الحكم على صدام: عدالة المظلوم

عبد الأمير علي الهماشي

بادئ ذي بدء أقول :العنوان هو رد على ما ذكره وزير العدل الامريكي الأسبق رامزي كلارك الذي ترأس ومازال فريقا دوليا من المحاميين للدفاع عن الطاغية (صدام)حيث قال:ان صدور حكم الاعدام على صدام بتهمة إرتكاب جرائم ضد الانسانية يعبر عن عدالة المنتصر.

وهي إشارة لعدم عدالة المحكمة باعتبار أن المهزوم يُحكم عليه بأشد العقوبات ودون عدالة ونتيجة المحكمة معروفة سلفا

وفي المناسبة لم أود الكتابة في هذا الموضوع وكنت سأكتفي بما كتبه الاخوة الكتاب الاحرار عن نتيجة الحكم والتهاني التي تلقيتها عبر البريد الاكتروني وعبر الرسائل القصيرة على الهاتف المحمول ،ولكن ماأورده رامزي كلارك المصاب بعقدة الخلاف مع ادارة بوش الاب والابن من قوله أعلاه إضافة الى ما سأورده لاحقا والتي ساتوقف معها بملاحظات بسيطة ولعلي اُلحق بعد ذلك ملاحظات سريعة على بعض من رفض الحكم من العرب والعراقيين.

مع رامزي كلارك:

ولابد من توضيح ماقلته حول عقدة السيد رامزي كلارك مع الإدارات الامريكية فهو يُسارع الى الدفاع عن أعدائها أيا كان هذا العدو بل إنه شارك في محاكمة الرئيس بوش في محاكمة غير رسمية اعدها ناشطون عالميون.

لن أدخل في النوايا والاهداف المخفية  التي دفعت برامزي كلارك للدفاع عن صدام  ويُقال أن هناك صداقة بين صدام ورامزي كلارك والتي كانت نتيجتها زيارات عديدة قام بها الى العراق في فترة التسعينات من القرن الماضي والاعوام الثلاثة الاولى من القرن الماضي قبل سقوط الطاغية في التاسع من نيسان عام 2003، وهذه لوحدها إدانة في نظر العراقيين (لاتسأل عن المرئ واسأل عن قرينه) وقد لقب أحد الكتاب العرب* رمزي كلارك بالبعثي الامريكي وقد تطوع كلارك منذ الفترة الاولى بالاعداد لمحاكمة الطاغية للدفاع عن صدام.

ويبدو أن التشكيك هو ديدن هذا الرجل فقد شكك في البداية بقبول تطوعه للدفاع عن صدام في إحد اللقاء الصحفية بعد الجدل الذي أثاره بالدفاع عن ديكتاتور كان في حرب مع بلده أمريكا وقال (أشك في قبولي في فريق الدفاع اذا ماكانت المحكمة تجري تحت إشراف محكمة عراقية) ولكن المحكمة العراقية وافقت على طلبه ودخل قاعة المحكمة وقابل صدام حسين.

وبالمناسبة فإن المتهمين وعلى رأسهم صدام الذي  تنفس الصُعداء بوجود حشد من المحامين العرب والعراقيين إضافة الى الامريكي كلارك جعلته يُظهر بطولاته التلفزيونية ظنا منه أن المحمكة تسير في إتجاه آخر غير إعدامه.

وقد شكلت هذه الظاهرة قلقا للكثير من العراقيين إضافة للبطء في الاجراءات ومارافق جلسات المحكمة كلها أوحت بشكل أو بآخر الى نوع جديد لم نألفه في المحكامات التي نشاهدها أو تلك التي سمعنا بها وظن الكثيرون بانها مسرحية أمريكية وقد كتبت في وقتها مقالا تحدثت فيه عن المحاكمة التي تشبه المسلسلات الامريكية وما تحمله من مفاجئات ولذلك قلت علينا أن نترقب الى النهاية وقد بدت بوادر النهاية باعلان الحكم ولكننا ننتظر التنفيذ بفارغ الصبر.

واما لتعليقات كلارك حول الحكم فهو قد أدان موكله من حيث لايشعر حينما أشارالى ذلك وقال(عندما تفكر في كل الاشياء التي قالها الناس فإنه من الصعب جدا أن ترى حدوث أي شيء إلا حكم الاعدام).

