السعودية وحزب الله بين سياسة المغامرات وانقاذ الارهاب

اسعد راشد

 هجوم سعودي غير مسبوق على حزب الله يتهمه فيه بجر المنطقة الى مغامرات غير محسوبة كما ان الاعلام الذي يدور في الفلك السعودي اصبح يعكس بشكل مباشر وجهة نظر الحكومة السعودية من خلال اتخاذ موقف هو اقرب الى التعاطف مع الموقف الاسرائيلي وذم حزب الله على ما قام به قبل ايام من اختطاف جنديين اسرائيليين وقتل وجرح عدد منهم.

 وقد لفت الموقف السعودي في انتقاده الشديد لحزب الله انظار اغلب المراقبين السياسيين واثار استغراب المحليين وحتى اصحاب القرار في المحافل الغربية والامريكية بل وحتى الاسرائيلية خاصة وان الحكومة السعودية التي مازالت ترعى الاصولية الوهابية ومتهمة لحد هذه اللحظة بدعم الارهاب الديني السلفي المتطرف الذي يمثل خطرا على العالم الحر وليس على اسرائيل فحسب واحتضانها للفكر الذي يصنع الارهابيين ويصدرهم الى العالم.

 هذه الحكومة تواجه مأزقا جديا خاصة وان هناك قرار استراتيجي قد اتخذ في واشنطن ولم يكشف عنه يقضي بضرورة تغيير النظام الحاكم في الجزيرة العربية وقد صرح بذلك احد اعضاء مجلس الشيوخ بذلك قبل فترة لاجهزة الاعلام متسائلا بان "لاوجود تاريخي لمايسمى بالمملكة السعودية وما نعرفه هو نجد وحجاز"! هذا التصريح اثار قلق الاسرة الحاكمة في السعودية ولم يتجرأ الاعلام العربي من التطرق اليه او الاشارة اليه الا انه يمثل انعطافا في الاستراتيجية الامريكية تجاه مملكة ال سعود وتحولا واضحا في التفكير السياسي الامريكي الذي اخذ يستغني عن الدور السعودي واعتماده عليه بعد اسقاط نظام صدام الدموي وقد تمثل ذلك جليا في اجلاء القوات الامريكية من قواعدها العسكرية في السعودية واغلاقها والانتقال الى قاعدة عديد والسيلية في قطر .

لسنا هنا في موقف التبرير لما يقوم به حزب الله ضد القوات الاسرائيلية فهذه قضية اخرى بغض النظر عن كيفية تعامل حزب الله مع الملفات الاقليمية الاخرى وخاصة الملف العراقي الذي ما زلنا نجد في موقف الحزب ما يثير الشجون في اعماقنا الا ان دخول حزب الله في "مغامرة" كما يسميها السعوديون لا يمنح اي حق للنظام السعودي في ان يزايد على الامريكيين ويبيع الغرب مواقف في مقابل التغاضي عن دورهم في رعاية الفكر الارهابي التكفيري والسكوت عما تقوم به الحكومة السعودية من ادوار تستهدف منع اي تحول ديمقراطي حقيقي في المنطقة وتستهدف ايضا البقاء على الاصولية السلفية الوهابية المتطرفة التي مهما حاول السعوديون ابراز تطرف او مغامرات حزب الله فانها اي الاصولية الوهابية تشكل الاخطر على امن واستقرار العالم وستظل تمثل تهديدا للمجتمعات البشرية .

السعوديون ـ ولا نعني الشعب الجزيري ـ يسعون من خلال موقف التنديد بحزب الله اللعب بعواطف الرأي العام الغربي وخاصة الامريكي والاسرائيلي ‘ فهم يلعبون دور النفاق والضحك على الذقون من اجل ان لا يطالبهم العالم بتغيير نهج التطرف والكف عن دعم الارهاب الوهابي والسلفي كما انهم يسعون للحفاظ على ذات المدرسة ـ الوهابية ـ من دون ان يقوموا باي عمل ملموس لمحاربتها بل حاولوا ويحاولون بكل السبل الالتفاف على ذلك من خلال بعض التنازلات الشكلية والصورية واعلاميا فقط كما يحدث اليوم حيث موقف التنديد بحزب الله ووصف ما قام به ضد الدولة الاسرائيلية بـ"المغامرات غير المحسوبة" هو فقط من اجل كسب الموقف الامريكي ولانقاذ الارهاب السلفي ليس اكثر .

حزب الله يخوض صراعا مع الكيان الاسرائيلي وهو شأن لبناني اللبنانيون هم اعرف بشؤون بلدهم و بما يدور في الكواليس وسوف يحلون مشاكلهم بالاسلوب الذي يرونه مع الاسرائيليين رغم اننا نرفض بزج المدنيين في حروب ومعارك لا طائل لهم من وراءها اما ان يتدخل السعويون للتبرع بموقف لامريكا في مقابل ان تغض النظر هذه الاخيرة عن دورهم التخريبي فهو ما ليس له ما يبرره خاصة وان االنزاع بين حزب الله واسرائيل هو نزاع من نوع يختلف عن تلك الحرب التي يشنها العالم ضد الارهاب الذي يستهدف المدنيين ويصدر الانتحاريين الوهابيين لقتل البشر وذبح الابرياء.

من هنا ايضا فان اغلب المراقبين ابدوا استغرابا كبيرا للموقف السعودي الفريد الذي لم يشاركه فيه احد حتى النظام المصري والاردني كان لهما موقف اخف وطأة كما ان الكويتيين كانوا اكثر عقلانية عندما نددوا على لسان وزير خارجية الكويت بالعدوان الاسرائيلي على لبنان واستهداف المدنيين ‘ وقد اعتبر احد المراقبين الموقف السعودي بانه خروج عن المألوف واحراج حتى للامريكان الذين لم يكن يتوقعوا مثل هذا الموقف المبالغ فيه ‘ لذلك فان النظام السعودي الذي يجد نفسه اليوم في موقف ضعيف بدعمه للارهابيين الاصوليين الوهابيين استغل التصعيد الجديد في لبنان من اجل تجييره لاجندة خاصة لها علاقة بالموقف الدولي تجاه الارهاب الوهابي الذي يشكل اكثر خطرا من اي امر اخر خاصة وان الصراع في لبنان سينتهي بانتهاء مسئلة مزارع شبعا وبعض الملفات الاخرى بين اسرائيل ولبنان الا ان خطر الارهاب الوهابي السلفي لن ينتهي خاصة وان له حواضن تحميه وتساعده على التفريخ والتكاثر تتمثل في المدرسة السعودية ونظامها الذي يأمل كثيرا على ان تعود تلك المدرسة الى سابق عهدها وهذا ما تسعى اليه الحكومة السعودية من خلال مغازلة السلفيين الوهابيين في دفاعها عن الارهابيين في سجون غوانتيناموا وتحريض الفضائيات العربية كالعربية لممارسة الدعاية لهم ولترضية الارهاب السلفي الوهابي

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين17/تموز /2006 -19  /جمادي الاخرى/1427