ما الجمال؟

 خالد خبريش / طرابلس ليبيا

  عند هذه السؤال، يجد الإنسان نفسه في مفترق الطرق، إما أن يحاول الإجابة عنه، وهذا يدفعه إلى البحث والتنقيب في المصادر وبين سطورها وما وراء  كلماتها عله يجد ضالته هذه، مبدياً رأياً شخصياً قد يكون مع أو ضد الآراء السائدة، أو أن يكون موضوعياً في رأيه..  وإما أن يُخرج هذه الفكرة أساساً من ذهنه، وينصرف إلى مواضيع أخرى، الجدلية حولها تكاد تكون محدودة هذا إن لم تكن معدومة، وبمجرد أن يفكر في مواضيع هي أقل جدلية، يجد نفسه يسأل: ما الفائدة من تناول مثل هذه المواضيع؟  المواضيع المتفق عليها، إن خوض غمار هذه المعركة تنازعه مسبقاً إما الخسارة أو الحيادية أو الابتعاد، لأن الفرسان في هذا، قد تركوا ساحة المعركة معلنين الصلح الدائم، رافعين راية السلم البيضاء أمام مصطلح ما من مصطلحات تفاجئنا بها العلوم والمعارف، وقد استطاع هذا المصطلح أن يزيح عنهم غموضاً ما كان لينـزاح إلا بشق الأنفس وبعد اختلافات حوله في الآراء والأفكار  دامت طويلاً، ليصلوا  جميعاً إلى الاتفاق سيد الموقف هنا، مبتعدين عن الاختلاف،  غير أن الاختلاف في الرأي عموماً لا يفسد للود قضية كما يقولون،  ومن هنا وبهذه الحجة حاول الكثيرون أن يبدوا  آرائهم، وخاضوا غمار معارك قد لا يرجون منها نفعاً، غير التجربة وما تجره من خبرة ودراية. وتكون بذلك مجرد محاولات، تعد قطرة في بحر تجارب فرسان المصطلحات الكبار.

   وَرُبَّ قائل يقول:  هذا إذا كان للمصطلحات فرسان.

في الحقيقة  يسعى الإنسان وخلال مسيرة حياته، واختلاف مراحلها العمرية، وبتنوع ظروفها وتطور مستوى تفكيره، يسعى إلى إشباع حاجته من التذوق الجمالي، فيفتتن بكل ما هو جميل، وينشد إلى ما هو أجمل، فيتفنن في اقتناء كل ما هو جميل، باحثاً عنه في كل شيء يشبع هذه الرغبة، فيحاول أن يظهر أمام الآخرين بمظهر جيد، في الشكل والحديث، وفي المكان الذي يسكن، وفي الأكل الذي يأكل، وحتى في مكان نومه،  في كل شيء تقريباً، نجده خاضعاً لمعايير ميزان داخلي خاص بالإنسان، هذا المعايير  تحدد وتقنن وتتفنن في اختيار كل ما هو جميل، تنبئُ هذه المعايير عن إحساس وشعور بالشيء الجميل وبالشكل الظريف، اللذان يكونان بالضرورة في منتهى التباعد عن القبيح، فالإنسان مهتم بطبعه بالجمال، حاس بقيمته وتأثيرها في نفسه، متفنن في ابتداع الجميل من خلال فنونه العديدة، باحثاً عن مواطن الجمال، عالماً بقدر تأثيره عليه وعلى الآخرين،  فيا تُرى ما الجمال؟