اما بالنسبة لحديثه عن الحكم وتعبيره بعدالة المنتصر فأقول لو تعاملت المحكمة مع الطاغية صدام بعدالة المنتصر لما سمحت لكلارك ولغيره بالدفاع عنه ،وهو يعرف انه لاتستطيع قول ما قاله أثناء الجلسات لو كان الامر أمام قاض أمريكي في محكمة أمريكية لقضية أمريكية ولعل هذا الامر أثار استغرابه وفاجئه كثيرا وقد ذكره القاضي بذلك في إحدى الجلسات ولم يرد في حينها وفضل الصمت.

ولو كانت عدالة المنتصر حقا هي التي حكمت لكان ذلك في الجلسة الاولى ودون الاستماع إليكم ولكنني أقول إنها إرادة المظلوم الذي صبر حتى ظفر ،عدالة شعب قاسى لوحده ولم يتباكى عليه أحد بل ظل يرتزق على آلالامه ومحنه ومصائبه ولن أقول تجارة حروب بل الامر تعدى الى أكثر من أخلاقيات تجار الحروب وربما تخونني المفردات إن عبرت عن هذه الاخلاقية التي تصرف بها من إغتنى على جماجم العراقيين وبنى قصوره وشيد عمرانه والشعب العراقي يسكن المقابر الجماعية.

ولو كانت عدالة المنتصر حقا لسمحت لنا بالاقتصاص من الظلمة منذ اليوم الاول لسقوطهم، ويبقى رامزي كلارك أشد ذكاءا من فريقه حينما يشير في تصريحاته الصحفية الى خطورة إعدام الطاغية صدام من أنها تزيد العنف والاقتتال.

ولكننا نقول إن بقاء الطاغية حتى هذا اليوم هو أحد الاخطاء الكبرى التي ارتكبتها الولايات المتحدة وكان دفعا معنويا  لايتامه مما زادت العمليات الارهابية ضد الشعب العراقي بل إن ظهور على شاشات التلفزيون كانت تؤدي الى زيادتها نتيجة الكلمات التي كان يُطلقها في رسائل يفهمها تنظيمه القاتل.

وإذا كان رمزي كلارك متخوفا من زيادة العنف ويبدي النصح فنحن نشكره ولكننا لانقبل نصيحته ونقول له إنك من الاشخاص غير المرغوبين فيك لابداء النصح للشعب العراقي لانك وقفت الموقف الخطأ في المكان والزمان غير المناسبين وانك عاديت شعبا كاملا لحاجة في نفسك.

وسيبقى للشعب العراقي الحق في تنفيذ الحكم بالطاغية والحق في ملاحقة كل من اغتنى بأموال غير مشروعة على حسابه قضائيا.

وبعد التعليق على ماقاله السيد رامزي كلارك كمثال لرد الفعل السلبي تجاه إصدار حكم الاعدام شنقا بحق المجرم صدام اُحاول أن أتعرض لرد فعل سلبي آخر من الكتاب العرب وهو الاستاذ عبدالباري عطوان الذي وصف الحكم على الديكتاتور صدام بحكم المهزوم كتعليق له على ما قاله رمزي كلارك،وهو بذلك يضيف الى سجل إساءاته للشعب العراقي إساءة اُخرى.

وهو كغيره من الكتاب العرب الذين يحاولون أن يكونوا في الصف المعادي لتطعات الشعب العراقي وضد مسيرته في العراق الجديد بحجة الوقوف ضد أمريكا ودفاعا عن القومية العربية ،وإرضاءا للشارع العربي التائه بين تخاذل الحكام وعنتريات بعض كتبته.

وهنا لن أذكر خلفيات السيد عطوان ولن اُلقبه بما لقبه به بعض الكتاب الاحرار من العراقيين لما رأوه منه ولذلك أسموه بـ عبد الدولار، ولن أتحدث عن الحسابات المصرفية ومصادر تمويل جريدة القدس، بالمناسبة يذكرني الاسم بجيش القدس الذي شكله الطاغية صدام، وعن التسهيلات الاخرى في بريطانيا بالرغم من التصريحات الارهابية التي يُطلقها بين الحين والاخر التي تتعارض مع قانون مكافحة الارهاب في بريطانيا ،وقد تعرض الكثيرين في بريطانيا لمواقف أشد لتصريحات أقل حدة مما قاله رئيس تحرير القدس ولم نجد مثل هذه المضايقة له، ربما لايقرأ المسؤولون عن مكافحة الارهاب ماكتبه أو  ماقاله وسيقوله عبد الباري عطوان.!!!!!!!!!!

