الخريجين المحبطين في تونس بين الغرق بالبطالة او الهرب بالهجرة

 

لا يجد كريم بن منصور اثناء تصفحه لاعلانات الوظائف باحدى وكالات التوظيف اي وظيفة يمكنه من خلالها ان يستغل الدرجة التي حصل عليها في الاقتصاد.

وتبدو علامات الكابة على بن منصور وهو يتصفح اعلانات الاعمال البسيطة. وتنهد قائلا "حقيقى أنا أشعر بالخيبة. هذه الحالة تقلقني والمستقبل يخيفني. الوقت يمر بسرعة وأنا ما زلت عالقا. طرقت جميع الابواب الممكنة للحصول على عمل لكن دون جدوي."

وتتكرر هذه القصة في جميع انحاء شمال افريقيا والعالم الثالث. فالخريجون الذين يضحون بالكثير لاستكمال التعليم الباهظ التكاليف سرعان ما يكتشفون ان سوق العمل ليس به وظائف تناسب مهاراتهم التي اكتسبوها وفي بعض الاحيان لا يكون به اي وظائف على الاطلاق.

ويلجأ الكثيرون الى الاعمال البسيطة كمورد رزق اما في بلدانهم او كمهاجرين الى الدول الغنية.

وتقدر منظمة الهجرة الدولية ان نحو 20 الفا من اصحاب المهارات المهنية بينهم اطباء وممرضون ومهندسون ومحاسبون ومديرون ومعلمون يغادرون افريقيا كل عام مما يؤدي الى حرمان القارة من الخبرات والمواهب.

ويقول البنك الدولي ان عدد التحويلات من الخارج المسجلة رسميا تضاعف على مدى العقد الماضي ليصل الى 232 مليار دولار عام 2005 منها 167 مليارا تذهب الى الدول النامية.

وعادة ما يكتشف المهاجرون الافارقة ان مواهبهم لا تستغل في الدول التي يهاجرون اليها بسبب اختلاف انظمة التعليم وقواعد منح تصاريح للعمل.

ففي لندن تعمل روضة فرجاني (27 عاما) وهي تونسية حاصلة على درجة في الادب الانجليزي كمساعدة مبيعات في احد المتاجر وقبل ذلك كانت تغسل الصحون في احد المطاعم.

وتقول "هذا العمل ليس واعدا لكني أربح مالا لا يمكن أن يتوفر في بلدي حيث فرص العمل نادرة يوما بعد يوم. أنا متأكدة أنني سأحصل على شغل أحسن بمرور الوقت ."

وعملت تونس جاهدة كي توفر الوظائف لمواطنيها. وتفوقت الدولة التي كانت تعتمد على الزراعة على جيرانها بتطوير صناعات مثل الاقمشة وتجميع قطع السيارات وتصنيع المواد الغذائية واجتذاب ملايين السياح الى شواطئها.

كما انها تطور صناعات خارجية مثل مراكز الاتصالات التي تخدم المتحدثين بالفرنسية. ويفضل المستثمرون تونس بسبب استقرارها السياسي ورخص تكاليف التشغيل فيها وزيادة عدد الشبان الذين تلقوا تعليما جيدا ويتوقون للحصول على وظائف.

وتتوقع تونس ان ينمو اقتصادها بنسبة 5.7 في المئة هذا العام مقارنة مع المتوسط الذي حققته على مدى الاعوام العشرة الماضية وهو خمسة في المئة.

ويقول مراقبون ان الدولة المطلة على البحر المتوسط والتي يسكنها عشرة ملايين نسمة تبذل اقصى ما في وسعها لاجتذاب المستثمرين الاجانب الى قطاع الخدمات وتقنية المعلومات بسرعة حتى يتسنى لها تحقيق النمو الاقتصادي الذي تحتاجه لتلبية الطلب على الوظائف.

ويشكل الخريجون شريحة كبيرة من 80 الف شاب يدخلون سوق العمل كل عام.

ويقول كريم وهو واحد من 40700 خريج يبحث عن عمل مقارنة مع 6300 قبل نحو عقد "ندرس اليوم لنكون عاطلين عن العمل غدا."

وتقول السلطات ان الاقتصاد بحاجة لمزيد من الاشخاص من اصحاب الخبرة في مجال تقنية المعلومات التي يعتقد على نطاق واسع انها محرك النمو في المستقبل. ووفقا للبيانات الرسمية لعام 2005 فلا يتلقى سوى عشرة في المئة من الطلاب دورات تدريبية في تقنية المعلومات فيما يشكل الحاصلون على درجات في مجال تقنيات المعلومات نحو نصف الباحثين عن وظائف.

ويقول محمد الفريوي وهو محلل اكاديمي "اذا الدولة لا تستطيع استيعاب كل طلبات الشغل فيجب عليها اصلاح النظام التعليمي لتخلق كفاءات قادرة على تلبية حاجيات الاسواق الجديدة."

وبلغ معدل البطالة الرسمي 13.9 في المئة وتقول السلطات ان تحقيق النمو الاقتصادي بشكل اسرع سيساعد على تراجع هذا المعدل الى 10.3 في المئة بحلول عام 2016.

وقال رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي ان تونس تريد تحقيق نمو اقتصادي سنوي نسبته 6.3 في المئة على مدى العقد المقبل لانها هذا ضروري للغاية لخفض معدل البطالة.

كما تريد خلق 100 الف فرصة عمل سنويا من عام 2007 حتى عام 2016 ومن بين الاساليب التي ستسعى بها لتحقيق ذلك توسيع دور القطاع الخاص لزيادة النمو.

كما تعتزم الحكومة انفاق 70.5 مليون دينار (53 مليون دولار) هذا العام على تدريب الخريجين للحصول على وظائف. لكن منتقدين يخشون من ان يؤدي هذا المشروع الى التشجيع على اختيار وظائف غير ملائمة كأن يصبح خريجو الحقوق مزارعين.

ويقول الفريوي انه اذا استمرت المشكلة فان العمل في الخارج لا يزال على الاقل وسيلة للتخفيف من وطأة البطالة.

واضاف "اذا لم يتوفر أوكسجين في نفس البيت فمن الافضل فتح منافذ أخرى للبقاء على قيد الحياة." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 6/تموز /2006 -/جمادي الاخرى/1427