  عندما نحاول الإجابة عن هذا السؤال، نجد أنفسنا نسأل سؤالاً بدورنا: حسب رأي من؟

 والإجابة عن سؤالنا نحن بالطبع أسهل،  فقط لأننا نجمع جملة من التعريفات وندونها بكل هدوء وكأننا حققنا الكثير، دون أي جهد يذكر، أوأدني محاولة للاقتراب من تعريف شخصي للجمال، حتى وإن احتفظنا بهذا التعريف لأنفسنا ومارسنا نوعاً من الأنانية بعدم إخبار الآخرين بإنجازنا هذا، ربما من الصعب  أن نكون نقاداً في هذا المجال – رغم أن الإنسان ناقد بطبيعته -، لكن يبقى الجمال وحده كقيمة في إطار شخصي، فما يراه أحدنا جميل، ليس بالضرورة أن يكون جميلاً للآخر، فلا شك أن قيم الجمال ليست ثابتة، ربما تكون متقاربة إلى حد معين، وقد تكون متفاوتة إلى حدٍ بعيد ؛ فما يدركه الفنان مثلاً في عمله الفني، قد لا يدركه الجميع، فالفنان يحاول أن يضع كل عبقريته في فنه، قد تكون هذه العبقرية الفنية، لا تعدو كونها خربشات في نظر البعض، لكنها قد تعني الكثير للبعض الآخر.

 يقول  "فردريك جريزولد" (إن العبقري هو الشخص الذي يستطيع أن يستثمر الإلهام، وهو الذي لديه في نفس الوقت المهارة التقنية، الصبر، الاجتهاد اللازمين لتنمية أفكاره وتحويلها إلى انجازات)(1) فما المقصود بالإلهام؟  يقول الدكتور جمال البسيوني في كتابه تربية الذوق الجمالي،(إن الإلهام هو نوع من الضوء أو الشرارة التي تنير لشخص معين الطريق الغامض، وحينما يظهر هذا الضوء ويتناوله الفنان بالرعاية، فإنه حتماً سيوصله إلى الكشوف النادرة التي يصل إليها)، والسؤال هنا، هل قيمة الجمال تكمن في الإلهام؟ أم تُستقى منه؟ وإذا كان الإلهام نوع من الضوء أو الشرارة الذي ينير طريقاً غامضاً للفنان، فيوحي له بعمل فني ما، هل ما أُحي إليه وجسَّده يعني شيئاً للآخرين، شيئاً يحرك فيهم  ذلك الشعور بقيمة الجمال وينفي قيمة القبح؟، إن أي إلهام لابد أن تقابله قدرة فنية كفيلة بترجمة هذا الإلهام إلى عمل فني، وليس الإلهام كاف وحده لكي يتحول إلى عمل، بل بالقدرة أيضا على استيعاب الأفكار وتحويلها إلى عمل فني، والقدرة تتمثل في المهارة التقنية والصبر والاجتهاد، إضافة إلى حب العمل.

إذاً القدرة على خلق الجميل، تكمن في أمرين، الأول الإلهام (الموهبة، الملكة...)، والأمر الثاني هو القدرة على توظيف هذا الموهبة، من خلال المهارة والقدرة على ترجمة هذه الموهبة في عمل فني ما من خلال معاير معينة، تجتمع في شكل مواصفات أو مقومات، تجعلنا نطلق صفة الجمال أو القبح على هذا العمل الإبداعي.

والسؤال هنا، أين يكمن الجمال؟ هل هو ملكة في نفس الإنسان؟ وإن كان ذلك صحيح من أين جاءت هذه الملكة؟، أم هل الجمال يكمن في الطبيعة التي يحاكيها المبدع؟.

الإجابة عن هذا تقتضي أن نعرف ما الجمال؟، وما قيل فيه، وما الآراء المتعلقة به؟ 

اختلف الفلاسفة والمفكرون في تعريفهم للجمال، وهذه التعريفات جاءت لاختلاف وجهات نظرهم في الجمال، من حيث ماهيته ومكمنه،  وفيما يلي نورد بعض هذه التعريفات التي قد تكون متناقضة، وهي كالتالي:

- الجمال حسب تعريف أفلاطون هو الصلاح والفضيلة، وهو كذلك عند أفلوطين وتلستوي (1)، ويؤكد أفلاطون على أن علم الجمال الرائع غير ممكن في هذا العلم، بل في عالم المثل الأعلى* الذي لا ينشأ ولا ينعدم كونه خارج الزمان والمكان،(2) وهو مقياس أو مثل أعلى من الكمال الخلقي أو الحسي، وهو الكمال عند المثاليين.(3)  يقف أفلاطون من الفن موقيفين متعارضين حسب ما ذُكر في كتاب لـ (باو ماجرتن) الذي أسماه (Aesthetica)، الصادر في جزئين سنة 1750. 1758.وهو أول من وضع لهذا العلم اسماً، وأفرده علماً قائماً في حد ذاته، يقول (باوماجرتين): الجمال عند أفلاطون هو الفن الساحر، ولكنه سحر يحرر من كل سطحية، وهو أيضاً جنون وهذيان، وبهذا ينقلنا إلى عالم آخر، هو ميدان اللامرئيات، المثل الأعلى الذي ينبغي على الفن أن يقترب منه، _ ومن هنا جاءت فكرة المحاكاة _ وينتقل أفلاطون من جمال الأجسام إلى جمال النفوس (الأرواح) ومن جمال النفوس إلى جمال الصور العقلية (أو المثل العقلية)، غير أن أفلاطون يجعل الفن في مرتبة ثانية بالنسبة إلى الحقيقة وإلى الخير، بل يؤكد أن الجمال لا يتفق مع الحق ومع الخير، لأنه يتجلى في المحسوسات، والمحسوس عند أفلاطون هو في مرتبة دنيا بالنسبة للمعقول الذي إليه ينتسب الحق والمعقول، لكن أفلاطون في إدانته للفن بوصفه محاكة، تردد بين التشدد والتساهل، ولقد كان الغالب على أحكامه عن الفن القسوة والتشدد، فإنه في محاورة "النواميس"* قد خفف من حدة إدانته للفن وقال إنه لهو غير مؤذ.(1).

- ويحدد "ايمانويل كنت" الجمال على النحو التالي، (هو ما يرضي الجميع بدون سابق تصميم أو قاعدة يقاس عليها)، (وهو شكل غائية الشيء بدون أن تتمثل فيه غاية ما)، (وهو وسيلة الاتفاق بين العقل والحس أو بين الخيال والإدراك اتفاقاً حراً ذاتياً، كأنما العقل يجد في الجميل ضالته المنشودة دون أن تكون فيه صورة لماهية الجمال، والجميل كونه محسوساً يمثل للعقل صورة اكتمال، صورة مثالية تملأ فراغه وتروي عطشه إلى صور الكمال واللانهاية المحسوسة (2). حيث يرى أمانويل كنت أن الجمال لا يخضع لقاعدة يقاس عليها ولا لتصميم يقارن به بل هو وسيل للاتفاق بين العقل والحس.

ويعزز " شلر " رأي "كنت" بقوله (إن الجمال لا يرتبط بصورة أو بقاعدة أو مثل أعلى  يجب بلوغه، بل هو حر تام الحرية ومعاين الجمال أيضاً حر بمعنى أنه لايطلب الوجود الفعلي للشيء الجميل)(3).

  نلاحظ من هذه التعريفات أن الحكم على الشيء الجميل فيه شمول ينطبق على الجميع، بحيث يتمتع بحرية الغاية النفعية أو العملية، وهذه الحرية قاعدة مسبقة يقاس عليها الجمال وهو التقارب أو الاتفاق بين ما يُتخيل وما يُرى، فالتوافق _ حسب رأيهم _ بين ما تخيله العقل من جمال، وبين ما شُوهد أو سُمع أو شُوهد وسُمع بحاستي السمع والبصر أو بالحواس الأخرى مثل حاسة الشم أو اللمس والتذوق، هذا التوافق أو الوفاق، ينتج عنه الإحساس بقيمة الجمال.