مع عبد الباري عطوان

حاول السيد عبدالباري عطوان تفريغ استياءه من نتائج المحاكمة والحكم على قائده المزعوم بالاعدام شنقا فحاول أن يبدأ مقاله بنفخ روح قائده الخاوية حينما قال:( سيظل يرعبهم حتى في قبره) كعنوان لمقاله حشد فيه الكثير من المغالطات ساردا لأمور وكأنه يتلقى الوحي الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وتعليقا على العنوان إننا لسنا مرعوبين من أحد ولو قُدر لنا ان نمسك( بصدامك) لكان مصيره غير تلك المحاكمة التي كنا نراها متساهلة معه الى أبعد الحدود ولكانت ضربات ابي تحسين بنعله حتى الموت هو العقاب الجماعي من أبناء الشعب العراقي .

إن هذا الذي تتحدث عنه وعن رعبنا سقط أمام أول لكمة من عراقي رافق القوات الامريكية التي أخرجته من جحره وطالب حين القبض عليه بالمفاوضات مع الولايات المتحدة وما إن عرف أن الذي أمامه عراقي حتى تلفظ بما إعتاد عليه منذ صغره والتي سمعنا قليلا منها أثناء جلسات المحكمة،فما كان من هذا العراقي إلا أن لكمه لكمة طرحته أرضا واستلقى على الارض تالا جبنه فما كان منه إلا أن وضع حذاءه على رأس الطاغية العفن لتكون حقيقة توازي نعل أبي تحسين الذي انهال ضربا على إحدى الصور لقائدك البطل، ولو كان حقا بطلا كما تزعم لما بعث برسائل الى الدكتور –اياد علاوي-رئيس الحكومة الانتقالية للعفو عنه او الوساطة لدى الامريكان.

أما قولك بأنه (حكم المهزوم وليس حكم المنتصر كرد وتعقيب على رمزي كلارك) فالمهزوم هو انتم وغيركم الذين تعيشون وهم الطاغية الذي خدعكم أو إن أمواله وهداياه هي التي أغرتكم وجعلتكم لاترون الحقيقة ،فصدام أصبح جزءا من الماضي ولن يرعب أحد ولن يتأسف عليه إلا من هم على شاكلته وهو المهزوم في الدنيا قبل الاخرة وهو قد ذاق خزي الدنيا كتحقيق للوعد الالهي لخزي الظلمة في الدنيا وننظر يوم الحشر حيث الخزي الاعظم هناك.

والاشد غرابة في ما قاله عبد الباري عطوان بتبريه عدم المحاكمة بالوضع الحالي وكأن انقطاع الماء والكهرباء تكون كفارة لجرائم صدام ولا أدري هل هو استهتار بارواح الشهداء أم هو اسفاف بعقول القراء!!؟

ويضيف عبد الباري عطوان بذكره لمحاسن صدام ان المواطن كان ينام آمنا في عهده تاركا بابه مفتوحا ....الخ

وتناسى عبدالباري عطوان أو لم يسمع إن المواطن العراقي كان يهرب من النوم لكي لاتأتيه كوابيس زوار الليل من الاجهزة الامنية ويبيت ليلته قلقا أرقا خوفا من بطش النظام لاتفه الاسباب.

ويستيقظ فرعا من حلم التغيير خوفا من تسرب ذلك الى أجهزة القمعية التي تحاكم أصحاب هذه الاحلام بالاعدام رميا بالرصاص .

وينتقل عبد الباري عطوان لينقل لنا الوضع المتردي لعائلة صدام ومن شاركه في الحكم من الذين يعيشون على (صدقات الدول العربية التي تستضيفهم)، ولاأدري هل يتغافل عبد الباري عطوان عن الحسابات المصرفية لعائلة الرئيس والاموال التي تصرفها على المحاميين الذين تجندهم للدفاع عنه ؟

ولاأدري هل تلقى عبد الباري بعض الهدايا من اسرة الطاغية ام انه لم ينل هذا الشرف حتى هذه اللحظة!!؟

وإن كان عبد الباري يحسب أنه يمتهن مهنة الحقيقة فليبحث قليلا في معيشة اُسرة الرئيس وأقربائه ومن الذين هربوا من العراق ممن شارك في الحكم أو من الذين كانوا في درجات ادنى من ذلك في المسؤولية.

