ساعي البريد.. مهنة محفوفة بالمخاطر في العراق

 

ساعي البريد ..مهنة ارتبطت في أغانينا وتراثنا بالفرح والبهجة ورسائل المحبين ولوعة انتظارهم لها ..ولكنها باتت مهنة محفوفة بالمخاطر في العراق تهدد حياة العاملين بها، وتعرضهم للموت في كل لحظة..

من الطبيعي أن يشكل الوضع الأمني في العراق خطرا كبيرا على عمل ساعي البريد الذي بحكم وظيفته يتنقل من شارع لأخر سيرا على الاقدام لنقل الطرود والرسائل، وهو ما يمكن أن يعرضه للاذى ، فضلا عن كونه موظفا يعمل في الدولة وهو ما يجعله مستهدفا مرة أخرى من قبل المسلحين.

ويقول فائق محمود ، وهو ساعي بريد منذ عشرين عاما ويعمل في إحدى المناطق الساخنة في بغداد، لوكالة ( أصوات العراق) " أنا أقوم بتوزيع البريد في منطقة الأعظمية شمال بغداد وغالبا ما تشهد هذه المنطقة تبادلا لإطلاق النار بين رجال الشرطة والمسلحين قد يذهب ضحيتها أبرياء ، كما أن السيارات الملغومة والعبوات الناسفة لا ترحم كل من يسير في الشارع ."

وأضاف" نحن في دائرة البريد نواجه مصاعب جمة لإيصال البريد لأصحابه ، تبدأ بالعنف المسلح و تمر بإغلاق الشوارع والحواجز الكونكريتية إضافة إلى تغيير عناوين المرسل إليهم نتيجة كل أنواع التهجير الطائفي التى تشهدها البلاد حاليا."

أما أبو هنادي ،وهو موزع بريد يعمل في منطقة العامرية ، ورفض ذكر اسمه الكامل خشية أن يتم استهدافه، فأوضح انه " قبل أسبوعين تقريبا وقع انفجار أمام أحد مكاتب توزيع البريد في حي العامل راح ضحيته زميل اسمه سعد حميد ، لا ذنب له إلا أنه أتى باكرا الى مكان العمل ، لذا أصبحت لا أصل إلى العمل إلا بعد الساعة التاسعة صباحا حيث تقع أغلب الانفجارات في الشارع ما بين السابعة و الثامنة و النصف صباحا في بغداد."

من جانبه ، قال السيد صفاء الدين بدر نائب مدير مكتب بريد بغداد لقد تأسس البريد العراقي في عام 1874 في العهد العثماني ومرت على العاملين في هذا القطاع الكثير من المصاعب والمآسي،ولكن ما يحدث في الوقت الراهن لا يمكن مقارنته بما كان يعانيه ساعي البريد في الماضي."

وأوضح أن " الشبكة الخدمية للبريد كبيرة جدا إذ يبلغ عدد الموظفين بهاحوالي ثلاثة آلاف موظف يعملون في 264 مكتبا موزعة في كل أنحاء العراق."

وأضاف " لقد واجهنا صعوبات كثيرة بعد سقوط النظام ، حيث تم احراق جميع مكاتب الخدمة البريدية كما كانت كل الطوابع تحمل صور الرئيس السابق وهذا في حد ذاته مشكلة أخرى."

وأشار إلى أنه "رغم كل هذه الصعوبات استبشرنا خيرا بالمستقبل و أن القادم أفضل ولكن على مدار العامين الماضيين أصبحت المصاعب الأمنية أكبر إذ تعلق الأمر بحياة العاملين وخاصة بالنسبة لساعي البريد الذي يعمل في الشارع وفي تماس مباشر مع الخطر."

ويقول سالم داود ، وهو ساعي بريد يعمل في العامرية أيضا، " هناك خطورة أخرى يواجهها ساعي البريد الجديد وهي أنه في حال ما تم توزيعه للعمل في منطقة لاول مرة ولم يعمل بها سابقا و لا يعرفه أبناء المنطقة ، فقد يشك به الناس على أنه جاسوس لقوات الحكومة وكذا الحال بالنسبة للشرطة التي قد تشك به على أنه يعمل مع المسلحين لرصد تحركاتهم وقد يفقد حياته في هذه الحالة ، لذا تجدنا لا نغير أماكن عملنا مهما حدث حتى لا نقع في هذه الورطة."

ويتحدث داود عن منافسة ساخنة مع وسائل اتصال أخرى والتي قد تقضي يوما ما على مهنة ساعي البريد في العراق ويقول" لقد قلت أعداد الرسائل التي نقوم بتوصيلها لاصحابها ، فبعد أن كان الواحد منا يقوم بتوزبع ما يصل إلى 40 رسالة يوميا نقوم الان بتوزيع ما لا يزيد على ثمان أو عشر رسائل فقط."

وأضاف " السبب هو وسائل الاتصال الاليكترونية كالانترنت وأجهزة الهاتف النقال التي تقوم بتوصيل الرسائل لاي مكان ودون الحاجة إلى ساعي البريد."

غير أن أبو هنادي يقول " رغم الصعوبات والمشاكل والمخاطر التي تواجهها مهنة ساعي البريد إلا أن الكثيرين لا زالوا يقومون بعملهم على أكمل وجه ، فرغم المخاطر التي قد تحيق بهم في الشارع و التحديات التي تواجههم يقومون حتى اليوم بتوزيع الرسائل والطرود على المواطنين."

وأضاف أن " العاملين في هذه المهنة يحدوهم الأمل في أن يكون الغد أفضل وأن يشهد البريد العراقي أياما أفضل."

وإذا كان تطور الخدمات البريدية في أي دولة هو دليل على تقدمها فإن العاملين في البريد العراقي يحدوهم الأمل في تحسن ظروف عملهم ، ولكن ذلك لا يجيب عن أسئلة تطاردهم ليل نهار عن فرص استمرار عملهم في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد ، وعما إذا كان من الممكن أن تستمر مهنة ساعي البريد إذا ما استمرت الاوضاع الامنية الحالية أو ازدادت سوءا؟!.. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 4/تموز /2006 -/جمادي الاخرى/1427