مع استمرار حظر التجول وتوقف الحياة في بغداد الازمة السياسية سبب العنف

 

أصدر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مناشدة عاجلة يوم الاحد الى الفصائل العرقية المتصارعة في حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها من أجل انهاء الصراع الذي قال انه سبب إراقة الدماء والازمة التي تصاعدت في الايام الاخيرة.

ودوت قذائف المورتر مجددا في مناطق مختلفة بالعاصمة لتستمر حالة التوتر رغم حظر التجول الذي أبقى سبعة ملايين شخص داخل منازلهم لليوم الثالث منذ تفجير سيارات ملغومة مما اودى بحياة أكثر من 200 شخص يوم الخميس الماضي.

ووبخ المالكي القيادات السياسية بخلاف ما فعل في السابق حينما كان ينتقد الجماعات المتشددة. وقال في مؤتمر صحفي تلفزيوني قصير ان الذين بمقدورهم وقف مزيد من التدهور واراقة الدماء هم الساسة.

ولكنه أضاف ان ذلك لن يحدث الا حينما يتفقون وأن يدركوا بانه لا يوجد منتصر وخاسر في هذه المعركة.

وتابع قوله ان الوضع الامني تجسيد للانقسام السياسي.

وسيسمح انهاء حظر التجول واعادة افتتاح المطار يوم الاثنين للرئيس جلال الطالباني بالمضي قدما في زيارته لطهران التي تأجلت بسبب اغلاق المطار.

وسيكون الاجتماع المقررة عقده الاربعاء في الاردن بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الامريكي جورج بوش هو التحرك الدبلوماسي الرئيسي الاخر لمحاولة نزع فتيل الازمة.

وقال وزير الخارجية المصري إن وزراء خارجية دول الجوار العراقي سيجتمعون في مقر الجامعة العربية في القاهرة في الخامس من ديسمبر كانون الاول. وتخشى الدول المجاورة للعراق ان يمتد عدم الاستقرار في البلاد الى خارج حدوده.

ويكافح المالكي لتحقيق تغيير مؤثر على صعيد المشكلات الامنية او المشكلات الاقتصادية. وكان المالكي قد اختير لرئاسة الوزراء كحل وسط بعد اشهر من الجدال في وقت سابق من هذا العام.

ورغم الضغوط من واشنطن كافح المالكي لكبح الميليشيات التي يتهمها السنة بتشكيل فرق اعدام قتلت الالاف وقال مرارا ان الاولوية لمحاربة المسلحين السنة والمنتمين للقاعدة.

ووعد المالكي بإجراء تعديل وزاري ولكن حتى يكون لتلك الخطوة تأثير كبير ينبغي الابتعاد عن اسلوب تخصيص وزارات للاحزاب السياسية التي تدار فيما بعد كاقطاعيات للفصائل المتناحرة داخل الحكومة.

ويتعرض المالكي للانتقاد من جانب الاقلية السنية التي كانت لها الهيمنة حيث يصفونه بانه عميل لايران الشيعية بينما يطالبه اقرانه من الاسلاميين الشيعة ببذل المزيد من الجهود للدفاع عن مصالحهم ضد كل من السنة والولايات المتحدة.

وقال رجل الدين السني البارز حارث الضاري الذي يعيش في المنفى ومطلوب القبض عليه بتهمة الارهاب يوم السبت إن الحكومة تستغل النزعة الطائفية بينما يطالب نائب الرئيس الطالباني وهو سني بالتوازن بين الاولويات لتكون حكومة وحدة وطنية حقيقية.

أما رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الحليف الرئيسي للمالكي فقد طالب بعد تفجيرات الخميس في معقله بمدينة الصدر بألا يجتمع رئيس الوزراء مع بوش والا فان اتباعه سينسحبون من الحكومة والبرلمان.

وحث مبعوث للامم المتحدة الحكومة يوم السبت على منع "سرطان" الطائفية من تدمير البلاد.

وزيارة الطالباني لرئيس ايران محمود أحمدي نجاد المناهض للولايات المتحدة والذي تتهمه واشنطن بدعم المسلحين الشيعة في العراق هي جزء من الجهود المتزايدة لاشراك جيران العراق في جهود منع الحرب الاهلية.