ومشكلة عبد الباري أنه يحاول حشو مقاله للدفاع عن رأيه دون استناد الى حقائق وينصب نفسه حاكما وشاهدا في نفس الوقت وكأنه يملك الحقيقة المطلقة ويطالب بمحاكمة –نوري المالكي- بدلا من صدام كما كان يطالب بمحاكمة –ابراهيم الجعفري واياد علاوي-سابقا ولكنه يسرد حكاية من احدى عمليات المعارضة وينسبها الى حزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء الحالي والعارضة تعلم من قام بهذه العملية التي استهدفت طارق حنا عزيز وزير خارجية الطاغية ونائبه.

ويطالب بمحاكمة السيد –نوري المالكي- كمسؤول عن عملية الدجيل ونزولا على حكم عبدالباري فان صدام حسين محكوم بالاعدام  أيضا لمشاركته في عملية اغتيال رئيس الوزراء العراقي الاسبق الزعيم عبد الكريم قاسم فما هو حكمه في هذه القضية؟

ومشكلة عبد الباري عطوان إنه يرى بعين واحدة كما هو حال أغلب الاعلام العربي في القضية العراقية ولايستطيع ادراك المتغيرات في العالم اليوم ولايتفهم المعانات التي عاشها المواطن العراقي والادهى من هذا انه يبرئ صداما من كل طائفية وكل حقد وربما يحاول عبد الباري تحويل الشهداء الذين كانوا ضحية الطاغية الى مجرمين.

ومشكلة عبد الباري انه يمدح الطاغية وهو يعلم ان مايقوله لايرتقي الى مستوى الحقيقة وان ما يقوله المرء مسؤولا عنه فيصف في مقال سابق وقوف الطاغية في المحكمة بالوقوف الشجاع والقوي وانه يتحدث بلغة سليمة حاملا او متأبطا للقران.

والكل يعلم ركاكة العربية التي يتحدث بها ولوكان هناك حكاما للغة لقطعوا لسانه لرداءة عربيته!

والقران الذي يتأبطه –متأسيا بمن حملوا المصاحف  يوم صفين حينما اقتربت السيوف من رقابهم-فإنه لايستطع ضبط اواخر مفردات الايات القرانية التي يتلوها فاي لغة سليمة تلك التي يتحدث عنا عطوان، ربما يرى عطوان ان اللغة السليمة هي اسلوبه السوقي التي سمعنا قليلا منها اثناء جلسات المحاكمة.

ويصف عطوان المحكمة ونتيجتها بـ(الوهم كما هي الانتخابات ونقل السلطة) فأقول له ولغيره انها الحقيقة التي لاتستطيعون استيعابها وهي إحدى حلقات التغيير الحقيقي في العراق  وحكام العراق معافون وعبد الباري وغيره مصابون بعقدة التغيير في العراق بعد سقوط صنمهم في التاسع من نيسان عام 2003.

وصدام هو الذي كان مصابا بمرض الزعماء فقد كان مصابا بمرض عبد الكريم قاسم ومازال، واراد ان يعالج مرضه فاُصيب بمرض مركب اسمه عبد الناصر وامتلئ بامراض كثيرة نتيجة عقدة النقص من الاخر.

وفي الختام أ.قول للسيد عبد الباري عطوان ولكل الواهمين أن زعيمكم كان أسدا أمام عدسات الكاميرا فقط وارنبا رعديدا خائفا بعد خروجه من المحكمة لايتفوه بحرف واحد .

لقد توهم صاحبكم بعدم صدور مثل هذا الحكم عليه متفائلا بحضور رامزي كلارك وهذا العدد من فريق السوء مثلما توهم أن الامريكان لايتخلون عن عملائهم مهما كانت الاسباب.

وكما قال السيد نوري المالكي ان قطرة دم واحدة من الشهيد محمد باقر الصدر او محمد صادق الصدر أو آل الحكيم أو الشهيد عبدالعزيز البدري وكل شهيد سقط دفاعا عن حرية وكرامة العراقيين لاتساويها كل دم الطاغية.

وان اي قطرة دم للشهداء الابرار لهي أغلى من كل دماء الخونة والطغاة والمنحرفين وكتاب السوء

وكما قلت في البداية فان العراقيين سيلاحقون من اغتنى أو أساء لنا قضائيا في اقرب فرصة وغن غدا لناظره قريب.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- 7 الثلاثا /تشرين الثاني  /2006 -15 /شوال /1427