 يرى سقراط أن (الرائع)  الجميل هو المفيد والهادف، وبهما _ أي المفيد والهادف _ يكون عارفاً بماهية الفضيلة (2)، والفضيلة هي الدرجة الرفيعة في الفضل، والفضل ضد النقص أي الكثرة(3)، والفضيلة أيضاً، ضد الرذيلة، وهي أيضاً الطهارة والعفة (4)، وحسب رأي سقراط، فإن الجمال هو الدرجة الرفيعة في الإفادة أي المثمرة ذات المنفعة، وهو بذلك قَرَنَ الجمال بما هو هادف ومفيد، والسؤال هنا: هل تلك الفائدة المرجوة من الجمال حسب رأي سقراط هي تلك الفائدة المادية أم الفائدة الحسية؟، بالتالي كيف ننظر للجمال بناءً على هذا الرأي؟، ومن هنا، نذهب إلى ما قاله (توماس أكواينس) عن الجمال، حيت عرفه بأنه (ذلك الشيء الذي إذا ما رأيناه يسر، ذلك لكونه موضوعاً للتأمل، سواء عن طريق الحواس أو عن طريق الذهن) (4)، إذاً فالجمال هو ذلك الشيء الذي يسر _ ليس بالنضر فقط بل بالحواس الأخرى _ لما فيه من قيم تدفعنا لكي نتمعن فيه ونتأمل شكله ومضمونه، بحيث يتشكل لدينا موضوعاً يجذب جانباً حسياً فينا ومن تم يشكل  تأملاً و تمعناً من خلال الحواس كسماع قطعة موسيقى أو رؤية لوحة فنية، ومن ثم عن طريق الذهن، الذي يفسر ما نراه ويربط العلاقات ويحدد الجمال.. فهو بالتالي _ أي الجمال _ إدراك للعلاقات التي يستجيب لها الإنسان في شتى العناصر سواء أكانت في الطبيعة أي من خلق الخالق الأعظم، أم من كان الإنسان صاغها في قوالب مختلفة من الفن، هذه القوالب والتي تشكل الفن، لها أنماط محددة من المستحسن أن تكون عليها مثل التناغم  والتناسب والتناسق والتجانس والانسجام.  هذا يقدونا إلى تعريف أخر للجمال وهو تعريف (هيرقليط) الذي اشترط التناسق والتناسب كأساس لعلم الجمال باعتبارها انعكاسات لصفات العالم الموضوعي(1)، إذاً فالجمال حسب هذا الرأي لا يكون إلا في كونه صوراً من صفات العالم الموضوعي، هذه الصور أو الصفات يشترط فيها أن تكون على هيئة علاقات متماسكة متناسقة ومتجانسة منسجمة مع بعضها البعض.

 يذهب "شلنغ" إلى أبعد من ذلك، حيث يقول:(الجمال هو توازن القوى الواقعية المثالية، اتحاد الطبيعة والذات...)(2) أي توازن بين ما هو حقيقي وفعلي وواقعي، وبين ما هو مثالي تصوري خيالي ذهني، وبهذا التعريف يكون شلنغ قد ارضي الطرفين، المثاليين والواقعيين الماديين، جمع بين الاثنين معاً في تعريفه هذا للجمال. وأما هيجل فيقول إن الجمال مظهر الفكر أو الحقيقة أو المطلق للحس، والأثر الفني جرء من العالم اللاواعي لكنه عمل الإنسان الواعي، فهو تلاقي الوعي واللاوعي وصورة اتحاد الطبيعة والذات ومظهر الذات العليا التي تعي نفسها بالتجربة الجمالية. (3)

ومن هنا نصل إلى أراء أخرى فلسفية بعضها متوافق مع بعض التعريفات سابقة الذكر،والبعض الآخر متعارض معه، هذه الآراء هي ما توصل إليه السيكولوجيون من تعريفات للجمال والفن من خلال الأثر الذي تحدثه في النفس البشرية وهي كما يلي:

(" الفن مملكة متوسطة بين الحقيقة والخيال، بين الميول الفاعلة العاملة والميول  الانفعالية أو الانكماشية، بين الانطواء والانتشار ")،  (" ليس الجمال كمالاً، لكن للجمال قدرة ثابتة على خلق الحالة الكاملة وهي اتحاد النشاط مع الراحة ")، (" أداة التعبير في الفن هي الرمز، وهذا يقيم بين مختلف نواحي العقل نوعاً من التلاؤم لا مثيل له "). (4)

ومن خلال ما سبق نجد أنفسنا بين ثلاث فئات انقسمت فيما بينها حول آرائهم وتعريفاتهم للجمال، وهذه الفئات الثلاث تمثل صراعاً حول جدلية الجمال، وهم: المثالون والماديون الذاتييون والحياديون .

