استمرار مسلسل اغتيال الصحافيين بالتزامن مع أول نصب تذكاري لضحايا الصحافة

 

 

قتلت الصحافية الروسية آنا بوليتكوفسكايا التي بلغت شهرتها الغرب لتغطيتها للحرب في الشيشان حيث كانت واحدة من الصحافيين النادرين الذين ما زالوا يغطون هذا النزاع المنسي بالرصاص في موسكو.

وقد عثرت جارة لها مساء السبت على جثتها في مصعد المبنى الذي تقيم فيه والذي تجمع حوله عشرات الاشخاص مساء لوضع ورود.

وقد فتحت النيابة الروسية تحقيقا في "جريمة قتل مع سبق الاصرار".

وكانت بوليتكوفسكايا التي منحت جوائز عدة في الخارج من بينها جائزة الصحافة والديموقراطية لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا في 2003 نشرت عدة كتب من بينها "رحلة في الجحيم. يوميات الشيشان" الذي كان له صدى واسع لدى صدوره في فرنسا العام 2000.

وكانت من الصحافيين الروس القلائل الذين يغطون الحرب الثانية في الشيشان التي شنتها موسكو في تشرين الاول/اكتوبر 1999 تكتب في صحيفة "نوفايا غازيتا" مقالات طويلة تدين تأكيدات الرئيس الرسي فلاديمير بوتين حول عودة الوضع الى طبيعته في الجمهورية الانفصالية.

وقد اصدرت بوليتكوفسكايا (48 عاما) التي كانت من اشد منتقدي سياسة موسكو في القوقاز والنزعة التسلطية للرئيس بوتين منذ فترة وجيزة كتاب "روسيا بحسب بوتين".

وقالت الولايات المتحدة ان نبأ اغتيال الصحافية الروسية "صدمها" وطلبت من موسكو ان تولي المسألة اهتماما زائدا لاحالة القتلة الى القضاء.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان "الولايات المتحدة تشعر بصدمة وقلق عميق لنبأ عملية القتل الوحشية التي استهدفت الصحافية الروسية المستقلة آنا بوليتكوفسكايا".

ووصف ماكورماك آنا بوليتكوفسكايا بأنها "صحافية لا تتعب من البحث والتقصي وتحظى باحترام كبير كونها عملت تحت الضغط المستمر للتهديدات بالقتل".

واضاف المتحدث ان "الولايات المتحدة تطلب بالحاح كبير من الحكومة الروسية اجراء تحقيق فوري وشامل للعثور على المسؤولين عن هذه الجريمة البغيضة وملاحقتهم ومحاكمتهم".

وذكر ماكورماك بأن 12 صحافيا اغتيلوا في روسيا في السنوات الست الماضية موضحا ان ترهيب الصحافيين وقتلهم يشكل "اهانة لوسائل الاعلام الحرة والمستقلة وللقيم الديموقراطية".

كما اعرب الرئيس الشيشاني علي ألخانوف عن اسفه الشديد لاغتيالها "رغم اختلاف مقاربتنا للاحداث في الشيشان عن مقاربتهم" معبرا عن "أسفه واسف زملائي لما حصل ونرسل تعازينا الى عائلتها واصدقائها".

واكد الخانوف ضرورة "فتح تحقيق ومعاقبة جميع الذين يقفون وراء اغتيالها". وقال "يجب الا يقتل الصحافيون".

من جهتها عبرت منظمة العفو الدولية التي تدافع عن حقوق الانسان عن "غضبها" اثر مقتل بوليتكوفسكايا مؤكدة "انها استهدفت بسبب عملها الصحافي" الشاهد على انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان.

وقالت المنظمة في بيان انها "على يقين ان بوليتكوفسكايا استهدفت بسبب عملها الصحافي الشاهد على انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان ومناطق اخرى في روسيا" مبدية "حزنها وغضبها الشديد".

ودعت "السلطات الروسية الى التحقيق في هذه الجريمة في شكل دقيق وحيادي ونشر نتائج التحقيق ومحاكمة مرتكبيها في اطار احترام القانون الدولي".

كما طالبت الحكومة الروسية ب"اتخاذ تدابير عاجلة لضمان قيام جميع المدافعين عن حقوق الانسان والصحافيين المستقلين في روسيا بمن فيهم من يعملون في القوقاز بانشطتهم في امان ومن دون ان يخشوا مضايقة او ترهيبا".