ولكن الرئيس الامريكي جورج بوش يبدو متشككا فيما يمكن أن يفعله خصماه ايران وسوريا. وقام ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي يوم السبت بزيارة للسعودية لمناقشة الامن في الشرق الاوسط.

وقال دبلوماسي غربي ان الولايات المتحدة تريد معادلة التهديد من ايران وسوريا بالحصول على تعاون الدول المعتدلة فيما يتعلق بكل من العراق والقضية الفلسطينية الاسرائيلية مضيفا أن الدفعة الدبلوماسية الحالية دليل على ذلك.

وسيكون هذا أول اجتماع لدول الجوار العراقي منذ اجتماع طهران في يوليو تموز الذي ضم وزراء خارجية البحرين ومصر وايران والعراق والاردن والكويت والسعودية وسوريا وتركيا.

وشددت وزارة الخارجية المصرية في بيان على "أهمية خروج هذا الاجتماع بموقف عربي واضح من الاحداث الجارية في العراق يؤكد على التضامن مع الشعب والحكومة في العراق ورفض جميع أشكال العنف ونبذ التعصب والطائفية."

هذا وأعلنت السفارة الامريكية لدى الاردن اليوم الاحد أن الرئيس الامريكي جورج بوش سيصل عمان يوم الاربعاء 29 من تشرين الثاني نوفمير وسيلتقي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الخميس الموافق 30 من الشهر الجاري.

وأضافت السفارة في بيان تلقت وكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة نسخة منه ان بوش والمالكي سيعقدان مؤتمرا صحفيا عقب مباحثاتهما.

ويأتي اجتماع بوش والمالكي مع تنامي الضغط على الاثنين للتحرك بشكل حاسم لمنع انزلاق العراق الى حرب أهلية أو حالة عارمة من الفوضى قد تشيع حالة من عدم الاستقرار في المنطقة كلها.

كما يجيء بعد الزيارة التاريخية التي قام بها وزير الخارجية السوري وليد المعلم للعراق وكانت أول زيارة يقوم بها وزير سوري للبلاد منذ الغزو الامريكي للعراق عام 2003 وتوجت باتفاق البلدين على استئناف العلاقات بينهما بعد قطيعة دامت نحو ربع قرن.

وقال توني سنو المتحدث باسم البيت الابيض للصحفيين الاسبوع الماضي إن بوش سيجرى محادثات مع المالكي تتركز على جهود "بناء الامن والاستقرار في العراق."

وأضاف في بيان "سنركز مناقشاتنا على التطورات الحالية في العراق والتقدم الذي تحقق حتى الان في مداولات لجنة مشتركة على مستوى عال بشان نقل المسؤولية الامنية ودور المنطقة في مساندة العراق."

وتضع الفوضى في العراق ضغوطا متزايدة على كل من بوش والمالكي لمحاولة ايجاد وسيلة لوقف اعمال القتل.

وأعلنت الأمم المتحدة يوم 22 الجاري ان عدد القتلى العراقيين ارتفع لمستوى جديد في تشرين الأول اكتوبر الماضي وان أكثر من مليوني نسمة نزحوا عن ديارهم منذ الغزو الأمريكي فرارا من العنف الذي يجتاح البلاد.

وأظهرت أرقام وردت في تقرير للأمم المتحدة تستند لبيانات وزارة الصحة العراقية أن عدد القتلى المدنيين بلغ 3709 قتلى في تشرين الأول ارتفاعا من 3345 قتيلا في ايلول سبتمبر.وفي تموز يوليو بلغ عدد القتلى 3590 قتيلا وكان أكبر عدد سجل من قبل.

والامتعاض من سياسة إدارة بوش في العراق كان قضية اساسية في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الامريكي التي جرت في وقت سابق من هذا الشهر واطاحت بسيطرة الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه بوش على مجلسي الكونجرس.

وستكون المحادثات بين بوش والمالكي أول محادثات مطولة بينهما منذ ان وعد الرئيس الامريكي بتوجه جديد في العراق بعد فوز معارضيه الديمقراطيين وهيمنتهم على الكونجرس. كما تجيء بعد شهر من تحدث الاثنين لتخفيف التوتر بعد ظهور ضيق من كلا الجانبين من طريقة أداء الاخر لوقف العنف في العراق.

ويضغط السياسيون الامريكيون خاصة الديمقراطيون لسحب القوات الامريكية من العراق.

