من هو جيمس بيكر وكيف تشكلت لجنة دراسة العراق؟

 

يتمتع وزير الخارجية الاميركي الاسبق جيمس بيكر الذي يشارك في رئاسة مجموعة الدراسات حول العراق بثقة عائلة الرئيس جورج بوش التي استعانت به مرارا لتخطي اوضاع صعبة ودقيقة.

درس هذا الثري الكبير الذي يبلغ من العمر 76 عاما المحاماة واكتسب خبرة في السياسة المالية العالمية. وقد عمل بيكر القليل الكلام والمتحدر من تكساس في عهد اربعة رؤساء جمهوريين في مناصب عدة منذ ثلاثين عاما.

فقد عين بيكر مساعدا لوزير التجارة في عهد جيرالد فورد عام 1975 ورئيسا لمكتب رونالد ريغان في 1981 ثم وزيرا للدفاع في عهده ايضا العام 1985. وبعد ان نظم بنجاح الحملة الانتخابية لجورج بوش الاب الذي خلف ريغان عام 1989 عين بيكر وزيرا للخارجية في ادارته حتى 1992.

وعايش بيكر في منصبه الاخير هذا تغييرات دولية كبرى من انهيار الاتحاد السوفياتي الى سقوط جدار برلين واعادة توحيد المانيا وحرب الخليج ومؤتمر السلام في مدريد الذي اطلق عملية السلام في الشرق الاوسط.

واستعان به جورج بوش الاب عام 1992 لادارة حملته الانتخابية للفوز بولاية رئاسية ثانية فعينه مجددا امينا عاما للبيت الابيض غير ان بوش هزم وفاز بيل كلينتون. وعاد جيمس بيكر عندها الى مجال عمله المفضل وان لم يتخل تماما عن النشاط الدبلوماسي.

فقد عين في 1997 موفدا خاصا للامم المتحدة لنزاع الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر.

واستقال عام 2004 بعد ان رفض المغرب خطته التي نصت على فترة من الحكم الذاتي في الصحراء الغربية لمدة خمس سنوات يليها استفتاء يقرر الوضع النهائي لهذه المنطقة التي ضمها المغرب عام 1975.

وفي هذه الاثناء عاد الى الحياة السياسية الاميركية ليعمل مع بوش الابن هذه المرة فترأس عام 2000 الفريق القانوني المكلف الاشراف على تعداد الاصوات في فلوريدا بعد جدل حاد حول نتيجة الانتخابات الرئاسية في هذه الولاية ما حسم الفوز لجورج بوش على حساب الديموقراطي آل غور.

غير ان تاييد جيمس بيكر لعائلة بوش لم يمنعه من توجيه انتقادات احيانا الى الابن. فقد حذره في مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في اب/اغسطس 2002 من مخاطر التدخل عسكريا في العراق لاطاحة صدام حسين بدون الحصول على دعم الاسرة الدولية.

وكتب في هذه المقالة مع ان "الولايات المتحدة لديها فرص نجاح كبيرة يتحتم علينا بذل كل ما في وسعنا لتجنب القيام بهذا التحرك وحيدين وعلى الرئيس (بوش) ان يرفض نصائح الذين يقولون له ان يتحرك بهذه الطريقة". ولم يأخذ بوش برأي بيكر وشن الحرب التي لم تدعمها سوى بريطانيا عمليا.

وبعد ثلاث سنوات توجه اليه الرئيس الاميركي مجددا لمعالجة الدين العراقي الكبير البالغ 120 مليار دولار والذي كان يهدد باحباط الجهود لتقويم وضع البلاد الاقتصادي.

وجاب جيمس بيكر العالم مجددا مستخدما اتصالاته الواسعة في اوروبا والشرق الاوسط فحصل على التزام دول كثيرة بينها دول عربية غير ان النتائج التي حققها لم تكن كافية لضمان الاستقرار في العراق حيث واجه الجيش الاميركي مأزقا.

وفي اذار/مارس استنجد بوش مجددا به بحثا عن وسيلة للخروج من المستنقع العراقي. وعين جيمس بيكر رئيسا لمجموعة الدراسات حول العراق المؤلفة من عشرة اعضاء يتوزعون بالتساوي بين جمهوريين وديموقراطيين وهدفها تحديد السياسة الواجب اعتمادها في العراق.

كيف تشكلت مجموعة دراسة العراق؟

بدأ تشكيل مجموعة دراسة العراق في 15 آذار/مارس 2006 في اجتماع عقد بمبنى الكونغرس. وقد تشكلت بتوجيه من مجموعة مكونة من أعضاء الكونغرس المنتمين إلى الحزبين الرئيسين (الجمهوري والديمقراطي). وكان النائب فرانك وولف (جمهوري من ولاية فرجينيا) في مقدمة المؤيدين لتشكيل المجموعة. وكان وولف قد دأب على الدعوة إلى تقييم الوضع في العراق "بأعين جديدة" منذ صيف العام 2005. ومنذ بدايتها تشكلت مجموعة دراسة العراق بحيث تكون تمثل الحزبين (أي غير تابعة لأي من الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي بعينه)، وقد حظيت المجموعة بتأييد واسع النطاق من أعضاء الكونغرس بمجلسيه – النواب والشيوخ- المنتمين إلى الحزبين.

