العمل التطوعي والمجتمع السوي

فريد النمر

مقدمة

حرصت المجتمعات الإيجابية و المتحضرة والواعية على العيش بمدنية في كل مفاصل حياتها بنظام طموح يكفل لها سموا خاصا وذلك من خلال التعاون المثمر بينها إذ جعلت هناك مساحة وإستراتيجية ملحة بإنشاء مؤسساتها الاجتماعية الخاصة والمدنية, وحرصت إن تعطي هذه المؤسسات الشيء الكثير من وقتها الخاص لإنجاح مشرعها الحضاري فيما بينها مستفيدة من كل فرد ذو كفاءة يكون عنده متسعا من الوقت يصرفه للمحافظة على الأسرة الكبيرة المتمثلة بالمجتمع.

ومن هنا أخذت هذه المجتمعات الايجابية في طرح ثقافة الخدمة التطوعية وتقديم كل ما يخدم العمل التطوعي  وما ينتج عنه من استفادة لأكبر شريحة من المجتمع إضافة إلى استثمار حقيقي لتك الكفاءات المغمورة  وإبرازها على المستوى الجماعي.

مفهوم التطوّع:

إن مفهوم التطوع يتضمن جهوداً إنسانية، تبذل من أفراد المجتمع، بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي سواء كان هذا الدافع شعورياً أو لا شعورياً ولا يهدف المتطوع تحقيق مقابل مادي أو ربح خاص بل اكتساب شعور الانتماء إلى المجتمع وتحمل بعض المسؤوليات التي تسهم في تلبية احتياجات اجتماعية ملحة أو خدمة قضية من القضايا التي يعاني منها المجتمع وهو دافع أساسي من دوافع التنمية بمفهومها الشامل اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، ودليل ساطع على حيوية المجتمع وترجمة مشاعر الولاء والانتماء للوطن إلى واقع ملموس واستثمار وقت الشباب في أعمال نبيلة، إضافة إلى تعزيز الروابط الاجتماعية وتقليص الفوارق الطبقية بين أفراد المجتمع.

من هو المتطوع؟

هو ذلك الشخص الإيجابي  الذي يحاول المساعدة في أي مجال يستطيع أن ينجز فيه عمل ما ويسعى إلى التعاون مع أفراد المجتمع للرقي إلى حياة أفضل من شأنها إن تقدمه وتسد حاجته

الدور البناء والعمل التطوعي.

إن للعمل التطوعي  من الأهمية بمكان الدور الأبرز في ثقة المجتمع الايجابي بالنظر لآثاره اجتماعية الهامة جداً والتي تأخذ بالمجتمع إلى الرقي والتقدم والازدهار  وذلك  بما يفسحه العمل التطوعي من فرص التعاون بين أفراد المجتمع وينمي في الفرد حالة من احترام الآخرين وتقدير العمل المفيد والعطاء مضيفا بذلك إكساب المتطوعين خبرات ميدانية وإدارية في العمل الخيري وما تتيح لهم من فرصة للتدرب على المساهمة في الأعمال والمشاركة في اتخاذ القرار ,كما يعد العمل وسيلة قيّمة ومثالية تبعث في النفس الشعور بالرضا والانتماء وتساهم في تجاوز الكثير من أمراض العصر مثل الاكتئاب والشعور بالعزلة والضغوط الاجتماعية والنفسية.

آليات العمل التطوعي

إن المتأمل للعمل التطوعي يجده يخضع لقناعة الفرد ومدى شعوره بالمسؤلية بدرجة أساس تجاه العمل والتطوع فيه, لذا وجب على المهتمين بوضع آلية لضمان تحقيق هذا الاقتناع وذلك على النحو التالي:

أولا: التواصل بالإعلان حول التطوع، خصوصاً عندما يرتبط بمسألة التنمية الشاملة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً والدعوة إليه بما تقتضيه الحاجة.

ثانيا: رفع درجة كفاءة الخطاب للدعوة إليه لتصغير دور المثبطين والمضعفين والمشككين في جدواه وأهميته.

ثالثا: تحديد العدد المطلوب للعمل وشرح نوع العمل والكفاءة المطلوبة بما يضمن له عدم الملاحقة القانونية أو الاجتماعية.

رابعا: إن للاختيار الصحيح الدور الرئيسي في بلورة سير العمل بيسر وسهولة بعيدا عن التضاربات والتخبطات التي تبنى على رؤى واهية تجر للإحباط وانحراف الهدف.

خامسا : إن من الأهمية بمكان هو تدريب المتطوعين وتأهيلهم على طبيعة المهام الموكلة لهم وتعميق خبراتهم بتبادلها مع من سبقهم وإكسابهم مهارات جديدة تحسن من أدائهم.

التنظيم والتحفيز

يعد التنظيم بالعمل التطوعي مصدرا من مصادر قوته عندما تواجه المتطوع عوائق وصعوبات تحول دون استمراريته, مما قد يؤدي به إلى اللجوء لأساليب أكثر ارتجالية وغير مدروسة تعقد العمل وذلك باعتماد السلم الهرمي الادراي في اتخاذ القرار او الشورى البعيد عن الأنانية والفكر الأحادي.

كما يلعب التحفيز دورا كبيرا في المحافظة على المتطوع وبذل أقصى ما عنده من جهد لخدمة العمل بكل تفاني وإخلاص ودون كلل أو ملل وذلك بمشاركته في صنع القرار وحاورته بكل شفافية ووضوح وشكره على كل انجاز وإعلانها على مسمع من أقرانه المتطوعين ومنحه رسائل الشكر والتقدير بين الفينة والأخرى.

 والمتابعة والتقييم

يعتبر العمل التطوعي ذو حساسية فائقة تكاد تفوق كل الأعمال من حيث المردود والناتج الفعلي ومدى نجاحها من فشلها إذ يترتب على ذلك صدمة إما للمتطوع أو للمجتمع نفسه من جراء أي فشل لا سمح الله.

 لذا توجب على المشرفين الإداريين حيازة المتابعة الدءوبة للعمل بشكل دوري وإبداء الآراء وتقييمها من خلال  اجتماعات تقدم فيها التقارير المعدة و بشكل دوري لتتيح للمتطوع مناقشة متطلبات الفترة واحتياجاتها بارتياح ومدى الانجاز الذي تحقق من عدمه وما هي المعوقات التي قد يصادفها وطرق إزالتها.

إن الالتزام بالتعهدات والجدية في العمل والاندماج الفعلي بالخدمة التطوعية لهو مطلب ضروري وملح لكسب ثقة المجتمع بأبنائه ونموه بالشكل المطلوب وعندما يكلل هذا الالتزام بالإخلاص بعيدا عن استغلالها للصالح الشخصي أو توريطها في معوق يساعد على شل حركتها وفقدان الثقة بها كمؤسسة خدماتية تعتني بالمجتمع.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 3 /كانون الأول  /2006 -11/ذي القعدة /1427