أمريكا تفقد صبرها وقد تفك ارتباطها بحكومة الائتلاف الشيعية وتتجه لمشروع زلماي

 

 

بعد احتجاج من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء ان لصبر الولايات المتحدة على العراق حدود لكنه تعهد بألا يمارس ضغطا على الزعماء العراقيين أكثر مما يحتملون.

وفيما تبقى أقل من أسبوعين على انتخابات الكونجرس في السابع من نوفمبر تشرين الثاني سعى بوش لتفسير سياساته في العراق للشعب الامريكي ولتخفيف الاحتكاك الذي نشب في الاونة الاخيرة مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

وأصبحت مخاوف الامريكيين من تصاعد أعمال العنف الطائفية في العراق قضية رئيسية للناخبين الامريكيين. وهذه المخاوف التي تتواكب من دعوات لسحب القوات الامريكية منبعها تصاعد عدد قتلى الجيش الامريكي في العراق الذي وصل الى 90 حتى الان في أكتوبر تشرين الاول وهو الشهر الاكثر دموية للقوات الامريكية هذا العام.

وقال بوش في مؤتمر صحفي في واشنطن "اننا نضغط على الزعماء العراقيين ليتخذوا خطوات جريئة لينقذوا بلادهم. ونحن نوضح أن صبر أمريكا ليس بلا حدود."

وأضاف أنه رغم ذلك "لن نمارس ضغوطا على الحكومة العراقية أكثر مما تحتمل".

وقال بوش ان الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة تجاه العراق "لحين انجاز المهمة". ولكن سنعدل تكتيكاتنا لمواجهة العدل المتغير.

وأبدى بوش ثقته بالمالكي وقال "نحن معه ما دام يواصل اتخاذ قرارات صعبة."

وبرز التوتر بين الزعيمين بعد يوم من اعلان أكبر مسؤولين عسكريين ومدنيين أمريكيين في العراق يوم أن الحكومة العراقية وافقت على "جدول زمني" يتضمن خطوات سياسية وأمنية تهدف لخلق ديمقراطية متحدة ومستقرة.

وكان المالكي قد نأى بنفسه في وقت سابق يوم الأربعاء عن "الاطار الزمني" الذي أعلنته الولايات المتحدة لانهاء أعمال العنف الطائفية وانتقد غارة على معقل ميليشيا شيعية استهدفت زعيم احدى فرق القتل.

وقال المالكي الذي ينتمي الى الطائفة الشيعية في مؤتمر صحفي ان الامريكيين يحق لهم أن يراجعوا سياساتهم لكنه لا يؤمن بأي جدول زمني ولن يقبل أن يفرض عليه أحد ذلك.

كما أدلى بتصريحات تناقض ما جاء في بيان عسكري أمريكي ذكر أن حكومته اذنت بالهجوم البري والجوي العراقي الامريكي المشترك يوم الأربعاء على مدينة الصدر الفقيرة المزدحمة في بغداد والذي قتل فيه أربعة أشخاص.

وقال رئيس الوزراء العراقي انه سيطلب تفسيرا من القوات متعددة الجنسيات لتفادي تكرار ما حدث دون تعاون مسبق مع الحكومة العراقية.

وقال سفير بوش لدى بغداد زالماي خليل زاد يوم الثلاثاء انه يتوقع من الحكومة العراقية "تحقيق تقدم ملموس" بخصوص مجموعة اجراءات سياسية وأمنية خلال الاثني عشر شهرا المقبلة وهو اطار زمني وصفه بأنه واقعي.

وتفادى المسؤولون الامريكيون استخدام تعبير "موعد نهائي" وذكر بوش أن تلك الاجراءات التي وصفها بأنها "علامات قياس" تختلف عن وضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية البالغ قوامها 140 ألف فرد من العراق.

وقال بوش "هذه الفكرة عن جدول زمني ثابت للانسحاب في تقديري تعني الهزيمة. لا نستطيع أن نرحل حتى تنجز المهمة." وذكر أن المالكي محق في أن أي قوة خارجية لا تستطيع أن تجبره على اتخاذ أي اجراءات.

وقال انه ما كان ليترك القوات الامريكية محاصرة وسط اطلاق النيران في أعمال العنف الطائفية المتزايدة وكان ليعيدها الى الوطن غدا "لو لم أعتقد أن مهمتنا في العراق حيوية للامن الامريكي."

وقال المالكي أنه سيتعامل مع الميليشيات الطائفية المسؤولة عن كثير من اراقة الدماء في البلاد.

وأوضح اختلاف المواقف من غارة الأربعاء على ضاحية مدينة الصدر معقل ميليشيا جيش المهدي الموالية لرجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر الضغوط السياسية المتضاربة على المالكي وحلفائه الامريكيين.

والصدر قوة كبيرة تساند المالكي الذي يكافح منذ تولى السلطة قبل ستة أشهر لتحقيق التوازن بين المطالب المتعارضة للشيعة والسنة والاكراد داخل حكومته الائتلافية.

