مع ترقب صدور تقرير بيكر: العالم يعيش الاثارة والقلق والمزيد من الحيرة

  

حتى قبل نشره بدأ تقرير للجنة استشارية تضم شخصيات رفيعة بشأن بدائل السياسة الامريكية في العراق يولد قدرا كبيرا من الاثارة ولكن بعض القلق من الا تصل توصياته الرئيسية الى حد التوقعات وربما يتجاهله الرئيس الامريكي جورج بوش.

وتعتزم "مجموعة دراسة العراق" نشر تقريرها يوم الاربعاء ولكن تفصيلات بدأت تتسرب بشأن النتائج التي توصل اليها سرا اعضاء اللجنة وهم خمسة من الديمقراطيين وخمسة من الجمهوريين لمعالجة اكثر ازمات السياسة الخارجية الامريكية الحاحا.

والهدف هو التوصل الى إطار عمل يتفق عليه الحزبان الكبيران لبوش وحزبه الجمهوري والديمقراطيين المعارضين لتغيير النهج مع انحدار العراق نحو حرب أهلية.

وقال مصدر قريب من المداولات إن "التوقعات خارج نطاق السيطرة" بشأن ما قد تحققه اللجنة التي يرأسها وزير الخارجية الامريكي السابق جيمس بيكر وعضو مجلس النواب الديمقراطي السابق لي هاملتون.

والمقترحات الرئيسية التي ورد ذكرها حتى الان تشمل تحولا عسكريا امريكيا عن القتال الى دور اكثر دعما للعراق خلال العام المقبل ودبلوماسية اكثر جرأة تشمل عقد مؤتمر اقليمي يمكن ان يؤدي الى اجراء محادثات امريكية مباشرة مع ايران وسوريا.

وتلك المقترحات مثيرة للجدل ولكنها ليست افكارا راديكالية ويتساءل بعض الخبراء عما اذا كان عمل اللجنة قد يفشل .وسيكون هذا امرا غير معتاد لبيكر وهو استاذ للاستراتيجيات السياسية.

وقال دانييلي بليتكا من معهد امريكان انتربرايز المحافظ حيث أيد الخبراء بقوة حرب العراق ولكنهم ينتقدون الان جهود ما بعد الحرب "حتي الان ومع اعطائهم اشارة واضحة الى ضرورة ان نتخلى عن العراق فانه سيتم تجاهلهم لان الرئيس قال اننا لن نفعل ذلك."

وقال السناتور الديمقراطي كارل ليفن الرئيس المقبل للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ والذي يؤيد انسحابا تدريجيا للقوات الامريكية من العراق ان اقتراح الانسحاب "سيبعث برسالة مفادها ان الوجود الامريكي ليس الى مالانهاية وسيتحول عن سياسة الادارة التي تعطي العراقيين موافقة غير مشروطة بشكل أساسي بشأن وجود قواتنا."

ويعتقد بيكر وهاملتون ان بوش أخطأ في عزل ايران وسوريا اللتين تتهمهما الولايات المتحدة باشعال اراقة الدماء في العراق واقرا التعامل مع اعداء امريكا.

ويشك خبراء كثيرون في ان ايران وسوريا ستساعدان واشنطن على اعادة الاستقرار الى العراق وحتي هؤلاء الذين يؤيدون الحوار يقولون ان الاوان قد فات . ويتهم الغرب ايران بمحاولة امتلاك اسلحة نووية ولكن طهران تصر على ان هدفها هو انتاج الطاقة.

وقال ارون ميلر وهو مسؤول كبير سابق بوزارة الخارجية الامريكية ساعد بيكر في تنظيم مؤتمر سلام الشرق الاوسط عام 1991 في مدريد انه لا يعترض على المحادثات ولكن الحوار مع ايران وسوريا"مفاتيح الى غرف خاوية."

واردف قائلا لرويترز ان الحاجات الاساسية للولايات المتحدة وايران " لا يمكن تجاوزها في هذه المرحلة" وبالنسبة لسوريا"توجد مشكلات حقيقية لابد من التغلب عليها اذا كان سيتم تحقيق أي شيء له معنى."

واثارت امكانية عقد مؤتمر دولي ولاسيما اذا شمل اسرائيل حليفة الولايات المتحدة وعالج لبنان والصراع الاسرائيلي الفلسطيني بالاضافة الى العراق نقاشا.

ويخشى المنتقدون من انه سيضغط على اسرائيل للتوصل الى سلام مع الزعماء الفلسطينيين الذين يعجزون عن تنفيذ التزاماتهم.

ويتناول بند مرتقب في التقرير الهيكل السياسي للعراق.