ولم تشارك حكومة بوش في تشكيل مجموعة دراسة العراق، غير أن البيت الأبيض رحب بتشكيلها، وأتاح لها فرص الالتقاء بأشخاص والاطلاع على مستندات والسفر إلى العراق. واجتمع الرئيس بوش بأعضاء مجموعة دراسة العراق مرة يوم 14 حزيران/يونيو 2006، ومرة أخرى يوم 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2006. علاوة على عقد اجتماع مع رئيسي المجموعة. وحرص البيت الأبيض على احترام استقلالية المجموعة.

وطلب النائب فرانك وولف رئيس لجنة الاعتمادات التابعة لمجلس النواب الأميركي التي تمول معهد السلام الأميركي، من المعهد أن يكون بمثابة الوكالة أو الهيئة المسؤولة عن تسهيل عمل مجموعة دراسة العراق بدعم من مركز دراسات الرئاسة ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومعهد جيمس بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس. وفي ممارسته للدور المنوط به لتسهيل مهمة المجموعة، كون المعهد لجنة من الخبراء لديه في شؤون العراق لكي تقدم الدعم لأعضاء اللجنة الرئيسيين في أداء مهمتهم. كما شكل المعهد مجموعات عمل من الخبراء لمساعدة مجموعة دراسة العراق وأعضائها، وقام بإعداد نشرات وتقارير موجزة لما يجري من دراسات، وإمدادهم بالتحليلات، كما تولى تنسيق اجتماعات مجموعة دراسة العراق.

ولم تُمنح مجموعة دراسة العراق تفويضا قانونيا حينما تشكلت. لكن بتعليمات من رئيسيْها كانت موجهة إلى تقديم تقييم بنظرة تقدمية للموقف الراهن والمحتمل أن تؤول إليه الأوضاع في العراق، بما في ذلك تقديم النصح والمشورة بشأن السياسة المتبعة. وبشكل محدد ركز أعضاء مجموعة دراسة العراق على أربعة موضوعات رئيسية:

- الأحوال الاستراتيجية في العراق والمنطقة؛

- الأمن في العراق والتحديات الأساسية لتعزيز الأمن في البلاد؛

- التطورات السياسية في العراق في أعقاب الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة؛ و

- الاقتصاد وإعادة الإعمار.

والشخصيات الرئيسية في مجموعة دراسة العراق هي مجموعة من كبار الشخصيات المنتمين إلى الحزبين ممن يتميزون بسجل مشرّف في مجال الخدمة العامة. والشخصيتان المشاركتان في رئاسة المجموعة هما وزير الخارجية الأميركية الأسبق جيمس بيكر (جمهوري)، والرئيس السابق للجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب لي هاملتون (ديمقراطي). أما الأعضاء الآخرون فهم:

- لورنس إيغلبرغر؛ وزير الخارجية الأميركية الأسبق

- فيرنون جوردان جونيور كبير مدراء شركة لازارد وفريرز

- إدوين ميس وزير العدل الأميركي الأسبق

- ساندرا داي أوكونور القاضية السابقة بالمحكمة العليا

- ليون بانيتا؛ الرئيس السابق لهيئة موظفي البيت الأبيض

- وليام بيري وزير الدفاع الأميركي الأسبق

- تشارلز روب؛ العضو السابق بمجلس الشيوخ الأميركي

- آلان سيمسون العضو السابق بمجلس الشيوخ الأميركي.

وبعد تعيين بيكر وهاملتون رئيسيْن مشاركين للمجموعة بالموافقة التامة لمنظمي المجموعة بالكونغرس، ومعهد السلام بالولايات المتحدة والمنظمات الأخرى الداعمة لها، اختار بيكر وهاملتون بقية أعضاء المجموعة بالتشاور مع معهد السلام والمنظمات الداعمة الأخرى.

كما شكل معهد السلام الأميركي مجموعات عمل من الخبراء في مجالات الاقتصاد وإعادة الإعمار والجيش والأمن والتطورات السياسية والمجال الاستراتيجي. ويرأس مجموعات العمل كبار الباحثين العاملين بمعهد السلام، كما تضم مجموعات العمل خبراء أكاديميين من الجامعات ومن الحكومة والقطاع الخاص. وقدم الخبراء 31 تقريرا ودراسة سياسية وتحليلية مختلفة لكي تطلع عليها مجموعة الدراسة. وفي كل تلك الدراسات والتقارير شارك 44 خبيرا لتقديم مشورتهم الطوعية والمجانية لمجموعة دراسة العراق.

والتقت الشخصيات الرئيسية في مجموعة دراسة العراق مع العديد من كبار الشخصيات والمسؤولين بالحكومتين العراقية والأميركية في واشنطن والعراق ومناطق أخرى، كان من بينهم الرئيس بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالإضافة إلى ضباط جيش ومسؤولين في الحكومة من دول أخرى وأكاديميين ومديرين تنفيذيين بالشركات التجارية ورؤساء منظمات بالمجتمع المدني في الولايات المتحدة والعراق . التقى أعضاء لجنة دراسة العراق مع 171 شخصا خلال فترة تسعة أشهر. علاوة على ذلك التقت المجموعة أو استشارت مئات من الخبراء الآخرين.

وقدمت مجموعة دراسة العراق توصياتها التي يمكن أن تستخدمها حكومة بوش ويستخدمها الكونغرس في دراسة الاتجاهات المستقبلية لسياسة الولايات المتحدة بالعراق. لكن القرارات السياسية بالطبع لا يمكن أن يتخذها إلا الحكومة والكونغرس.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 8 /كانون الأول  /2006 -16 /ذي القعدة /1427