وذكر الجيش الامريكي أن قوات عراقية خاصة تساندها ضربات جوية أمريكية شنت الغارة "لاعتقال قائد جماعة مسلحة كبيرة غير مشروعة يوجه نشاطا واسع النطاق لإحدى فرق القتل."

ووجه جانب كبير من الغضب بسبب غارة الأربعاء في مدينة الصدر الى رئيس الوزراء.

وتساءل رجل يرقد على محفة في المستشفى "أين المالكي؟ أين الحرية؟" التي يتحدث عنها. وصرخ رجل اخر في المستشفى "كل ذلك بسبب المالكي."

واكتظت الشوارع بالاف الرجال الذين هتفوا "لا لامريكا" في موكب تزايد عدد المشاركين فيه رافق أربع مركبات تحمل نعوش القتلى لدفنهم في مدينة النجف جنوبي بغداد.

وقالت صحيفة التايمز في تقريرلها بعنوان "رئيس الوزراء العراقي: لا أحد يملك حق فرض جدول زمني" أعده جيمس هايدر وتوم بولدوين جاء فيه ان المالكي كان حريصا على أن يثبت أنه ليس دمية أمريكية حين وجه انتقادات الى الهجوم الذي شنته القوات الأمريكية على مدينة الصدر دون احاطته علما به.

وأشار التقرير أيضا الى تعليق المالكي على المهلة الأمريكية للحكومة العراقية لتهدئة الأوضاع خلال 12 شهرا، حيث قال:"هذه الحكومة (العراقية) تمثل ارادة الشعب ولا أحد يملك حق فرض جدول زمني عليها".

وفي صحيفة الفاينانشال تايمز كتب لورانس فريدمان تحت بعنوان "يجب على أمريكا أن تتعلم الصبر" قائلا :"حين بدأ بوش مغامرته في العراق كان هناك حديث مثير عن شرق أوسط جديد".

ويتابع كاتب المقال القول "انه كان من الممكن أن يمتد نفوذ الولايات المتحدة عبر المنطقة لو نجحت في الانتقال باالعراق من حكم تعسفي الى اخر ديموقراطي".

ويختم الكاتب مقاله بهذه الكلمات:"ثقافة التحرك السريع التي تميز السياسة الأمريكية بالاضافة الى الاجهاد الذي أصاب الولايات المتحدة جراء حرب أسيء فهمها فان أصعب تحول في السياسة قد يكون تعلم الصبر".

وفي تعليقه على كل ذلك قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الخميس ان بإمكانه السيطرة على العنف في غضون ستة أشهر وهي نصف المدة التي يقول القادة الامريكيون انهم بحاجة اليها اذا قدمت له واشنطن مزيدا من الاسلحة ومنحته سلطة أوسع على قواته.

وفي انتقادات حادة لطريقة تعامل الولايات المتحدة مع أمن العراق نفى المالكي تأكيدات أمريكية بأنه يعمل وفق جدول زمني لخطوات اتفق عليه مع واشنطن.

وقال لرويترز أيضا خلال مقابلة انه لا يخشى أن يطيح به الامريكيون بعدما قال الرئيس جورج بوش يوم الاربعاء ان صبره "ليس بلا حدود" وانه سيدعم المالكي "ما دام يواصل اتخاذ قرارات صعبة."

وقال المالكي "بالنسبة لهم يعتقدون ان بناء القوات العراقية يحتاج من 12 الى 18 شهرا حتى تكون فعلا قادرة على ضبط الامن." في اشارة الى تصريحات أدلى بها قبل يومين الجنرال جورج كيسي قائد القوات الامريكية في العراق.

وأضاف المالكي "صحيح (أن) قواتنا لا زالت بحاجة الى بناء لكن نعتقد انه لو.. كما نطلب نحن الان .. بايدينا نحن القوات.. لا نحتاج الى 12 -18 شهرا.. بل ستة اشهر قد تكون كافية لإعادة بناء قواتنا وتسليحها."

ودعا الى أن تكون له سلطة أكبر في مجال الامن بمجرد انتهاء التفويض الذي منحته الامم المتحدة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في ديسمبر كانون الاول المقبل.

واضاف أنه اذا كان هناك مسؤول عن تردي الوضع الامني في العراق فهو التحالف.

وأشار الى أنه رغم كونه رئيس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة الا أنه لا يمكنه تحريك سرية واحدة دون موافقة التحالف بسبب تفويض الامم المتحدة.

وأضاف أنه يتعين عليه الحذر عند مقاتلة بعض الميليشيات و"الارهابيين" لأنهم أفضل تسليحا من الجيش والشرطة مشيرا الى أن الشرطة تتناوب حمل البنادق.

وقال المالكي انه يرفض التستر على ما وصفه بارهاب البعثيين من أنصار الرئيس المخلوع صدام حسين.

واضاف أن هناك امكانية على الاقل للتحدث الى الميليشيات وأن الحكومة تعرفها مشيرا الى أنها تابعة لحزب الدعوة الذي ينتمي اليه وغيره من الجماعات الشيعية التي تهيمن على البرلمان.