ويحث حلفاء للولايات المتحدة بوش على اجراء حوار مع ايران وسوريا بشان العراق.

وقال ستيفن هادلي مستشار الامن القومي للبيت الابيض إن ادارة بوش ليس لديها إعتراض على تحسين العلاقات بين العراق وسوريا وايران.

واضاف قائلا "نعتقد أن من المهم ان يتحدث العراق مباشرة إلي هاتين الدولتين وأن يوضح لهما أن عليهما أن يقوما بدور إيجابي في السعي الى الامن والاستقرار والديمقراطية في العراق."

وينتظر بوش توصيات بشان العراق من المتوقع ان تصدر الشهر القادم عن لجنة يرأسها وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر وعضو الكونجرس السابق لي هاميلتون. وتجري وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) مراجعة من جانبها للنهج في العراق.

وذكرت مصادر أمنية أن الشرطة عثرت على جثث 21 رجلا وصبيا شيعيا من عائلة شيعية كبيرة يوم السبت في قرية أغلب سكانها من السنة في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد.

وقال الجيش الأمريكي إن مهاجما شن هجوما انتحاريا بسيارة ملغومة مما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين عراقيين بينهم طفلان وجندي من قوات الائتلاف عند نقطة تفتيش في الخالدية الواقعة على بعد 83 كيلومترا غربي بغداد أمس. وأصيب تسعة مدنيين آخرين.

هذا احتجبت الصحف العراقية عن الصدور لليوم الثالث على التوالي اليوم الاحد بسبب الحظر الذي فرضته الحكومة على حركة المركبات والمواطنين منذ مساء يوم الخميس وحتى اشعار اخر بسبب التفجيرات التي شهدتها مدينة الصدر وراح ضحيتها مئات القتلى والجرحى.

وبدأ صباح اليوم الاحد سريان قرار الرفع الجزئي لحظر التجوال الذي يقضي بالسماح للمشاة بالتجوال فقط بينما يبقى الحظر على سير المركبات مستمرا حتى صباح غد الاثنين.

وكانت الحكومة العراقية فرضت بداية هذا الشهر حظرا للتجوال استمر يومين بعد النطق بحكم اعدام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين في قضية الدجيل.

يذكر ان العشرات من الصحف العراقية صدرت في بغداد بعد سقوط النظام السابق في التاسع من نيسان ابريل عام 2003 ، لكن قسما منها اغلق بسبب نقص التمويل.

وأهم الصحف العراقية الصادرة في بغداد هي (الصباح) شبه الرسمية التي تمولها الحكومة العراقية ، و (الزمان) التي تصدر بطبعتين في لندن وبغداد و (الصباح الجديد) و (المدى).. أما الصحف الحزبية فهي (العدالة) و (الاستقامة) التابعتان للمجلس الاعلى وصحيفة (البيان) التابعة لحزب الدعوة و (حزب المؤتمر) التابعة لحزب المؤتمر الوطني العراقي الذي يرأسه احمد الجلبي.

بدوره قال الشيخ جلال الدين الصغير عضو مجلس النواب عن الائتلاف العراقي الموحد اليوم الاحد إنه تم الاتفاق داخل المجلس على تشكيل لجنة اعلامية مشتركة من كافة الاطياف تعمل على توحيد الخطاب السياسي في العراق.

وأوضح الصغير في اتصال هاتفي مع تلفزيون العراقية الرسمي اليوم " تم الاتفاق على تشكيل لجنة اعلامية مشتركة تعمل على توحيد الخطاب السياسي في العراق وجعل الشعب العراقي يرفض الجهات التي تصعد من الخطاب الطائفي."

ولم يحدد الصغير تلك الجهات غير أنه قال إنه " تم تشخيص العصابات (المجرمة) التي قامت بتفجيرات مدينة الصدر " موضحا أن" حظر التجوال المفروض على بغداد منذ ايام ساعد وبشكل كبير القوات العراقية على تشخيص تلك العصابات."

وقال إن " حظر التجوال لم يكن من فراغ بل كان نتيجة لما حدث في مدينة الصدر."

وأضاف "على المواطن العراقي ان يكون حذرا خاصة وأن هناك معركة شرسة مع الارهاب الذي فقد بالفعل الشيء الكثير." 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  26  /تشرين الثاني  /2006 - 4 /ذي القعدة /1427