- فالمثاليون  يرون أن الجمال غير ممكن في هذا العالم، بل هو في عالم المثل العليا، وأن الظواهر الجمالية لا تعدو كونها ذات منشأ روحي، ويؤكدون على أن الفن يجب أن يقترب من عالم آخر ومحاكاته، هو ليس كالذي نراه، حيث يستقي الفنُ الجمالَ من هذا العالم، بعيداً عن الموضوعية، وأن القيمة الجمالية ذاتها يمكن الوصول إلهيا بعيداً عن ذاتية المتلقي، ويرون أن كل جميل هو ما ليس من ذاتية المبدع، بل هو في عالم المثل الأعلى، الذي لا ينشأ ولا ينعدم كونه خارج الزمان والمكان. ويمثل هذه الفئة أفلاطون وأتباعه، وأيضاً هيجل الذي يقول إن الجمال مظهر الله على الأرض، ويجب أن يكون كذلك في الفن، ولذا كان الفن بالضرورة مثالياً. وهذا رأي متأثر بمثالية أفلاطون ونظريته في المثل. 

- والماديون هم الذين يرون أن الجمال انعكاسات للعالم الواقعي، هو محاكاة للطبيعة أو استقاء منها، وهم يرون الجمال وفقاً لإعتمادة على أسس طبيعية وموضوعية، وأن الفن هو الذي يحاكي الطبيعة كما تتجلى وتظهر، والماديون يبحثون عن الأسس الطبيعية والموضوعية للجمال ويمثل هذه الفئة أرسطو طاليس الذي نقض آراء أستاذه أفلاطون، وهيورقليط الذي ربط الجمال بالعالم الموضوعي.

- الذاتيون*هم الذين يقولون إن الجمال ليس في عالم المثل الأعلى ولا في العالم الموضوعي، بل إن الجمال قيمة مستوحاة من ذاتية المتلقي، لأنه يستقي تلك القيمة من تأمله في عمل المبدع، سواء أكان _ المبدع _ صاغ العمل الإبداعي من وحي عالم المثل الأعلى -كما يقول المثالون-، أم من العالم الموضوعي، من الطبيعة كما يقول الماديون، وأقترن الجمال عند الذاتيين بقدرة العمل الفني على شد المتلقي للتأمل، والمتلقي هو الذي يحدد القيمة الجمالية، وهو الذي يصنف العمل الفني في خانة الجمال أو القبيح، ويتأمل ويتمعن فيه، في شكله ومضمونه، لكونه موضوعاً للتأمل، بحيث يسر المعاين (المتلقي). من أنصار هذه الفئة (توماس اكواينس)، الذي أكد على أن الجمال هو الذي يسر الرائي، عن طريق تأمله من خلال الحواس أو الذهن ومعرفيه مواطن الجمال أو مواطن القبح بنفسه.

- الوسطيون هم الذين جمعوا بين رأي المثاليين والماديين في الجمال، في نظرهم أن الجمال من عالم اللاوعي، لكنه عمل الإنسان، فهو تلاقي الوعي واللاوعي، هو صورة اتحاد الطبيعة والذات والذات العليا، ويؤكد الوسطيون على أن الجمال هو جسر بين المثالية والواقعية، بين العقل والحس، لأنه يجمع بين الصورة العقلية المجردة والصورة المحسوسة، ومن أنصار هذه الفئة (شلنغ وكنت).

