كي ينجح الانقلاب في العراق يجب ان يكون شيعيا!

اسعد راشد

 تراهن اطراف عديدة في العراق وخارج العراق على حدوث انقلاب عسكري يقوده ضباط سنة وبدعم من القوات الامريكية لبسط الامن والاستقرار.

 تلك المراهنة الخاسرة التي تحاول بعض الانظمة العربية وخاصة السعودية والاردن اقناع واشنطن بها لاعادة الحكم الى السنة بعد ان خسروه في 9 ابريل من عام 2003 تثير العديد من الشكوك حول فرص نجاحها وامكانية تمريرها في ظل المعادلة القائمة في العراق والتي هي في الاساس لا تفتقد الى مثل ذلك الانقلاب الذي هو تحصيل حاصل مع وجود اكثر من 141 الف جندي امريكي والمئات الالاف من قوات الشرطة والجيش وقوات متعدة الجنسيات حيث لم تستطع تلك القوات من تحقيق اي امن في العراق ولا ايجاد ارضية مناسبة تساعد على استقراره في غياب واضح لسلطة المالكي التي تشكوا من قلة الصلاحيات الامنية والعسكرية والتي لم يخف السيد المالكي في تصريحه يوم الجمعة عندما شكى حاله واعتبر نفسه طرطورا لن يستطيع تحريك "كتيبة" دون اذن واوامر من التحالف !

فالحديث عن وجود خطة امريكية لقيام بانقلاب عسكري في العراق ضد حكومة المالكي امر غير مفهوم خاصة وان العراق لن يفتقد الى مثل ذلك الانقلاب الذي يمكن مشاهدته في كل شارع وزقاق في بغداد في ظل انتشار السيطرات الامنية في كل مكان الا اذا كان المقصود من الانقلاب هو اقناع جماعات الارهاب والقتل المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة وميليشيات الاحزاب والجماعات السنية بالانضمام الى مساعي ضباط كبار من السنة وبدعم من القوات الامريكية بهجوم شامل على كل مناطق العراق الحساسة والرئيسية وخاصة بغداد لانهاء العملية السياسية ولتحقيق امر كان الجميع يحذر منه وهو الحرب الاهلية ولكن هذه المرة مكشوفة وعلنية !

الانقلاب العسكري الذي يأمل عدد من الدول العربية المجاورة حدوثه وهي تدفع واشنطن من خلال السفير البشتوني للتسريع فيه ليس فقط سيكون فاشلا بل سيعود بالضد على مصالح الولايات المتحدة الامريكية التي هي في الاساس قد تعرضت لاكبر تحد بعد احداث 11 سبتمبر واليوم وبعد تحرير العراق من نير صدام تلك الدول هي التي وضعت مصالح ولايات المتحدة في خطر وعرضتها للتهديد من خلال دعمها للجماعات السنية المسلحة والتي تقاتل بكل الوسائل غير المشروعة لاعادة الوضع السابق الى العراق.

 واساسا غير مفهوم لماذا يروج الاعلام بل ويسعى البعض لاقناع واشنطن بتقديم الدعم لضباط من الطائفة السنية في العراق للقيام بانقلاب عسكري وسط مجتمع شيعي قد تم عسكرته منذ سقوط صدام وخاصة بعد تصاعد تحدي الجماعات الارهابية القاعدية والسلفية وحلفاءها البعثيين ؟!

ولو افترضنا جدلا ان الانقلاب المزعوم والمزعم قيامه من قبل ضباط كبار سنة لاعادة الاوضاع الى الاستقرار فهل ذلك الانقلاب يكفل بتجريد الجماعات السنية المسلحة وميليشياتها من السلاح وهل لها القدرة على الوقوف في وجه الخطر المتصاعد لتنظيم القاعدة في المناطق السنية ذلك التنظيم وتلك الجماعات المسلحة التي هي السبب في الانهيار الامني في العراق هل سيستهدفهم الانقلاب ام فقط سوف يوجه ضد الشيعة ؟

 فاذا كان ضد الشيعة فما المبرر اذن من قيام واشنطن بغزوه للعراق لاسقاط صدام و خلع الحكم من الطائفة السنية كيف تعاود غزوه مجددا ولكن هذه المرة من خلال انقلاب عسكري يقوم به ضباط سنة ؟! ثم هل تضمن واشنطن او لنقل الدول والاطراف التي اقنعت امريكا بفكرة الانقلاب ان لا يؤدي هذا الامر الى حرب اهلية واسعة خاصة وان الشيعة في مثل هذا الوضع يجدون انفسهم امام استحقاقات طائفية سوف تفرض عليهم لتعيدهم الى المربع الاول وقد استهدفوا وهو ما يدفع بقادتهم لاعلان عصيان عام قد يعقد الاوضاع اكثر ويضع واشنطن ومصالحها هذه المرة امام خطر اكبر وفي مواجهة مع الاغلبية السكانية اي الشيعة ومن يضمن ان لا تتحرك ايران لاغراق العراق وجنوبه بالسلاح وتكرار التجربة اللبنانية ولكن هذه المرة من خلال التجييش المذهبي الذي لا ينكر احد في ان العراق مبتلى به بفعل تدخل دول الجوار العربية وعملاءها من الطائفيين والوهابيين السلفيين؟

كلنا نعلم ان الامن المفقود في العراق سببه ليس الشيعة ولا حكومة مالكي المنتخبة التي لا تملك صلاحية قمع المتمردين والارهابيين بل سببه هو رفض السنة للعملية السياسية وللتغييرات الديمقراطية التي اجرتها امريكا في العراق ‘ فالشيعة لم يقوموا باي عرقلة لجهود واشنطن ولا مساعي حكومات العراق بعد 9 ابريل ‘ فالطرف الذي قام بالعرقلة هو الطرف السني الذي وجد في اسقاط صدام الدكتاتور انهاءا لحكمهم الطائفي وهو ما دفعهم وبدعم من الدول العربية المجاورة لاعلان الحرب على اغلبية العراقيين ونشر الارهاب من اوسع ابوابه في العراق ‘ فلماذا اذا يجب ان يكافئوا على ارهابهم بتكليف الضباط منهم للقيام بانقلاب عسكري ضد من مورس الارهاب عليهم ؟ اليس ذلك غريبا ومن المبكيات المضحكات؟!

نعم لو كلف ضباط شيعة وبتنسيق مع حكومة المالكي للقيام باتقلاب عسكري واسع يتم من خلاله اجتياح كافة المناطق المتوترة والمتورطة في الارهاب والقتل ونشر ثقافة القاعدة والعنف لكان الامر اهون واكثر قبولا خاصة وان تهديدات القاعدة قائمة في كل مكان وبالتحديد بعد اعلان تنظيمهم قيام "الامارة الاسلامية في الانبار وغرب العراق" اما ان يتم تجنيد كبار ضباط سنة منبوذين من قبل الاغلبية للقيام بدور عسكري انقلابي فهو ما لا يكتب له النجاح ‘ ولكي ينجح اي انقلاب في الوضع الحالي في العراق نعتقد على واشنطن القيام بالخطوات التالية :

اولا: دراسة جيدة للطرف الاكثر تأثيرا على الوضع في العراق

ثانيا: الاستفادة من الدول الاكثر نفوذا في العراق وقدرة على المساعدة في اعادة الامن والاستقرار في العراق .

ثالثا: الاعتماد على عدة اطراف رئيسية وغير متورطة في اعمال الارهاب والقتل وجرائم المقابر الجماعية .

شبكة النبأ المعلوماتية--الاحد 29/تشرين الاول  /2006 -6/شوال /1427