السنية التي تدعم السنيورة مثل السعودية تكافح من أجل الحفاظ على الوضع الراهن وقد عقدت العزم على الحيلولة دون أن تصبح لحزب الله اليد العليا.

وقال سالم من مركز كارنيجي "زاد العراق بشدة من مستويات الهويتين السنية والشيعية في أنحاء المنطقة وهناك قوى هائلة تلعب الان... التفاوض على المسائل الطائفية أصعب بكثير الان من التفاوض على المسائل السياسية."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين11  /كانون الأول  /2006 -19 /ذي القعدة /1427