بيانات عراقية تشير إلى ارتفاع عدد القتلى وتصاعد الحرب الطائفية

أشارت بيانات للحكومة العراقية يوم الاربعاء الى أن عدد القتلى بين المدنيين في أعمال عنف ربما قفز الى رقم قياسي اخر خلال شهر أكتوبر تشرين الاول الماضي.

وقالت احصائيات أصدرتها وزارة الداخلية العراقية بشأن العراقيين الذين قتلوا في أعمال عنف سياسي ان عدد القتلى المدنيين الشهر الماضي بلغ 1289 بما يعادل نحو 42 قتيلا مدنيا يوميا وبزيادة بلغت 18 في المئة عن عددهم في سبتمبر أيلول اذ بلغ عددهم 1089 وذلك أيضا رقم قياسي بالنسبة لتلك السلسلة الخاصة من البيانات.

وتكثفت أعمال العنف خلال شهر رمضان بينما يتنافس السنة والشيعة على السلطة في دائرة من الاعمال الطائفية الانتقامية المتواصلة.

وأصبح مثل تلك الارقام مثيرا للجدل بشكل متزايد وخاصة منذ قدرت الامم المتحدة اجمالي أعداد القتلى المدنيين في الشهر بأكثر من 3000 هذا الصيف كما قدرت مجموعة من خبراء الاحصائيات الطبية أن أكثر من 650 ألفا ربما قتلوا منذ الغزو الامريكي للعراق في عام 2003.

ويدرك المسؤولون الامريكيون أن القلق بشأن العنف في العراق يمكن أن يكلف الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس جورج بوش فقد السيطرة على الكونجرس خلال انتخابات التجديد النصفي المقررة يوم الثلاثاء المقبل ويشككون في تقديرات الامم المتحدة.

ورفض بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المسح الذي أجراء خبراء الاحصاء والذي نشر في نشرة ذا لانسيت الطبية الشهر الماضي.

كما تعززت الدعوات لسحب القوات الامريكية من العراق بمقتل 104 جنود أمريكيين في العراق خلال شهر أكتوبر تشرين الاول الذي يعد الاشد دموية للقوات الامريكية في العراق منذ نحو عامين.

ويندر الحصول على أدلة بشأن الضحايا المدنيين كما أن جمع البيانات أمر محفوف بالمخاطر. وشددت الحكومة العراقية القواعد لمنع المسؤولين خارج مكتب رئيس الوزراء من اعلان أرقام.

وتورد رويترز تقارير عن مقتل ما بين عشرة وعدة عشرات في العراق يوميا أغلبهم من المدنيين.

وقال المسؤول الذي قدم الاحصائيات ان بيانات وزارة الداخلية هي تجميع لتقارير تحصل عليها من مسؤوليها ومن وزارتي الدفاع والصحة في أنحاء البلاد.

واضاف المسؤول الذي يعمل بوزارة الداخلية ان تلك البيانات لا تشمل جميع أعداد القتلى الذين يسقطون في أعمال عنف وانما فقط الذين يعتبر مقتلهم نتيجة قتل سياسي أو طائفي أو عرقي وذلك بخلاف أعمال القتل الجنائية.

ورفض المسؤول الادلاء بمزيد من التفاصيل بشأن كيف يتم التمييز بين تلك الحالات.

وأظهرت الاحصاءات أيضا أن 139 جنديا وشرطيا عراقيا قتلوا خلال اكتوبر تشرين الاول. ويعد ذلك رقما أقل بكثير من العدد الذي أعلنه قائد القوات الامريكية في العراق للقتلى في صفوف جنود وشرطة العراق في رمضان والذي قال انه زاد على 300.

غير أن احصائيات وزارة الداخلية العراقية اتفقت مع اتجاهات لتقارير نقلت عن مسؤولين اخرين عراقيين وأمريكيين هذا العام وخاصة فيما يتعلق بالزيادة الحادة في أعداد القتلى عقب تفجير مرقدي الامامين الحسن العسكري وعلي الهادي في فبراير شباط في مقابل انخفاض في عدد القتلى عند بداية عملية عسكرية واسعة في بغداد في اغسطس اب.