ومن خلال محاولة الإجابة على السؤال القائل:(أين يكمن الجمال) وجدنا أنفسنا بين أربع فئات وهي:

- المثاليون (الجمال عندهم يكمن في عالم المثل الأعلى) قيمة من عند الخالق الأعظم موضوعة في الأنفس.

- الماديون (الجمال في رأيهم يكمن في الطبيعة، هو انعكاس للعالم الواقي ومحاكاة له).

- الذاتييون (الجمال عندهم يكمن في نفس الإنسان).

-      الوسطيون (الجمال عندهم يكمن في صورة إتحاد عالم المثل الأعلى وما وضع في نفس الإنسان من هذه القيمة وما يُستشف من الطبيعة على ضوء القيمة الذاتية للإنسان وفقاً لقدرة المثل العليا العظيمة على إدراك الجمال).

من خلال هذه الفئات الأربع، نلاحظ أن أصحابها اختلفوا في تحديد الجمال اختلافاً غير قليل، لكننا نلاحظ الاختلاف بشكل واضح - ليس في تعريف الجمال في حد ذاته فقط - بل في كينونة الجمال، مكمن الجمال.

.....................................................

(1) محمود البسيوني، تربية الذوق الجمالي، دار المعارف، مصر، 1986، ص، 40

 * عالم الثل الاعلى وكما ورد في قاموس المرد الناطة هو عالم التصور الخيالي.

(1)  روز غريب، النقد الجمالي وأثره في النقد العربي،   دار الفكر العربي، بيروت، 1993،ص 30

 (2)  الطاهر العباني، محاضرة ضمن مادة النقد والتحليل لطلبة الفصل الدراسي الأول في أكاديمية الدراسات العليا فصل الربيع 2002

(3) روز غريب، النقد الجمالي وأثره في النقد العربي، مرجع سبق ذكره  ص 30

* ناموس، شريعة أوقانون.

(1)  عبد الرحمن بدري، فلسفة الجمال والفن عند هيجل، دار الشرق، القاهرة 1996، ص8  

(2) روز غريب، النقد الجمالي وأثره في النقد العربي، مرجع سبق ذكره ص  31

(3) نفس المرجع السابق، نفس الصفحة ,

(2) الطاهر العباني، محاضرة ضمن مادة النقد والتحليل لطلبة الفصل الدراسي الأول في أكاديمية الدراسات العليا فصل الربيع 2002

(3) الطاهر أحمد الزاوي، مختار القاموس،الدار العربية للكتاب، 1981، ص 475

(4)  قاموس المورد الناطق.

(4) الطاهر العباني، محاضرة ضمن مادة النقد والتحليل لطلبة الفصل الدراسي الأول في أكاديمية الدراسات العليا فصل الربيع 2002

 (1) الطاهر العباني، محاضرة ضمن مادة النقد والتحليل مرجع سبق ذكره

المثالية تقول، بأن الحقيقة المطلقة كامنة في عالم يتعدى عالم الظواهر، وبأن الطبيعة الأساسية للحقيقة في الوعي أو العقل، وهي نظرية في الفن والأدب، تعطي مظاهر الجمال المثالية أو الذاتية قيمة أعظم من تلك التي تعطيها الصفات الشكلية أو المحسنة، وتؤكد على أن للخيال قيمة أسمى من قيمة النقل أو النسخ الأمين عن الطبعة.(عن قاموس المورد الناطق)

(2) روز غريب، النقد الجمالي وأثره في النقد العربي، مرجع سبق ذكره  ص 32

(3) نفس المرجع السابق ص.ص. 32.33

(4) نفس المرجع السابق ص.34

* ليس المقصود بالذاتيين هنا أصحاب المذهب اللاهوتي الذي يقيم المعتقدات الدينية من الخبرة الذاتية، بل الذين يرجعون الجمال إلى ذات الأنسان، اصحاب المدهب الفلسفس الذي يقيم المعرفة على أساس من الخبرة الذاتية، والذاتيون هم غير الموضوعيين المتجردين غير المتحيزين.  (عن قاموس المورد الناطق)

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 17/ايلول /2006 -20/شعبان23/1427