وقال رئيس تحرير صحيفة "موسكوفسكيي نوفوستي" فيتالي تريتياكوف "من المؤكد ان الرواية الاولى التي ترد في الذهن هي جريمة قتل مرتبطة بنشاطاتها المهنية".

من جهتها قالت تاتيانا لوكشينا مديرة المنظمة غير الحكومية "ديموس" والمتخصصة بالقوقاز ان "بوليتكوفسكايا لم تقل يوما انها تشعر انها مهددة". كانت لوكشينا حضرت مؤتمرا في ستوكهولم حول الشيشان مع الصحافية الروسية اخيرا.

وكانت بوليتكوفسكايا تعرضت لتسمم بينما كانت متوجهة بطائرة الى بيسلان لتغطية عملية احتجاز الرهائن التي قامت بها مجموعة انفاصلية شيشانية في مدرسة في ايلول/سبتمبر 2004. وقد اتهمت السلطات حينذاك بدس السم في الشاي الذي شربته في الطائرة.

وفي شباط/فبراير 2001 اعتقلت هذه الصحافية الحائزة جائزة الريشة الذهبية التي يمنحها اتحاد الصحافيين الروس عدة ايام من قبل القوات الروسية في الشيشان. وربطت حينذاك توقيفها بتحقيق تجريه حول مركز للاعتقال تابع للجيش.

واكدت لوكشينا "بالنسبة للشيشان انها مأساة كبرى. كانت واحدة من آخر صحافيينا الذين يغطون الحرب وينقلون باستمرار انتهاكات حقوق الانسان" مشيرة الى مقالات تتحدث عن تجاوزات القوات الروسية وكذلك الميليشيات التي يقودها رمضان قديروف رجل موسكو القوي في هذه الجمهورية الواقعة في القوقاز.

وكانت آخر عملية قتل مدوية استهدفت صحافيا في روسيا تلك التي استهدفت الاميركي بول كليبنيكوف رئيس تحرير النسخة الروسية من مجلة "فوربس" في موسكو في تموز/يوليو 2004 .

وبدأت محطات التلفزيون الروسية نشرات اخبارها بنبأ مقتل الصحافية بوليتكوفسكايا مذكرة بانها وافقت في تشرين الاول/اكتوبر 2002 ان تفاوض خلال احتجاز رهائن في مسرح في موسكو.

ولم يرد تصريح بعد من الكرملين على مقتل بوليتكوفسكايا (48 عاما) وهي أم لطفلين والتي اكتسبت شهرة في شتى أنحاء العالم وحصلت على عدة جوائز بسبب رصدها لانتهاكات حقوق الانسان التي ترتكبها حكومة بوتين خاصة في اقليم الشيشان الجنوبي.

وقتلت بوليتكوفسكايا بالرصاص يوم السبت في المبنى السكني الذي تقطن به في وسط موسكو في جريمة قتل قال الادعاء انها مرتبطة بعملها.

وقالت وزارة الخارجية الامريكية في نعيها للصحفية ان بوليتكوفسكايا كانت "شجاعة وملتزمة بتحقيق العدالة حتى في وجه تهديدات سابقة بالقتل."

وكانت بوليتكوفسكايا معارضة قوية لبوتين الذي تزامن احتفاله بعيد ميلاده الرابع والخمسين مع مقتلها واتهمته بقمع الحرية والفشل في التخلص من ماضيه كعميل في المخابرات السوفيتية.

ونقلت وكالات الانباء الروسية عن ممثلي ادعاء ومحققين قولهم ان اراء بوليتكوفسكايا السياسية "ونشاطها المهني" كانا الدافع الرئيسي وراء القتل.

وقالت الصحيفة ان بوليتكوفسكايا كانت في الايام السابقة لمقتلها تعمل في موضوع بشأن التعذيب في الشيشان من المتوقع نشره يوم الاثنين.

من جهة اخرى قتل صحافيان المانيان يعملان في الاذاعة الالمانية "دويتشي فيلي" بالرصاص بيد مجهولين السبت في شمال افغانستان على ما اعلنت وزارة الداخلية الافغانية.

واكد وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير و"دويتشي فيلي" هذه الجريمة المزدوجة وكشفت الاذاعة هويتي الضحيتين وهما كارن فيشر (30 عاما) وكريستيان ستروي (38 عاما).

واطلق النار على الصحافيين داخل خيمتهما في ولاية باغلان قرابة الساعة 1,20 فجرا (الجمعة الساعة 20,50 تغ) على ما اعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية زماراي بشاري لوكالة فرانس برس.