وقال المالكي الذي يتولى السلطة منذ ستة اشهر على رأس حكومة وحدة وطنية تضم زعماء سنة وأكراد انه حصل على موافقة زعماء ميليشيات لوقف العنف من بينهم الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي يعد محط انتقادات بشكل خاص من جانب الولايات المتحدة.

وفي اشارة الى تصريحات بوش قال المالكي ان الحكومة تريد اتخاذ قرارات حازمة وصعبة.

غير أنه اضاف أن أي شخص يريد اتخاذ قرار صعب يتعين عليه أن يصدره استنادا الى أرض صلبة وأن تلك الارض غير مستقرة حتى الان بسبب السياسات الامنية الحالية.

وردا على سؤال حول نوع القوات العراقية التي يريدها قال المالكي انه لا يتحدث عن دبابات أو طائرات حربية أو صواريخ حديثة وانما يتحدث عن امتلاك جيش مدرب بشكل جيد وسريع وخفيف الحركة ويمتلك في الوقت نفسه أسلحة متوسطة.

وكان السفير الامريكي لدى بغداد زلماي خليل زاد قال يوم الثلاثاء ان المالكي وافق على الوفاء بمجموعة من "الاهداف" الامنية والسياسية على مدى الاثنى عشر شهرا القادمة تشمل حل الميليشيات وان ذلك سيتم وفق "اطار زمني" يؤيده المسؤولون الامريكيون.

وعقد المالكي مؤتمرا صحفيا في اليوم التالي ونفى أن يكون وافق على فعل أي شيء. وقال لرويترز يوم الخميس ان المصطلح الذي استخدمه خليل زاد غير دقيق.

وأضاف أن السفير الامريكي كان يشير فيما يبدو الى وجهة نظر الحكومة الخاصة بالتطورات المأمولة وليس بالضرورة تحركا من جانب الحكومة نفسها.

وتابع يقول "ليس جدولا زمنيا للحكومة بل جدول زمني للمطالب حتى ننجزها.. وفعلا تحركنا."

من جهته قال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد يوم الخميس ان الخلافات بين واشنطن وبغداد بشأن خطط لقيام العراقيين بدور أكبر في الامن ترتبط بمناورات سياسية لعام الانتخابات.

ورفض تلميحات الى أن عملية تحديد أهداف - أشاد بها مسؤولون أمريكيون اخرون باعتبارها تقدما باتجاه تسليم السيطرة الى العراقيين- عملية رسمية.

وتجعل تلك التصريحات رامسفيلد على خلاف مع سفير الولايات المتحدة لدى بغداد زلماي خليل زاد الذي قال يوم الثلاثاء ان الزعماء العراقيين وافقوا على جدول زمني يضم اجراءات سياسية وأمنية. وفيما اصبح جدلا بشأن المصطلحات ينفى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي منذ ذلك الحين أن يكون قد اتفق على أي جداول زمنية.

وقال رامسفيلد "انه موسم انتخابي والجميع يحاولون التسبب في قليل من المضايقات باستخدام ذلك.. وجعله .. او تحويله الى كرة قدم سياسية."

وأضاف رامسفيلد الذي يعد منذ فترة طويلة هدفا لمنتقدي حرب العراق "انها عملية وليست حدثا."

وقال رامسفيلد تعليقا على تصريحات المالكي "انه سياسي." وأضاف أن مثل تلك التصريحات ينبغي أن تكون متوقعة.

وقال "ينبغي ألا نفاجأ... الآن ما علينا سوى أن نستريح ونستمتع بالديمقراطية هناك."

والقى البيت الابيض باللوم على تقارير اعلامية مضللة في القول بأن المالكي رفض أي نوع من العلامات البارزة أو الاهداف.

وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض "السؤال الذي طرح عليه هو ما اذا كان يوافق على أنه ينبغي أن يكون هناك جدول زمني لانسحاب القوات في غضون 18 شهرا." وأضافت "هذا شيء رفضه المالكي باعتباره تهورا.. ويتفق معه الرئيس تماما."

وقال رامسفيلد بنبرة قوية بشكل مميز وان كانت مازحة انه ينبغي على الصحفيين "فقط أن يتراجعوا.. ويسترخوا" عند الالحاح في سؤالهم عن الاهداف.

ووصف وزير الدفاع الامريكي التأكيد بأن جنرالا فتح الباب في الاونة الاخيرة أمام زيادة عدد القوات بأنه "مزعج."

وسارع البعض الى انتقاد تصريحاته ونبرته.

وقال السناتور الديمقراطي جون كيري الذي خسر انتخابات الرئاسة عام 2004 "فقد اليوم وزير للدفاع.. كان ينبغي أن يقال منذ فترة طويلة.. اتصالا أكبر مع الواقع."

واضاف كيري أن "اللعب بألفاظ بلاغية وترتيب تكتيكات استراتيجية معيبة بالاساس لن ينجز المهمة."

شبكة النبأ المعلوماتية--الخميس 28/تشرين الاول  /2006 -5/شوال /1427