وقال كينيث كاتزمان خبير الشرق الاوسط في هيئة ابحاث الكونجرس في مكتبة الكونجرس " لا اعتقد ان التوصيات ستكون مؤثرة بما يكفي لحل العنف في العراق لانهم من غير المحتمل ان يوصوا باعادة هيكلة شاملة للحكم في العراق لايجاد مزيد من التوازن بين السنة والشيعة."

وصرح مصدر بالكونجرس بان من المتوقع ان تقر اللجنة تعزيز الدعم لوجود حكومة مركزية عراقية قوية ولنور المالكي رئيس وزراء العراق. وقال ان هذا سيواصل الى حد كبير السياسة الامريكية القائمة وسيفشل.

وجادل السناتور الديمقراطي جوزيف بيدين الرئيس المقبل للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الامريكي والذي قد يرشح نفسه للرئاسة من اجل تأييد التحول الى نظام اتحادي في العراق يبقي على وجود حكومة مركزية في الوقت الذي يعطي فيه الجماعات الشيعية والسنية والكردية "متنفسا" في مناطقهم.

ووجه بوش الذي لا يشعر بارتياح بشأن ما قد توصي به اللجنة وزارتي الدفاع والخارجية للقيام ايضا بمراجعة للسياسة وقام بزيارة الاردن لاجراء محادثات مع المالكي وكرر معارضته القوية للقيام بانسحاب تدريجي .

ويقول خبراء ان بوش حاول اظهار تحرك دبلوماسي وخلق خيارات لنفسه قبل تقرير اللجنة.

هذا وقالت مصادر مقربة من اللجنة الأمريكية لتقييم الوضع الأمني في العراق، إن التقرير النهائي الذي سيُرفع إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش الأسبوع القادم، سيتضمن توصية بخفض تدريجي في حجم الجيش الأمريكي بالعراق، ولكنه لن يدعو إلى وضع جدول محدد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.

وعرفت "مجموعة دراسة العراق" بـ"لجنة بيكر" أو "لجنة بيكر - هاملتون" لترأس وزير الخارجية السابق جيمس بيكر والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي لي هاملتون لهذه المجموعة، حيث تعتبر اللجنة مستقلة عن الإدارة الأمريكية.

وأفاد مسؤول مطلع على أعمال اللجنة أن قضية وضع إطار زمني للانسحاب من العراق كانت " شائكة للغاية."

وقال مستشار تعاون مع اللجنة إن التقرير  سيوضح أن القوات الأمريكية "لا يمكن أن تبقى في العراق للأبد."

وأكد مستشار ثان أنه "لم يمكن التوصل إلى إجماع بين أعضاء اللجنة حول وضع جدول زمني لانسحاب من العراق."

وأضاف أن اللجنة اختارت أن تكون "واقعية في توصياتها وليست مثالية."

وذكر مصدر آخر قريب من اللجنة أن توقعات وسائل الإعلام بالنسبة لتقرير اللجنة جاءت متجاوزة فيما يخص قضية الانسحاب، "وقدرة اللجنة على التأثير في السياسة الأمريكية."

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي لن يتعامل مع توصيات اللجنة بسرعة، ولا سيما أن إدارته تقوم حاليا بمراجعة الملف العراقي.

وشدد المسؤولون على أن تقرير اللجنة هو أحد عدة تحليلات يجري إعدادها في الوقت الحالي بشأن العراق.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقلت في وقت سابق عن "مصادر مطلعة" قولها إن المجموعة توصلت إلى إجماع في الرأي على تقريرها النهائي الذي سيدعو إلى انسحاب تدريجي للألوية العسكرية الأمريكية الخمسة عشر الموجودة في العراق، غير أنها قالت إن اللجنة لم تحدد جدولاً زمنياً للانسحاب.

وتم تشكيل "مجموعة دراسة العراق" (Iraq Study Group) في 15 مارس/آذار 2006، بعد اجتماع في الكونغرس الأمريكي، بهدف تقييم الوضع في العراق اعتباراً من صيف 2005.

وجاء الكشف عن موعد تقديم التقرير فيما بدأ الرئيس بوش تحركات لإيجاد سبل لكبح العنف الطائفي الذي يمزق العراق، حيث التقى في العاصمة الأردنية، عمان، الخميس، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كما التقى الأربعاء، العاهل الأردني الملك عبدالله.

كما يخطط الجيش الأمريكي لتحريك ثلاث كتائب نحو العاصمة بغداد، في محاولة للسيطرة على زمام الأمن المنفرط. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 3 /كانون الأول   /2006 -11/ذي القعدة /1427