تداعيات الصراع الطائفي في العراق

 سعد البغدادي

لاريب ان البرجوازية الصاعدة في العراق هي من يشجع الاستمرار في قضية الصراع الطائفي في العراق, فبعد تسلط البعثيين على الحكم في العراق منذ عام 1968 عمدوا الى اختلالات كبيرة في مسيرة تطور راس المال العراقي في الوقت الذي تم محاربة الفكر التقدمي وانهيار كل اشكال المقاومة وهروب الرساميل الى خارج العراق وتريف المدينة وعسكرة المجتمع.

بعد كل هذه السنوات كان لابد لهذه الرساميل من العودة الى العراق  ومنذ عودة البرجوازية العراقية ارتفعت وتيرة القتل وعدم الاستقرار.

ومنذ بداية سقوط النظام الفاشي تحالفت البرجوازية  المهزومة مع بقايا النظام السابق ومع تنظيم القاعدة لضرب  مصالح النفوذ القادم( راس المال القادم مع سقوط النظام) -عبد اللطيف هميم انموذجا-.

 فكنا نشهد عمليات  قتل وخطف لممثلين عن هذه الفئة او تلك وبعد فترة من الزمن تطور الامر الى ضرب المصالح الكبرى – عمليات قتل وخطف وتفجيرات تتعمد التجار واصحاب الصيرفة والمقاولين الكبار.

 كل هذا دعا البرجوازية العراقية ان تدخل في اتون الصراع الطائفي وتتسلم  دفة القيادة عن طريق تشكيل تحالفات وجبهات وهيئات تتخذ من الدين والفكر الطائفي ستارا من اجل الدخول الى قبة البرلمان العراقي الذي فاز بامتياز ليعبر عن هذه الروحية المنبثقة من جديد.

 لقد ساهمت البرجوازية بكل ثقلها في دعم الاحزاب وتاسيس كيانات ذات صبغة طائفية من اجل الدفاع عن مصالحها.

 وفي احصائية اولية لمتابعة من كان يدعم الحملات الانتخابية للاحزاب ستجد ان اموال الخيرين والفضلاء واهل الخير هي وراء هذا الحزب او تلك الهيئة.

 لكن الامور سوف تتطور الى اكثر من هذا لتصبح البرجوازية العراقية حاملة الراية في الخليج  والمنطقة العربية  وبعد اعلان النتائج في البرلمان العراقي بدءت هذه الفئات بجولات مكوكية الى دول الخليج للتنسيق مع الدول الاكثر رجعية في العالم ولتعلن هذه البرجوازية ولائها للرجعية العربية.

 ولتحمل راية الجهاد مقابل الدعم المالي الواسع الذي اتخذ حجة اعمار مساجد اهل السنة او دعم العملية السياسية وفي الحقيقة كان الصراع يدور حول تشكيل جبهة عراقية من البرجوازية الصاعدة لتكون راس حربة ضد الاحتكار الايراني الجديد للسوق العراقية مما يعني وصول الاحتكارات الايرانية على ابواب الخليج.

 وبعد فشل القوى الرجعية في الخليج من التصدي لها وجدت هذه القوى ان تتحالف مع شريك لديه الاستعداد لان يبيع كل شئ تحول هذا الصراع المالي والصيرفي الى تنافس خطير , فهذه المرة تحت قبة البرلمان وبصفة رسمية تم تشكيل قوى ارهابية وجماعات تقتل هنا وهناك بدء السلاح يتدفق من كل مكان.

 اذكر مقولة لكريم بقرداني احد زعماء الحرب الاهلية في لبنان انه قال حينما حاربنا كان السلاح ياتي لكل الاطراف نستخدم سلاح جديد نقول سنحقق نصر نجدان خصمنا يستخدم نفس السلاح.

 هذا بالضبط ما يحصل عندنا.

 فالسلاح المتوسط موجود لكافة من يريد السلاح, طريقة القتل واحدة حتى طريقة التعذيب واحدة حتى المصطلح صار واحدا جثث مجهولة الهوية ترمى في قارعة الطريق.

 وفي دراسته عن اسباب الحرب الاهلية يرى تروتسكي ان البرجوازية تدفع باتجاه الحرب الاهلية خدمة لمصالحها, تدفع بجيوش العاطلين والمتسكعين لتجعل منهم ابطالا اسطوريين فابو مصعب الزرقاوي يصبح ممثلا للسنة وابو درع ممثلا للشيعة.

 هذه الثنائية مقاربة جديدة فقد كان ابو طبر هو الممثل الوحيد للبرجوازية البعثية ثم ان الزرقاوي استمر يعمل لوحده في الساحة لاكثر من اربع سنوات دون ان يكون له معادل موضوعي ومع تطور الافكار واصبح الجميع يمتلك وسائل التفخيخ ويمتلك القذائف والصواريخ تفجير سيارة في حي شيعي يعقبه قذائف في حي سني مقتل خمسة عشر شيعي في اللطيفية لابد ان تلقى بجثث خمسة عشر سني في السدة شعارهم قتلاكم في السدة وقنلانا في الجنة.

   كل هذا يحدث واكثر منه يحدث وحينما تسير في شارع او تقف في طابور على الوقود او تركب باصا تجد ان الذي بجانبك من تلك الطائفة او هذه الطائفة يستنكر هذا الامر  ويستهجنه وهو على حق.

 اذن من الذي يقوم بهذه الاعمال مرة اخرى اقول انها البرجوازية العراقية المنحطة تلك التي وقفت الى جانب النظام البعثي حينما رفعت سعر رغيف الخبز الى مستويات لم تستطع فئات الشعب من شرائه هي نفسها اليوم تقاتل من اجل مصالحها وحينما تتفق ذات يوم مع غريمها الايراني فان كل هذه الدماء ستكون في ذاكرة اللطيفية والسدة. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء   14  /تشرين الثاني  /2006 -22 /شوال /1427