وقالت وزارة الداخلية ان 582 مدنيا قتلوا في أعمال عنف سياسي في يناير كانون الثاني وارتفع العدد الى 782 في مارس اذار. وأضافت أن 889 اخرين قتلوا في يونيو حزيران و1065 في يوليو تموز و769 في اغسطس اب.

واستقبلت مشرحة بغداد بانتظام هذا العام أكثر من 1000 جثة في الشهر كثير منها يحمل اثار طلقات نارية أو علامات على التعرض للتعذيب. ويقول المسؤولون بالمشرحة انهم أمروا بعدم الكشف عن البيانات.

وقالت الامم المتحدة انها أبلغت الشهر الماضي أن وزارة الصحة لن تزودها بعد ذلك بالاحصائيات وأن تلك الاحصائيات ستخضع بدلا من ذلك لسيطرة مكتب رئيس الوزراء العراقي الذي سيقوم باصدارها. ولم تصدر الامم المتحدة احصائيات بشأن شهر سبتمبر ايلول.

وشكك بعض المحللين في استخدام بيانات وزارة الصحة على اساس أنها تخضع لسيطرة التيار السياسي الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي ينفي جيش المهدي التابع له اتهامات بإدارة فرق اعدام.

من جهة اخرى ذكر رئيس شبكة  عراق بلا عنف يوم الاربعاء أن ما يقرب من 90 ألف قتيل وجريح سقطوا ضحايا أعمال العنف في العراق على مدار الأشهر العشرة الماضية.

وأوضح جلال عبد الحميد الحسناوي في مؤتمر صحفي عقده في كربلاء " شهدت مختلف أنحاء العراق ما يقرب من عشرة ألاف حادث عنف راح ضحيتها 42269 قتيلا و47259 جريحا."

وأوضح أن " بغداد كان لها النصيب الأكبر من أعمال العنف تليها محافظات الانبار وديالى وكركوك والموصل وصلاح الدين وبابل والبصرة والديوانية على الترتيب."

وأضاف أن " الشبكة ومن خلال مراقبيها رصدت أعمال التخريب المتعمد لدور العبادة ومقرات الأحزاب والتشريد للعوائل المدنية والخطف والتهديد بالقتل والعمليات الانتحارية والهجمات بإطلاق مدافع الهاون وإطلاق النار والاغتيالات والمداهمات و القتل العشوائي لقوات الاحتلال للمدنيين."

وأشار إلى أن "شبكة عراق بلا عنف رصدت أيضا هجرة أكثر من 76542 عائلة من مناطقهم."

وقال " جاءت معظم أعمال العنف بسبب تواجد قوات الاحتلال باعتبارها الماسكة على مفاصل الدولة العراقية ، والصراع الطائفي بين الكتل السياسية المتقاتلة على السلطة وتدخل المؤسسة الدينية بكل مفردات العمل السياسي مما أدى إلى تحول الخطاب السياسي من قبل هذه الكتل إلى خطاب طائفي لتؤدي بالتالي إلى غياب الرؤية السياسية في الإدارة والحكم وفشل مبدأ التوافق في الحد من أعمال العنف جراء العزف على الوتر الطائفي."

وأضاف أنه " إضافة إلى ذلك فإن عدم قدرة السلطة و أجهزتها التنفيذية في الوزارات والأجهزة التشريعية في مجلس النواب على مسك زمام الملف الأمني قد زاد من تدهور الاوضاع وزيادة حالة اليأس بين أبناء الشعب العراقي."

وأشار إلى أنه " اذا ما اراد السياسيون الحد من أعمال العنف فعليهم الإسراع بعقد مؤتمر الوفاق والمصالحة داخل العراق بين مكونات المؤسسات الدينية بكل مذاهبها المتفق عليها والعمل على وضع أسس جادة من اجل حفظ حرمة الدم العراقي وإصدار فتاوى بحق الفئات المنحرفة في الفكر والعقيدة بعد تشخيصها بكل جرأة والاعتراف بان الصراع القائم الآن ليس بين مكونات الشعب العراقي بل بين المؤسسات الدينية باطنا والمتجسد ظاهرا بين الكتل السياسية وكذلك جدولة خروج قوات الاحتلال وعدم ترك جدولته خاضعة لحسابات الانتخابات في دول الاحتلال."

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 4/تشرين الثاني  /2006 -12 /شوال /1427