واضاف المتحدث ان الصحافيين توقفا لتمضية الليلة داخل الخيمة في طريقهما الى ولاية باميان في جنوب غرب افغانستان. وتابع ان "مجهولين قتلوهما داخل الخيمة (...) لقد قتلا بواسطة (بنادق هجومية من نوع كلاشنيكوف) ايه كيه-47". ووقع الهجوم في احد اقاليم ولاية باغلان واشار المتحدث الى بدء التحقيق في الحادث.

واوضحت "دويتشي فيلي" ان الصحافيين كانا توجها الى افغانستان لاجراء ابحاث في مدن تاريخية بولاية باميان الواقعة جنوب غرب ولاية باغلان حيث دمر متمردو طالبان في اذار/مارس 2001 تماثيل لبوذا.

وقال موظف في "دويتشي فيلي" رفض كشف هويته ان السيارة وجوازات السفر ومعظم لوازم الصحافيين تركت قرب جثتيهما.

واعلنت القوة الدولية للمساعدة على ارساء الامن في افغانستان (ايساف) بقيادة حلف شمال الاطلسي انها تبلغت بمقتل الصحافيين.

وقال الكومندان دومينيك وايت المتحدث باسم ايساف في كابول لوكالة فرانس برس "نجهل ظروف وفاتهما". واضاف ان الصحافيين كانا يقومان بمهمتهما في شكل مستقل تماما عن ايساف.

وقال شتاينماير كما نقل عنه بيان ان الحكومة الالمانية تدين "بحزم كبير" هذه الجريمة المزدوجة. واضاف "ينبغي كشف ملابسات هذه الجريمة ومحاسبة منفذيها". واكد ان "القتل الفظيع والعبثي لمواطنينا يعزز مسؤوليتنا في دعم الحكومة الافغانية في التزامها امن دولة القانون".

واكدت "دويتشي فيلي" مقتل صحافييها وقالت الاذاعة على موقعها الالكتروني "انها المرة الاولى منذ سقوط نظام طالبان يقتل فيها صحافيون المان في افغانستان" مشيرة الى انهما كانا يغطيان بعض الاخبار للاذاعة.

وصرح حاكم ولاية باغلان سعيد اكرم الدين معصومي لوكالة فرانس برس ان جثتي الضحيتين نقلتا الى كابول.

وولاية باغلان هادئة نسبيا ولا تشهد عموما اعمال عنف من جانب متمردي طالبان على غرار جنوب افغانستان وشرقها لكن التوتر تصاعد فيها هذا العام.

ففي تموز/يوليو قتل مجهولون الكندي مايك فارستاكي (56 عاما) الذي كان يعمل منذ اربعة اعوام في بناء مدرسة في ولاية بغلان ولم تكشف حتى الان ظروف هذه الجريمة.

وقتل في تشرين الثاني/نوفمبر 2001 ثلاثة صحافيين اجانب وصحافي افغاني فيما كانوا متوجهين الى كابول لتغطية الاطاحة بنظام طالبان. وينتمي الجناة الى عصابة اجرامية وحكم على ثلاثة منهم بالاعدام.

هذا وتزامنت هذه الاغتيالات مع إزاحة الستار عن أول نصب تذكاري لضحايا الصحافة (صاحبة الجلالة) الذين سقطوا أثناء الواجب.

وكشفت "صحافيون بلا حدود" الستار عن نصب تذكاري في بلدة "باييه" الفرنسية يضم أسماء قرابة ألفي صحفي ومختلف العاملين في وسائل الإعلام سقطوا أثناء أداء الواجب منذ الحرب العالمية الثانية.

ونقش على النصب، الذي يعتقد أنه الأول من نوعه في أوروبا، أسماء الصحفيين والمصورين والتقنيين الذين قضوا في خدمة الصحافة منذ العام 1944 -  عندما حررت قوات التحالف البلدة الصغيرة، نقلاً عن الأسوشيتد برس.

وقال روبرت ميراند، رئيس "صحافيون بلا حدود"توقعنا كل شيء باستثناء ذلك.. ثلاثة مرة واحدة.. لك أن تتصور وقع الخبر على المتواجدين هنا."

وأضاف قائلاً إن 56 صحفياً قتلوا حتى اللحظة خلال العام الجاري - غالبيتهم في العراق. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين   9/تشرين الاول  /2006 -15/رمضان /1427